[ ص: 92 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير nindex.php?page=treesubj&link=28993قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وجاهدوا في الله حق جهاده قيل : عنى به جهاد الكفار . وقيل : هو إشارة إلى امتثال جميع ما أمر الله به ، والانتهاء عن كل ما نهى الله عنه ؛ أي جاهدوا أنفسكم في طاعة الله وردوها عن الهوى ، وجاهدوا الشيطان في رد وسوسته ، والظلمة في رد ظلمهم ، والكافرين في رد كفرهم . قال
ابن عطية : وقال
مقاتل وهذه الآية منسوخة بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم . وكذا قال
هبة الله : إن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78حق جهاده وقوله في الآية الأخرى .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102حق تقاته منسوخ بالتخفيف إلى الاستطاعة في هذه الأوامر . ولا حاجة إلى تقدير النسخ ؛ فإن هذا هو المراد من أول الحكم ؛ لأن
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78حق جهاده ما ارتفع عنه الحرج . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
خير دينكم أيسره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس . وهذا مما لا يجوز أن يقع فيه نسخ ؛ لأنه واجب على الإنسان ، كما روى
حيوة بن شريح يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500288المجاهد من جاهد نفسه لله - عز وجل - . وكما روى
أبو غالب ، عن
أبي أمامة nindex.php?page=hadith&LINKID=864034أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي الجهاد أفضل ؟ عند الجمرة الأولى فلم يجبه ، ثم سأله عند الجمرة الثانية فلم يجبه ، ثم سأله عند جمرة العقبة ؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أين السائل ؟ فقال : أنا ذا ؛ فقال : عليه السلام - : كلمة عدل عند سلطان جائر .
[ ص: 93 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78هو اجتباكم أي اختاركم للذب عن دينه والتزام أمره ؛ وهذا تأكيد للأمر بالمجاهدة ؛ أي وجب عليكم أن تجاهدوا لأن الله اختاركم له .
nindex.php?page=treesubj&link=28993قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78من حرج أي من ضيق . وقد تقدم في ( الأنعام ) . وهذه الآية تدخل في كثير من الأحكام ؛ وهي مما خص الله بها هذه الأمة . روى
معمر ، عن
قتادة قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم يعطها إلا نبي : كان يقال للنبي اذهب فلا حرج عليك ، وقيل لهذه الأمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج . والنبي شهيد على أمته ، وقيل لهذه الأمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143لتكونوا شهداء على الناس . ويقال للنبي : سل تعطه ، وقيل لهذه الأمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادعوني أستجب لكم .
الثانية : واختلف العلماء في هذا الحرج الذي رفعه الله تعالى ؛ فقال
عكرمة : هو ما أحل من النساء مثنى وثلاث ورباع ، وما ملكت يمينك . وقيل : المراد قصر الصلاة ، والإفطار للمسافر ، وصلاة الإيماء لمن لا يقدر على غيره ، وحط الجهاد عن الأعمى ، والأعرج ، والمريض ، والعديم الذي لا يجد ما ينفق في غزوه ، والغريم ، ومن له والدان ، وحط الإصر الذي كان على بني إسرائيل . وقد مضى تفصيل أكثر هذه الأشياء . وروي عن
ابن عباس ، والحسن البصري أن هذا في تقديم الأهلة ، وتأخيرها في الفطر ، والأضحى ، والصوم ؛ فإذا أخطأت الجماعة هلال ذي الحجة فوقفوا قبل يوم عرفة بيوم أو وقفوا يوم النحر أجزأهم ، على خلاف فيه بيناه في كتاب المقتبس في شرح موطأ
مالك بن أنس - رضي الله عنه - . وما ذكرناه هو الصحيح في الباب . وكذلك الفطر والأضحى ؛ لما رواه
حماد بن زيد ، عن
أيوب ، عن
محمد بن المنكدر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500289فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون . خرجه
أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، ولفظه ما ذكرناه . والمعنى : باجتهادكم من غير حرج يلحقكم . وقد روى
[ ص: 94 ] الأئمة
nindex.php?page=hadith&LINKID=864036أنه - عليه السلام - سئل يوم النحر عن أشياء ، فما يسأل عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم الأمور بعضها قبل بعض وأشباهها إلا قال فيها : افعل ولا حرج .
الثالثة : قال العلماء :
nindex.php?page=treesubj&link=30504رفع الحرج إنما هو لمن استقام على منهاج الشرع ، وأما السلابة ، والسراق ، وأصحاب الحدود فعليهم الحرج ، وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين ، وليس في الشرع أعظم حرجا من إلزام ثبوت رجل لاثنين في سبيل الله تعالى ؛ ومع صحة اليقين وجودة العزم ليس بحرج .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ملة أبيكم قال
الزجاج : المعنى اتبعوا ملة أبيكم .
الفراء : انتصب على تقدير حذف الكاف ؛ كأنه قال كملة . وقيل : المعنى وافعلوا الخير فعل أبيكم ، فأقام الفعل مقام الملة .
وإبراهيم هو أبو العرب قاطبة . وقيل : الخطاب لجميع المسلمين ، وإن لم يكن الكل من ولده ؛ لأن حرمة
إبراهيم على المسلمين كحرمة الوالد على الولد .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78هو سماكم المسلمين من قبل قال
ابن زيد ، والحسن : ( هو ) راجع إلى
إبراهيم ؛ والمعنى : هو سماكم المسلمين من قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وفي هذا أي وفي حكمه أن من اتبع
محمدا - صلى الله عليه وسلم - فهو مسلم . قال
ابن زيد : وهو معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك . قال
النحاس : وهذا القول مخالف لقول عظماء الأمة . روى
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قال : سماكم الله - عز وجل - المسلمين من قبل ، أي في الكتب المتقدمة وفي هذا القرآن ؛ قال
مجاهد ، وغيره .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ليكون الرسول شهيدا عليكم أي بتبليغه إياكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وتكونوا شهداء على الناس أن رسلهم قد بلغتهم ؛ كما تقدم في ( البقرة ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير تقدم مستوفى والحمد لله .
[ ص: 92 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ nindex.php?page=treesubj&link=28993قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ قِيلَ : عَنَى بِهِ جِهَادَ الْكُفَّارِ . وَقِيلَ : هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى امْتِثَالِ جَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، وَالِانْتِهَاءِ عَنْ كُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ؛ أَيْ جَاهِدُوا أَنْفُسَكُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرُدُّوهَا عَنِ الْهَوَى ، وَجَاهِدُوا الشَّيْطَانَ فِي رَدِّ وَسْوَسَتِهِ ، وَالظَّلَمَةَ فِي رَدِّ ظُلْمِهِمْ ، وَالْكَافِرِينَ فِي رَدِّ كُفْرِهِمْ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَالَ
مُقَاتِلٌ وَهَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ . وَكَذَا قَالَ
هِبَةُ اللَّهِ : إِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78حَقَّ جِهَادِهِ وَقَوْلَهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102حَقَّ تُقَاتِهِ مَنْسُوخٌ بِالتَّخْفِيفِ إِلَى الِاسْتِطَاعَةِ فِي هَذِهِ الْأَوَامِرِ . وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ النَّسْخِ ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ أَوَّلِ الْحُكْمِ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78حَقَّ جِهَادِهِ مَا ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَرَجُ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ . وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ نَسْخٌ ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ ، كَمَا رَوَى
حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500288الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - . وَكَمَا رَوَى
أَبُو غَالِبٍ ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=864034أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَيْنَ السَّائِلُ ؟ فَقَالَ : أَنَا ذَا ؛ فَقَالَ : عَلَيْهِ السَّلَامُ - : كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ .
[ ص: 93 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78هُوَ اجْتَبَاكُمْ أَيِ اخْتَارَكُمْ لِلذَّبِّ عَنْ دِينِهِ وَالْتِزَامِ أَمْرِهِ ؛ وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ بِالْمُجَاهَدَةِ ؛ أَيْ وَجَبَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُجَاهِدُوا لِأَنَّ اللَّهَ اخْتَارَكُمْ لَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28993قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78مِنْ حَرَجٍ أَيْ مِنْ ضِيقٍ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ( الْأَنْعَامِ ) . وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدْخُلُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ ؛ وَهِيَ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ . رَوَى
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ : أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ثَلَاثًا لَمْ يُعْطَهَا إِلَّا نَبِيٌّ : كَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ اذْهَبْ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكَ ، وَقِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ . وَالنَّبِيُّ شَهِيدٌ عَلَى أُمَّتِهِ ، وَقِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ . وَيُقَالُ لِلنَّبِيِّ : سَلْ تُعْطَهُ ، وَقِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .
الثَّانِيَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَرَجِ الَّذِي رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ؛ فَقَالَ
عِكْرِمَةُ : هُوَ مَا أَحَلَّ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ قَصْرُ الصَّلَاةِ ، وَالْإِفْطَارُ لِلْمُسَافِرِ ، وَصَلَاةُ الْإِيمَاءِ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَحَطُّ الْجِهَادِ عَنِ الْأَعْمَى ، وَالْأَعْرَجِ ، وَالْمَرِيضِ ، وَالْعَدِيمِ الَّذِي لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ فِي غَزْوِهِ ، وَالْغَرِيمِ ، وَمَنْ لَهُ وَالِدَانِ ، وَحَطُّ الْإِصْرِ الَّذِي كَانَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَقَدْ مَضَى تَفْصِيلُ أَكْثَرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ هَذَا فِي تَقْدِيمِ الْأَهِلَّةِ ، وَتَأْخِيرِهَا فِي الْفِطْرِ ، وَالْأَضْحَى ، وَالصَّوْمِ ؛ فَإِذَا أَخْطَأَتِ الْجَمَاعَةُ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَوَقَفُوا قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ بِيَوْمٍ أَوْ وَقَفُوا يَوْمَ النَّحْرِ أَجْزَأَهُمْ ، عَلَى خِلَافٍ فِيهِ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْمُقْتَبَسِ فِي شَرْحِ مُوَطَّأِ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَابِ . وَكَذَلِكَ الْفِطْرُ وَالْأَضْحَى ؛ لِمَا رَوَاهُ
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ
أَيُّوبَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500289فِطْرُكُمْ يَوْمُ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمُ تُضَحُّونَ . خَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُدَ ، nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ ، وَلَفْظُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ . وَالْمَعْنَى : بِاجْتِهَادِكُمْ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ يَلْحَقُكُمْ . وَقَدْ رَوَى
[ ص: 94 ] الْأَئِمَّةُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=864036أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُئِلَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَمَا يُسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمُورِ بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْضٍ وَأَشْبَاهِهَا إِلَّا قَالَ فِيهَا : افْعَلْ وَلَا حَرَجَ .
الثَّالِثَةُ : قَالَ الْعُلَمَاءُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30504رَفْعُ الْحَرَجِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنِ اسْتَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِ الشَّرْعِ ، وَأَمَّا السَّلَّابَةُ ، وَالسُّرَّاقُ ، وَأَصْحَابُ الْحُدُودِ فَعَلَيْهِمُ الْحَرَجُ ، وَهُمْ جَاعِلُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمُفَارَقَتِهِمُ الدِّينَ ، وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ أَعْظَمُ حَرَجًا مِنْ إِلْزَامِ ثُبُوتِ رَجُلٍ لِاثْنَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ وَمَعَ صِحَّةِ الْيَقِينِ وَجَوْدَةِ الْعَزْمِ لَيْسَ بِحَرَجٍ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78مِلَّةَ أَبِيكُمْ قَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى اتَّبِعُوا مِلَّةَ أَبِيكُمْ .
الْفَرَّاءُ : انْتَصَبَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْكَافِ ؛ كَأَنَّهُ قَالَ كَمِلَّةِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَافْعَلُوا الْخَيْرَ فِعْلَ أَبِيكُمْ ، فَأَقَامَ الْفِعْلَ مَقَامَ الْمِلَّةِ .
وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ أَبُو الْعَرَبِ قَاطِبَةً . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْكُلُّ مِنْ وَلَدِهِ ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَحُرْمَةِ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، وَالْحَسَنُ : ( هُوَ ) رَاجِعٌ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ ؛ وَالْمَعْنَى : هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَفِي هَذَا أَيْ وَفِي حُكْمِهِ أَنَّ مَنِ اتَّبَعَ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مُسْلِمٌ . قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ عُظَمَاءِ الْأُمَّةِ . رَوَى
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَمَّاكُمُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ، أَيْ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفِي هَذَا الْقُرْآنِ ؛ قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَغَيْرُهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ أَيْ بِتَبْلِيغِهِ إِيَّاكُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ أَنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ( الْبَقَرَةِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .