[ ص: 400 ] nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : ومنهم أي من الناس ، وهم المسلمون يطلبون خير الدنيا والآخرة ، واختلف في تأويل الحسنتين على أقوال عديدة ، فروي عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الحسناء ، وفي الآخرة الحور العين . " وقنا عذاب النار " : المرأة السوء .
قلت : وهذا فيه بعد ، ولا يصح عن
علي ; لأن النار حقيقة في النار المحرقة ، وعبارة المرأة عن النار تجوز ، وقال
قتادة : حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال ، وقال
الحسن :
nindex.php?page=treesubj&link=18467_29531حسنة الدنيا العلم والعبادة ، وقيل غير هذا . والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدنيا والآخرة ، وهذا هو الصحيح ، فإن اللفظ يقتضي هذا كله ، فإن " حسنة " نكرة في سياق الدعاء ، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل .
nindex.php?page=treesubj&link=28772وحسنة الآخرة : الجنة بإجماع . وقيل : لم يرد حسنة واحدة ، بل أراد : أعطنا في الدنيا عطية حسنة ، فحذف الاسم .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وقنا عذاب النار أصل " قنا " أوقنا حذفت الواو كما حذفت في يقي ويشي ; لأنها بين ياء وكسرة ، مثل يعد ، هذا قول البصريين ، وقال الكوفيون : حذفت فرقا بين اللازم والمتعدي . قال
محمد بن يزيد : هذا خطأ ; لأن العرب تقول ، ورم يرم ، فيحذفون الواو ، والمراد بالآية الدعاء في ألا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه الشفاعة ، ويحتمل أن يكون دعاء مؤكدا لطلب دخول الجنة ، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز من الطرفين ، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=861028قال أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أنا إنما أقول في دعائي : اللهم أدخلني الجنة وعافني من النار ، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولها ندندن خرجه
أبو داود في سننه
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه أيضا .
الثالثة : هذه الآية من
nindex.php?page=treesubj&link=32041جوامع الدعاء التي عمت الدنيا والآخرة . قيل
لأنس : ادع الله لنا ،
[ ص: 401 ] فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قالوا : زدنا . قال : ما تريدون قد سألت الدنيا والآخرة ! وفي الصحيحين عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=861029كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قال : فكان
أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها ، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه ، وفي حديث
عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=861030أنه كان يطوف بالبيت وهو يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . ما له هجيرى غيرها ، ذكره
أبو عبيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : بلغني أنه كان يأمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في الموقف هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . وقال
ابن عباس : إن عند
الركن ملكا قائما منذ خلق الله السماوات والأرض يقول آمين ، فقولوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار nindex.php?page=hadith&LINKID=861031وسئل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت ، فقال عطاء : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وكل به سبعون ملكا فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين . . . الحديث . خرجه
ابن ماجه في السنن ، وسيأتي بكماله مسندا في [ الحج ] إن شاء الله تعالى .
[ ص: 400 ] nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى : وَمِنْهُمْ أَيْ مِنَ النَّاسِ ، وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَطْلُبُونَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الْحَسَنَتَيْنِ عَلَى أَقْوَالٍ عَدِيدَةٍ ، فَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْحَسَنَةَ فِي الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ ، وَفِي الْآخِرَةِ الْحُورُ الْعِينُ . " وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " : الْمَرْأَةُ السُّوءُ .
قُلْتُ : وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ
عَلِيٍّ ; لِأَنَّ النَّارَ حَقِيقَةٌ فِي النَّارِ الْمُحْرِقَةِ ، وَعِبَارَةُ الْمَرْأَةِ عَنِ النَّارِ تَجَوُّزٌ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : حَسَنَةُ الدُّنْيَا الْعَافِيَةُ فِي الصِّحَّةِ وَكَفَافُ الْمَالِ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18467_29531حَسَنَةُ الدُّنْيَا الْعِلْمُ وَالْعِبَادَةُ ، وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا . وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَسَنَتَيْنِ نِعَمُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، فَإِنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي هَذَا كُلَّهُ ، فَإِنَّ " حَسَنَةً " نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الدُّعَاءِ ، فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِكُلِ حَسَنَةٍ مِنَ الْحَسَنَاتِ عَلَى الْبَدَلِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28772وَحَسَنَةُ الْآخِرَةِ : الْجَنَّةُ بِإِجْمَاعٍ . وَقِيلَ : لَمْ يُرِدْ حَسَنَةً وَاحِدَةً ، بَلْ أَرَادَ : أَعْطِنَا فِي الدُّنْيَا عَطِيَّةً حَسَنَةً ، فَحَذَفَ الِاسْمَ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أَصْلُ " قِنَا " أَوْقِنَا حُذِفَتِ الْوَاوُ كَمَا حُذِفَتْ فِي يَقِي وَيَشِي ; لِأَنَّهَا بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ ، مِثْلُ يَعِدُ ، هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ ، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : حُذِفَتْ فَرْقًا بَيْنَ اللَّازِمِ وَالْمُتَعَدِّي . قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ : هَذَا خَطَأٌ ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ ، وَرِمَ يَرِمُ ، فَيَحْذِفُونَ الْوَاوَ ، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الدُّعَاءُ فِي أَلَّا يَكُونَ الْمَرْءُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا بِمَعَاصِيهِ وَتُخْرِجُهُ الشَّفَاعَةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً مُؤَكَّدًا لِطَلَبِ دُخُولِ الْجَنَّةِ ، لِتَكُونَ الرَّغْبَةُ فِي مَعْنَى النَّجَاةِ وَالْفَوْزِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ ، كَمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=861028قَالَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا إِنَّمَا أَقُولُ فِي دُعَائِي : اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ وَعَافِنِي مِنَ النَّارِ ، وَلَا أَدْرِي مَا دَنْدَنَتُكَ وَلَا دَنْدَنَةُ مُعَاذٍ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ خَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا .
الثَّالِثَةُ : هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=32041جَوَامِعِ الدُّعَاءِ الَّتِي عَمَّتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ . قِيلَ
لِأَنَسٍ : ادْعُ اللَّهَ لَنَا ،
[ ص: 401 ] فَقَالَ : اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . قَالُوا : زِدْنَا . قَالَ : مَا تُرِيدُونَ قَدْ سَأَلْتُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ! وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=861029كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . قَالَ : فَكَانَ
أَنَسٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ ، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=861030أَنَّهُ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . مَا لَهُ هِجِّيرَى غَيْرَهَا ، ذَكَرَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ دُعَاءِ الْمُسْلِمِ فِي الْمَوْقِفِ هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ عِنْدَ
الرُّكْنِ مَلَكًا قَائِمًا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ يَقُولُ آمِينَ ، فَقُولُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ nindex.php?page=hadith&LINKID=861031وَسُئِلَ عَطَاءٌ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَقَالَ عَطَاءٌ : حَدَّثَنِي nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وُكِّلَ بِهِ سَبْعُونَ مَلَكًا فَمَنْ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قَالُوا آمِينَ . . . الْحَدِيثَ . خَرَّجَهُ
ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ ، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ مُسْنَدًا فِي [ الْحَجِّ ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .