الثالثة : قوله تعالى : إني جاعل في الأرض خليفة   جاعل هنا بمعنى خالق ، ذكره الطبري  عن أبي روق  ، ويقضي بذلك تعديها إلى مفعول واحد ، وقد تقدم . والأرض قيل إنها مكة    . روى ابن سابط  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : دحيت الأرض من مكة  ولذلك سميت أم   [ ص: 251 ] القرى ، قال : وقبر نوح  وهود  وصالح  وشعيب  بين زمزم والركن  والمقام    . وخليفة يكون بمعنى فاعل ، أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الأرض ، أو من كان قبله من غير الملائكة على ما روي . ويجوز أن يكون " خليفة " بمعنى مفعول أي مخلف ، كما يقال : ذبيحة بمعنى مفعولة . والخلف ( بالتحريك ) من الصالحين ، وبتسكينها من الطالحين ، هذا هو المعروف ، وسيأتي له مزيد بيان في " الأعراف " إن شاء الله . و " خليفة " بالفاء قراءة الجماعة ، إلا ما روي عن زيد بن علي فإنه قرأ " خليقة " بالقاف . والمعني بالخليفة هنا - في قول ابن مسعود   وابن عباس  وجميع أهل التأويل - آدم  عليه السلام ، وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره ; لأنه أول رسول إلى الأرض ، كما في حديث أبي ذر  ، قال قلت : يا رسول الله أنبيا كان مرسلا ؟ قال : ( نعم ) الحديث ويقال : لمن كان رسولا ولم يكن في الأرض أحد ؟ فيقال : كان رسولا إلى ولده ، وكانوا أربعين ولدا في عشرين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى ، وتوالدوا حتى كثروا ، كما قال الله تعالى : خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء    . وأنزل عليهم تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير . وعاش تسعمائة وثلاثين سنة ، هكذا ذكر أهل التوراة وروي عن  وهب بن منبه  أنه عاش ألف سنة ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					