( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ( 71 ) قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ( 72 ) ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 73 ) ) .
[ ص: 252 ] يقول تعالى ممتنا على عباده بما سخر لهم من الليل والنهار ، اللذين لا قوام لهم بدونهما . وبين أنه لو جعل الليل دائما عليهم سرمدا إلى يوم القيامة ، لأضر ذلك بهم ، ولسئمته النفوس وانحصرت منه ، ولهذا قال تعالى : ( من إله غير الله يأتيكم بضياء ) أي : تبصرون به وتستأنسون بسببه ، ( أفلا تسمعون ) .
ثم أخبر أنه لو جعل النهار سرمدا دائما مستمرا إلى يوم القيامة ، لأضر ذلك بهم ، ولتعبت الأبدان وكلت من كثرة الحركات والأشغال ; ولهذا قال : ( من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه ) أي : تستريحون من حركاتكم وأشغالكم . ( أفلا تبصرون . ومن رحمته ) أي : بكم ( جعل لكم الليل والنهار ) أي : خلق هذا وهذا ( لتسكنوا فيه ) أي : في الليل ، ( ولتبتغوا من فضله ) أي : في النهار بالأسفار والترحال ، والحركات والأشغال ، وهذا من باب اللف والنشر .
وقوله : ( ولعلكم تشكرون ) أي : تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار ، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار ، أو بالنهار استدركه بالليل ، كما قال تعالى : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ) [ الفرقان : 62 ] . والآيات في هذا كثيرة .