[ ص: 530 ] تفسير سورتي المعوذتين وهما مدنيتان   . 
قال  الإمام أحمد   : حدثنا عفان  ، حدثنا حماد بن سلمة  ، أخبرنا  عاصم بن بهدلة  ، عن زر بن حبيش  ، قال : قلت  لأبي بن كعب   : إن ابن مسعود   [ كان ] لا يكتب المعوذتين في مصحفه ؟ فقال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل  عليه السلام ، قال له : " قل أعوذ برب الفلق   " فقلتها ، قال : " قل أعوذ برب الناس   " فقلتها . فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم  . 
ورواه أبو بكر الحميدي  في مسنده ، عن سفيان بن عيينة  ، حدثنا عبدة بن أبي لبابة   وعاصم بن بهدلة  ، أنهما سمعا زر بن حبيش  قال : سألت أبي بن كعب  عن المعوذتين ، فقلت : يا أبا المنذر  ، إن أخاك ابن مسعود  يحكهما من المصحف . فقال : إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " قيل لي : قل ، فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  . 
وقال أحمد   : حدثنا  وكيع  ، حدثنا سفيان  ، عن عاصم  ، عن زر  قال : سألت ابن مسعود  عن المعوذتين فقال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنهما فقال : " قيل لي ، فقلت لكم ، فقولوا " . قال أبي : فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نقول . 
وقال  البخاري   : حدثنا علي بن عبد الله  ، حدثنا سفيان  ، حدثنا عبدة بن أبي لبابة  ، عن زر بن حبيش   - وحدثنا عاصم  ، عن زر   - قال : سألت أبي بن كعب  فقلت : أبا المنذر  ، إن أخاك ابن مسعود  يقول كذا وكذا . فقال : إني سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " قيل لي ، فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
ورواه  البخاري  أيضا  والنسائي  ، عن قتيبة  ، عن سفيان بن عيينة  ، عن عبدة   وعاصم بن أبي النجود  ، عن زر بن حبيش  ، عن أبي بن كعب  به . 
وقال  الحافظ أبو يعلى   : حدثنا الأزرق بن علي  ، حدثنا حسان بن إبراهيم  ، حدثنا الصلت بن بهرام  ، عن إبراهيم  ، عن علقمة  قال : كان عبد الله  يحك المعوذتين من المصحف ، ويقول : إنما  [ ص: 531 ] أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما ، ولم يكن عبد الله يقرأ بهما 
ورواه عبد الله بن أحمد  من حديث الأعمش  ، عن أبي إسحاق  ، عن عبد الرحمن بن يزيد  قال : كان عبد الله  يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله  - قال الأعمش   : وحدثنا عاصم  ، عن زر بن حبيش  ، عن أبي بن كعب  قال : سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " قيل لي ، فقلت "  . 
وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء : أن ابن مسعود  كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ، فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتواتر عنده ، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة ، فإن الصحابة ، رضي الله عنهم ، كتبوهما في المصاحف الأئمة ، ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك ، ولله الحمد والمنة . 
وقد قال مسلم  في صحيحه : حدثنا قتيبة  ، حدثنا جرير  ، عن بيان  ، عن  قيس بن أبي حازم  ، عن عقبة بن عامر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط : " قل أعوذ برب الفلق   " و " قل أعوذ برب الناس   "  . 
ورواه أحمد  ومسلم  أيضا ،  والترمذي   والنسائي  من حديث إسماعيل بن أبي خالد  ، عن  قيس بن أبي حازم  ، عن عقبة  به . وقال الترمذي   : حسن صحيح . 
