الثانية : قوله تعالى : وقد كان فريق منهم   الفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه ، وجمعه في أدنى العدد أفرقة ، وفي الكثير أفرقاء . يسمعون في موضع نصب خبر كان . ويجوز أن يكون الخبر منهم ، ويكون يسمعون نعتا لفريق وفيه بعد . ( كلام الله ) قراءة الجماعة . وقرأ الأعمش    " كلم الله " على جمع كلمة . قال سيبويه : واعلم أن ناسا من ربيعة  يقولون " منهم " بكسر الهاء إتباعا لكسرة الميم ، ولم يكن المسكن حاجزا حصينا عنده . كلام الله مفعول ب يسمعون . والمراد السبعون الذين اختارهم موسى  عليه السلام ، فسمعوا كلام الله   [ ص: 4 ] فلم يمتثلوا أمره ، وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم . هذا قول الربيع   وابن إسحاق  ، وفي هذا القول ضعف . ومن قال : إن السبعين سمعوا ما سمع موسى فقد أخطأ ، وأذهب بفضيلة موسى واختصاصه بالتكليم . وقد قال  السدي  وغيره : لم يطيقوا سماعه ، واختلطت أذهانهم ورغبوا أن يكون موسى  يسمع ويعيده لهم ، فلما فرغوا وخرجوا بدلت طائفة منهم ما سمعت من كلام الله على لسان نبيهم موسى  عليه السلام ، كما قال تعالى : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله    . 
فإن قيل : فقد روى الكلبي  عن أبي صالح  عن ابن عباس  أن قوم موسى  سألوا موسى  أن يسأل ربه أن يسمعهم كلامه ، فسمعوا صوتا كصوت الشبور : " إني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم أخرجتكم من مصر بيد رفيعة وذراع شديدة "   . 
قلت : هذا حديث باطل لا يصح ، رواه ابن مروان  عن الكلبي  وكلاهما ضعيف لا يحتج به وإنما الكلام شيء خص به موسى  من بين جميع ولد آدم ، فإن كان كلم قومه أيضا حتى أسمعهم كلامه فما فضل موسى  عليهم ، وقد قال وقوله الحق : إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي    . وهذا واضح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					