nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام قيل : هذا تأكيد للأمر باستقبال
الكعبة واهتمام بها لأن موقع التحويل كان صعبا في نفوسهم جدا ، فأكد الأمر ليرى الناس الاهتمام به فيخف عليهم وتسكن نفوسهم إليه . وقيل : أراد بالأول : ول وجهك شطر الكعبة ، أي عاينها إذا صليت تلقاءها . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وحيثما كنتم معاشر المسلمين في سائر المساجد
بالمدينة وغيرها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فولوا وجوهكم شطره ثم قال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ومن حيث خرجت يعني وجوب الاستقبال في الأسفار ، فكان هذا أمرا بالتوجه إلى
الكعبة في جميع المواضع من نواحي الأرض .
قلت : هذا القول أحسن من الأول ; لأن فيه حمل كل آية على فائدة . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837247كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فأراد أن يصلي على راحلته استقبل القبلة وكبر ثم صلى حيث توجهت به . أخرجه
أبو داود أيضا ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور . وذهب
مالك إلى أنه لا يلزمه الاستقبال ، لحديث
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837248كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته . قال : وفيه نزل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فأينما تولوا فثم وجه الله وقد تقدم .
قلت : ولا تعارض بين الحديثين ; لأن هذا من باب المطلق والمقيد ، فقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 158 ] أولى ، وحديث
أنس في ذلك حديث صحيح . ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد سئل ما
nindex.php?page=treesubj&link=32626معنى تكرير القصص في القرآن ؟ فقال : علم الله أن كل الناس لا يحفظ القرآن ، فلو لم تكن القصة مكررة لجاز أن تكون عند بعض الناس ولا تكون عند بعض ، فكررت لتكون عند من حفظ البعض .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم قال
مجاهد : هم مشركو العرب . وحجتهم قولهم : راجعت قبلتنا ، وقد أجيبوا عن هذا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142قل لله المشرق والمغرب . وقيل : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لئلا يكون للناس عليكم حجة لئلا يقولوا لكم : قد أمرتم باستقبال
الكعبة ولستم ترونها ، فلما قال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره زال هذا . وقال
أبو عبيدة : إن " إلا " ها هنا بمعنى الواو ، أي والذين ظلموا ، فهو استثناء بمعنى الواو ، ومنه قول الشاعر [ هو
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق ] :
ما بالمدينة دار غير واحدة دار الخليفة إلا دار مروانا
كأنه قال : إلا دار الخليفة ودار
مروان ، وكذا قيل في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون أي الذين آمنوا . وأبطل
الزجاج هذا القول وقال : هذا خطأ عند الحذاق من النحويين ، وفيه بطلان المعاني ، وتكون إلا وما بعدها مستغنى عن ذكرهما . والقول عندهم أن هذا استثناء ليس من الأول ، أي لكن الذين ظلموا منهم فإنهم يحتجون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج : أي عرفكم الله أمر الاحتجاج في القبلة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=148ولكل وجهة هو موليها لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا من ظلم باحتجاجه فيما قد وضح له ، كما تقول : ما لك علي حجة إلا الظلم أو إلا أن تظلمني ، أي ما لك حجة ألبتة ولكنك تظلمني ، فسمى ظلمه حجة لأن المحتج به سماه حجة وإن كانت داحضة . وقال
قطرب : يجوز أن يكون المعنى لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا على الذين ظلموا ، فالذين بدل من الكاف والميم في عليكم . وقالت فرقة : إلا الذين استثناء متصل ، روي معناه عن
ابن عباس وغيره ، واختاره
الطبري وقال : نفى الله أن يكون لأحد حجة على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في استقبالهم
الكعبة . والمعنى : لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة . حيث قالوا : ما ولاهم ، وتحير
محمد في دينه ، وما توجه إلى قبلتنا إلا أنا كنا أهدى منه ، وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن أو يهودي أو منافق . والحجة بمعنى المحاجة التي هي المخاصمة والمجادلة . وسماها الله حجة وحكم بفسادها حيث كانت من ظلمة . وقال
ابن عطية : وقيل إن الاستثناء منقطع ، وهذا على أن يكون المراد بالناس
اليهود ، ثم استثنى كفار
[ ص: 159 ] العرب ، كأنه قال : لكن الذين ظلموا يحاجونكم ، وقوله منهم يرد هذا التأويل . والمعنى لكن الذين ظلموا ، يعني
كفار قريش في قولهم : رجع
محمد إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا كله . ويدخل في ذلك كل من تكلم في النازلة من غير
اليهود . وقرأ
