قل عسى أن يكون ردف لكم أي اقترب لكم ودنا منكم قوله تعالى : بعض الذي تستعجلون أي من العذاب ; قاله ابن عباس . وهو من : ردفه : إذا تبعه وجاء في أثره ; وتكون [ ص: 213 ] اللام أدخلت لأن المعنى : اقترب لكم ودنا لكم . أو تكون متعلقة بالمصدر . وقيل : معناه ( معكم ) . وقال ابن شجرة : تبعكم ; ومنه ردف المرأة ; لأنه تبع لها من خلفها ; ومنه قول أبي ذؤيب :
.
عاد السواد بياضا في مفارقه لا مرحبا ببياض الشيب إذ ردفا
قال الجوهري : و ( أردفه أمر ) لغة في : ردفه ، مثل : تبعه وأتبعه ، بمعنى ; قال خزيمة بن مالك بن نهد :
إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا
يعني فاطمة بنت يذكر بن عنزة أحد القارظين . وقال الفراء : ردف لكم دنا لكم . ولهذا قال : ( لكم ) . وقيل : ردفه وردف له ، بمعنى فتزاد اللام للتوكيد ; عن الفراء أيضا . كما تقول : نقدته ونقدت له ، وكلته ووزنته ، وكلت له ووزنت له ; ونحو ذلك بعض الذي تستعجلون من العذاب فكان ذلك يوم بدر . وقيل : عذاب القبر . وإن ربك لذو فضل على الناس في تأخير العقوبة وإدرار الرزق ولكن أكثرهم لا يشكرون فضله ونعمه .
وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم أي تخفي صدورهم . وقرأ قوله تعالى : ابن محيصن وحميد ( ما تكن ) من كننت الشيء إذا سترته ، هنا وفي ( القصص ) تقديره : ما تكن صدورهم عليه ; وكأن الضمير الذي في ( الصدور ) كالجسم السائر . ومن قرأ : ( تكن ) فهو المعروف ; يقال : أكننت الشيء : إذا أخفيته في نفسك .
وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين قال قوله تعالى : الحسن : الغائبة هنا القيامة . وقيل : ما غاب عنهم من عذاب السماء والأرض ; حكاه النقاش . وقال ابن شجرة : الغائبة هنا جميع ما أخفى الله تعالى عن خلقه وغيبه عنهم ، وهذا عام . وإنما دخلت الهاء في ( غائبة ) إشارة إلى الجمع ; أي : قد أثبتها في أم الكتاب عنده ، فكيف يخفى عليه ما يسر هؤلاء وما يعلنونه . وقيل : أي كل شيء هو مثبت في أم الكتاب يخرجه للأجل المؤجل له ; فالذي يستعجلونه من العذاب له أجل مضروب لا يتأخر عنه ولا يتقدم عليه . والكتاب : اللوح المحفوظ أثبت الله فيه ما أراد ليعلم بذلك من يشاء من ملائكته . ما من خصلة غائبة عن الخلق إلا والله عالم بها