[ ص: 521 ] ) لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ( 188 ) )
قال علي ابن أبي طلحة ، وعن ابن عباس : هذا في ، وهو يعرف أن الحق عليه ، وهو يعلم أنه آثم آكل حرام . الرجل يكون عليه مال ، وليس عليه فيه بينة ، فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام
وكذا روي عن مجاهد ، ، وسعيد بن جبير وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومقاتل بن حيان ، أنهم قالوا : لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم . وقد ورد في الصحيحين عن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : . فدلت هذه الآية الكريمة ، وهذا الحديث على أن حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر ، فلا يحل في نفس الأمر حراما هو حرام ، ولا يحرم حلالا هو حلال ، وإنما هو يلزم في الظاهر ، فإن طابق في نفس الأمر فذاك ، وإلا فللحاكم أجره وعلى المحتال وزره ; ولهذا قال تعالى : ( " ألا إنما أنا بشر ، وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له ، فمن قضيت له بحق مسلم ، فإنما هي قطعة من نار ، فليحملها ، أو ليذرها " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا ) [ أي : طائفة ] ( من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) أي : تعلمون بطلان ما تدعونه وتروجون في كلامكم .
قال قتادة : اعلم يا ابن آدم أن وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى ويشهد به الشهود ، والقاضي بشر يخطئ ويصيب ، واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة ، فيقضي على المبطل للمحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا . قضاء القاضي لا يحل لك حراما ، ولا يحق لك باطلا
وقال أبو حنيفة : حكم الحاكم بطلاق الزوجة إذا شهد عنده شاهدا زور في نفس الأمر ، ولكنهما عدلان عنده يحلها للأزواج حتى للشاهدين ويحرمها على زوجها الذي حكم بطلاقها منه ، وقالوا : هذا كلعان المرأة ، إنه يبينها من زوجها ويحرمها عليه ، وإن كانت كاذبة في نفس الأمر ، ولو علم الحاكم بكذبها لحدها ولما حرمها وهذا أولى .
مسألة : قال القرطبي : ، وقال أجمع أهل السنة على أن من أكل مالا حراما ولو ما يصدق عليه اسم المال أنه يفسق بشر بن المعتمر في طائفة من المعتزلة : لا يفسق إلا بأكل مائتي درهم فما زاد ، ولا يفسق بما دون ذلك ، وقال الجبائي : يفسق بأكل درهم فما فوقه إلا بما دونه .