الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : وأشربوا في قلوبهم العجل أي حب العجل والمعنى : جعلت قلوبهم تشربه ، وهذا تشبيه ومجاز عبارة عن تمكن أمر العجل في قلوبهم . وفي الحديث : تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء . . . . الحديث ، خرجه مسلم . يقال أشرب قلبه حب كذا ، قال زهير :

فصحوت عنها بعد حب داخل والحب تشربه فؤادك داء



وإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها ، والطعام مجاور لها غير متغلغل فيها . وقد زاد على هذا المعنى أحد التابعين فقال في زوجته عثمة ، وكان عتب عليها في بعض الأمر فطلقها وكان محبا لها :

تغلغل حب عثمة في فؤادي     فباديه مع الخافي يسير
تغلغل حيث لم يبلغ شراب     ولا حزن ولم يبلغ سرور
أكاد إذا ذكرت العهد منها     أطير لو ان إنسانا يطير



وقال السدي وابن جريج : إن موسى عليه السلام برد العجل وذراه في الماء ، وقال لبني إسرائيل : اشربوا من ذلك الماء ، فشرب جميعهم ، فمن كان يحب العجل خرجت برادة الذهب على شفتيه . وروي أنه ما شربه أحد إلا جن ، حكاه القشيري .

قلت : أما تذريته في البحر فقد دل عليه قوله تعالى : ثم لننسفنه في اليم نسفا ، وأما شرب الماء وظهور البرادة على الشفاه فيرده قوله تعالى : وأشربوا في قلوبهم العجل والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية