الثالثة : الصحيح في معنى قوله تعالى : خلق لكم ما في الأرض   الاعتبار . يدل عليه ما قبله وما بعده من نصب العبر : الإحياء والإماتة والخلق والاستواء إلى السماء وتسويتها ، أي الذي قدر على إحيائكم وخلقكم وخلق السماوات والأرض ، لا تبعد منه القدرة على الإعادة . 
فإن قيل : إن معنى لكم الانتفاع ، أي لتنتفعوا بجميع ذلك ، قلنا المراد بالانتفاع الاعتبار لما ذكرنا . فإن قيل : وأي اعتبار في العقارب والحيات ، قلنا : قد يتذكر الإنسان ببعض ما يرى من المؤذيات ما أعد الله للكفار في النار من العقوبات فيكون سببا للإيمان وترك   [ ص: 240 ] المعاصي ، وذلك أعظم الاعتبار . قال  ابن العربي    : وليس في الإخبار بهذه القدرة عن هذه الجملة ما يقتضي حظرا ولا إباحة ولا وقفا ، وإنما جاء ذكر هذه الآية في معرض الدلالة والتنبيه ليستدل بها على وحدانيته . 
وقال أرباب المعاني في قوله : خلق لكم ما في الأرض جميعا  لتتقووا به على طاعته ، لا لتصرفوه في وجوه معصيته . وقال أبو عثمان    : وهب لك الكل وسخره لك لتستدل به على سعة جوده ، وتسكن إلى ما ضمن لك من جزيل عطائه في المعاد ، ولا تستكثر كثير بره على قليل عملك ، فقد ابتدأك بعظيم النعم قبل العمل وهو التوحيد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					