( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ( 222 ) نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ( 223 ) )
[ ص: 585 ]
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، أنس : أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسأل أصحاب النبي [ النبي ] صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن ) حتى فرغ من الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " . فبلغ ذلك اليهود ، فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه ! فجاء أسيد بن حضير فقالا : يا رسول الله ، إن وعباد بن بشر اليهود قالت كذا وكذا ، أفلا نجامعهن ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما ، فخرجا ، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل في آثارهما ، فسقاهما ، فعرفا أن لم يجد عليهما . عن
رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة .
فقوله : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) يعني [ في ] الفرج ، لقوله : ; ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه تجوز " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " . مباشرة الحائض فيما عدا الفرج
قال أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ، ألقى على فرجها ثوبا
وقال أبو داود أيضا : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد الله يعني ابن عمر بن غانم عن عبد الرحمن يعني ابن زياد عن عمارة بن غراب : أن عمة له حدثته : عائشة قالت : إحدانا تحيض ، وليس لها ولزوجها فراش إلا فراش واحد ؟ قالت : أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخل فمضى إلى مسجده قال أبو داود : تعني مسجد بيتها فما انصرف حتى غلبتني عيني ، وأوجعه البرد ، فقال : " ادني مني " . فقلت : إني حائض . فقال : " اكشفي عن فخذيك " . فكشفت فخذي ، فوضع خده وصدره على فخذي ، وحنيت عليه حتى دفئ ونام صلى الله عليه وسلم . وقال : أنها سألت أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب عن كتاب أبي قلابة : أن مسروقا ركب إلى عائشة ، فقال : السلام على النبي وعلى أهله . فقالت عائشة : أبو [ ص: 586 ] عائشة ! مرحبا مرحبا . فأذنوا له فدخل ، فقال : إني أريد أن أسألك عن شيء ، وأنا أستحي . فقالت : إنما أنا أمك ، وأنت ابني . فقال : ما للرجل من امرأته وهي حائض ؟ فقالت : له كل شيء إلا فرجها .
ورواه أيضا عن حميد بن مسعدة ، عن ، عن يزيد بن زريع عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن ، عن مروان الأصفر ، عن مسروق قال : قلت : ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ قالت : كل شيء إلا الجماع . لعائشة
وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وعكرمة .
وروى ابن جرير أيضا ، عن أبي كريب ، عن ابن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن ، عن ميمون بن مهران عائشة قالت : له ما فوق الإزار .
قلت : وتحل مضاجعتها ومؤاكلتها بلا خلاف . عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض ، وكان يتكئ في حجري وأنا حائض ، فيقرأ القرآن . وفي الصحيح عنها قالت : قالت . كنت أتعرق العرق وأنا حائض ، فأعطيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه ، وأشرب الشراب فأناوله ، فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب
وقال أبو داود : حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، جابر بن صبح سمعت خلاسا الهجري قال : سمعت عائشة تقول : كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد ، وإني حائض طامث ، فإن أصابه مني شيء ، غسل مكانه لم يعده ، وإن أصاب يعني ثوبه شيء غسل مكانه لم يعده ، وصلى فيه . عن
فأما ما رواه أبو داود : حدثنا سعيد بن عبد الجبار ، حدثنا عن عبد العزيز يعني ابن محمد أبي اليمان ، عن أم ذرة ، عائشة : أنها قالت : كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير ، فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتى نطهر فهو محمول على التنزه والاحتياط . عن
وقال آخرون : إنما تحل له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار ، كما ثبت في الصحيحين ، عن قالت : ميمونة بنت الحارث الهلالية . وهذا لفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض . ولهما عن البخاري عائشة نحوه .
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، من حديث وابن ماجه العلاء بن الحارث ، حزام [ ص: 587 ] بن حكيم ، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال : " ما فوق الإزار " . عن
ولأبي داود أيضا ، معاذ بن جبل قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل لي من امرأتي وهي حائض . قال : " ما فوق الإزار ، والتعفف عن ذلك أفضل " . وهو رواية عن عن عائشة كما تقدم ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب وشريح .
فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها ، وهو أحد القولين في مذهب رحمه الله ، الذي رجحه كثير من العراقيين وغيرهم . ومأخذهم أنه حريم الفرج ، فهو حرام ، لئلا يتوصل إلى تعاطي ما حرم الله عز وجل ، الذي أجمع العلماء على تحريمه ، وهو الشافعي . ثم من فعل ذلك فقد أثم ، فيستغفر الله ويتوب إليه . وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا ؟ فيه قولان : المباشرة في الفرج
أحدهما : نعم ، لما رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض : " يتصدق بدينار ، أو نصف دينار " . وفي لفظ للترمذي : " إذا كان دما أحمر فدينار ، وإن كان دما أصفر فنصف دينار " . وللإمام أحمد أيضا ، عنه : . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل في الحائض تصاب ، دينارا فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل ، فنصف دينار
والقول الثاني : وهو الصحيح الجديد من مذهب وقول الجمهور : أنه لا شيء في ذلك ، بل يستغفر الله عز وجل ، لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث ، فإنه [ قد ] روي مرفوعا كما تقدم وموقوفا ، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث ، فقوله تعالى : ( الشافعي ، ولا تقربوهن حتى يطهرن ) تفسير لقوله : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) ونهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودا ، ومفهومه حله إذا انقطع ، [ وقد قال به طائفة من السلف . قال القرطبي : وقال مجاهد وعكرمة : انقطاع الدم يحلها لزوجها ولكن بأن تتوضأ ] . وطاوس
وقوله : ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الاغتسال . وذهب إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة ، لقوله : ( ابن حزم فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) وليس له في ذلك مستند ، لأن هذا أمر بعد الحظر . وفيه أقوال لعلماء الأصول ، منهم من يقول : إنه للوجوب كالمطلق . وهؤلاء يحتاجون إلى جواب ، ومنهم من يقول : إنه للإباحة ، ويجعلون تقدم النهي عليه قرينة صارفة له عن الوجوب ، وفيه نظر . والذي ينهض عليه الدليل أنه يرد الحكم إلى ما كان عليه الأمر قبل النهي ، فإن كان واجبا فواجب ، كقوله تعالى : [ ص: 588 ] ) ابن حزم فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ) [ التوبة : 5 ] ، أو مباحا فمباح ، كقوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) [ المائدة : 2 ] ، ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) [ الجمعة : 10 ] وعلى هذا القول تجتمع الأدلة ، وقد حكاه وغيره ، واختاره بعض أئمة المتأخرين ، وهو الصحيح . الغزالي
وقد اتفق العلماء على أن ، إن تعذر ذلك عليها بشرطه ، [ إلا المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم يحيى بن بكير من المالكية وهو أحد شيوخ فإنه ذهب إلى إباحة وطء المرأة بمجرد انقطاع دم الحيض ، ومنهم من ينقله عن البخاري ، ابن عبد الحكم أيضا ، وقد حكاه القرطبي عن مجاهد وعكرمة عن طاوس كما تقدم ] . إلا أن أبا حنيفة ، رحمه الله ، يقول فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض ، وهو عشرة أيام عنده : إنها تحل بمجرد الانقطاع ولا تفتقر إلى غسل [ ولا يصح لأقل من ذلك المزيد في حلها من الغسل ويدخل عليها وقت صلاة إلا أن تكون دمثة ، فيدخل بمجرد انقطاعه ] والله أعلم .
وقال ابن عباس : ( حتى يطهرن ) أي : من الدم ( فإذا تطهرن ) أي : بالماء . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم . والليث بن سعد
وقوله : ( من حيث أمركم الله ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : يعني الفرج ; قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) يقول في الفرج ولا تعدوه إلى غيره ، فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى .
وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة : ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) أي : أن تعتزلوهن . وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر ، كما سيأتي تقريره قريبا .
وقال أبو رزين ، وعكرمة ، والضحاك وغير واحد : ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) يعني : طاهرات غير حيض ، ولهذا قال تعالى : ( إن الله يحب التوابين ) أي : من الذنب وإن تكرر غشيانه ، ( ويحب المتطهرين ) أي : المتنزهين عن الأقذار والأذى ، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض ، أو في غير المأتى .
وقوله : ( نساؤكم حرث لكم ) قال ابن عباس : الحرث موضع الولد ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي : كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد ، كما ثبتت بذلك الأحاديث .
قال : حدثنا البخاري أبو نعيم ، حدثنا سفيان عن ابن المنكدر قال : سمعت جابرا قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ورواه داود من حديث سفيان الثوري به .
[ ص: 589 ]
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا ، أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس وابن جريج : أن وسفيان بن سعيد الثوري محمد بن المنكدر حدثهم : أن أخبره : أن جابر بن عبد الله اليهود قالوا للمسلمين : من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم )
قال في الحديث : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن جريج . " مقبلة ومدبرة ، إذا كان ذلك في الفرج "
وفي حديث ، عن أبيه ، عن جده أنه قال : يا رسول الله ، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري . الحديث ، رواه " حرثك ، ائت حرثك أنى شئت ، غير ألا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في المبيت أحمد ، وأهل السنن .
حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عامر بن يحيى ، عن حنش بن عبد الله ، عن قال : عبد الله بن عباس نساؤكم حرث لكم ) . أتى ناس من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألوه عن أشياء ، فقال له رجل : إني أجبي النساء ، فكيف ترى في ذلك ، فأنزل الله : (
حديث آخر : قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه " مشكل الحديث " : حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا يعقوب بن كاسب ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار : أن رجلا أصاب امرأة في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزل الله : ( أبي سعيد الخدري نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ورواه ابن جرير عن يونس وعن يعقوب ، به .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عبد الرحمن بن سابط قال : دخلت على حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت : إني سائلك عن أمر ، وإنى أستحيي أن أسألك . قالت : فلا تستحيي يا ابن أخي . قال : عن إتيان النساء في أدبارهن ؟ قالت : حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا لا يجبون النساء ، وكانت اليهود تقول : إنه من جبى امرأته كان الولد أحول ، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار ، فجبوهن ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت : لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك ، فقالت : اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استحيت الأنصارية أن تسأله ، فخرجت ، فحدثت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ادعي الأنصارية " : فدعيت ، فتلا عليها هذه الآية : " ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) صماما واحدا " . عن
[ ص: 590 ]
ورواه الترمذي ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن ابن خثيم به . وقال : حسن .
قلت : وقد روي من طريق حماد بن أبي حنيفة ، عن أبيه ، ابن خثيم عن يوسف بن ماهك ، عن : أن امرأة أتتها فقالت : إن زوجي يأتيني محيية ومستقبلة فكرهته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لا بأس إذا كان في صمام واحد " حفصة أم المؤمنين . عن
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا عن يعقوب يعني القمي جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت ! قال : " ما الذي أهلكك ؟ " قال : حولت رحلي البارحة ! قال : فلم يرد عليه شيئا . قال : فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( عمر بن الخطاب نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة " . جاء
رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن ، به . وقال : حسن غريب . حسن بن موسى الأشيب
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين ، حدثني الحسن بن ثوبان ، عن عامر بن يحيى المعافري ، عن حنش ، عن ابن عباس قال : أنزلت هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم ) في أناس من الأنصار ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : . " آتها على كل حال ، إذا كان في الفرج "
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن سريج حدثنا عبد الله بن نافع ، حدثنا ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عطاء بن يسار أبي سعيد قال : أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : أثفر فلان امرأته ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) . عن
وقال أبو داود : حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ ، قال : حدثني عن محمد يعني ابن سلمة محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، ابن عباس قال : إن ابن عمر والله يغفر له أوهم ، إنما كان أهل هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع أهل هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات . فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من [ ص: 591 ] الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك ، فأنكرته عليه ، وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف . فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني ، فسرى أمرهما ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي : مقبلات ، ومدبرات ، ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد . عن
تفرد به أبو داود ، ويشهد له بالصحة ما تقدم من الأحاديث ، ولا سيما رواية أم سلمة ، فإنها مشابهة لهذا السياق .
وقد روى هذا الحديث الحافظ من طريق أبو القاسم الطبراني محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها ، حتى انتهيت إلى هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ، ويتلذذون بهن . . فذكر القصة بتمام سياقها .
وقول ابن عباس : " إن ابن عمر والله يغفر له أوهم " . كأنه يشير إلى ما رواه : البخاري
حدثنا إسحاق ، حدثنا النضر بن شميل ، أخبرنا ابن عون عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة ، حتى انتهى إلى مكان قال : أتدري فيم أنزلت ؟ قلت : لا . قال : أنزلت في كذا وكذا . ثم مضى . وعن عبد الصمد قال : حدثني أبي ، حدثني أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال : يأتيها في . . .
هكذا رواه وقد تفرد به من هذه الوجوه . البخاري ،
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ، حدثنا ابن علية ابن عون ، عن نافع قال : قرأت ذات يوم : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عمر : أتدري فيم نزلت ؟ قلت : لا . قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن .
وحدثني أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال : في الدبر .
وروي من حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ولا يصح .
وروى عن النسائي ، محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن ، عن سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ابن عمر : أن رجلا أتى امرأته في دبرها ، فوجد في نفسه من ذلك [ ص: 592 ] وجدا شديدا ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
قال : لو كان هذا عند أبو حاتم الرازي ، عن زيد بن أسلم ابن عمر لما أولع الناس بنافع . وهذا تعليل منه لهذا الحديث .
وقد رواه عبد الله بن نافع ، عن داود بن قيس ، عن ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ابن عمر فذكره .
وهذا محمول على ما تقدم ، وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها ، لما رواه النسائي أيضا عن علي بن عثمان النفيلي ، عن سعيد بن عيسى ، عن المفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل ، عن كعب بن علقمة ، عن أبي النضر : أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر : إنه قد أكثر عليك القول : إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال : كذبوا علي ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر : إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده ، حتى بلغ : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال : يا نافع ، هل تعلم من أمر هذه الآية ؟ قلت : لا . قال : إنا كنا معشر قريش نجبي النساء ، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار ، أردنا منهن مثل ما كنا نريد فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه ، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود ، إنما يؤتين على جنوبهن ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
وهذا إسناد صحيح ، وقد رواه ابن مردويه ، عن عن الطبراني ، الحسين بن إسحاق ، عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري ، عن مفضل بن فضالة ، عن عن عبد الله بن عياش كعب بن علقمة ، فذكره . وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا ، وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي ، وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم ، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك ، رحمه الله . وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه ; فقال الحسن بن عرفة :
حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . " استحيوا ، إن الله لا يستحيي من الحق ، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن "
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن عبد بن شداد عن رجل خزيمة بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها . عن
[ ص: 593 ]
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يعقوب ، سمعت أبي يحدث ، عن : أن يزيد بن عبد الله بن أسامة ابن الهاد عبيد الله بن الحصين الوالبي حدثه أن هرمي بن عبد الله الواقفي حدثه : أن خزيمة بن ثابت الخطمي حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : . " لا يستحيي الله من الحق ، لا يستحيي الله من الحق ثلاثا لا تأتوا النساء في أعجازهن "
ورواه النسائي ، من طرق ، عن وابن ماجه خزيمة بن ثابت . وفي إسناده اختلاف كثير .
حديث آخر : قال أبو عيسى الترمذي ، : حدثنا والنسائي أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن الضحاك بن عثمان ، عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر . ثم قال " الترمذي : هذا حديث حسن غريب . وهكذا أخرجه في صحيحه . وصححه ابن حبان أيضا . ولكن رواه ابن حزم عن النسائي ، هناد ، عن عن وكيع ، الضحاك ، به موقوفا .
وقال عبد : أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه : أن رجلا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها ، قال : تسألني عن الكفر ! [ إسناد صحيح ] .
وكذا رواه من طريق النسائي ، ابن المبارك ، عن معمر به نحوه .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : . " الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى "
وقال عبد الله بن أحمد : حدثني هدبة ، حدثنا همام ، قال : قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها . فقال قتادة : حدثنا عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي اللوطية الصغرى " . سئل
قال قتادة : وحدثني عقبة بن وساج ، عن قال : وهل يفعل ذلك إلا كافر ؟ . أبي الدرداء
وقد روى هذا الحديث ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة ، عن أبي أيوب ، عن ، قوله . وهذا أصح ، والله أعلم . عبد الله بن عمرو بن العاص
وكذلك رواه عبد بن حميد ، عن ، عن يزيد بن هارون حميد الأعرج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، موقوفا من قوله .
طريق أخرى : قال : حدثنا جعفر الفريابي قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة لا ينظر [ ص: 594 ] الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ، ويقول : ادخلوا النار مع الداخلين : الفاعل والمفعول به ، والناكح يده ، وناكح البهيمة ، وناكح المرأة في دبرها ، وجامع بين المرأة وابنتها ، والزاني بحليلة جاره ، والمؤذي جاره حتى يلعنه " .
ابن لهيعة وشيخه ضعيفان .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال : . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في أدبارهن ; فإن الله لا يستحيي من الحق
وأخرجه أحمد أيضا ، عن أبي معاوية ، من طريق وأبو عيسى الترمذي أبي معاوية أيضا ، عن عاصم الأحول [ به ] وفيه زيادة ، وقال : هو حديث حسن .
ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند ، كما وقع في مسند الإمام علي بن أبي طالب والصحيح أنه أحمد بن حنبل علي بن طلق .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . " إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه "
وحدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا سهيل ، عن الحارث بن مخلد ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . " لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها "
وكذا رواه ابن ماجه من طريق سهيل .
وحدثنا حدثنا وكيع ، سفيان عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . " ملعون من أتى امرأة في دبرها "
وهكذا رواه أبو داود ، من طريق والنسائي به . وكيع ،
طريق أخرى : قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : أخبرنا أحمد بن القاسم بن الريان ، حدثنا ، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي هناد ، ومحمد بن إسماعيل واللفظ له قالا : حدثنا حدثنا وكيع ، سفيان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . " ملعون من أتى امرأة في دبرها "
[ ص: 595 ]
ليس هذا الحديث هكذا في سنن وإنما الذي فيه عن النسائي ، سهيل ، عن الحارث بن مخلد ، كما تقدم .
قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي : ورواية أحمد بن القاسم بن الريان هذا الحديث بهذا السند ، وهم منه ، وقد ضعفوه .
طريق أخرى : رواها مسلم بن خالد الزنجي ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ، عن النبي صلى عليه وسلم قال : أبي هريرة . " ملعون من أتى النساء في أدبارهن "
فيه كلام ، والله أعلم . ومسلم بن خالد
طريق أخرى : رواها الإمام أحمد ، وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة ، عن حكيم الأثرم ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة . " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها ، أو كاهنا فصدقه ، فقد كفر بما أنزل على محمد "
وقال الترمذي : ضعف هذا الحديث . والذي قاله البخاري في حديث البخاري حكيم [ الأثرم ] عن أبي تميمة : لا يتابع في حديثه .
طريق أخرى : قال : حدثنا النسائي عثمان بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه ، عن عبد الملك بن محمد الصنعاني ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة . " استحيوا من الله حق الحياء ، لا تأتوا النساء في أدبارهن "
تفرد به من هذا الوجه . النسائي
قال الحافظ : هذا حديث منكر باطل من حديث حمزة بن محمد الكناني الزهري ، ومن حديث أبي سلمة ومن حديث سعيد ; فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد ، فإنما سمعه بعد الاختلاط ، وقد رواه الزهري عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك ، فأما عن عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا . انتهى كلامه . أبي هريرة
وقد أجاد وأحسن الانتقاد ; إلا أن عبد الملك [ بن محمد ] الصنعاني لا يعرف أنه اختلط ، ولم يذكر ذلك أحد غير حمزة الكناني ، وهو ثقة ، ولكن تكلم فيه دحيم ، وأبو حاتم ، ، وقال : لا يجوز الاحتجاج به ، فالله أعلم . وقد تابعه وابن حبان زيد بن يحيى بن عبيد ، عن سعيد بن عبد العزيز . وروي من طريقين آخرين ، عن أبي سلمة . ولا يصح منها شيء .
طريق أخرى : قال : حدثنا النسائي إسحاق بن منصور ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن ، عن سفيان الثوري ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن قال : إتيان الرجال النساء في [ ص: 596 ] أدبارهن كفر . أبي هريرة
ثم رواه ، عن بندار ، عن عبد الرحمن ، به . قال : من أتى امرأة في دبرها ملك كفره . هكذا رواه من طريق النسائي ، الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن موقوفا . وكذا رواه من طريق أبي هريرة علي ابن بذيمة ، عن مجاهد ، عن موقوفا . ورواه أبي هريرة بكر بن خنيس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة " من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر " والموقوف أصح ، وبكر بن خنيس ضعفه غير واحد من الأئمة ، وتركه آخرون .
