قوله تعالى : كلا إن الإنسان ليطغى   أن رآه استغنى   [ ص: 110 ] قوله تعالى : كلا إن الإنسان ليطغى  قيل : إنه نزل في أبي جهل    . وقيل : نزلت السورة كلها في أبي جهل ;  نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة ; فأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي في المسجد ويقرأ باسم الرب   . وعلى هذا فليست السورة من أوائل ما نزل . ويجوز أن يكون خمس آيات من أولها أول ما نزلت ، ثم نزلت البقية في شأن أبي جهل ،  وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بضم ذلك إلى أول السورة ; لأن تأليف السور جرى بأمر من الله . ألا ترى أن قوله تعالى : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله  آخر ما نزل ، ثم هو مضموم إلى ما نزل قبله بزمان طويل . وكلا بمعنى حقا ; إذ ليس قبله شيء . والإنسان هناأبو جهل    . والطغيان : مجاوزة الحد في العصيان . 
أن رآه أي لأن رأى نفسه استغنى ; أي صار ذا مال وثروة . وقال ابن عباس  في رواية أبي صالح  عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية وسمع بها المشركون ، أتاه أبو جهل  فقال : يا محمد  تزعم أنه من استغنى طغى ; فاجعل لنا جبال مكة  ذهبا ، لعلنا نأخذ منها ، فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك . قال فأتاه جبريل    - عليه السلام - فقال : ( يا محمد  خيرهم في ذلك فإن شاءوا فعلنا بهم ما أرادوه فإن لم يسلموا فعلنا بهم كما فعلنا بأصحاب المائدة ) . فعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن القوم لا يقبلون ذلك ; فكف عنهم إبقاء عليهم   . وقيل : أن رآه استغنى  بالعشيرة والأنصار والأعوان . وحذف اللام من قوله أن رآه كما يقال : إنكم لتطغون إن رأيتم غناكم . وقال الفراء    : لم يقل رأى نفسه ، كما قيل قتل نفسه ; لأن رأى من الأفعال التي تريد اسما وخبرا ، نحو الظن والحسبان ، فلا يقتصر فيه على مفعول واحد . العرب تطرح النفس من هذا الجنس تقول : رأيتني وحسبتني ، ومتى تراك خارجا ، ومتى تظنك خارجا . وقرأ مجاهد  وحميد  وقنبل  عن ابن كثير    ( أن رأه استغنى ) بقصر الهمزة . الباقون رآه بمدها ، وهو الاختيار . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					