[ ص: 82 ] تفسير سورة الممتحنة وهي مدنية .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29031يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=3لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير ( 3 ) )
كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة
nindex.php?page=treesubj&link=32351_30883_33983قصة nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة ، وذلك أن حاطبا هذا كان رجلا من المهاجرين ، وكان من أهل
بدر أيضا ، وكان له
بمكة أولاد ومال ، ولم يكن من قريش أنفسهم ، بل كان حليفا
لعثمان . فلما عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح
مكة لما نقض أهلها العهد ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بالتجهيز لغزوهم ، وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823051اللهم ، عم عليهم خبرنا " . فعمد
حاطب هذا فكتب كتابا ، وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل
مكة ، يعلمهم بما عزم عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوهم ، ليتخذ بذلك عندهم يدا ، فأطلع الله رسوله على ذلك استجابة لدعائه . فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتاب منها ، وهذا بين في هذا الحديث المتفق على صحته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
سفيان ، عن
عمرو ، أخبرني
حسن بن محمد بن علي ، أخبرني
عبيد الله بن أبي رافع - وقال مرة :
إن عبيد الله بن أبي رافع أخبره : أنه سمع
عليا رضي الله عنه ، يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823052بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا ، والزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد فقال : " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها " . فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة ، فإذا نحن بالظعينة ، قلنا : أخرجي الكتاب . قالت : ما معي كتاب . قلنا : لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب . قال : فأخرجت الكتاب من عقاصها ، فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه : من nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة [ ص: 83 ] إلى ناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا حاطب ، ما هذا ؟ " . قال : لا تعجل علي ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، ولم أكن من أنفسهم ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه صدقكم " . فقال عمر : دعني أضرب عنق هذا المنافق . فقال : " إنه قد شهد بدرا ما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " .
وهكذا أخرجه الجماعة إلا
ابن ماجه ، من غير وجه ، عن
سفيان بن عيينة به . . وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب " المغازي " : فأنزل الله السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) . وقال في كتاب التفسير : قال
عمرو : ونزلت فيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) قال : " لا أدري الآية في الحديث أو قال عمرو " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي - يعني : ابن المديني - : قيل
لسفيان في هذا : نزلت (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) ؟ فقال
سفيان : هذا في حديث الناس ، حفظته من
عمرو ما تركت منه حرفا ، وما أرى أحدا حفظه غيري .
وقد أخرجاه في الصحيحين من حديث
حصين بن عبد الرحمن ، عن
سعد بن عبيدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي ، عن
علي قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأبا مرثد nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام ، وكلنا فارس ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823053انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب إلى المشركين : فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : الكتاب ؟ فقالت : ما معي كتاب . فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا ، فقلنا : ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ! لتخرجن الكتاب أو لنجردنك . فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته . فانطلقنا بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر : يا رسول الله ، قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضرب عنقه . فقال : " ما حملك على ما صنعت ؟ " . قال : والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله ، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي ، وليس أحد من أصحابك إلا له هنالك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله . فقال : " صدق ، لا تقولوا له إلا خيرا " . فقال عمر : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضرب عنقه . فقال : " أليس من أهل بدر ؟ " فقال : " لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة - أو : [ ص: 84 ] قد غفرت لكم " . فدمعت عينا عمر ، وقال : الله ورسوله أعلم .
هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " المغازي " في غزوة
بدر وقد روي من وجه آخر عن
علي قال
ابن أبي حاتم :
حدثنا
علي بن الحسن الهسنجاني ، حدثنا
عبيد بن يعيش ، حدثنا
إسحاق بن سليمان الرازي ، عن
أبي سنان - هو سعيد بن سنان ، - عن
عمرو بن مرة الجملي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11827أبي البختري الطائي ، عن
الحارث عن
علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826873لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي مكة أسر إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة ، فيهم nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة وأفشى في الناس أنه يريد خيبر . قال : فكتب nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدكم . فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا مرثد ، وليس منا رجل إلا وعنده فرس ، فقال : " ائتوا روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب ، فخذوه منها " . فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقلنا لها : هات الكتاب . فقالت : ما معي كتاب . فوضعنا متاعها وفتشناها فلم نجده في متاعها ، فقال أبو مرثد : لعله ألا يكون معها . فقلت : ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كذبنا . فقلنا لها : لتخرجنه أو لنعرينك . فقالت : أما تتقون الله ؟ ! ألستم مسلمين ؟ فقلنا : لتخرجنه أو لنعرينك . قال عمرو بن مرة : فأخرجته من حجزتها . وقال حبيب بن أبي ثابت : أخرجته من قبلها . فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا الكتاب من nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة . فقام عمر فقال : يا رسول الله ، خان الله ورسوله ، فائذن لي فلأضرب عنقه . فقال رسول الله : " أليس قد شهد بدرا ؟ " . قالوا : بلى . وقال عمر : بلى ، ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فلعل الله اطلع إلى nindex.php?page=treesubj&link=30790أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، إني بما تعملون بصير " . ففاضت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم . فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فقال : " يا حاطب ، ما حملك على ما صنعت ؟ " . فقال : يا رسول الله ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، وكان لي بها مال وأهل ، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله ، فكتبت إليهم بذلك ووالله - يا رسول الله - إني لمؤمن بالله ورسوله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صدق حاطب ، فلا تقولوا لحاطب إلا خيرا " . قال حبيب بن أبي ثابت : فأنزل الله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) الآية .
وهكذا رواه
ابن جرير ، عن
ابن حميد ، عن
مهران ، عن
أبي سنان - سعيد بن سنان - بإسناده مثله . وقد ذكر ذلك أصحاب المغازي والسير ، فقال
محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة .
حدثني
محمد بن جعفر بن الزبير ، عن
عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826874لما أجمع رسول [ ص: 85 ] الله - صلى الله عليه وسلم - المسير إلى مكة ، كتب nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمر في السير إليهم ، ثم أعطاه امرأة - زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم غيره أنها : سارة مولاة لبني عبد المطلب - وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ، ثم فتلت عليه قرونها ، ثم خرجت به . وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما صنع حاطب ، فبعث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام ، فقال : " أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش ، يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم " .
فخرجا حتى أدركاها بالخليفة - خليفة بني أبي أحمد - فاستنزلاها بالخليفة ، فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا ، فقال لها nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : إني أحلف بالله ما كذب رسول الله وما كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك . فلما رأت الجد منه قالت : أعرض . فأعرض ، فحلت قرون رأسها ، فاستخرجت الكتاب منها ، فدفعته إليه . فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا رسول الله حاطبا فقال : " يا حاطب ما حملك على هذا ؟ " . فقال : يا رسول الله ، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة ، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، دعني فلأضرب عنقه ، فإن الرجل قد نافق . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما يدريك يا عمر ! لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم " . فأنزل الله ، عز وجل ، في حاطب : ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) إلى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) [ الممتحنة : 4 ] إلى آخر القصة .
وروى
معمر ، عن
الزهري ، عن
عروة نحو ذلك . وهكذا ذكر
مقاتل بن حيان : أن هذه الآيات نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة : أنه بعث
سارة مولاة بني هاشم ، وأنه أعطاها عشرة دراهم ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث في أثرها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، فأدركاها
بالجحفة . . . وذكر تمام القصة كنحو ما تقدم . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قريبا منه . وهكذا قال
العوفي ، عن
ابن عباس ،
ومجاهد ،
وقتادة ، وغير واحد : أن هذه الآيات نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة .
فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) يعني : المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ولرسوله وللمؤمنين ، الذين شرع الله عداوتهم ومصارمتهم ، ونهى أن يتخذوا أولياء ، وأصدقاء ، وأخلاء ، كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) [ المائدة : 51 ] .
[ ص: 86 ] وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) [ المائدة : 57 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=144يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) [ النساء : 144 ] . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه ) [ آل عمران : 28 ] ; ولهذا قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عذر
حاطب لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة
لقريش ، لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد .
ويذكر ها هنا الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
مصعب بن سلام ، حدثنا
الأجلح ، عن
قيس بن أبي مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15883ربعي بن حراش ، سمعت
حذيفة يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823054ضرب لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمثالا : واحدا ، وثلاثة ، وخمسة ، وسبعة ، وتسعة ، وأحد عشر - قال : فضرب لنا منها مثلا وترك سائرها ، قال : " إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة ، قاتلهم أهل تجبر وعداء ، فأظهر الله أهل الضعف عليهم ، فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم ، فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه " .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يخرجون الرسول وإياكم ) هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم وعدم موالاتهم ، لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1أن تؤمنوا بالله ربكم ) أي : لم يكن لكم عندهم ذنب إلا إيمانكم بالله رب العالمين ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=8وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) [ البروج : 8 ] ، وكقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) [ الحج : 40 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ) أي : إن كنتم كذلك فلا تتخذوهم أولياء ، إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي باغين لمرضاتي عنكم فلا توالوا أعدائي وأعداءكم ، وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم حنقا عليكم وسخطا لدينكم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) أي : تفعلون ذلك وأنا العالم بالسرائر والضمائر والظواهر (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ) أي : لو قدروا عليكم لما اتقوا فيكم من أذى ينالونكم به بالمقال والفعال . (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2وودوا لو تكفرون ) أي : ويحرصون على ألا تنالوا خيرا ، فهم عداوتهم لكم كامنة وظاهرة ، فكيف توالون مثل هؤلاء ؟ وهذا تهييج على عداوتهم أيضا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=3لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير ) أي : قراباتكم لا تنفعكم عند الله إذا أراد الله بكم سوءا ، ونفعهم لا يصل إليكم إذا أرضيتموهم بما
[ ص: 87 ] يسخط الله ، ومن وافق أهله على الكفر ليرضيهم فقد خاب وخسر وضل عمله ، ولا ينفعه عند الله قرابته من أحد ، ولو كان قريبا إلى نبي من الأنبياء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
عفان ، حدثنا
حماد ، عن
ثابت ، عن
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=823055أن رجلا قال : يا رسول الله : أين أبي ؟ قال : " في النار " فلما قفى دعاه فقال : " إن أبي وأباك في النار " .
ورواه
مسلم ،
وأبو داود ، من حديث
حماد بن سلمة به .
[ ص: 82 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29031يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=3لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 3 ) )
كَانَ سَبَبُ نُزُولِ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=32351_30883_33983قِصَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ ، وَذَلِكَ أَنَّ حَاطِبًا هَذَا كَانَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ
بَدْرٍ أَيْضًا ، وَكَانَ لَهُ
بِمَكَّةَ أَوْلَادٌ وَمَالٌ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْفُسِهِمْ ، بَلْ كَانَ حَلِيفًا
لِعُثْمَانَ . فَلَمَّا عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فَتْحِ
مَكَّةَ لَمَّا نَقَضَ أَهْلُهَا الْعَهْدَ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ بِالتَّجْهِيزِ لِغَزْوِهِمْ ، وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823051اللَّهُمَّ ، عَمِّ عَلَيْهِمْ خَبَرَنَا " . فَعَمَدَ
حَاطِبٌ هَذَا فَكَتَبَ كِتَابًا ، وَبَعَثَهُ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَهْلِ
مَكَّةَ ، يُعْلِمُهُمْ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوِهِمْ ، لِيَتَّخِذَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ يَدًا ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِجَابَةً لِدُعَائِهِ . فَبَعَثَ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ فَأَخَذَ الْكِتَابَ مِنْهَا ، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
عَمْرٌو ، أَخْبَرَنِي
حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ - وَقَالَ مُرَّةُ :
إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ سَمِعَ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823052بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا ، وَالزُّبَيْرَ ، nindex.php?page=showalam&ids=53وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ : " انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ ، فَخُذُوهُ مِنْهَا " . فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ ، قُلْنَا : أَخْرِجِي الْكِتَابَ . قَالَتْ : مَا مَعِي كِتَابٌ . قُلْنَا : لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ . قَالَ : فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عِقَاصِهَا ، فَأَخَذْنَا الْكِتَابَ فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا فِيهِ : مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ [ ص: 83 ] إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " يَا حَاطِبُ ، مَا هَذَا ؟ " . قَالَ : لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي ، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّهُ صَدَقَكُمْ " . فَقَالَ عُمَرُ : دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ . فَقَالَ : " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " .
وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا
ابْنَ مَاجَهْ ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ . . وَزَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ " الْمَغَازِي " : فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) . وَقَالَ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ : قَالَ
عَمْرٌو : وَنَزَلَتْ فِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) قَالَ : " لَا أَدْرِي الْآيَةَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَالَ عَمْرٌو " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيٌّ - يَعْنِي : ابْنَ الْمَدِينِيِّ - : قِيلَ
لِسُفْيَانَ فِي هَذَا : نَزَلَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) ؟ فَقَالَ
سُفْيَانُ : هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ ، حَفِظْتُهُ مِنْ
عَمْرٍو مَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا ، وَمَا أَرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِي .
وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَبَا مَرْثَدٍ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823053انْطَلَقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ : فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا : الْكِتَابَ ؟ فَقَالَتْ : مَا مَعِي كِتَابٌ . فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا ، فَقُلْنَا : مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ! لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِدَنَّكِ . فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحتَجِزةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ . فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، فَدَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ . فَقَالَ : " مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ " . قَالَ : وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا لَهُ هُنَالِكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ . فَقَالَ : " صَدَقَ ، لَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا " . فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، فَدَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ . فَقَالَ : " أَلَيْسَ مَنْ أَهْلِ بَدْرٍ ؟ " فَقَالَ : " لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ - أَوْ : [ ص: 84 ] قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " . فدَمِعَتْ عَيْنَا عُمَرَ ، وَقَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
هَذَا لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ فِي " الْمَغَازِي " فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ :
حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِسِنْجَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ - هُوَ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، - عَنْ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11827أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ ، عَنِ
الْحَارِثِ عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826873لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ أَسَرَّ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ مَكَّةَ ، فِيهِمْ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَأَفْشَى فِي النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ خَيْبَرَ . قَالَ : فَكَتَبَ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُكُمْ . فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : فَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا مَرْثَدٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَعِنْدَهُ فَرَسٌ ، فَقَالَ : " ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بِهَا امْرَأَةً مَعَهَا كِتَابٌ ، فَخُذُوهُ مِنْهَا " . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى رَأَيْنَاهَا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَقُلْنَا لَهَا : هَاتِ الْكِتَابَ . فَقَالَتْ : مَا مَعِي كِتَابٌ . فَوَضَعْنَا مَتَاعَهَا وَفَتَّشْنَاهَا فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَتَاعِهَا ، فَقَالَ أَبُو مَرْثَدٍ : لَعَلَّهُ أَلَّا يَكُونَ مَعَهَا . فَقُلْتُ : مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا كَذَبْنَا . فَقُلْنَا لَهَا : لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَنُعَرِّيَنَّكِ . فَقَالَتْ : أَمَا تَتَّقُونَ اللَّهَ ؟ ! أَلَسْتُمْ مُسْلِمِينَ ؟ فَقُلْنَا : لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَنُعَرِّيَنَّكِ . قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ : فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتِهَا . وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ : أَخْرَجَتْهُ مِنْ قُبُلِهَا . فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا الْكِتَابُ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ . فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَائْذَنْ لِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ؟ " . قَالُوا : بَلَى . وَقَالَ عُمَرُ : بَلَى ، وَلَكِنَّهُ قَدْ نَكَثَ وَظَاهَرَ أَعْدَاءَكَ عَلَيْكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " فَلَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى nindex.php?page=treesubj&link=30790أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " . فَفَاضَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى حَاطِبٍ فَقَالَ : " يَا حَاطِبُ ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ " . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ، وَكَانَ لِي بِهَا مَالٌ وَأَهْلٌ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَمْنَعُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَوَاللَّهِ - يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " صَدَقَ حَاطِبٌ ، فَلَا تَقُولُوا لِحَاطِبٍ إِلَّا خَيْرًا " . قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) الْآيَةَ .
وَهَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنِ
ابْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ
مِهْرَانَ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ - سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ - بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ ، فَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي السِّيرَةِ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826874لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ [ ص: 85 ] اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ ، كَتَبَ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كِتَابًا إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَمْرِ فِي السَّيْرِ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ أَعْطَاهُ امْرَأَةً - زَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّهَا مِنْ مُزَيْنَةَ وَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهَا : سَارَةُ مَوْلَاةٌ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تُبَلِّغَهُ قُرَيْشًا فَجَعَلَتْهُ فِي رَأْسِهَا ، ثُمَّ فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونَهَا ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ . وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ بِمَا صَنَعَ حَاطِبٌ ، فَبَعَثَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، فَقَالَ : " أَدْرِكَا امْرَأَةً قَدْ كَتَبَ مَعَهَا حَاطِبٌ بِكِتَابٍ إِلَى قُرَيْشٍ ، يُحَذِّرُهُمْ مَا قَدْ أَجْمَعْنَا لَهُ مِنْ أَمْرِهِمْ " .
فَخَرَجَا حَتَّى أَدْرَكَاهَا بالْخُلَيْفَةِ - خُلَيْفَةِ بَنِي أَبِي أَحْمَدَ - فَاسْتَنْزَلَاهَا بِالْخُلَيْفَةِ ، فَالْتَمَسَا فِي رَحْلِهَا فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إِنِّي أَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ وَمَا كَذَبْنَا وَلَتُخْرِجِنَّ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ أَوْ لَنُكَشِّفَنَّكِ . فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنْهُ قَالَتْ : أَعْرِضْ . فَأَعْرَضَ ، فَحَلَّتْ قُرُونَ رَأْسِهَا ، فَاسْتَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْهَا ، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ . فَأَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ حَاطِبًا فَقَالَ : " يَا حَاطِبُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا ؟ " . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا غَيَّرْتُ وَلَا بَدَّلْتُ ، وَلَكِنِّي كُنْتُ امْرَأً لَيْسَ لِي فِي الْقَوْمِ مِنْ أَهْلٍ وَلَا عَشِيرَةٍ ، وَكَانَ لِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلَدٌ وَأَهْلٌ فَصَانَعْتُهُمْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ نَافَقَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ ! لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَصْحَابِ بَدْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " . فَأَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِي حَاطِبٍ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) [ الْمُمْتَحَنَةِ : 4 ] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ .
وَرَوَى
مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُرْوَةَ نَحْوَ ذَلِكَ . وَهَكَذَا ذَكَرَ
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ : أَنَّهُ بَعَثَ
سَارَةَ مَوْلَاةَ بَنِي هَاشِمٍ ، وَأَنَّهُ أَعْطَاهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ فِي أَثَرِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَأَدْرَكَاهَا
بِالْجُحْفَةِ . . . وَذَكَرَ تَمَامَ الْقِصَّةِ كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَرِيبًا مِنْهُ . وَهَكَذَا قَالَ
الْعَوْفِيُّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَقَتَادَةَ ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) يَعْنِي : الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارَ الَّذِينَ هُمْ مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِينَ شَرَعَ اللَّهُ عَدَاوَتَهُمْ وَمُصَارَمَتَهُمْ ، وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذُوا أَوْلِيَاءَ ، وَأَصْدِقَاءَ ، وَأَخِلَّاءَ ، كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) [ الْمَائِدَةِ : 51 ] .