حديث آخر : قال محمد بن أبان البلخي : حدثنا حدثنا وكيع ، زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس ، عن أبيه وعن ، عن عمرو بن دينار عبد الله بن يزيد بن الهاد قالا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمر بن الخطاب . " إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن "
وقد رواه : حدثنا النسائي سعيد بن يعقوب الطالقاني ، عن عثمان بن اليمان ، عن زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن الهاد ، عن عمر قال : " لا تأتوا النساء في أدبارهن " .
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، عن زمعة بن صالح ، عن ، عن عمرو بن دينار طاوس ، عن عبد الله بن الهاد الليثي قال : قال عمر رضي الله عنه : استحيوا من الله ، فإن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن . الموقوف أصح .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا غندر قالا : حدثنا ومعاذ بن معاذ شعبة عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أستاههن " .
وكذا رواه غير واحد ، عن شعبة . ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن علي ، والأشبه أنه علي بن طلق ، كما تقدم ، والله أعلم .
حديث آخر : قال أبو بكر الأثرم في سننه : حدثنا أبو مسلم الحرمي ، حدثنا أخي أنيس بن إبراهيم أن أباه إبراهيم بن عبد الرحمن بن القعقاع أخبره ، عن أبيه أبي القعقاع ، عن ابن مسعود ، [ ص: 597 ] رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : . " محاش النساء حرام "
وقد رواه إسماعيل بن علية ، وسفيان الثوري ، وشعبة ، وغيرهم ، عن أبي عبد الله الشقري واسمه سلمة بن تمام : ثقة عن أبي القعقاع ، عن ابن مسعود موقوفا . وهو أصح .
طريق أخرى : قال : حدثنا ابن عدي أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا محمد بن حمزة ، عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تأتوا النساء في أعجازهن " محمد بن حمزة هو الجزري وشيخه ، فيهما مقال .
وقد روي من حديث أبي بن كعب والبراء بن عازب ، وعقبة بن عامر وأبي ذر ، وغيرهم . وفي كل منها مقال لا يصح معه الحديث ، والله أعلم .
وقال الثوري ، عن الصلت بن بهرام ، عن أبي المعتمر ، عن أبي جويرية قال : سأل رجل عليا عن إتيان امرأة في دبرها ، فقال : سفلت ، سفل الله بك ! ألم تسمع إلى قول الله عز وجل : ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) [ الأعراف : 80 ] .
وقد تقدم قول ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، في تحريم ذلك ، وهو الثابت بلا شك عن وعبد الله بن عمرو عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، أنه يحرمه .
قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الدارمي في مسنده : حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث ، عن الحارث بن يعقوب ، عن قال : قلت سعيد بن يسار أبي الحباب : ما تقول في الجواري ، أنحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ فذكر الدبر . فقال : وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟ لابن عمر
وكذا رواه ابن وهب وقتيبة ، عن الليث ، به . وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك ، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم .
وقال ابن جرير : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغمر حدثني عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك بن أنس أنه قيل له : يا أبا عبد الله ، إن الناس يروون عن أنه قال : كذب العبد ، أو العلج ، سالم بن عبد الله على أبي [ عبد الله ] فقال مالك : أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني ، عن عن سالم بن عبد الله ، ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له : فإن الحارث بن يعقوب يروي عن : أنه سأل أبي الحباب سعيد بن يسار ابن عمر فقال له : يا أبا عبد الرحمن ، إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن ؟ فقال : وما التحميض ؟ فذكر له الدبر . فقال ابن عمر : أف ! أف ! أيفعل ذلك مؤمن أو قال : مسلم . فقال مالك : أشهد على ربيعة [ ص: 598 ] لأخبرني عن أبي الحباب ، عن ابن عمر ، مثل ما قال نافع .
