السابعة : ذهب أهل السنة إلى أن . وذهب عامة السحر ثابت وله حقيقة المعتزلة وأبو إسحاق الإستراباذي من أصحاب إلى أن السحر لا حقيقة له ، وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام لكون الشيء على غير ما هو به ، وأنه ضرب من الخفة والشعوذة ، كما قال تعالى : الشافعي يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ولم يقل تسعى على الحقيقة ، ولكن قال يخيل إليه . وقال أيضا : سحروا أعين الناس . وهذا لا حجة فيه ; لأنا لا ننكر أن يكون التخييل وغيره من جملة السحر ، ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوزها العقل وورد بها السمع ، فمن ذلك ما جاء في هذه الآية من ذكر السحر وتعليمه ، ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه ، ولا أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس ، فدل على أن له حقيقة . وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون : وجاءوا بسحر عظيم وسورة " الفلق " ، مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر ، وهو مما خرجه لبيد بن الأعصم البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له ، الحديث . وفيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل السحر : لبيد بن الأعصم . والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض ، فدل على أن له حقا وحقيقة ، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه . وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع ، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق . ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان وتكلم الناس فيه ، ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله . وروى " إن الله شفاني " سفيان عن أبي الأعور عن عكرمة عن ابن عباس قال : علم السحر في قرية من قرى مصر يقال لها : " الفرما " فمن كذب به فهو كافر ، مكذب لله ورسوله ، منكر لما علم مشاهدة وعيانا .