الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالثة عشرة : قرأ الجمهور ما ننسخ بفتح النون ، من نسخ ، وهو الظاهر المستعمل على معنى : ما نرفع من حكم آية ونبقي تلاوتها ، كما تقدم . ويحتمل أن يكون المعنى : ما نرفع من حكم آية وتلاوتها ، على ما ذكرناه . وقرأ ابن عامر " ننسخ " بضم النون ، من أنسخت الكتاب ، على معنى وجدته منسوخا . قال أبو حاتم : هو غلط : وقال الفارسي أبو علي : ليست لغة ; لأنه لا يقال : نسخ وأنسخ بمعنى ، إلا أن يكون المعنى ما نجده منسوخا ، كما تقول : أحمدت الرجل وأبخلته ، بمعنى وجدته محمودا وبخيلا . قال أبو علي : وليس نجده منسوخا إلا بأن ننسخه ، فتتفق القراءتان في المعنى وإن اختلفتا في اللفظ . وقيل : ما ننسخ ما نجعل لك نسخه ، يقال : نسخت الكتاب إذا كتبته ، وانتسخته غيري إذا جعلت نسخه له . قال مكي : ولا يجوز أن تكون الهمزة للتعدي ; لأن المعنى يتغير ، ويصير المعنى ما ننسخك من آية يا محمد ، وإنساخه إياها إنزالها عليه ، فيصير المعنى ما ننزل عليك من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ، فيئول المعنى إلى أن كل آية أنزلت أتى بخير منها ، فيصير القرآن كله منسوخا وهذا لا يمكن ، لأنه لم ينسخ إلا اليسير من القرآن . فلما امتنع أن يكون أفعل وفعل بمعنى إذ لم يسمع ، وامتنع أن تكون الهمزة للتعدي لفساد المعنى ، لم يبق ممكن إلا أن يكون من باب أحمدته وأبخلته إذا وجدته محمودا أو بخيلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية