[ ص: 79 ] قوله تعالى : قوله تعالى : قوله تعالى : وما لأحد عنده من نعمة تجزى أي ليس يتصدق ليجازى على نعمة ، إنما يبتغي وجه ربه الأعلى ، أي المتعالي ولسوف يرضى أي بالجزاء . فروى عطاء والضحاك عن ابن عباس قال : بلالا ، وبلال يقول أحد أحد فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أحد - يعني الله تعالى - ينجيك " ثم قال لأبي بكر : " يا أبا بكر إن بلالا يعذب في الله " فعرف أبو بكر الذي يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانصرف إلى منزله ، فأخذ رطلا من ذهب ، ومضى به إلى أمية بن خلف ، فقال له : أتبيعني بلالا ؟ قال : نعم فاشتراه فأعتقه . فقال المشركون : ما أعتقه أبو بكر إلا ليد كانت له عنده فنزلت وما لأحد عنده أي عند عذب المشركون أبي بكر من نعمة ، أي من يد ومنة ، تجزى بل ابتغاء بما فعل وجه ربه الأعلى . وقيل : أبو بكر من أمية وأبي بن خلف بلالا ، ببردة وعشر أواق ، فأعتقه لله ، فنزلت : إن سعيكم لشتى . اشترى : بلغني أن سعيد بن المسيب أمية بن خلف قال لأبي بكر حين قال له أبو بكر : أتبيعنيه ؟ فقال : نعم ، أبيعه بنسطاس ، وكان نسطاس عبدا لأبي بكر ، صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش ، وكان مشركا ، فحمله أبو بكر على الإسلام ، على أن يكون له ماله ، فأبى ، فباعه أبو بكر به . فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ببلال هذا إلا ليد كانت لبلال عنده فنزلت وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء أي لكن وقال ابتغاء فهو استثناء منقطع فلذلك نصبت . كقولك : ما في الدار أحد إلا حمارا . ويجوز الرفع . وقرأ يحيى بن وثاب إلا ابتغاء وجه ربه بالرفع ، على لغة من يقول : يجوز الرفع في المستثنى . وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبي خازم :
أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها إلا الجآذر والظلمان تختلف
وقول القائل :وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
وجه ربه الأعلى أي مرضاته وما يقرب منه . والأعلى من نعت الرب الذي استحق صفات العلو . ويجوز أن يكون ابتغاء وجه ربه مفعولا له على المعنى ; لأن معنى الكلام : لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه ، لا لمكافأة نعمته .
ولسوف يرضى أي سوف يعطيه في الجنة ما يرضي وذلك أنه يعطيه أضعاف ما أنفق . وروى أبو حيان التيمي عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - قال : أبا بكر زوجني ابنته ، وحملني إلى دار الهجرة ، وأعتق بلالا من ماله رحم الله . ولما اشتراه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبو بكر قال له بلال : هل اشتريتني لعملك أو لعمل الله ؟ قال : بل لعمل [ ص: 80 ] الله قال : فذرني وعمل الله ، فأعتقه . وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا - رضي الله عنه - . وقال عطاء - وروى عن ابن عباس - : إن السورة نزلت في في النخلة التي اشتراها بحائط له ، فيما ذكر أبي الدحداح الثعلبي عن عطاء .
وقال القشيري عن ابن عباس : بأربعين نخلة ولم يسم الرجل . قال عطاء : الأنصار نخلة ، يسقط من بلحها في دار جار له ، فيتناوله صبيانه ، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " تبيعها بنخلة في الجنة " ؟ فأبى فخرج فلقيه أبو الدحداح فقال : هل لك أن تبيعنيها ب ( حسنى ) : حائط له . فقال : هي لك . فأتى أبو الدحداح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : يا رسول الله ، اشترها مني بنخلة في الجنة . قال : " نعم ، والذي نفسي بيده " فقال : هي لك يا رسول الله ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - جار الأنصاري ، فقال : " خذها " والليل إذا يغشى إلى آخر السورة في بستان أبي الدحداح وصاحب النخلة فنزلت . كان لرجل من فأما من أعطى واتقى يعني أبا الدحداح . وصدق بالحسنى أي بالثواب . فسنيسره لليسرى : يعني الجنة . وأما من بخل واستغنى يعني الأنصاري . وكذب بالحسنى أي بالثواب . فسنيسره للعسرى ، يعني جهنم . وما يغني عنه ماله إذا تردى أي مات . إلى قوله : لا يصلاها إلا الأشقى يعني بذلك الخزرجي وكان منافقا ، فمات على نفاقه .
وسيجنبها الأتقى يعني أبا الدحداح . الذي يؤتي ماله يتزكى في ثمن تلك النخلة . ما لأحد عنده من نعمة تجزى يكافئه عليها يعني أبا الدحداح . ولسوف يرضى إذا أدخله الله الجنة . والأكثر أن السورة نزلت في أبي بكر - رضي الله عنه - وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهم . وقد ذكرنا خبرا آخر وعبد الله بن الزبير في سورة ( البقرة ) ، عند قوله : لأبي الدحداح من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا . والله تعالى أعلم .