[ ص: 86 ] وَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 57 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=144يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ) [ النِّسَاءِ : 144 ] . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 28 ] ; وَلِهَذَا قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُذْرَ
حَاطِبٍ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مُصَانَعَةً
لِقُرَيْشٍ ، لِأَجْلِ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ .
وَيُذْكَرُ هَا هُنَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ ، حَدَّثَنَا
الْأَجْلَحُ ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15883رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، سَمِعْتُ
حُذَيْفَةَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823054ضَرَبَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْثَالًا : وَاحِدًا ، وَثَلَاثَةً ، وَخَمْسَةً ، وَسَبْعَةً ، وَتِسْعَةً ، وَأَحَدَ عَشَرَ - قَالَ : فَضَرَبَ لَنَا مِنْهَا مَثَلًا وَتَرَكَ سَائِرَهَا ، قَالَ : " إِنَّ قَوْمًا كَانُوا أَهْلَ ضَعْفٍ وَمَسْكَنَةٍ ، قَاتَلَهُمْ أَهْلُ تَجَبُّرٍ وَعَدَاءٍ ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ أَهْلَ الضَّعْفِ عَلَيْهِمْ ، فَعَمَدُوا إِلَى عَدُوِّهِمْ فَاسْتَعْمَلُوهُمْ وَسَلَّطُوهُمْ ، فَأَسْخَطُوا اللَّهَ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ " .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ) هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنَ التَّهْيِيجِ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ وَعَدَمِ مُوَالَاتِهِمْ ، لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ كَرَاهَةً لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) أَيْ : لَمْ يَكُنْ لَكُمْ عِنْدَهُمْ ذَنْبٌ إِلَّا إِيمَانَكُمْ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=8وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) [ الْبُرُوجِ : 8 ] ، وَكَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) [ الْحَجِّ : 40 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ) أَيْ : إِنْ كُنْتُمْ كَذَلِكَ فَلَا تَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ، إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِي بَاغِينَ لِمَرْضَاتِي عَنْكُمْ فَلَا تُوَالُوا أَعْدَائِي وَأَعْدَاءَكُمْ ، وَقَدْ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ حَنَقًا عَلَيْكُمْ وَسُخْطًا لِدِينِكُمْ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ ) أَيْ : تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَأَنَا الْعَالِمُ بِالسَّرَائِرِ وَالضَّمَائِرِ وَالظَّوَاهِرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ) أَيْ : لَوْ قَدَرُوا عَلَيْكُمْ لَمَا اتَّقَوْا فِيكُمْ مِنْ أَذًى يَنَالُونَكُمْ بِهِ بِالْمَقَالِ وَالْفِعَالِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) أَيْ : وَيَحْرِصُونَ عَلَى أَلَّا تَنَالُوا خَيْرًا ، فَهُمْ عَدَاوَتُهُمْ لَكُمْ كَامِنَةٌ وَظَاهِرَةٌ ، فَكَيْفَ تُوَالُونَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ ؟ وَهَذَا تَهْيِيجٌ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ أَيْضًا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=3لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) أَيْ : قَرَابَاتُكُمْ لَا تَنْفَعُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِكُمْ سُوءًا ، وَنَفْعُهُمْ لَا يَصِلُ إِلَيْكُمْ إِذَا أَرْضَيْتُمُوهُمْ بِمَا
[ ص: 87 ] يُسْخِطُ اللَّهَ ، وَمَنْ وَافَقَ أَهْلَهُ عَلَى الْكُفْرِ لِيُرْضِيَهُمْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ وَضَلَّ عَمَلُهُ ، وَلَا يَنْفَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ قَرَابَتُهُ مِنْ أَحَدٍ ، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، عَنْ
ثَابِتٍ ، عَنْ
أَنَسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=823055أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : " فِي النَّارِ " فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ : " إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ " .
وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ، مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ .