الثانية عشرة : قوله تعالى : مع الراكعين مع تقتضي المعية والجمعية ولهذا قال [ ص: 327 ] جماعة من أهل التأويل بالقرآن إن الأمر بالصلاة أولا لم يقتض شهود الجماعة فأمرهم بقوله مع شهود الجماعة وقد على قولين فالذي عليه الجمهور أن ذلك من السنن المؤكدة ويجب على من أدمن التخلف عنها من غير عذر العقوبة وقد أوجبها بعض أهل العلم فرضا على الكفاية قال اختلف العلماء في شهود الجماعة وهذا قول صحيح لإجماعهم على أنه لا يجوز أن يجتمع على تعطيل المساجد كلها من الجماعات فإذا قامت الجماعة في المسجد فصلاة المنفرد في بيته جائزة لقوله عليه السلام ابن عبد البر أخرجه صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة مسلم من حديث ابن عمر وروي عن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة . وقال صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا داود الصلاة في الجماعة فرض على كل أحد في خاصته كالجمعة واحتج بقوله عليه السلام : خرجه لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد أبو داود وصححه أبو محمد عبد الحق ، وهو قول عطاء بن أبي رباح وأحمد بن حنبل وغيرهم . وقال وأبي ثور : لا أرخص لمن قدر على الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر حكاه الشافعي ابن المنذر وروى مسلم عن قال أبي هريرة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم قال فأجب ليس لي قائد يقودني إلى المسجد وقال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه أبو داود في هذا الحديث لا أجد لك رخصة . خرجه من حديث وذكر أنه كان هو السائل وروي عن ابن أم مكتوم ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال [ ص: 328 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سمع النداء فلم يمنعه من إتيانه عذر قالوا وما العذر قال خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلىأبو محمد عبد الحق : هذا يرويه مغراء العبدي والصحيح موقوف على ابن عباس فلا صلاة له سمع النداء فلم يأت على أن من ذكره في كتابه فقال حدثنا قاسم بن أصبغ إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحسبك بهذا الإسناد صحة . ومغراء من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر العبدي روى عنه أبو إسحاق وقال ابن مسعود ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق وقال عليه السلام قال بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح لا يستطيعونهما ابن المنذر ولقد روينا عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا منهم من سمع النداء فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له ابن مسعود وروى وأبو موسى الأشعري أبو داود عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة هذا ما احتج به من أوجب الصلاة في الجماعة فرضا وهي ظاهرة في الوجوب وحملها الجمهور على تأكيد أمر لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست لهم علة فأحرقها عليهم بدليل حديث شهود الصلوات في الجماعة ابن عمر وحملوا قول الصحابة وما جاء في الحديث من أنه ( لا صلاة له ) على الكمال والفضل وكذلك [ ص: 329 ] قوله عليه السلام وأبي هريرة ( فأجب ) على الندب . وقوله عليه السلام ( لقد هممت ) لا يدل على الوجوب الحتم ؛ لأنه هم ولم يفعل وإنما مخرجه مخرج التهديد والوعيد للمنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الجماعة والجمعة يبين هذا المعنى ما رواه لابن أم مكتوم مسلم عن عبد الله قال ( ) . فبين رضي الله عنه في حديثه أن الاجتماع سنة من سنن الهدى وتركه ضلال ، ولهذا قال من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف : اختلف في التمالؤ على ترك ظاهر السنن ، هل يقاتل عليها أو لا ، والصحيح قتالهم ; لأن في التمالؤ عليها إماتتها . القاضي أبو الفضل عياض
قلت : فعلى هذا إذا أقيمت السنة وظهرت جازت صلاة المنفرد وصحت روى مسلم عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم ارحمه اللهم اغفر له اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه . قيل صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه : ما يحدث ؟ قال : يفسو أو يضرط لأبي هريرة .