[ ص: 187 ] قوله تعالى : يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما .
فيه تسع عشرة مسألة :
الأولى : روى عن السدي أبي صالح قالت : خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ، ثم أنزل الله تعالى : أم هانئ بنت أبي طالب إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك قالت : فلم أكن أحل له ; لأني لم أهاجر ، كنت من الطلقاء . خرجه عن أبو عيسى وقال : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال : وهو ضعيف جدا ولم يأت هذا الحديث من طريق صحيح يحتج بها . ابن العربي
الثانية : ، مكافأة لهن على فعلهن . والدليل على ذلك قوله تعالى : لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه ، حرم عليه التزوج بغيرهن والاستبدال بهن لا يحل لك النساء من بعد الآية . وهل كان يحل له أن يطلق واحدة منهن بعد ذلك ؟ فقيل : لا يحل له ذلك عزاء لهن على اختيارهن له . وقيل : كان يحل له ذلك كغيره من النساء ولكن لا يتزوج بدلها . ثم نسخ هذا التحريم فأباح له أن يتزوج بمن شاء عليهن من النساء ، والدليل عليه قوله تعالى : إنا أحللنا لك أزواجك والإحلال يقتضي تقدم حظر . وزوجاته اللاتي في حياته لم يكن محرمات عليه ، وإنما كان حرم عليه التزويج بالأجنبيات فانصرف الإحلال إليهن ، ولأنه قال في سياق الآية وبنات عمك وبنات عماتك الآية . ومعلوم أنه لم يكن تحته أحد من بنات عمه ولا من [ ص: 188 ] بنات عماته ولا من بنات خاله ولا من بنات خالاته ، فثبت أنه أحل له التزويج بهذا ابتداء . وهذه الآية وإن كانت مقدمة في التلاوة فهي متأخرة النزول على الآية المنسوخة بها ، كآيتي الوفاة في ( البقرة ) .
وقد اختلف الناس في تأويل إنا أحللنا لك أزواجك فقيل : المراد بها أن الله تعالى أحل له أن يتزوج كل امرأة يؤتيها مهرها ، قال قوله تعالى : ابن زيد والضحاك . فعلى هذا تكون الآية مبيحة جميع النساء حاشا ذوات المحارم . وقيل : المراد أحللنا لك أزواجك ، أي الكائنات عندك ، لأنهن قد اخترنك على الدنيا والآخرة ، قال الجمهور من العلماء . وهو الظاهر ؛ لأن قوله : آتيت أجورهن ماض ، ولا يكون الفعل الماضي بمعنى الاستقبال إلا بشروط . ويجيء الأمر على هذا التأويل ضيقا على النبي صلى الله عليه وسلم . ويؤيد هذا التأويل ما قاله ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج في أي الناس شاء ، وكان يشق ذلك على نسائه ، فلما نزلت هذه الآية وحرم عليه بها النساء إلا من سمي ، سر نساؤه بذلك .
قلت : والقول الأول أصح لما ذكرناه ويدل أيضا على صحته ما خرجه الترمذي عن عطاء قال : عائشة رضي الله عنها : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله تعالى له النساء . قال : هذا حديث حسن صحيح . قالت
الثالثة : قوله تعالى : وما ملكت يمينك ، وأحل الأزواج لنبيه عليه الصلاة والسلام مطلقا ، وأحله للخلق بعدد . وقوله أحل الله تعالى السراري لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأمته مطلقا مما أفاء الله عليك أي رده عليك من الكفار . والغنيمة قد تسمى فيئا ، أي مما أفاء الله عليك من النساء بالمأخوذ على وجه القهر والغلبة .
الرابعة : وبنات عمك وبنات عماتك أي أحللنا لك ذلك زائدا من الأزواج اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، على قول الجمهور ، لأنه لو أراد أحللنا لك كل امرأة تزوجت وآتيت أجرها ، لما قال بعد ذلك : قوله تعالى : وبنات عمك وبنات عماتك لأن ذلك داخل فيما تقدم .
قلت : وهذا لا يلزم ، وإنما خص هؤلاء بالذكر تشريفا ، كما قال تعالى : فيهما فاكهة ونخل ورمان . والله أعلم .
الخامسة : قوله تعالى : خالاتك اللاتي هاجرن فيه قولان : الأول : لا يحل لك من [ ص: 189 ] قرابتك كبنات عمك العباس وغيره من أولاد عبد المطلب ، وبنات أولاد بنات عبد المطلب ، وبنات الخال من ولد بنات عبد مناف بن زهرة إلا من أسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : . الثاني : لا يحل لك منهن إلا من هاجر إلى المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله تعالى عنه المدينة ، لقوله تعالى : والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ومن لم يهاجر لم يكمل ، ومن لم يكمل لم يصلح للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كمل وشرف وعظم ، صلى الله عليه وسلم .
السادسة : قوله تعالى : ( معك ) المعية هنا الاشتراك في الهجرة لا في الصحبة فيها ، فمن هاجر حل له ، كان في صحبته إذ هاجر أو لم يكن . يقال : دخل فلان معي وخرج معي ، أي كان عمله كعملي وإن لم يقترن فيه عملكما . ولو قلت : خرجنا معا لاقتضى ذلك المعنيين جميعا : الاشتراك في الفعل ، والاقتران فيه .
السابعة : ذكر الله تبارك وتعالى العم فردا والعمات جمعا . وكذلك قال : خالك ، وخالاتك والحكمة في ذلك : أن العم والخال في الإطلاق اسم جنس كالشاعر والراجز ، وليس كذلك العمة والخالة . وهذا عرف لغوي ، فجاء الكلام عليه بغاية البيان لرفع الإشكال ، وهذا دقيق فتأملوه ، قاله . ابن العربي
الثامنة : قوله تعالى : وامرأة مؤمنة عطف على ( أحللنا ) المعنى وأحللنا كل امرأة تهب نفسها من غير صداق . وقد اختلف في هذا المعنى ، فروي عن ابن عباس أنه قال : لم تكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين . فأما الهبة فلم يكن عنده منهن أحد . وقال قوم : كانت عنده موهوبة .
قلت : والذي في الصحيحين يقوي هذا القول ويعضده ، روى مسلم عن عائشة [ ص: 190 ] رضي الله عنها أنها قالت : ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء فقلت : والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك . وروى كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول : أما تستحي امرأة تهب نفسها لرجل ! حتى أنزل الله تعالى عن البخاري عائشة أنها قالت : من اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم خولة بنت حكيم فدل هذا على أنهن كن غير واحدة . والله تعالى أعلم . كانت : . وقيل الزمخشري : الموهبات أربع ، ميمونة بنت الحارث أم المساكين الأنصارية ، وزينب بنت خزيمة وأم شريك بنت جابر ، . وخولة بنت حكيم
قلت : وفي بعض هذا اختلاف . قال قتادة : هي . وقال ميمونة بنت الحارث الشعبي : هي أم المساكين امرأة من الأنصار . وقال زينب بنت خزيمة علي بن الحسين والضحاك ومقاتل : هي أم شريك بنت جابر الأسدية . وقال عروة بن الزبير : أم حكيم بنت الأوقص السلمية .
التاسعة : وقد اختلف في اسم الواهبة نفسها ، فقيل هي أم شريح الأنصارية ، اسمها غزية . وقيل غزيلة . وقيل ليلى بنت حكيم . وقيل : هي حين خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءها الخاطب وهي على بعيرها فقالت : البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : هي ميمونة بنت الحارث أم شريك العامرية ، وكانت عند أبي العكر الأزدي . وقيل عند الطفيل بن الحارث فولدت له شريكا . وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها ، ولم يثبت ذلك . والله تعالى أعلم ، ذكره أبو عمر بن عبد البر . وقال الشعبي وعروة : وهي زينب بنت خزيمة أم المساكين . والله تعالى أعلم .
العاشرة : قرأ جمهور الناس إن وهبت بكسر الألف ، وهذا يقتضي استئناف الأمر ، أي إن وقع فهو حلال له . وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا : لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة موهوبة ، وقد دللنا على خلافه . وروى الأئمة من طريق سهل وغيره في الصحاح : . فلو كانت هذه الهبة غير جائزة لما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يقر على الباطل إذا سمعه ، غير أنه يحتمل أن يكون سكوته منتظرا بيانا ، فنزلت الآية بالتحليل والتخيير ، فاختار تركها وزوجها من غيره . ويحتمل أن يكون سكت ناظرا في ذلك حتى قام الرجل لها طالبا . وقرأ أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جئت أهب لك نفسي ، فسكت حتى قام رجل فقال : زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة الحسن البصري وأبي بن كعب ( أن ) بفتح الألف . وقرأ [ ص: 191 ] والشعبي الأعمش ( وامرأة مؤمنة وهبت ) . قال النحاس : وكسر إن أجمع للمعاني ، لأنه قيل إنهن نساء . وإذا فتح كان المعنى على واحدة بعينها ؛ لأن الفتح على البدل من امرأة ، أو بمعنى لأن .
