قوله تعالى : إن الذين آمنوا أي بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - . والذين هادوا اليهود ، وهم المنتسبون إلى ملة موسى - عليه السلام - . ( والصابئين ) هم قوم يعبدون النجوم . ( والنصارى ) هم المنتسبون إلى ملة عيسى . ( والمجوس ) هم عبدة النيران القائلين أن للعالم أصلين : نور وظلمة . قال قتادة : الأديان خمسة ، أربعة للشيطان وواحد للرحمن . وقيل : المجوس في الأصل النجوس لتدينهم باستعمال النجاسات ؛ والميم والنون يتعاقبان كالغيم والغين ، والأيم والأين . وقد مضى في البقرة هذا كله مستوفى . والذين أشركوا هم العرب عبدة الأوثان . إن الله يفصل بينهم يوم القيامة أي يقضي ويحكم ؛ فللكافرين النار ، وللمؤمنين الجنة . وقيل : هذا الفصل بأن يعرفهم المحق من المبطل بمعرفة ضرورية ، واليوم يتميز المحق عن المبطل بالنظر والاستدلال . إن الله على كل شيء شهيد أي من أعمال خلقه وحركاتهم وأقوالهم ، فلا يعزب عنه شيء منها ، سبحانه ! وقوله إن الله يفصل بينهم خبر إن في قوله : إن الذين آمنوا كما تقول : إن زيدا إن الخير عنده . وقال الفراء : ولا يجوز في الكلام إن زيدا إن أخاه منطلق ؛ وزعم أنه إنما جاز في الآية لأن في الكلام معنى المجازاة ؛ أي من آمن ومن تهود أو تنصر أو صبأ يفصل بينهم ، وحسابهم على الله - عز وجل - . ورد أبو إسحاق على الفراء هذا القول ، واستقبح قوله : لا يجوز إن زيدا إن أخاه منطلق ؛ قال : لأنه لا فرق بين زيد وبين الذين ، و ( إن ) تدخل على كل مبتدإ فتقول إن زيدا هو منطلق ، ثم تأتي بإن فتقول : إن زيدا إنه منطلق . وقال الشاعر :
إن الخليفة إن الله سربله سربال عز به ترجى الخواتيم