[ ص: 131 ] كذبت قوم لوط بالنذر أخبر عن قوم قوله تعالى : لوط أيضا لما كذبوا لوطا .
إنا أرسلنا عليهم حاصبا أي ريحا ترميهم بالحصباء وهي الحصى ; قال النضر : الحاصب : الحصباء في الريح . وقال أبو عبيدة : الحاصب : الحجارة . وفي الصحاح : والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحصبة ; قال لبيد :
جرت عليها أن خوت من أهلها أذيالها كل عصوف حصبه
عصفت الريح أي : اشتدت فهي ريح عاصف وعصوف . وقال : الفرزدقمستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور
نعمة من عندنا إنعاما منا على لوط وابنتيه ; فهو نصب لأنه مفعول به .
كذلك نجزي من شكر أي من آمن بالله وأطاعه .
ولقد أنذرهم يعني لوطا خوفهم بطشتنا عقوبتنا وأخذنا إياهم بالعذاب فتماروا بالنذر أي شكوا فيما أنذرهم به الرسول ولم يصدقوه ، وهو تفاعل من المرية .
ولقد راودوه عن ضيفه أي أرادوا منه تمكينهم ممن كان أتاه من الملائكة في هيئة الأضياف طلبا للفاحشة على ما تقدم . يقال : راودته على كذا مراودة وروادا أي أردته . وراد الكلأ يروده رودا وريادا ، وارتاده ارتيادا بمعنى أي طلبه ; وفي الحديث : أي يطلب مكانا لينا أو منحدرا . إذا بال أحدكم فليرتد لبوله
فطمسنا أعينهم يروى أن جبريل عليه السلام ضربهم بجناحه فعموا . وقيل : صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شق ، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب . وقيل : [ ص: 132 ] لا ، بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم فلم يروهم . قال الضحاك : طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل ; فقالوا : لقد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا ؟ فرجعوا ولم يروهم .
فذوقوا عذابي ونذر أي فقلنا لهم ذوقوا ، والمراد من هذا الأمر الخبر ; أي : فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط .
ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر أي دائم عام استقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة . وذلك العذاب قلب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها . و " بكرة " هنا نكرة فلذلك صرفت .
فذوقوا عذابي ونذر العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين غير العذاب الذي أهلكوا به ، فلذلك حسن التكرير .
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر تقدم .