الحادية عشرة : قوله تعالى : ( مؤمنة ) يدل على أن الكافرة لا تحل له . قال إمام الحرمين : وقد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه . قال : والصحيح عندي تحريمها عليه . وبهذا يتميز علينا ، فإنه ما كان من جانب الفضائل والكرامة فحظه فيه أكثر ، وما كان جانب النقائص فجانبه عنها أطهر ; فجوز لنا ابن العربي ، وقصر هو صلى الله عليه وسلم لجلالته على المؤمنات . وإذا كان لا يحل له من لم تهاجر لنقصان فضل الهجرة فأحرى ألا تحل له الكافرة الكتابية لنقصان الكفر . نكاح الحرائر الكتابيات
الثانية عشرة : قوله تعالى : إن وهبت نفسها دليل على أن ، قد تقدمت في ( النساء ) وغيرها . وقال النكاح عقد معاوضة على صفات مخصوصة الزجاج : إن وهبت نفسها للنبي حلت . وقرأ معنى الحسن : ( أن وهبت ) بفتح الهمزة . و ( أن ) في موضع نصب . قال الزجاج : أي لأن . وقال غيره : ( أن وهبت ) بدل اشتمال من ( امرأة ) .
الثالثة عشرة : قوله تعالى : إن أراد النبي أن يستنكحها أي ، وإن لم يقبلها لم يلزم ذلك . كما إذا وهبت لرجل شيئا فلا يجب عليه القبول ، بيد أن إذا وهبت المرأة نفسها وقبلها النبي صلى الله عليه وسلم حلت له . ويرى الأكارم أن ردها هجنة في العادة ، ووصمة على الواهب وأذية لقلبه ، فبين الله ذلك في حق رسوله صلى الله عليه وسلم وجعله قرآنا يتلى ، ليرفع عنه الحرج ، ويبطل بطل الناس في عادتهم وقولهم . من مكارم أخلاق نبينا أن يقبل من الواهب هبته
الرابعة عشرة : قوله تعالى خالصة لك أي هبة النساء أنفسهن خالصة ومزية لا تجوز ، . ووجه الخاصية أنها لو طلبت فرض المهر قبل الدخول لم يكن لها ذلك . فأما فيما بيننا فللمفوضة طلب المهر قبل الدخول ، ومهر المثل بعد الدخول . فلا يجوز أن تهب المرأة نفسها لرجل
الخامسة عشرة : أجمع العلماء على أن غير جائز ، وأن هذا اللفظ من الهبة لا يتم عليه نكاح ، إلا ما روي عن هبة المرأة نفسها أبي حنيفة وصاحبيه فإنهم قالوا : إذا وهبت فأشهد هو على نفسه بمهر فذلك جائز . قال ابن عطية : فليس في قولهم إلا تجويز العبارة ولفظة الهبة ، [ ص: 192 ] وإلا فالأفعال التي اشترطوها هي أفعال النكاح بعينه ، وقد تقدمت هذه المسألة في ( القصص ) مستوفاة . والحمد لله .
السادسة عشرة : - في باب الفرض والتحريم والتحليل - مزية على الأمة وهبت له ، ومرتبة خص بها ، ففرضت عليه أشياء ما فرضت على غيره ، وحرمت عليه أفعال لم تحرم عليهم ، وحللت له أشياء لم تحلل لهم ، منها متفق عليه ومختلف فيه . خص الله تعالى رسوله في أحكام الشريعة بمعاني لم يشاركه فيها أحد
فأما ما فرض عليه فتسعة : الأول - التهجد بالليل ، يقال : إن إلى أن مات ، لقوله تعالى : قيام الليل كان واجبا عليه يا أيها المزمل قم الليل الآية . والمنصوص أنه كان ، واجبا عليه ثم نسخ بقوله تعالى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك وسيأتي . الثاني : الضحى . الثالث : الأضحى . الرابع : الوتر ، وهو يدخل في قسم التهجد . الخامس : السواك . السادس : قضاء دين من مات معسرا . السابع : مشاورة ذوي الأحلام في غير الشرائع . الثامن : تخيير النساء . التاسع : إذا عمل عملا أثبته . زاد غيره : وكان يجب عليه إذا رأى منكرا أنكره وأظهره ؛ لأن إقراره لغيره على ذلك يدل على جوازه ، ذكره صاحب البيان .
وأما ما حرم عليه فجملته عشرة : الأول : . الثاني : تحريم الزكاة عليه وعلى آله ، وفي آله تفصيل باختلاف . الثالث : خائنة الأعين ، وهو أن يظهر خلاف ما يضمر ، أو ينخدع عما يجب . وقد ذم بعض الكفار عند إذنه ثم ألان له القول عند دخوله . الرابع : صدقة التطوع عليه . الخامس : حرم الله عليه إذا لبس لأمته أن يخلعها عنه أو يحكم الله بينه وبين محاربه . السادس : الأكل متكئا . السابع : التبدل بأزواجه ، وسيأتي . الثامن : أكل الأطعمة الكريهة الرائحة . التاسع : نكاح الحرة الكتابية . العاشر : نكاح امرأة تكره صحبته . نكاح الأمة
وحرم الله عليه أشياء لم يحرمها على غيره تنزيها له وتطهيرا . ، تأكيدا لحجته وبيانا لمعجزته قال الله تعالى : فحرم الله عليه الكتابة وقول الشعر وتعليمه وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك . وذكر النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مات حتى كتب ، والأول هو [ ص: 193 ] المشهور . ، قال الله تعالى : وحرم عليه أن يمد عينيه إلى ما متع به الناس لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم الآية .