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي وابن زيد " ألا الذين ظلموا " بفتح الهمزة وتخفيف اللام على معنى استفتاح الكلام ، فيكون الذين ظلموا ابتداء ، أو على معنى الإغراء ، فيكون الذين منصوبا بفعل مقدر .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : فلا تخشوهم يريد الناس
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150واخشوني الخشية أصلها طمأنينة في القلب تبعث على التوقي . والخوف : فزع القلب تخف له الأعضاء ، ولخفة الأعضاء به سمي خوفا . ومعنى الآية التحقير لكل من سوى الله تعالى ، والأمر باطراح أمرهم ومراعاة أمر الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : ولأتم نعمتي عليكم معطوف على لئلا يكون أي ولأن أتم ، قاله
الأخفش . وقيل : مقطوع في موضع رفع بالابتداء والخبر مضمر ، التقدير : ولأتم نعمتي عليكم عرفتكم قبلتي ، قاله
الزجاج . وإتمام النعمة الهداية إلى القبلة ، وقيل : دخول الجنة . قال
سعيد بن جبير : ولم تتم نعمة الله على عبد حتى يدخله الجنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ولعلكم تهتدون تقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=149وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قِيلَ : هَذَا تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ
الْكَعْبَةِ وَاهْتِمَامٌ بِهَا لِأَنَّ مَوْقِعَ التَّحْوِيلِ كَانَ صَعْبًا فِي نُفُوسِهِمْ جِدًّا ، فَأَكَّدَ الْأَمْرَ لِيَرَى النَّاسُ الِاهْتِمَامَ بِهِ فَيَخِفُّ عَلَيْهِمْ وَتَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْأَوَّلِ : وَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْكَعْبَةِ ، أَيْ عَايِنْهَا إِذَا صَلَّيْتَ تِلْقَاءَهَا . ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ
بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ يَعْنِي وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْأَسْفَارِ ، فَكَانَ هَذَا أَمْرًا بِالتَّوَجُّهِ إِلَى
الْكَعْبَةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ مِنْ نَوَاحِي الْأَرْضِ .
قُلْتُ : هَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ مِنَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ فِيهِ حَمْلُ كُلِّ آيَةٍ عَلَى فَائِدَةٍ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837247كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَاحِلَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ . أَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ . وَذَهَبَ
مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ ، لِحَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837248كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ . قَالَ : وَفِيهِ نَزَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ .
قُلْتُ : وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ ; لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ ، فَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ [ ص: 158 ] أَوْلَى ، وَحَدِيثُ
أَنَسٍ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَيُرْوَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ مَا
nindex.php?page=treesubj&link=32626مَعْنَى تَكْرِيرِ الْقَصَصِ فِي الْقُرْآنِ ؟ فَقَالَ : عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ ، فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْقِصَّةُ مُكَرَّرَةً لَجَازَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ وَلَا تَكُونُ عِنْدَ بَعْضٍ ، فَكُرِّرَتْ لِتَكُونَ عِنْدَ مَنْ حَفِظَ الْبَعْضَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَالَ
مُجَاهِدٌ : هُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ . وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُمْ : رَاجَعْتَ قِبْلَتَنَا ، وَقَدْ أُجِيبُوا عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ . وَقِيلَ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ لِئَلَّا يَقُولُوا لَكُمْ : قَدْ أُمِرْتُمْ بِاسْتِقْبَالِ
الْكَعْبَةِ وَلَسْتُمْ تَرَوْنَهَا ، فَلَمَّا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ زَالَ هَذَا . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : إِنَّ " إِلَّا " هَا هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ ، أَيْ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ بِمَعْنَى الْوَاوِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقُ ] :
مَا بِالْمَدِينَةِ دَارٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ دَارُ الْخَلِيفَةِ إِلَّا دَارُ مَرْوَانَا
كَأَنَّهُ قَالَ : إِلَّا دَارُ الْخَلِيفَةِ وَدَارُ
مَرْوَانَ ، وَكَذَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا . وَأَبْطَلَ
الزَّجَّاجُ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ : هَذَا خَطَأٌ عِنْدَ الْحُذَّاقِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ ، وَفِيهِ بُطْلَانُ الْمَعَانِي ، وَتَكُونُ إِلَّا وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْرِهِمَا . وَالْقَوْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ ، أَيْ لَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ : أَيْ عَرَّفَكُمُ اللَّهُ أَمْرَ الِاحْتِجَاجِ فِي الْقِبْلَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=148وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ بِاحْتِجَاجِهِ فِيمَا قَدْ وَضَحَ لَهُ ، كَمَا تَقُولُ : مَا لَكَ عَلَيَّ حُجَّةٌ إِلَّا الظُّلْمَ أَوْ إِلَّا أَنْ تَظْلِمَنِي ، أَيْ مَا لَكَ حُجَّةٌ أَلْبَتَّةَ وَلَكِنَّكَ تَظْلِمُنِي ، فَسَمَّى ظُلْمَهُ حُجَّةً لِأَنَّ الْمُحْتَجَّ بِهِ سَمَّاهُ حُجَّةً وَإِنْ كَانَتْ دَاحِضَةً . وَقَالَ
قُطْرُبُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ، فَالَّذِينَ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي عَلَيْكُمْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : إِلَّا الَّذِينَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ ، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ
الطَّبَرِيُّ وَقَالَ : نَفَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ حُجَّةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي اسْتِقْبَالِهِمْ
الْكَعْبَةَ . وَالْمَعْنَى : لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْحُجَّةَ الدَّاحِضَةَ . حَيْثُ قَالُوا : مَا وَلَّاهُمْ ، وَتَحَيَّرَ
مُحَمَّدٌ فِي دِينِهِ ، وَمَا تَوَجَّهَ إِلَى قِبْلَتِنَا إِلَّا أَنَّا كُنَّا أَهْدَى مِنْهُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي لَمْ تَنْبَعِثْ إِلَّا مِنْ عَابِدِ وَثَنٍ أَوْ يَهُودِيٍّ أَوْ مُنَافِقٍ . وَالْحُجَّةُ بِمَعْنَى الْمُحَاجَّةِ الَّتِي هِيَ الْمُخَاصَمَةُ وَالْمُجَادَلَةُ . وَسَمَّاهَا اللَّهُ حُجَّةً وَحَكَمَ بِفَسَادِهَا حَيْثُ كَانَتْ مِنْ ظَلَمَةٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقِيلَ إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ ، وَهَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ
الْيَهُودَ ، ثُمَّ اسْتَثْنَى كُفَّارَ
[ ص: 159 ] الْعَرَبِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : لَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا يُحَاجُّونَكُمْ ، وَقَوْلُهُ مِنْهُمْ يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ . وَالْمَعْنَى لَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ، يَعْنِي
كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي قَوْلِهِمْ : رَجَعَ
مُحَمَّدٌ إِلَى قِبْلَتِنَا وَسَيَرْجِعُ إِلَى دِينِنَا كُلِّهِ . وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي النَّازِلَةِ مِنْ غَيْرِ
الْيَهُودِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ زَيْدٍ " أَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَى اسْتِفْتَاحِ الْكَلَامِ ، فَيَكُونُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ابْتِدَاءٌ ، أَوْ عَلَى مَعْنَى الْإِغْرَاءِ ، فَيَكُونُ الَّذِينَ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : فَلَا تَخْشَوْهُمْ يُرِيدُ النَّاسَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَاخْشَوْنِي الْخَشْيَةُ أَصْلُهَا طُمَأْنِينَةٌ فِي الْقَلْبِ تَبْعَثُ عَلَى التَّوَقِّي . وَالْخَوْفُ : فَزَعُ الْقَلْبِ تَخِفُّ لَهُ الْأَعْضَاءُ ، وَلِخِفَّةِ الْأَعْضَاءِ بِهِ سُمِّيَ خَوْفًا . وَمَعْنَى الْآيَةِ التَّحْقِيرُ لِكُلِّ مَنْ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْأَمْرُ بِاطِّرَاحِ أَمْرِهِمْ وَمُرَاعَاةِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى لِئَلَّا يَكُونَ أَيْ وَلِأَنْ أُتِمَّ ، قَالَهُ
الْأَخْفَشُ . وَقِيلَ : مَقْطُوعٌ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ ، التَّقْدِيرُ : وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ عَرَّفْتُكُمْ قِبْلَتِي ، قَالَهُ
الزَّجَّاجُ . وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ الْهِدَايَةُ إِلَى الْقِبْلَةِ ، وَقِيلَ : دُخُولُ الْجَنَّةِ . قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وَلَمْ تَتِمَّ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَى عَبْدٍ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ تَقَدَّمَ .