( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد    ( 12 ) وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب   ( 13 ) إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب   ( 14 ) وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق   ( 15 ) وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب   ( 16 ) اصبر على ما يقولون   ( 17 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء القرون الماضية ، وما حل بهم من العذاب والنكال والنقمات في مخالفة الرسل وتكذيب الأنبياء وقد تقدمت قصصهم مبسوطة في أماكن متعددة . 
وقوله : ( أولئك الأحزاب   ) أي : كانوا أكثر منكم وأشد قوة وأكثر أموالا وأولادا فما دافع ذلك عنهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك ولهذا قال : ( إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب   ) فجعل علة هلاكهم هو تكذيبهم بالرسل فليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر . 
وقوله : ( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق   ) قال مالك  عن  زيد بن أسلم   : أي ليس لها مثنوية أي : ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها أي : فقد اقتربت ودنت وأزفت وهذه الصيحة هي نفخة الفزع التي يأمر الله إسرافيل أن يطولها ، فلا يبقى أحد من أهل السماوات والأرض إلا فزع إلا من استثنى الله - عز وجل - . 
وقوله : ( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب    ) هذا إنكار من الله على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب ، فإن القط هو الكتاب وقيل : هو الحظ والنصيب . 
قال ابن عباس  ومجاهد  والضحاك  والحسن  وغير واحد : سألوا تعجيل العذاب - زاد قتادة  كما قالوا : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم   ) [ الأنفال : 32 ] 
 [ ص: 57 ] 
وقيل : سألوا تعجيل نصيبهم من الجنة إن كانت موجودة أن يلقوا ذاك في الدنيا . وإنما خرج هذا منهم مخرج الاستبعاد والتكذيب . 
وقال ابن جرير   : سألوا تعجيل ما يستحقونه من الخير أو الشر في الدنيا وهذا الذي قاله جيد ، وعليه يدور كلام الضحاك   وإسماعيل بن أبي خالد  والله أعلم . 
ولما كان هذا الكلام منهم على وجه الاستهزاء والاستبعاد قال الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - آمرا له بالصبر على أذاهم ومبشرا له على صبره بالعاقبة والنصر والظفر . 
				
						
						
