(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28976_19696_32016واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ( 28 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ( 29 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ( 30 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ( 31 ) )
يقول تعالى مبينا وخيم عاقبة البغي والحسد والظلم في خبر ابني
آدم لصلبه - في قول الجمهور - وهما
هابيل وقابيل كيف عدا أحدهما على الآخر ، فقتله بغيا عليه وحسدا له ، فيما وهبه الله من النعمة وتقبل القربان الذي أخلص فيه لله عز وجل ، ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى
[ ص: 82 ] الجنة ، وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) أي : واقصص على هؤلاء البغاة الحسدة ، إخوان الخنازير والقردة من
اليهود وأمثالهم وأشباههم - خبر ابني
آدم وهما
هابيل وقابيل فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف .
وقوله : ( بالحق ) أي : على الجلية والأمر الذي لا لبس فيه ولا كذب ، ولا وهم ولا تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=62إن هذا لهو القصص الحق ) [ آل عمران : 62 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) [ الكهف : 13 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=34ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ] ) [ مريم : 34 ]
وكان من خبرهما فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف ، أن الله تعالى قد شرع
لآدم عليه السلام ، أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال ، ولكن قالوا : كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر ، وكانت أخت
هابيل دميمة ، وأخت
قابيل وضيئة ، فأراد أن يستأثر بها على أخيه ، فأبى
آدم ذلك إلا أن يقربا قربانا ، فمن تقبل منه فهي له ، فقربا فتقبل من
هابيل ولم يتقبل من
قابيل فكان من أمرهما ما قص الله في كتابه .
ذكر أقوال المفسرين هاهنا :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي - فيما ذكر - عن
أبي مالك وعن
أبي صالح عن
ابن عباس - وعن
مرة عن
ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ; أنه كان لا يولد
لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر ، حتى ولد له ابنان يقال لهما :
قابيل وهابيل وكان
قابيل صاحب زرع ، وكان
هابيل صاحب ضرع ، وكان
قابيل أكبرهما ، وكان له أخت أحسن من أخت
هابيل وإن
هابيل طلب أن ينكح أخت
قابيل فأبى عليه وقال : هي أختي ، ولدت معي ، وهي أحسن من أختك ، وأنا أحق أن أتزوج بها . فأمره أبوه أن يزوجها
هابيل فأبى ، وأنهما قربا قربانا إلى الله عز وجل أيهما أحق بالجارية ، وكان
آدم عليه السلام قد غاب عنهما ، أتى
مكة ينظر إليها ، قال الله عز وجل : هل تعلم أن لي بيتا في الأرض ؟ قال : اللهم لا . قال : إن لي بيتا في
مكة فأته . فقال
آدم للسماء : احفظي ولدي بالأمانة ، فأبت . وقال للأرض ، فأبت . وقال للجبال ، فأبت . فقال
لقابيل فقال : نعم ، تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك . فلما انطلق
آدم قربا قربانا ، وكان
قابيل يفخر عليه ، فقال : أنا أحق بها منك ، هي أختي ، وأنا أكبر منك ، وأنا وصي والدي . فلما قربا ، قرب
هابيل جذعة سمنة ، وقرب
قابيل حزمة سنبل ، فوجد فيها سنبلة عظيمة ، ففركها فأكلها . فنزلت النار فأكلت قربان
هابيل وتركت قربان
قابيل فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي . فقال
هابيل : إنما يتقبل الله من المتقين . رواه
ابن جرير .
[ ص: 83 ]
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
ابن خثيم قال : أقبلت مع
سعيد بن جبير فحدثني عن
ابن عباس قال : نهي أن تنكح المرأة أخاها توأمها ، وأمر أن ينكحها غيره من إخوتها ، وكان يولد له في كل بطن رجل وامرأة ، فبينما هم كذلك ولد له امرأة وضيئة ، وولد له أخرى قبيحة دميمة ، فقال أخو الدميمة : أنكحني أختك وأنكحك أختي . قال : لا ، أنا أحق بأختي ، فقربا قربانا ، فتقبل من صاحب الكبش ، ولم يتقبل من صاحب الزرع ، فقتله . إسناد جيد .
وحدثنا أبي ، حدثنا
أبو سلمة حدثنا
حماد بن سلمة عن
عبد الله بن عثمان بن خثيم عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إذ قربا قربانا ) فقربا قربانهما ، فجاء صاحب الغنم بكبش أعين أقرن أبيض ، وصاحب الحرث بصبرة من طعام ، فقبل الله الكبش فخزنه في الجنة أربعين خريفا ، وهو الكبش الذي ذبحه
إبراهيم صلى الله عليه وسلم إسناد جيد .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن بشار حدثنا
محمد بن جعفر حدثنا
عوف عن
أبي المغيرة عن
عبد الله بن عمرو قال : إن ابني
آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، وإنهما أمرا أن يقربا قربانا ، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها ، طيبة بها نفسه ، وإن صاحب الحرث قرب أشر حرثه الكودن والزوان غير طيبة بها نفسه ، وإن الله ، عز وجل ، تقبل قربان صاحب الغنم ، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث ، وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه ، قال : وايم الله ، إن كان المقتول لأشد الرجلين ، ولكن منعه التحرج أن يبسط [ يده ] إلى أخيه .
وقال
إسماعيل بن رافع المدني القاص : بلغني أن ابني آدم لما أمرا بالقربان ، كان أحدهما صاحب غنم ، وكان أنتج له حمل في غنمه ، فأحبه حتى كان يؤثره بالليل ، وكان يحمله على ظهره من حبه ، حتى لم يكن له مال أحب إليه منه . فلما أمر بالقربان قربه لله ، عز وجل ، فقبله الله منه ، فما زال يرتع في الجنة حتى فدى به ابن
إبراهيم عليه السلام . رواه
ابن جرير .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
الأنصاري حدثنا
القاسم بن عبد الرحمن حدثنا
محمد بن علي بن الحسين قال : قال
آدم عليه السلام
لهابيل وقابيل : إن ربي عهد إلي أنه كائن من ذريتي من يقرب القربان ، فقربا قربانا حتى تقر عيني إذا تقبل قربانكما ، فقربا . وكان
هابيل صاحب غنم فقرب أكولة غنمه ، خير ماله ، وكان
قابيل صاحب زرع ، فقرب مشاقة من زرعه ، فانطلق
آدم معهما ، ومعهما قربانهما ، فصعدا الجبل فوضعا قربانهما ، ثم جلسوا ثلاثتهم : آدم وهما ، ينظران إلى القربان ، فبعث الله نارا حتى إذا كانت فوقهما دنا منها عنق ، فاحتمل قربان
هابيل وترك قربان
قابيل فانصرفوا . وعلم
آدم أن
قابيل مسخوط عليه ، فقال : ويلك يا
قابيل رد عليك قربانك . فقال
قابيل : أحببته فصليت على قربانه ودعوت له فتقبل قربانه ، ورد علي قرباني . وقال
قابيل لهابيل : لأقتلنك
[ ص: 84 ] فأستريح منك ، دعا لك أبوك فصلى على قربانك ، فتقبل منك . وكان يتواعده بالقتل ، إلى أن احتبس
هابيل ذات عشية في غنمه ، فقال
آدم : يا
قابيل أين أخوك؟ [ قال ] قال : وبعثتني له راعيا؟ لا أدري . فقال [ له ]
آدم : ويلك يا
قابيل . انطلق فاطلب أخاك . فقال
قابيل في نفسه : الليلة أقتله . وأخذ معه حديدة فاستقبله وهو منقلب ، فقال : يا
هابيل تقبل قربانك ورد علي قرباني ، لأقتلنك . فقال
هابيل : قربت أطيب مالي ، وقربت أنت أخبث مالك ، وإن الله لا يقبل إلا الطيب ، إنما يتقبل الله من المتقين ، فلما قالها غضب
قابيل فرفع الحديدة وضربه بها ، فقال : ويلك يا
قابيل أين أنت من الله؟ كيف يجزيك بعملك؟ فقتله فطرحه في جوبة من الأرض ، وحثى عليه شيئا من التراب .
