الثانية : بعضكم لبعض عدو بعضكم مبتدأ ، عدو خبره والجملة [ ص: 302 ] في موضع نصب على الحال ، والتقدير وهذه حالكم . وحذفت الواو من " وبعضكم " لأن في الكلام عائدا ، كما يقال : رأيتك السماء تمطر عليك . والعدو : خلاف الصديق ، وهو من عدا إذا ظلم . وذئب عدوان : يعدو على الناس . والعدوان : الظلم الصراح . وقيل : هو مأخوذ من المجاوزة ، من قولك : لا يعدوك هذا الأمر ، أي لا يتجاوزك . وعداه إذا جاوزه ، فسمي عدوا لمجاوزة الحد في مكروه صاحبه ، ومنه العدو بالقدم لمجاوزة الشيء ، والمعنيان متقاربان ، فإن من ظلم فقد تجاوز . قوله تعالى
قلت : وقد حمل بعض العلماء قوله تعالى : بعضكم لبعض عدو على الإنسان نفسه ، وفيه بعد وإن كان صحيحا معنى . يدل عليه قوله عليه السلام : . فإن قيل : كيف قال : ( عدو ) ولم يقل : أعداء ، ففيه جوابان أحدهما : أن بعضا وكلا يخبر عنهما بالواحد على اللفظ وعلى المعنى ، وذلك في القرآن ، قال الله تعالى : إن العبد إذا أصبح تقول جوارحه للسانه اتق الله فينا فإنك إذا استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا على اللفظ ، وقال تعالى : وكل أتوه داخرين على المعنى . والجواب الآخر : أن عدوا يفرد في موضع الجمع ، قال الله عز وجل : وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا بمعنى أعداء ، وقال تعالى : يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو . وقال : العدو اسم جامع للواحد والاثنين والثلاثة والتأنيث ، وقد يجمع . ابن فارس