قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
فيه مسألة واحدة :
وهي الأمر بوقاية الإنسان نفسه وأهله النار . قال
الضحاك : معناه قوا أنفسكم ، وأهلوكم فليقوا أنفسهم نارا . وروى
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : قوا أنفسكم وأمروا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقيهم الله بكم . وقال
علي رضي الله عنه
وقتادة ومجاهد : قوا أنفسكم بأفعالكم وقوا أهليكم بوصيتكم .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهو الصحيح ، والفقه الذي يعطيه العطف الذي يقتضي التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في معنى الفعل ; كقوله :
علفتها تبنا وماء باردا
وكقوله :
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة ، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية . ففي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831449 " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم " . وعن هذا عبر
الحسن في هذه الآية بقوله : يأمرهم وينهاهم . وقال بعض العلماء لما قال : قوا أنفسكم دخل فيه الأولاد ; لأن الولد بعض منه . كما دخل في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم [ ص: 180 ] فلم يفردوا بالذكر إفراد سائر القرابات . فيعلمه الحلال والحرام ، ويجنبه المعاصي والآثام ، إلى غير ذلك من الأحكام . وقال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865276حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويعلمه الكتابة ويزوجه إذا بلغ . وقال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831450 " ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن " . وقد روى
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=831451 " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع " . خرجه جماعة من أهل الحديث . وهذا لفظ
أبي داود . وخرج أيضا عن
سمرة بن جندب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831452 " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها " . وكذلك يخبر أهله بوقت الصلاة ووجوب الصيام ووجوب الفطر إذا وجب ; مستندا في ذلك إلى رؤية الهلال . وقد روى
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=831453أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتر يقول : " قومي فأوتري يا عائشة " . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865281 " رحم الله امرأ قام من الليل فصلى فأيقظ أهله ، فإن لم تقم رش وجهها بالماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل تصلي وأيقظت زوجها ، فإذا لم يقم رشت على وجهه من الماء " . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " أيقظوا صواحب الحجر " . ويدخل هذا في عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وتعاونوا على البر والتقوى . وذكر
القشيري أن عمر رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية : [ ص: 181 ] يا رسول الله ، نقي أنفسنا ، فكيف لنا بأهلينا ؟ . فقال : " تنهونهم عما نهاكم الله وتأمرونهم بما أمر الله " . وقال
مقاتل : ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه . قال
الكيا : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير ، وما لا يستغنى عنه من الأدب . وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها . ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وأنذر عشيرتك الأقربين . . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831454 " مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع " .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وقودها الناس والحجارة تقدم في سورة " البقرة " .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6عليها ملائكة غلاظ شداد يعني
nindex.php?page=treesubj&link=30436الملائكة الزبانية غلاظ القلوب لا يرحمون إذا استرحموا ، خلقوا من الغضب ، وحبب إليهم عذاب الخلق كما حبب لبني
آدم أكل الطعام والشراب . شداد أي شداد الأبدان . وقيل : غلاظ الأقوال شداد الأفعال . وقيل غلاظ في أخذهم أهل النار شداد عليهم . يقال : فلان شديد على فلان ; أي قوي عليه يعذبه بأنواع العذاب . وقيل : أراد بالغلاظ ضخامة أجسامهم ، وبالشدة القوة . قال
ابن عباس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة ، وقوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم . وذكر
ابن وهب قال : وحدثنا
عبد الرحمن بن زيد قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خزنة جهنم : " ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب " .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6لا يعصون الله ما أمرهم أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6ويفعلون ما يؤمرون أي في وقته ، فلا يؤخرونه ولا يقدمونه . وقيل أي لذتهم في امتثال أمر الله ; كما أن سرور أهل الجنة في الكون في الجنة ; ذكره بعض
المعتزلة . وعندهم أنه يستحيل التكليف غدا . ولا يخفى معتقد أهل الحق في أن الله يكلف العبد اليوم وغدا ، ولا ينكر التكليف في حق الملائكة . ولله أن يفعل ما يشاء .
[ ص: 182 ]
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ :
وَهِيَ الْأَمْرُ بِوِقَايَةِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ النَّارَ . قَالَ
الضَّحَّاكُ : مَعْنَاهُ قُوا أَنْفُسَكُمْ ، وَأَهْلُوكُمْ فَلْيَقُوا أَنْفُسَهُمْ نَارًا . وَرَوَى
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأْمُرُوا أَهْلِيكُمْ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى يَقِيَهُمُ اللَّهُ بِكُمْ . وَقَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ : قُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَفْعَالِكُمْ وَقُوا أَهْلِيكُمْ بِوَصِيَّتِكُمْ .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَالْفِقْهُ الَّذِي يُعْطِيهِ الْعَطْفُ الَّذِي يَقْتَضِي التَّشْرِيكُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الْفِعْلِ ; كَقَوْلِهِ :
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
وَكَقَوْلِهِ :
وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
فَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُصْلِحَ نَفْسَهُ بِالطَّاعَةِ ، وَيُصْلِحَ أَهْلَهُ إِصْلَاحَ الرَّاعِي لِلرَّعِيَّةِ . فَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831449 " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ " . وَعَنْ هَذَا عَبَّرَ
الْحَسَنُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ : يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ . وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَمَّا قَالَ : قُوا أَنْفُسَكُمْ دَخَلَ فِيهِ الْأَوْلَادُ ; لِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْضٌ مِنْهُ . كَمَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ [ ص: 180 ] فَلَمْ يُفْرَدُوا بِالذِّكْرِ إِفْرَادَ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ . فَيُعَلِّمُهُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ ، وَيُجَنِّبُهُ الْمَعَاصِيَ وَالْآثَامَ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865276حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ وَيُزَوِّجَهُ إِذَا بَلَغَ . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831450 " مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ " . وَقَدْ رَوَى
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=831451 " مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ " . خَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ . وَهَذَا لَفْظُ
أَبِي دَاوُدَ . وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنْ
سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831452 " مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ ، فَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا " . وَكَذَلِكَ يُخْبِرُ أَهْلَهُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ وَوُجُوبِ الصِّيَامِ وَوُجُوبِ الْفِطْرِ إِذَا وَجَبَ ; مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إِلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ . وَقَدْ رَوَى
مُسْلِمٌ nindex.php?page=hadith&LINKID=831453أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوْتَرَ يَقُولُ : " قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَةُ " . وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865281 " رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى فَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ رَشَّ وَجْهَهَا بِالْمَاءِ ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ تُصَلِّي وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا ، فَإِذَا لَمْ يَقُمْ رَشَّتْ عَلَى وَجْهِهِ مِنَ الْمَاءِ " . وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ " . وَيَدْخُلُ هَذَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى . وَذَكَرَ
الْقُشَيْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : [ ص: 181 ] يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَقِي أَنْفُسَنَا ، فَكَيْفَ لَنَا بِأَهْلِينَا ؟ . فَقَالَ : " تَنْهَوْنَهُمْ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ وَتَأْمُرُونَهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ " . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : ذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَعَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ . قَالَ
الْكِيَا : فَعَلَيْنَا تَعْلِيمُ أَوْلَادِنَا وَأَهْلِينَا الدِّينَ وَالْخَيْرَ ، وَمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنَ الْأَدَبِ . وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا . وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ . . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831454 " مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ " .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ يَعْنِي
nindex.php?page=treesubj&link=30436الْمَلَائِكَةَ الزَّبَانِيَةَ غِلَاظَ الْقُلُوبِ لَا يَرْحَمُونَ إِذَا اسْتُرْحِمُوا ، خُلِقُوا مِنَ الْغَضَبِ ، وَحُبِّبَ إِلَيْهِمْ عَذَابُ الْخَلْقِ كَمَا حُبِّبَ لِبَنِي
آدَمَ أَكْلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . شِدَادٌ أَيْ شِدَادُ الْأَبْدَانِ . وَقِيلَ : غِلَاظُ الْأَقْوَالِ شِدَادُ الْأَفْعَالِ . وَقِيلَ غِلَاظٌ فِي أَخْذِهِمْ أَهْلَ النَّارِ شِدَادٌ عَلَيْهِمْ . يُقَالُ : فُلَانٌ شَدِيدٌ عَلَى فُلَانٍ ; أَيْ قَوِيٌّ عَلَيْهِ يُعَذِّبُهُ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْغِلَاظِ ضَخَامَةَ أَجْسَامِهِمْ ، وَبِالشِّدَّةِ الْقُوَّةَ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَسِيرَةُ سَنَةٍ ، وَقُوَّةُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَنْ يَضْرِبَ بِالْمِقْمَعِ فَيَدْفَعَ بِتِلْكَ الضَّرْبَةِ سَبْعِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ . وَذَكَرَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : وَحَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَزَنَةِ جَهَنَّمَ : " مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ أَحَدِهِمْ كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ أَيْ لَا يُخَالِفُونَهُ فِي أَمْرِهِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ أَيْ فِي وَقْتِهِ ، فَلَا يُؤَخِّرُونَهُ وَلَا يُقَدِّمُونَهُ . وَقِيلَ أَيْ لَذَّتُهُمْ فِي امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ ; كَمَا أَنَّ سُرُورَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْكَوْنِ فِي الْجَنَّةِ ; ذَكَرَهُ بَعْضُ
الْمُعْتَزِلَةِ . وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ التَّكْلِيفُ غَدًا . وَلَا يَخْفَى مُعْتَقَدُ أَهْلِ الْحَقِّ فِي أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّفُ الْعَبْدَ الْيَوْمَ وَغَدًا ، وَلَا يُنْكَرُ التَّكْلِيفُ فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ . وَلِلَّهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ .
[ ص: 182 ]