وقال
محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : إن
آدم أمر ابنه قينا أن ينكح أخته توأمة
هابيل ، وأمر
هابيل أن ينكح أخته توأمة قين ، فسلم لذلك
هابيل ورضي ، وأبى ذلك قين وكره ، تكرما عن أخت
هابيل ورغب بأخته عن
هابيل وقال : نحن ولادة الجنة ، وهما من ولادة الأرض ، وأنا أحق بأختي - ويقول بعض أهل العلم بالكتاب الأول : كانت أخت قين من أحسن الناس ، فضن بها عن أخيه وأرادها لنفسه ، فالله أعلم أي ذلك كان - فقال له أبوه : يا بني ، إنها لا تحل لك ، فأبى
قابيل أن يقبل ذلك من قول أبيه . فقال له أبوه : يا بني ، قرب قربانا ، ويقرب أخوك
هابيل قربانا ، فأيكما تقبل قربانه فهو أحق بها ، وكان قين على بذر الأرض ، وكان
هابيل على رعاية الماشية ، فقرب قين قمحا ، وقرب
هابيل أبكارا من أبكار غنمه - وبعضهم يقول : قرب بقرة - فأرسل الله نارا بيضاء ، فأكلت قربان
هابيل وتركت قربان قين ، وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله . رواه
ابن جرير .
وقال
العوفي عن
ابن عباس قال : كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه ، وإنما كان القربان يقربه الرجل . فبينا ابنا
آدم قاعدان إذ قالا لو قربنا قربانا ، وكان الرجل إذا قرب قربانا فرضيه الله أرسل إليه نارا فتأكله وإن لم يكن رضيه الله خبت النار ، فقربا قربانا ، وكان أحدهما راعيا ، وكان الآخر حراثا ، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها ، وقرب الآخر بعض زرعه ، فجاءت النار فنزلت بينهما ، فأكلت الشاة وتركت الزرع ، وإن ابن
آدم قال لأخيه : أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قربانا فتقبل منك ورد علي ؟ فلا والله لا ينظر الناس إليك وإلي وأنت
[ ص: 85 ] خير مني . فقال : لأقتلنك . فقال له أخوه : ما ذنبي؟ إنما يتقبل الله من المتقين . رواه
ابن جرير .
فهذا الأثر يقتضي أن تقريب القربان كان لا عن سبب ولا عن تدارئ في امرأة ، كما تقدم عن جماعة من تقدم ذكرهم ، وهو ظاهر القرآن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ) فالسياق يقتضي أنه إنما غضب عليه وحسده لقبول قربانه دونه .
ثم المشهور عند الجمهور أن الذي قرب الشاة هو
هابيل وأن الذي قرب الطعام هو
قابيل وأنه تقبل من
هابيل شاته ، حتى قال
ابن عباس وغيره : إنه الكبش الذي فدي به الذبيح ، وهو مناسب ، والله أعلم ، ولم يتقبل من
قابيل . كذلك نص عليه غير واحد من السلف والخلف ، وهو المشهور عن
مجاهد أيضا ، ولكن روى
ابن جرير عنه أنه قال : الذي قرب الزرع
قابيل وهو المتقبل منه ، وهذا خلاف المشهور ، ولعله لم يحفظ عنه جيدا ، والله أعلم .
ومعنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إنما يتقبل الله من المتقين ) أي : ممن اتقى الله في فعله ذلك .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
إبراهيم بن العلاء بن زبريق حدثنا
إسماعيل بن عياش حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو عن
تميم يعني
ابن مالك المقري قال : سمعت
أبا الدرداء يقول : لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها ، إن الله يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إنما يتقبل الله من المتقين )
وحدثنا أبي ، حدثنا
عبد الله بن عمران حدثنا
إسحاق بن سليمان - يعني الرازي - عن
المغيرة بن مسلم عن
ميمون بن أبي حمزة قال : كنت جالسا عند
أبي وائل فدخل علينا رجل - يقال له :
أبو عفيف من أصحاب
معاذ - فقال له
شقيق بن سلمة : يا
أبا عفيف ألا تحدثنا عن
معاذ بن جبل؟ قال : بلى ، سمعته يقول : يحبس الناس في بقيع واحد ، فينادي مناد : أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن ، لا يحتجب الله منهم ولا يستتر . قلت : من المتقون؟ قال : قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان ، وأخلصوا العبادة ، فيمرون إلى الجنة .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=28976لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ) يقول له أخوه الرجل الصالح ، الذي تقبل الله قربانه لتقواه حين تواعده أخوه بالقتل على غير ما ذنب منه إليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) أي : لا أقابلك على صنيعك الفاسد بمثله ، فأكون أنا وأنت سواء في الخطيئة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28إني أخاف الله رب العالمين ) أي : من أن أصنع كما تريد أن تصنع ، بل أصبر وأحتسب .
قال
عبد الله بن عمرو : وايم الله ، إن كان لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج ، يعني الورع .
[ ص: 86 ]
ولهذا ثبت في الصحيحين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821320إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار " . قالوا : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
قتيبة بن سعيد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث بن سعد عن
عياش بن عباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد ; أن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص قال عند فتنة
عثمان : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823654إنها nindex.php?page=treesubj&link=30202ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي " . قال : أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني قال : " كن كابن آدم " .
وكذا رواه
الترمذي عن
قتيبة بن سعيد وقال : هذا الحديث حسن ، وفي الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=211وخباب بن الأرت وأبي بكرة nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وأبي واقد وأبي موسى وخرشة . ورواه بعضهم عن
الليث بن سعد وزاد في الإسناد رجلا .
قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر : الرجل هو
حسين الأشجعي .
قلت : وقد رواه
أبو داود من طريقه فقال : حدثنا
يزيد بن خالد الرملي حدثنا
المفضل عن
عياش بن عباس عن
بكير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد عن
حسين بن عبد الرحمن الأشجعي ; أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال : فقلت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823655يا رسول الله ، أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كن كابن آدم " وتلا
يزيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين )
قال
أيوب السختياني : إن أول من أخذ بهذه الآية من هذه الأمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين )
لعثمان بن عفان رضي الله عنه . رواه
ابن أبي حاتم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
مرحوم حدثني
أبو عمران الجوني عن
عبد الله بن الصامت عن
أبي ذر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823656ركب النبي صلى الله عليه وسلم حمارا وأردفني خلفه ، وقال : " يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك ، كيف تصنع؟ " . قال : قال الله ورسوله أعلم . قال : " تعفف " قال : " يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس موت شديد ، ويكون البيت فيه بالعبد ، يعني القبر ، كيف تصنع؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " اصبر " . قال : " يا أبا ذر أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضا ، يعني حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء ، كيف تصنع؟ " . قال : الله ورسوله أعلم . قال : " اقعد في بيتك وأغلق عليك بابك " . قال : فإن لم أترك؟ قال : " فأت من أنت منهم ، فكن [ ص: 87 ] فيهم قال : فآخذ سلاحي؟ قال : " إذا تشاركهم فيما هم فيه ، ولكن إن خشيت أن يروعك شعاع السيف ، فألق طرف ردائك على وجهك حتى يبوء بإثمه وإثمك " .
رواه
مسلم وأهل السنن سوى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني عن
عبد الله بن الصامت به ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق
حماد بن زيد عن
أبي عمران عن
المشعث بن طريف عن
عبد الله بن الصامت عن
أبي ذر بنحوه .
قال
أبو داود : ولم يذكر
المشعث في هذا الحديث غير
حماد بن زيد .