وأما ما أحل له صلى الله عليه وسلم فجملته ستة عشر : الأول : صفي المغنم . الثاني : الاستبداد بخمس الخمس أو الخمس . الثالث : . الرابع : الوصال . الخامس : الزيادة على أربع نسوة . السادس : النكاح بلفظ الهبة . السابع : النكاح بغير ولي . الثامن : النكاح بغير صداق . التاسع : نكاحه في حالة الإحرام ، وسيأتي . العاشر : إذا وقع بصره على امرأة وجب على زوجها طلاقها ، وحل له نكاحها . قال سقوط القسم بين الأزواج عنه : هكذا قال إمام الحرمين ، وقد مضى ما للعلماء في قصة ابن العربي زيد من هذا المعنى . الحادي عشر : أنه صفية وجعل عتقها صداقها . الثاني عشر : أعتق مكة بغير إحرام ، وفي حقنا فيه اختلاف . الثالث عشر : دخول بمكة . الرابع عشر : القتال . وإنما ذكر هذا في قسم التحليل لأن الرجل إذا قارب الموت بالمرض زال عنه أكثر ملكه ، ولم يبق له إلا الثلث خالصا ، وبقي ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما تقرر بيانه في آية المواريث ، وسورة ( مريم ) بيانه أيضا . الخامس عشر : بقاء زوجيته من بعد الموت . السادس عشر : أنه لا يورث . وهذه الأقسام الثلاثة تقدم معظمها مفصلا في مواضعها . وسيأتي إن شاء الله تعالى . إذا طلق امرأة تبقى حرمته عليها فلا تنكح
، وإن كان من هو معه يخاف على نفسه الهلاك ، لقوله تعالى : وأبيح له عليه الصلاة والسلام أخذ الطعام والشراب من الجائع والعطشان النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم . . وأبيح له أن يحمي لنفسه . وعلى كل أحد من المسلمين أن يقي النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه . وأكرمه الله بتحليل الغنائم . وكان من الأنبياء من لا تصح صلاتهم إلا في المساجد . وجعلت الأرض له ولأمته مسجدا وطهورا ، فكان يخافه العدو من مسيرة شهر . ونصر بالرعب ، وقد كان من قبله من الأنبياء يبعث الواحد إلى بعض الناس دون بعض . وبعث إلى كافة الخلق . وجعلت معجزاته كمعجزات الأنبياء قبله وزيادة موسى عليه السلام العصا وانفجار الماء من الصخرة . وقد وكانت معجزة انشق القمر للنبي صلى الله عليه وسلم وكانت وخرج الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم عيسى صلى الله عليه وسلم إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص . وقد معجزة ، وهذا أبلغ . وفضله الله عليهم بأن جعل سبح الحصى في يد النبي صلى الله عليه وسلم ، وحن الجذع إليه ، وجعل معجزته فيه باقية إلى يوم القيامة ; ولهذا جعلت القرآن معجزة له . نبوته مؤبدة لا تنسخ إلى يوم القيامة
[ ص: 194 ] السابعة عشرة : أن يستنكحها أي ينكحها ، يقال : نكح واستنكح ، مثل عجب واستعجب ، وعجل واستعجل . ويجوز أن يرد الاستنكاح بمعنى طلب النكاح ، أو طلب الوطء . و ( خالصة ) نصب على الحال ، قال الزجاج . وقيل : حال من ضمير متصل بفعل مضمر دل عليه المضمر ، تقديره : أحللنا لك أزواجك ، وأحللنا لك امرأة مؤمنة أحللناها خالصة ، بلفظ الهبة وبغير صداق وبغير ولي .
الثامن عشر : من دون المؤمنين فائدته أن الكفار وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة عندنا فليس لهم في ذلك دخول لأن تصريف الأحكام إنما يكون فيهم على تقدير الإسلام . قوله تعالى
قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وهو ألا يتزوجوا إلا أربع نسوة بمهر وبينة وولي . قال معناه قوله تعالى : أبي بن كعب وقتادة وغيرهما .
التاسع عشر : لكيلا يكون عليك حرج أي ضيق في أمر أنت فيه محتاج إلى السعة ، أي بينا هذا البيان وشرحنا هذا الشرح لكيلا يكون عليك حرج . ف ( لكيلا ) متعلق بقوله : إنا أحللنا أزواجك أي فلا يضيق قلبك حتى يظهر منك أنك قد أثمت عند ربك في شيء . ثم آنس تعالى جميع المؤمنين بغفرانه ورحمته فقال تعالى : وكان الله غفورا رحيما .