وروى عن النسائي ، الربيع بن سليمان ، عن أصبغ بن الفرج الفقيه ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال : قلت لمالك : إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب ، عن ، قال : قلت سعيد بن يسار : إنا نشتري الجواري ، فنحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ قلت : نأتيهن في أدبارهن . فقال : أف ! أف ! أو يعمل هذا مسلم ؟ فقال لي لابن عمر مالك : فأشهد على ربيعة لحدثني عن أنه سأل سعيد بن يسار ابن عمر ، فقال : لا بأس به .
وروى أيضا من طريق النسائي يزيد بن رومان ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل المرأة في دبرها .
وروى ، عن معن بن عيسى مالك : أن ذلك حرام .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري : حدثني إسماعيل بن حصين ، حدثني إسماعيل بن روح : سألت مالك بن أنس : ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن : قال : ما أنتم قوم عرب . هل يكون الحرث إلا موضع الزرع ، لا تعدو الفرج .
قلت : يا أبا عبد الله ، إنهم يقولون : إنك تقول ذلك ؟ ! قال : يكذبون علي ، يكذبون علي .
فهذا هو الثابت عنه ، وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهم قاطبة . وهو قول وأحمد بن حنبل ، سعيد بن المسيب وأبي سلمة ، وعكرمة ، وطاوس ، وعطاء ، ، وسعيد بن جبير ، وعروة بن الزبير ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف : أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار ، ومنهم من يطلق على فاعله الكفر ، وهو مذهب جمهور العلماء .
وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة ، حتى حكوه عن الإمام مالك ، وفي صحته عنه نظر .
[ وقد روى ابن جرير في كتاب النكاح له وجمعه عن يونس بن عبد الأحوص بن وهب إباحته ] .
قال : روى الطحاوي أصبغ بن الفرج ، عن عبد الرحمن بن القاسم قال : ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أنه حلال . يعني وطء المرأة في دبرها ، ثم قرأ : ( نساؤكم حرث لكم ) ثم قال : فأي شيء أبين من هذا ؟ هذه حكاية . الطحاوي
وقد روى الحاكم ، والدارقطني ، ، عن الإمام والخطيب البغدادي مالك من طرق ما يقتضي [ ص: 599 ] إباحة ذلك . ولكن في الأسانيد ضعف شديد ، وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك ، فالله أعلم .
وقال : حكى لنا الطحاوي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع يقول : ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء . والقياس أنه حلال . وقد روى ذلك الشافعي أبو بكر الخطيب ، عن أبي سعيد الصيرفي ، عن سمعت أبي العباس الأصم ، محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، سمعت يقول . . . فذكر . قال الشافعي : كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو : لقد كذب يعني أبو نصر الصباغ ابن عبد الحكم على في ذلك فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه ، والله أعلم . الشافعي
وقال القرطبي في تفسيره : وممن ينسب إليه هذا القول وهو إباحة وطء المرأة في دبرها سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي . وهذا القول في العتبية . وحكى ذلك عن وعبد الملك بن الماجشون مالك في كتاب له أسماه كتاب السر ، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ، أجل من أن يكون له كتاب السر ووقع هذا القول في العتبية ، وذكر ومالك أن ابن العربي ابن شعبان أسند هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من رواية كثيرة من كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن هذا لفظه قال : وحكى الكيا الهراسي الطبري عن أنه استدل على جواز ذلك بقوله : ( محمد بن كعب القرظي أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) الشعراء : [ 165 ، 166 ] .
يعني مثله من المباح ثم رده بأن المراد بذلك من خلق الله لهم من فروج النساء لا أدبارهن . قلت : وهذا هو الصواب وما قاله القرظي إن كان صحيحا إليه فخطأ . وقد صنف الناس في هذه المسألة مصنفات منهم أبو العباس القرطبي وسمى كتابه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار .
وقوله تعالى : ( وقدموا لأنفسكم ) أي : من فعل الطاعات ، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات ; ولهذا قال : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) أي : فيحاسبكم على أعمالكم جميعا .
( وبشر المؤمنين ) أي : المطيعين لله فيما أمرهم ، التاركين ما عنه زجرهم .
وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا حسين ، حدثني محمد بن كثير ، عن عبد الله بن واقد ، عن عطاء قال : أراه عن ابن عباس : ( وقدموا لأنفسكم ) قال : يقول : " باسم الله " ، . التسمية عند الجماع
وقد ثبت في صحيح عن البخاري ، ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . " لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال : باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا "