فيه ثلاث مسائل :
. الأولى : قوله تعالى : فسبحان الله الآية فيه ثلاثة أقوال : الأول : أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات . قال ابن عباس : الصلوات الخمس في القرآن ، قيل له : أين ؟ فقال : قال الله تعالى فسبحان الله حين تمسون صلاة المغرب والعشاء وحين تصبحون صلاة الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر ; وقاله الضحاك . وعن وسعيد بن جبير ابن عباس أيضا . وقتادة : أن الآية تنبيه على أربع صلوات : المغرب والصبح والعصر والظهر ; قالوا : والعشاء الآخرة هي في آية أخرى في وزلفا من الليل وفي ذكر أوقات العورة . وقال النحاس : أهل التفسير على أن هذه الآية فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون في الصلوات . وسمعت علي بن سليمان يقول : حقيقته عندي : فسبحوا الله في الصلوات ؛ لأن التسبيح في الصلاة ; وهو القول الثاني . والقول الثالث : فسبحوا الله حين تمسون وحين تصبحون ; ذكره . وذكر القول الأول ، ولفظه فيه : فصلوا لله حين تمسون وحين تصبحون . وفي تسمية الصلاة بالتسبيح [ ص: 15 ] وجهان : أحدهما : لما تضمنها من ذكر التسبيح في الركوع والسجود . الثاني : مأخوذ من السبحة والسبحة الصلاة ; ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : الماوردي تكون لهم سبحة يوم القيامة أي صلاة .
الثانية : قوله تعالى : وله الحمد في السماوات والأرض اعتراض بين الكلام بدءوب الحمد على نعمه وآلائه . وقيل : معنى وله الحمد أي الصلاة له لاختصاصها بقراءة الحمد . والأول أظهر ; فإن الحمد لله من نوع تعظيم الله تعالى والحض على عبادته ودوام نعمته ; فيكون نوعا آخر خلاف الصلاة ، والله أعلم . وبدأ بصلاة المغرب لأن الليل يتقدم النهار . وفى سورة ( سبحان ) بدأ بصلاة الظهر إذ هي أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم . : وخص صلاة الليل باسم التسبيح وصلاة النهار باسم الحمد لأن للإنسان في النهار متقلبا في أحوال توجب حمد الله تعالى عليها ، وفي الليل على خلوة توجب تنزيه الله من الأسواء فيها ; فلذلك صار الحمد بالنهار أخص فسميت به صلاة النهار ، والتسبيح بالليل أخص فسميت به صلاة الليل . الماوردي
الثالثة : قرأ عكرمة ( حينا تمسون وحينا تصبحون ) والمعنى : حينا تمسون فيه وحينا تصبحون فيه ; فحذف ( فيه ) تخفيفا ، والقول فيه كالقول في واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا . وعشيا قال الجوهري : العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة ; تقول : أتيته عشية أمس وعشي أمس . وتصغير العشي : عشيان ، على غير قياس مكبره ; كأنهم صغروا عشيانا ، والجمع عشيانات . وقيل أيضا في تصغيره : عشيشيان ، والجمع عشيشيات . وتصغير العشية عشيشية ، والجمع عشيشيات . والعشاء ( بالكسر والمد ) مثل العشي . والعشاءان المغرب والعتمة . وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر ، وأنشدوا :
غدونا غدوة سحرا بليل عشاء بعدما انتصف النهار
: والفرق بين المساء والعشاء : أن المساء بدو الظلام بعد المغيب ، والعشاء آخر النهار عند ميل الشمس للمغيب ، وهو مأخوذ من عشا العين وهو نقص النور من الناظر كنقص نور الشمس . الماوردي