( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ( 231 ) )
هذا أمر من الله عز وجل للرجال ، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها ، فإما أن يمسكها ، أي : يرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف ، وهو أن يشهد على رجعتها ، وينوي عشرتها بالمعروف ، أو يسرحها ، أي : يتركها حتى تنقضي عدتها ، ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن ، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح ، قال الله تعالى : ( إذا طلق أحدهم المرأة طلاقا له عليها فيه رجعة ، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، ومسروق ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والربيع ، وغير واحد : كان الرجل يطلق المرأة ، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارا ، لئلا تذهب إلى غيره ، ثم يطلقها فتعتد ، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة ، فنهاهم الله عن ذلك ، وتوعدهم عليه فقال : ( ومقاتل بن حيان ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) أي : بمخالفته أمر الله تعالى .
وقوله : ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) قال ابن جرير : عند هذه الآية :
أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إسحاق بن منصور ، عن عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن أبي العلاء الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي موسى : أبو موسى فقال : يا رسول الله ، أغضبت على الأشعريين ؟ ! فقال : يقول أحدكم : قد طلقت ، قد راجعت ، ليس هذا طلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل عدتها " . أن رسول الله [ ص: 630 ] صلى الله عليه وسلم غضب على الأشعريين ، فأتاه
ثم رواه من وجه آخر عن أبي خالد الدالاني ، وهو يزيد بن عبد الرحمن ، وفيه كلام .
وقال مسروق : هو الذي يطلق في غير كنهه ، ويضار امرأته بطلاقها وارتجاعها ، لتطول عليها العدة .
وقال الحسن ، وقتادة ، ، وعطاء الخراساني والربيع ، : هو ومقاتل بن حيان . فأنزل الله : ( الرجل يطلق ويقول : كنت لاعبا أو يعتق أو ينكح ويقول : كنت لاعبا ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) فألزم الله بذلك .
وقال ابن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا أبو أحمد الصيرفي ، حدثني جعفر بن محمد السمسار ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، ابن عباس قال : طلق رجل امرأته وهو يلعب ، لا يريد الطلاق ; فأنزل الله : ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق . عن
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عصام بن زواد ، حدثنا آدم ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن قال : كان الرجل يطلق ويقول : كنت لاعبا أو يعتق ويقول : كنت لاعبا وينكح ويقول : كنت لاعبا فأنزل الله : ( الحسن ، هو البصري ، ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . " من طلق أو أعتق أو نكح أو أنكح ، جادا أو لاعبا ، فقد جاز عليه "
وكذا رواه ابن جرير من طريق الزهري ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن ، مثله . وهذا مرسل . وقد رواه ابن مردويه من طريق عن عمرو بن عبيد ، الحسن ، عن موقوفا عليه . وقال أيضا : أبي الدرداء ،
حدثنا أحمد بن الحسن بن أيوب ، حدثنا يعقوب بن أبي يعقوب ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن سلمة ، عن الحسن ، عن عبادة بن الصامت ، في قول الله تعالى : ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) قال : كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقول للرجل : زوجتك ابنتي ثم يقول : كنت لاعبا . ويقول : قد أعتقت ، ويقول : كنت لاعبا فأنزل الله : ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " . " ثلاث من قالهن لاعبا أو غير لاعب ، فهن جائزات عليه : الطلاق ، والعتاق ، والنكاح
[ ص: 631 ]
والمشهور في هذا الحديث الذي رواه أبو داود ، ، والترمذي من طريق وابن ماجه عبد الرحمن بن حبيب بن أردك ، عن عطاء ، عن ابن ماهك ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . وقال " ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق ، والرجعة " الترمذي : حسن غريب .
وقوله : ( واذكروا نعمة الله عليكم ) أي : في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم ( وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ) أي : السنة ( يعظكم به ) أي : يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم ( واتقوا الله ) أي : فيما تأتون وفيما تذرون ( واعلموا أن الله بكل شيء عليم ) أي : فلا يخفى عليه شيء من أموركم السرية والجهرية ، وسيجازيكم على ذلك .