طريق أخرى : قال  الإمام أحمد   : حدثنا  الوليد بن مسلم  ، حدثنا ابن جابر  ، عن القاسم أبي عبد الرحمن  ، عن عقبة بن عامر  قال : بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب ، إذ قال لي : " يا عقبة  ، ألا تركب ؟ " . قال : [ فأجللت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبه . ثم قال : " يا عقيب  ، ألا تركب ؟ " . قال ] فأشفقت أن تكون معصية ، قال : فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنيهة ، ثم ركب ، ثم قال : " يا عقيب  ، ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس ؟ " . قلت : بلى يا رسول الله . فأقرأني : " قل أعوذ برب الفلق   " و " قل أعوذ برب الناس   " ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما ، ثم مر بي فقال : " كيف رأيت يا عقيب  ، اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت "  . 
ورواه  النسائي  من حديث  الوليد بن مسلم   وعبد الله بن المبارك  ، كلاهما عن ابن جابر  به . 
 [ ص: 532 ] 
ورواه أبو داود   والنسائي  أيضا ، من حديث ابن وهب  ، عن معاوية بن صالح  ، عن العلاء بن الحارث  ، عن القاسم بن عبد الرحمن  ، عن عقبة  به . 
طريق أخرى : قال أحمد   : حدثنا أبو عبد الرحمن  ، حدثنا  سعيد بن أبي أيوب  ، حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيني  وأبو مرحوم  ، عن يزيد بن محمد القرشي  ، عن علي بن رباح  عن عقبة بن عامر  قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة   . 
ورواه أبو داود   والترمذي   والنسائي  من طرق ، عن علي بن أبي رباح   . وقال الترمذي   : غريب . 
طريق أخرى : قال أحمد   : حدثنا يحيى بن إسحاق  ، حدثنا ابن لهيعة  ، عن مشرح بن هاعان  ، عن عقبة بن عامر  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأ بالمعوذتين ، فإنك لن تقرأ بمثلهما "  . تفرد به أحمد   . 
طريق أخرى : قال أحمد   : حدثنا حيوة بن شريح  ، حدثنا بقية  ، حدثنا بحير بن سعد  ، عن خالد بن معدان  ، عن  جبير بن نفير  ، عن عقبة بن عامر  أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له بغلة شهباء ، فركبها فأخذ عقبة  يقودها له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ " قل أعوذ برب الفلق   " . فأعادها له حتى قرأها ، فعرف أني لم أفرح بها جدا ، فقال : " لعلك تهاونت بها ؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها "  . 
ورواه  النسائي  ، عن عمرو بن عثمان  ، عن بقية  به . ورواه  النسائي  أيضا من حديث الثوري  ، عن معاوية بن صالح  ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير  ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر   : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين ، فذكر نحوه . 
طريق أخرى : قال  النسائي   : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى  ، حدثنا المعتمر  ، سمعت النعمان  ، عن زياد أبي الأسد  ، عن عقبة بن عامر   ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين : " قل أعوذ برب الفلق   " و " قل أعوذ برب الناس   "  . 
طريق أخرى : قال  النسائي   : أخبرنا قتيبة  ، حدثنا الليث  ، عن ابن عجلان  ، عن سعيد المقبري  ، عن عقبة بن عامر  قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عقبة  ، قل " . فقلت : ماذا أقول ؟ فسكت عني ، ثم قال : " قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ فسكت عني ، فقلت : اللهم اردده علي . فقال : " يا عقبة  ، قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ فقال : "  [ ص: 533 ]  " قل أعوذ برب الفلق   " ، فقرأتها حتى أتيت على آخرها ، ثم قال : " قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ قال : " " قل أعوذ برب الناس   " ، فقرأتها حتى أتيت على آخرها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " ما سأل سائل بمثلهما ، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما "  . 
طريق أخرى : قال  النسائي   : أخبرنا محمد بن يسار  ، حدثنا عبد الرحمن  ، حدثنا معاوية  ، عن العلاء بن الحارث  ، عن مكحول  ، عن عقبة بن عامر   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في صلاة الصبح  . 
طريق أخرى : قال  النسائي   : أخبرنا قتيبة  ، حدثنا الليث  ، عن يزيد بن أبي حبيب  ، عن أبي عمران أسلم  ، عن عقبة بن عامر  قال : اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه فقلت : أقرئني سورة هود أو سورة يوسف . فقال : " لن تقرأ شيئا أنفع عند الله من " قل أعوذ برب الفلق   "  . 
