وكان في المدينة أي في مدينة قوله تعالى : صالح وهي الحجر تسعة رهط أي تسعة رجال من أبناء أشرافهم . قال الضحاك . كان هؤلاء التسعة عظماء أهل المدينة ، وكانوا يفسدون في الأرض ويأمرون بالفساد ، فجلسوا عند صخرة عظيمة فقلبها الله عليهم . وقال عطاء بن أبي رباح : بلغني أنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم ، وذلك من الفساد في الأرض ; وقاله . وقيل : فسادهم أنهم يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم . وقيل غير هذا . واللازم من الآية ما قاله سعيد بن المسيب الضحاك وغيره أنهم كانوا من أوجه القوم وأقناهم وأغناهم ، وكانوا أهل كفر ومعاص جمة ; وجملة أمرهم أنهم يفسدون ولا يصلحون . والرهط اسم للجماعة ; فكأنهم كانوا رؤساء يتبع كل واحد منهم رهط . والجمع أرهط وأراهط . قال :
[ ص: 200 ]
يا بؤس للحرب التي وضعت أراهط فاستراحوا
وهؤلاء المذكورون كانوا أصحاب ( قدار ) عاقر الناقة ; ذكره ابن عطية .قلت : واختلف في أسمائهم ; فقال الغزنوي : وأسماؤهم قدار بن سالف ومصدع وأسلم ودسما وذهيم وذعما وذعيم وقتال وصداق . ابن إسحاق : رأسهم قدار بن سالف ومصدع بن مهرج ، فاتبعهم سبعة ; هم بلع بن ميلع ودعير بن غنم وذؤاب بن مهرج وأربعة لم تعرف أسماؤهم . وذكر أسماءهم عن الزمخشري : وهب بن منبه الهذيل بن عبد رب ، غنم بن غنم ، رياب بن مهرج ، مصدع بن مهرج ، عمير بن كردبة ، عاصم بن مخرمة ، سبيط بن صدقة ، سمعان بن صفي ، قدار بن سالف ; وهم الذين سعوا في عقر الناقة ، وكانوا عتاة قوم صالح ، وكانوا من أبناء أشرافهم . السهيلي : ذكر النقاش التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، وسماهم بأسمائهم ، وذلك لا ينضبط برواية ; غير أني أذكره على وجه الاجتهاد والتخمين ، ولكن نذكره على ما وجدناه في كتاب محمد بن حبيب ، وهم : مصدع بن دهر . ويقال دهم ، وقدار بن سالف ، وهريم وصواب ورياب وداب ودعما وهرما ودعين بن عمير .
قلت : وقد ذكر أسماءهم عن الماوردي ابن عباس فقال : هم دعما ودعيم وهرما وهريم وداب وصواب ورياب ومسطح وقدار ، وكانوا بأرض الحجر وهي أرض الشام .
قوله تعالى : قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله يجوز أن يكون ( تقاسموا ) فعلا مستقبلا وهو أمر ; أي قال بعضهم لبعض احلفوا . ويجوز أن يكون ماضيا في معنى الحال كأنه قال : قالوا متقاسمين بالله ; ودليل هذا التأويل قراءة عبد الله : ( يفسدون في الأرض ولا يصلحون تقاسموا بالله ) وليس فيها قالوا . ( لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ) قراءة العامة بالنون فيهما واختاره أبو حاتم . وقرأ حمزة : بالتاء فيهما وضم التاء واللام على الخطاب أي أنهم تخاطبوا بذلك ; واختاره والكسائي أبو عبيد . وقرأ مجاهد وحميد بالياء فيهما ، وضم الياء واللام على الخبر . والبيات مباغتة العدو ليلا . ومعنى لوليه أي لرهط صالح الذي له ولاية الدم . ما شهدنا مهلك أهله أي ما حضرنا ، ولا ندري من قتله وقتل أهله . والمهلك بمعنى الإهلاك ; ويجوز أن يكون الموضع . وقرأ عاصم والسلمي : ( بفتح الميم واللام ) أي الهلاك ; يقال : ضرب يضرب مضربا أي [ ص: 201 ] ضربا . وقرأ المفضل وأبو بكر : ( بفتح الميم وجر اللام ) فيكون اسم المكان كالمجلس لموضع الجلوس ; ويجوز أن يكون مصدرا ; كقوله تعالى : إليه مرجعكم أي رجوعكم .