قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8وكأين من قرية لما ذكر الأحكام ذكر وحذر مخالفة الأمر ، وذكر عتو قوم وحلول العذاب بهم . وقد مضى القول في " كأين " في " آل عمران " والحمد لله .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8عتت عن أمر ربها ورسله أي عصت ; يعني القرية ، والمراد أهلها .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8فحاسبناها حسابا شديدا أي جازيناها بالعذاب في الدنيا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8وعذبناها عذابا نكرا في الآخرة . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ; فعذبناها عذابا نكرا في الدنيا بالجوع والقحط والسيف والخسف والمسخ وسائر المصائب ، وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا . والنكر : المنكر . وقرئ مخففا ومثقلا ; وقد مضى في سورة " الكهف " .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=9فذاقت وبال أمرها أي عاقبة كفرها
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=9وكان عاقبة أمرها خسرا أي هلاكا في الدنيا بما ذكرنا ، والآخرة بجهنم . وجيء بلفظ الماضي كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ونحو ذلك ; لأن المنتظر من وعد الله ووعيده ملقى في الحقيقة ; وما هو كائن فكأن قد .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10أعد الله لهم عذابا شديدا بين ذلك الخسر وأنه عذاب
[ ص: 161 ] جهنم في الآخرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10فاتقوا الله يا أولي الألباب أي العقول .
" الذين آمنوا " بدل من " أولي الألباب " أو نعت لهم ; أي يا أولي الألباب الذين آمنتم بالله اتقوا الله الذي أنزل عليكم القرآن ; أي خافوه واعملوا بطاعته وانتهوا عن معاصيه . وقد تقدم .
" رسولا " قال
الزجاج : إنزال الذكر دليل على إضمار أرسل ; أي أنزل إليكم قرآنا وأرسل رسولا . وقيل : إن المعنى قد أنزل الله إليكم صاحب ذكر رسولا ; ف " رسولا " نعت للذكر على تقدير حذف المضاف . وقيل : إن رسولا معمول للذكر لأنه مصدر ; والتقدير : قد أنزل الله إليكم أن ذكر رسولا . ويكون ذكره الرسول قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29محمد رسول الله . ويجوز أن يكون " رسولا " بدل من ذكر ، على أن يكون رسولا بمعنى رسالة ، أو على أن يكون على بابه ويكون محمولا على المعنى ، كأنه قال : قد أظهر الله لكم ذكرا رسولا ، فيكون من باب بدل الشيء من الشيء وهو هو . ويجوز أن ينتصب رسولا على الإغراء كأنه قال : اتبعوا رسولا . وقيل : الذكر هنا الشرف ، نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وإنه لذكر لك ولقومك ، ثم بين هذا الشرف ، فقال : رسولا . والأكثر على أن المراد بالرسول هنا
محمد صلى الله عليه وسلم . وقال
الكلبي : هو
جبريل ، فيكونان جميعا منزلين .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يتلو عليكم آيات الله نعت لرسول . و " آيات الله " القرآن .
" مبينات " قراءة العامة بفتح الياء ; أي بينها الله . وقرأ
ابن عامر وحفص وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بكسرها ، أي يبين لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام . والأولى قراءة
ابن عباس واختيار
أبي عبيد وأبي حاتم ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=17قد بينا لكم الآيات .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي من سبق له ذلك في علم الله .
من الظلمات أي من الكفر .
إلى النور الهدى والإيمان . قال
ابن عباس : نزلت في مؤمني أهل الكتاب . وأضاف الإخراج إلى الرسول لأن الإيمان يحصل منه بطاعته .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار قرأ
نافع وابن عامر بالنون ، والباقون بالياء .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11قد أحسن الله له رزقا أي وسع الله له في الجنات .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ لَمَّا ذَكَرَ الْأَحْكَامَ ذَكَرَ وَحَذَّرَ مُخَالَفَةَ الْأَمْرِ ، وَذَكَرَ عُتُوَّ قَوْمٍ وَحُلُولَ الْعَذَابِ بِهِمْ . وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي " كَأَيِّنْ " فِي " آلِ عِمْرَانَ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ أَيْ عَصَتْ ; يَعْنِي الْقَرْيَةَ ، وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا أَيْ جَازَيْنَاهَا بِالْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا فِي الْآخِرَةِ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ; فَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا فِي الدُّنْيَا بِالْجُوعِ وَالْقَحْطِ وَالسَّيْفِ وَالْخَسْفِ وَالْمَسْخِ وَسَائِرِ الْمَصَائِبِ ، وَحَاسَبْنَاهَا فِي الْآخِرَةِ حِسَابًا شَدِيدًا . وَالنُّكْرُ : الْمُنْكَرُ . وَقُرِئَ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا ; وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ " الْكَهْفِ " .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=9فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا أَيْ عَاقِبَةَ كُفْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=9وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا أَيْ هَلَاكًا فِي الدُّنْيَا بِمَا ذَكَرْنَا ، وَالْآخِرَةِ بِجَهَنَّمَ . وَجِيءَ بِلَفْظِ الْمَاضِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُنْتَظَرَ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ مُلْقًى فِي الْحَقِيقَةِ ; وَمَا هُوَ كَائِنٌ فَكَأَنْ قَدْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا بَيَّنَ ذَلِكَ الْخُسْرَ وَأَنَّهُ عَذَابُ
[ ص: 161 ] جَهَنَّمَ فِي الْآخِرَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ أَيِ الْعُقُولِ .
" الَّذِينَ آمَنُوا " بَدَلٌ مِنْ " أُولِي الْأَلْبَابِ " أَوْ نَعْتٌ لَهُمْ ; أَيْ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الْقُرْآنَ ; أَيْ خَافُوهُ وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَانْتَهُوا عَنْ مَعَاصِيهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ .
" رَسُولًا " قَالَ
الزَّجَّاجُ : إِنْزَالُ الذِّكْرِ دَلِيلٌ عَلَى إِضْمَارِ أَرْسَلَ ; أَيْ أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ قُرْآنًا وَأَرْسَلَ رَسُولًا . وَقِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ صَاحِبَ ذِكْرٍ رَسُولًا ; فَ " رَسُولًا " نَعْتٌ لِلذِّكْرِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ . وَقِيلَ : إِنَّ رَسُولًا مَعْمُولٌ لِلذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ ; وَالتَّقْدِيرُ : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ أَنْ ذَكَرَ رَسُولًا . وَيَكُونُ ذِكْرُهُ الرَّسُولَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " رَسُولًا " بَدَلٌ مِنْ ذِكْرٍ ، عَلَى أَنْ يَكُونَ رَسُولًا بِمَعْنَى رِسَالَةٍ ، أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى بَابِهِ وَيَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى ، كَأَنَّهُ قَالَ : قَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ لَكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ بَدَلِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ وَهُوَ هُوَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ رَسُولًا عَلَى الْإِغْرَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ : اتَّبِعُوا رَسُولًا . وَقِيلَ : الذِّكْرُ هُنَا الشَّرَفُ ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ، ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا الشَّرَفَ ، فَقَالَ : رَسُولًا . وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّسُولِ هُنَا
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : هُوَ
جِبْرِيلُ ، فَيَكُونَانِ جَمِيعًا مُنَزَّلَيْنِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ نَعْتٌ لِرَسُولٍ . وَ " آيَاتِ اللَّهِ " الْقُرْآنَ .
" مُبَيِّنَاتٍ " قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ الْيَاءِ ; أَيْ بَيَّنَهَا اللَّهُ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِهَا ، أَيْ يُبَيِّنُ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ . وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتِيَارُ
أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=17قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَيْ مَنْ سَبَقَ لَهُ ذَلِكَ فِي عِلْمِ اللَّهِ .
مِنَ الظُّلُمَاتِ أَيْ مِنَ الْكُفْرِ .
إِلَى النُّورِ الْهُدَى وَالْإِيمَانِ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ . وَأَضَافَ الْإِخْرَاجَ إِلَى الرَّسُولِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَحْصُلُ مِنْهُ بِطَاعَتِهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ قَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِالنُّونِ ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا أَيْ وَسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّاتِ .