قوله تعالى : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون 
 قوله تعالى : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها   هذا الكلام مقدم على أول القصة ، التقدير : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ، فقال موسى    : إن الله يأمركم بكذا . وهذا كقوله : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما  أي : أنزل على عبده قيما ، ولم يجعل له عوجا ، ومثله كثير ، وقد بيناه أول القصة . 
وفي سبب قتله قولان : أحدهما : لابنة له حسناء أحب أن يتزوجها ابن عمها فمنعه عمه ، فقتله وحمله من قريته إلى قرية أخرى فألقاه هناك . وقيل : ألقاه بين قريتين . الثاني : قتله طلبا لميراثه ، فإنه كان فقيرا ، وادعى قتله على بعض الأسباط . قال عكرمة    : كان لبني إسرائيل  مسجد له اثنا عشر بابا لكل باب قوم يدخلون منه ، فوجدوا قتيلا في سبط من الأسباط ، فادعى هؤلاء على هؤلاء ، وادعى هؤلاء على هؤلاء ، ثم أتوا موسى  يختصمون إليه ، فقال : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة  الآية   . ومعنى ادارأتم : اختلفتم وتنازعتم ، قاله مجاهد    . وأصله تدارأتم ثم أدغمت التاء في الدال ، ولا يجوز الابتداء بالمدغم ؛ لأنه ساكن فزيد ألف الوصل . والله مخرج  ابتداء وخبر . " ما كنتم " في موضع نصب ب " مخرج " ، ويجوز حذف التنوين على الإضافة . تكتمون جملة في موضع خبر كان ، والعائد محذوف ، التقدير : تكتمونه . 
وعلى القول بأنه قتله طلبا لميراثه لم يرث قاتل عمد من حينئذ ، قاله عبيدة السلماني    . قال ابن عباس    : قتل هذا الرجل عمه ليرثه . قال ابن عطية    : وبمثله جاء شرعنا . وحكى مالك  رحمه الله في " موطئه " أن قصة أحيحة بن الجلاح  في عمه هي كانت سبب ألا يرث قاتل ، ثم ثبت ذلك الإسلام كما ثبت كثيرا من نوازل الجاهلية . ولا خلاف بين العلماء أنه لا يرث قاتل العمد من الدية ولا من المال  ، إلا فرقة شذت عن الجمهور كلهم أهل بدع . ويرث قاتل الخطأ من المال ولا يرث من الدية في قول مالك   والأوزاعي   وأبي ثور   والشافعي  ؛ لأنه لا يتهم على أنه   [ ص: 425 ] قتله ليرثه ويأخذ ماله . وقال  سفيان الثوري   وأبو حنيفة  وأصحابه ،  والشافعي  في قول له آخر : لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا من المال ولا من الدية . وهو قول شريح   وطاوس   والشعبي  والنخعي    . ورواه الشعبي  عن عمر  وعلي  وزيد  قالوا : لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا . وروي عن مجاهد  القولان جميعا . وقالت طائفة من البصريين    : يرث قاتل الخطأ من الدية ومن المال جميعا ، حكاه أبو عمر    . وقول مالك  أصح ، على ما يأتي بيانه في آية المواريث إن شاء الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					