[ ص: 451 ]  ( قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون    ( 139 ) أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون   ( 140 ) تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون   ( 141 ) ) 
يقول الله تعالى مرشدا نبيه صلوات الله وسلامه عليه إلى درء مجادلة المشركين : ( قل أتحاجوننا في الله   ) أي : أتناظروننا في توحيد الله والإخلاص له والانقياد ، واتباع أوامره وترك زواجره ( وهو ربنا وربكم   ) المتصرف فينا وفيكم ، المستحق لإخلاص الإلهية له وحده لا شريك له ! ( ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم   ) أي : نحن برآء منكم ، وأنتم برآء منا ، كما قال في الآية الأخرى : ( وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون   ) [ يونس : 41 ] وقال تعالى : ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد   ) [ آل عمران : 20 ] وقال تعالى إخبارا عن إبراهيم ( وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون   ) [ الأنعام : 80 ] وقال ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه   ) الآية [ البقرة : 258 ] . 
وقال في هذه الآية الكريمة : (  [ ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ] ونحن له مخلصون   ) أي : نحن برآء منكم كما أنتم برآء منا ، ونحن له مخلصون ، أي في العبادة والتوجه . 
ثم أنكر تعالى عليهم ، في دعواهم أن إبراهيم  ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط كانوا على ملتهم ، إما اليهودية وإما النصرانية  فقال : ( قل أأنتم أعلم أم الله   ) يعني : بل الله أعلم ، وقد أخبر أنهم لم يكونوا هودا ولا نصارى ، كما قال تعالى : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين   ) الآية والتي بعدها [ آل عمران : 67 ، 68 ] . 
وقوله : ( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله   ) قال  الحسن البصري   : كانوا يقرؤون في كتاب الله الذي أتاهم : إن الدين [ عند الله ] الإسلام  ، وإن محمدا  رسول الله ، وإن إبراهيم  وإسماعيل  وإسحاق  ويعقوب  والأسباط كانوا برآء من اليهودية والنصرانية ، فشهد الله بذلك ، وأقروا به على أنفسهم لله ، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك  . 
 [ ص: 452 ] 
وقوله : ( وما الله بغافل عما تعملون   ) [ فيه ] تهديد ووعيد شديد ، أي : [ أن ] علمه محيط بعملكم ، وسيجزيكم عليه . 
ثم قال تعالى : ( تلك أمة قد خلت   ) أي : قد مضت ( لها ما كسبت ولكم ما كسبتم   ) أي : لهم أعمالهم ولكم أعمالكم ( ولا تسألون عما كانوا يعملون   ) وليس يغني عنكم انتسابكم إليهم ، من غير متابعة منكم لهم ، ولا تغتروا بمجرد النسبة إليهم حتى تكونوا مثلهم منقادين لأوامر الله واتباع رسله ، الذين بعثوا مبشرين ومنذرين ، فإنه من كفر بنبي واحد فقد كفر بسائر الرسل ، ولا سيما من كفر بسيد الأنبياء ، وخاتم المرسلين ورسول رب العالمين إلى جميع الإنس والجن من سائر المكلفين ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله أجمعين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					