حديث آخر : قال  النسائي   : أخبرنا محمود بن خالد  ، حدثنا الوليد  ، حدثنا أبو عمرو الأوزاعي  ، عن  يحيى بن أبي كثير  ، عن  محمد بن إبراهيم بن الحارث  ، عن أبي عبد الله  ، عن ابن عائش الجهني   : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :  " يا ابن عائش ، ألا أدلك - أو : ألا أخبرك - بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون ؟ "   . قال : بلى ، يا رسول الله . قال : " " قل أعوذ برب الفلق   " و " قل أعوذ برب الناس   " هاتان السورتان "  . 
فهذه طرق عن عقبة  كالمتواترة عنه ، تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث . 
وقد تقدم في رواية صدي بن عجلان  وفروة بن مجاهد  ، عنه :  " ألا أعلمك ثلاث سور لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلهن ؟ "  قل هو الله أحد   " و " قل أعوذ برب الفلق   " و " قل أعوذ برب الناس   "  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا إسماعيل  ، حدثنا الجريري  ، عن أبي العلاء  قال : قال رجل : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، والناس يعتقبون ، وفي الظهر قلة ، فحانت نزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلتي ، فلحقني فضرب [ من بعدي ] منكبي ، فقال : " " قل أعوذ برب الفلق   " ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ، ثم قال : " " قل أعوذ برب الناس   " ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ، فقال : " إذا صليت فاقرأ بهما "  . 
 [ ص: 534 ] 
الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر  ، والله أعلم . 
ورواه  النسائي  ، عن يعقوب بن إبراهيم  ، عن  ابن علية  به . 
حديث آخر : قال  النسائي   : أخبرنا  محمد بن المثنى  ، حدثنا محمد بن جعفر  ، عن عبد الله بن سعيد  ، حدثني يزيد بن رومان  ، عن عقبة بن عامر  ، عن عبد الله الأسلمي - هو ابن أنيس -   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره ثم قال : " قل " . فلم أدر ما أقول ، ثم قال لي : " قل " . قلت : " قل هو الله أحد   " ثم قال لي : " قل " . قلت : " أعوذ برب الفلق من شر ما خلق   " حتى فرغت منها ، ثم قال لي : " قل " . قلت : " قل أعوذ برب الناس   " حتى فرغت منها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هكذا فتعوذ ، ما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط "  . 
حديث آخر : قال  النسائي   : أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص  ، حدثنا بدل  ، حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة  ، عن سعيد الجريري  ، حدثنا أبو نضرة  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " اقرأ يا جابر   " . قلت : وما أقرأ بأبي أنت وأمي ؟ قال : " اقرأ : " قل أعوذ برب الفلق   " و " قل أعوذ برب الناس   " . فقرأتهما ، فقال : " اقرأ بهما ، ولن تقرأ بمثلهما "  . 
وتقدم حديث عائشة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهن ، وينفث في كفيه ، ويمسح بهما رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده . 
وقال الإمام مالك   : عن ابن شهاب  ، عن عروة  عن عائشة   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث  ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيده عليه ، رجاء بركتها  . 
ورواه  البخاري  ، عن عبد الله بن يوسف   . ومسلم  ، عن يحيى بن يحيى   . وأبو داود  ، عن القعنبي   .  والنسائي  ، عن قتيبة   - ومن حديث ابن القاسم   وعيسى بن يونس   -  وابن ماجه  من حديث معن   وبشر بن عمر  ، ثمانيتهم عن مالك  به . 
وتقدم في آخر سورة : " ن " من حديث  أبي نضرة  عن أبي سعيد   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وعين الإنسان ، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما ، وترك ما سواهما  . رواه الترمذي   والنسائي   وابن ماجه  ، وقال الترمذي   : حديث حسن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					