قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون

قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أفغير دين الله يبغون قال الكلبي : إن كعب بن الأشرف وأصحابه [ ص: 120 ] اختصموا مع النصارى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أينا أحق بدين إبراهيم ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كلا الفريقين بريء من دينه ) . فقالوا : ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك ; فنزل nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أفغير دين الله يبغون يعني يطلبون . ونصبت غير بيبغون ، أي يبغون غير دين الله . وقرأ أبو عمرو وحده " يبغون " بالياء على الخبر " وإليه ترجعون " بالتاء على المخاطبة . قال : لأن الأول خاص والثاني عام ففرق بينهما لافتراقهما في المعنى . وقرأ حفص وغيره يبغون ، و ( يرجعون ) بالياء فيهما ; لقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فأولئك هم الفاسقون . وقرأ الباقون بالتاء فيهما على الخطاب ; لقوله nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81لما آتيتكم من كتاب وحكمة ، والله أعلم .

قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وله أسلم أي استسلم وانقاد وخضع وذل ، وكل مخلوق فهو منقاد مستسلم ; لأنه مجبول على ما لا يقدر أن يخرج عنه . قال قتادة : أسلم المؤمن طوعا والكافر عند موته كرها ولا ينفعه ذلك ; لقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا . قال مجاهد : إسلام الكافر كرها بسجوده لغير الله وسجود ظله لله ، nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال . وقيل : المعنى أن الله خلق الخلق على ما أراد منهم ; فمنهم الحسن والقبيح والطويل والقصير والصحيح والمريض وكلهم منقادون اضطرارا ، فالصحيح منقاد طائع محب لذلك ; والمريض منقاد خاضع وإن كان كارها . والطوع الانقياد والاتباع بسهولة . والكره ما كان بمشقة وإباء من النفس .

nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83طوعا وكرها مصدران في موضع الحال ، أي طائعين ومكرهين . وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها قال : الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبد القيس في الأرض . وقال عليه السلام : لا تسبوا أصحابي فإن أصحابي أسلموا من خوف الله وأسلم الناس من خوف السيف . وقال [ ص: 121 ] عكرمة : طوعا من أسلم من غير محاجة وكرها من اضطرته الحجة إلى التوحيد . يدل عليه قوله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=61ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله . قال الحسن : هو عموم معناه الخصوص . وعنه : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أسلم من في السماوات " وتم الكلام . ثم قال : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83والأرض طوعا وكرها " . قال : والكاره المنافق لا ينفعه عمله . و nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83طوعا وكرها مصدران في موضع الحال . عن مجاهد عن ابن عباس قال : إذا استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموسا فليقرأ في أذنها هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها إلى آخر الآية .

قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ

قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ قَالَ الْكَلْبِيُّ : إِنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابَهُ [ ص: 120 ] اخْتَصَمُوا مَعَ النَّصَارَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : أَيُّنَا أَحَقُّ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( كَلَا الْفَرِيقَيْنِ بَرِيءٌ مِنْ دِينِهِ ) . فَقَالُوا : مَا نَرْضَى بِقَضَائِكَ وَلَا نَأْخُذُ بِدِينِكَ ; فَنَزَلَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ يَعْنِي يَطْلُبُونَ . وَنُصِبَتْ غَيْرُ بِيَبْغُونَ ، أَيْ يَبْغُونَ غَيْرَ دِينِ اللَّهِ . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ " يَبْغُونَ " بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ " وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " بِالتَّاءِ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ . قَالَ : لِأَنَّ الْأَوَّلَ خَاصٌّ وَالثَّانِيَ عَامٌّ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى . وَقَرَأَ حَفْصٌ وَغَيْرُهُ يَبْغُونَ ، وَ ( يَرْجِعُونَ ) بِالْيَاءِ فِيهِمَا ; لِقَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ فِيهِمَا عَلَى الْخِطَابِ ; لِقَوْلِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَلَهُ أَسْلَمَ أَيِ اسْتَسْلَمَ وَانْقَادَ وَخَضَعَ وَذَلَّ ، وَكُلُّ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُنْقَادٌ مُسْتَسْلِمٌ ; لِأَنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ . قَالَ قَتَادَةُ : أَسْلَمَ الْمُؤْمِنُ طَوْعًا وَالْكَافِرُ عِنْدَ مَوْتِهِ كَرْهًا وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ ; لِقَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا . قَالَ مُجَاهِدٌ : إِسْلَامُ الْكَافِرِ كَرْهًا بِسُجُودِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَسُجُودِ ظِلِّهِ لِلَّهِ ، nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْهُمْ ; فَمِنْهُمُ الْحَسَنُ وَالْقَبِيحُ وَالطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ وَالصَّحِيحُ وَالْمَرِيضُ وَكُلُّهُمْ مُنْقَادُونَ اضْطِرَارًا ، فَالصَّحِيحُ مُنْقَادٌ طَائِعٌ مُحِبٌّ لِذَلِكَ ; وَالْمَرِيضُ مُنْقَادٌ خَاضِعٌ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا . وَالطَّوْعُ الِانْقِيَادُ وَالِاتِّبَاعُ بِسُهُولَةٍ . وَالْكُرْهُ مَا كَانَ بِمَشَقَّةٍ وَإِبَاءٍ مِنَ النَّفْسِ .

nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83طَوْعًا وَكَرْهًا مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ طَائِعِينَ وَمُكْرَهِينَ . وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا قَالَ : الْمَلَائِكَةُ أَطَاعُوهُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَنْصَارُ وَعَبْدُ الْقَيْسِ فِي الْأَرْضِ . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَإِنَّ أَصْحَابِي أَسْلَمُوا مِنْ خَوْفِ اللَّهِ وَأَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ خَوْفِ السَّيْفِ . وَقَالَ [ ص: 121 ] عِكْرِمَةُ : طَوْعًا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ غَيْرِ مُحَاجَّةٍ وَكَرْهًا مَنِ اضْطَرَّتْهُ الْحُجَّةُ إِلَى التَّوْحِيدِ . يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=61وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ . قَالَ الْحَسَنُ : هُوَ عُمُومٌ مَعْنَاهُ الْخُصُوصُ . وَعَنْهُ : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ " وَتَمَّ الْكَلَامُ . ثُمَّ قَالَ : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا " . قَالَ : وَالْكَارِهُ الْمُنَافِقُ لَا يَنْفَعُهُ عَمَلُهُ . وَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83طَوْعًا وَكَرْهًا مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ . عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِذَا اسْتَصْعَبَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ أَوْ كَانَتْ شَمُوسًا فَلْيَقْرَأْ فِي أُذُنِهَا هَذِهِ الْآيَةَ : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .