الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة : روى ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم : بمنى فمرت حية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقتلوها ) فسبقتنا إلى جحر فدخلته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هاتوا بسعفة ونار فأضرموها عليه نارا . قال علماؤنا : وهذا الحديث يخص نهيه عليه السلام عن المثلة وعن أن يعذب أحد بعذاب الله تعالى ، قالوا : فلم يبق لهذا العدو حرمة حيث فاته حتى أوصل إليه الهلاك من حيث قدر . فإن قيل : قد روي عن إبراهيم النخعي أنه كره أن تحرق العقرب بالنار ، وقال : هو مثلة . قيل له : يحتمل أن يكون لم يبلغه هذا الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمل على الأثر الذي جاء : لا تعذبوا بعذاب الله فكان على هذا سبيل العمل عنده .

فإن قيل : فقد روى مسلم عن عبد الله بن مسعود قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار وقد أنزلت عليه : والمرسلات عرفا فنحن نأخذها من فيه رطبة ، إذ خرجت علينا حية ، فقال : ( اقتلوها ) ، فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقاها الله شركم كما وقاكم شرها . فلم يضرم نارا ولا احتال في قتلها . قيل له : يحتمل أن يكون لم يجد نارا فتركها ، أو لم يكن الجحر بهيئة ينتفع بالنار هناك مع ضرر الدخان وعدم وصوله إلى الحيوان . والله أعلم . وقوله : " وقاها الله شركم " أي قتلكم إياها " كما وقاكم شرها " أي لسعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية