قوله تعالى : وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت
وإلى السماء كيف رفعت أي رفعت عن الأرض بلا عمد . وقيل : رفعت ، فلا ينالها شيء . قوله تعالى :
وإلى الجبال كيف نصبت أي كيف نصبت على الأرض ، بحيث لا تزول وذلك أن الأرض لما دحيت مادت ، فأرساها بالجبال . كما قال : وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم .
وإلى الأرض كيف سطحت أي بسطت ومدت . وقال أنس : صليت خلف علي - رضي الله عنه - فقرأ كيف خلقت ورفعت ونصبت وسطحت ، بضم التاءات أضاف الضمير إلى الله تعالى . وبه كان يقرأ محمد بن السميقع [ ص: 33 ] والمفعول محذوف ، والمعنى خلقتها . وكذلك سائرها . وقرأ وأبو العالية الحسن وأبو حيوة وأبو رجاء : ( سطحت ) بتشديد الطاء وإسكان التاء . وكذلك قرأ الجماعة ، إلا أنهم خففوا الطاء . وقدم الإبل في الذكر ، ولو قدم غيرها لجاز . قال القشيري : وليس هذا مما يطلب فيه نوع حكمة . وقد قيل : هو أقرب إلى الناس في حق العرب ، لكثرتها عندهم ، وهم من أعرف الناس بها . وأيضا : مرافق الإبل أكثر من مرافق الحيوانات الأخر فهي مأكولة ، ولبنها مشروب ، وتصلح للحمل والركوب ، وقطع المسافات البعيدة عليها ، والصبر على العطش ، وقلة العلف ، وكثرة الحمل ، وهي معظم أموال العرب . وكانوا يسيرون على الإبل منفردين مستوحشين عن الناس ، ومن هذا حاله تفكر فيما يحضره ، فقد ينظر في مركوبه ، ثم يمد بصره إلى السماء ثم إلى الأرض . فأمروا بالنظر في هذه الأشياء ، فإنها أدل دليل على الصانع المختار القادر .