( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون    ( 4 ) ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم   ( 5 ) ) 
ثم إنه تعالى ذم الذين ينادونه من وراء الحجرات ، وهي بيوت نسائه ، كما يصنع أجلاف الأعراب ، فقال : ( أكثرهم لا يعقلون   ) 
ثم أرشد إلى الأدب في ذلك فقال : ( ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم   ) أي :  [ ص: 369 ] لكان لهم في ذلك الخيرة والمصلحة في الدنيا والآخرة . 
ثم قال داعيا لهم إلى التوبة والإنابة : ( والله غفور رحيم   ) 
وقد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي  ، فيما أورده غير واحد ، قال  الإمام أحمد   : حدثنا عفان  ، حدثنا وهيب  ، حدثنا  موسى بن عقبة  ، عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن  ، عن الأقرع بن حابس ;  أنه نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحجرات ، فقال : يا محمد ،  يا محمد  وفي رواية : يا رسول الله - فلم يجبه . فقال : يا رسول الله ، إن حمدي لزين ، وإن ذمي لشين ، فقال : " ذاك الله عز وجل "  . 
وقال ابن جرير   : حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي  ، حدثنا الفضل بن موسى  ، عن الحسين بن واقد  ، عن أبي إسحاق  ، عن البراء  في قوله : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات   ) قال : جاء رجل رسول الله فقال : يا محمد ،  إن حمدي زين ، وذمي شين . فقال : " ذاك الله عز وجل "  . 
وهكذا ذكره  الحسن البصري  ، وقتادة  مرسلا . 
وقال  سفيان الثوري  ، عن حبيب بن أبي عمرة  قال : كان بشر بن غالب  ولبيد بن عطارد   - أو بشر بن عطارد  ولبيد بن غالب   - وهما عند الحجاج  جالسان - فقال بشر بن غالب  للبيد بن عطارد   : نزلت في قومك بني تميم   : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات   ) قال : فذكرت ذلك  لسعيد بن جبير  فقال : أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه : ( يمنون عليك أن أسلموا   ) [ الحجرات : 17 ] ، قالوا : أسلمنا ، ولم يقاتلك بنو أسد   . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي الباهلي  ، حدثنا المعتمر بن سليمان   : سمعت داود الطفاوي  يحدث عن أبي مسلم البجلي  ، عن  زيد بن أرقم  قال : اجتمع أناس من العرب فقالوا : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به ، وإن يك ملكا نعش بجناحه . قال : فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما قالوا ، فجاءوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد ،  يا محمد   . فأنزل الله [ عز وجل ] : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون   ) قال : فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذني فمدها ، فجعل يقول : " لقد صدق الله قولك يا زيد  ، لقد صدق الله قولك يا زيد   " . 
 [ ص: 370 ] ورواه ابن جرير  ، عن الحسن بن عرفة  ، عن المعتمر بن سليمان  ، به . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					