وقال
ابن مردويه : حدثنا
محمد بن علي بن دحيم حدثنا
أحمد بن حازم حدثنا
قبيصة بن عقبة حدثنا
سفيان عن
منصور عن
ربعي قال : كنا في جنازة
حذيفة nindex.php?page=hadith&LINKID=824486فسمعت رجلا يقول : سمعت هذا يقول في ناس : مما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لئن اقتتلتم لأنظرن إلى أقصى بيت في داري ، فلألجنه ، فلئن دخل علي فلان لأقولن : ها بؤ بإثمي وإثمك ، فأكون كخير ابني آدم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=28976_31822إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ) قال
ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ) أي : بإثم قتلي وإثمك الذي عليك قبل ذلك .
قال
ابن جرير : وقال آخرون : يعني ذلك أني أريد أن تبوء بخطيئتي ، فتتحمل وزرها ، وإثمك في قتلك إياي . وهذا قول وجدته عن
مجاهد وأخشى أن يكون غلطا ; لأن الصحيح من الرواية عنه خلافه . يعني : ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
منصور عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي ) قال : بقتلك إياي ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29وإثمك ) قال : بما كان منك قبل ذلك .
وكذا روى
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد مثله ، وروى
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ) يقول : إني أريد أن يكون عليك خطيئتي ودمي ، فتبوء بهما جميعا .
قلت : وقد يتوهم كثير من الناس هذا القول ، ويذكرون في ذلك حديثا لا أصل له : ما ترك القاتل على المقتول من ذنب .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13863الحافظ أبو بكر البزار حديثا يشبه هذا ، ولكن ليس به ، فقال : حدثنا
عمرو بن علي حدثنا
عامر بن إبراهيم الأصبهاني حدثنا
يعقوب بن عبد الله حدثنا
عتبة بن سعيد عن
هشام [ ص: 88 ] بن عروة عن أبيه ، عن
عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825055قتل الصبر لا يمر بذنب إلا محاه " .
وهذا بهذا لا يصح ولو صح فمعناه أن الله يكفر عن المقتول بألم القتل ذنوبه ، فأما أن تحمل على القاتل فلا . ولكن قد يتفق هذا في بعض الأشخاص ، وهو الغالب ، فإن المقتول يطالب القاتل في العرصات فيؤخذ له من حسناته بقدر مظلمته ، فإن نفدت ولم يستوف حقه أخذ من سيئات المقتول فطرحت على القاتل ، فربما لا يبقى على المقتول خطيئة إلا وضعت على القاتل . وقد صح الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المظالم كلها ، والقتل من أعظمها وأشدها ، والله أعلم .
وأما
ابن جرير فقال والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن تأويله : إني أريد أن تنصرف بخطيئتك في قتلك إياي - وذلك هو معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي ) وأما معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29وإثمك ) فهو إثمه بغير قتله ، وذلك معصيته الله ، عز وجل ، في أعمال سواه .
وإنما قلنا هو الصواب ، لإجماع أهل التأويل عليه ، وأن الله ، عز وجل ، أخبرنا أن كل عامل فجزاء عمله له أو عليه وإذا كان هذا حكمه في خلقه ، فغير جائز أن تكون آثام المقتول مأخوذا بهذا القاتل ، وإنما يؤخذ القاتل بإثمه بالقتل المحرم وسائر آثام معاصيه التي ارتكبها بنفسه دون ما ركبه قتيله .
هذا لفظه ثم أورد سؤالا حاصله : كيف أراد
هابيل أن يكون على أخيه
قابيل إثم قتله ، وإثم نفسه ، مع أن قتله له محرم ؟ وأجاب بما حاصله أن
هابيل أخبر عن نفسه بأنه لا يقاتل أخاه إن قاتله ، بل يكف يده عنه ، طالبا - إن وقع قتل - أن يكون من أخيه لا منه .
قلت : وهذا الكلام متضمن موعظة له لو اتعظ ، وزجرا له لو انزجر ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ) أي : تتحمل إثمي وإثمك (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين )
وقال
ابن عباس : خوفه النار فلم ينته ولم ينزجر .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ) أي : فحسنت وسولت له نفسه ، وشجعته على قتل أخيه فقتله ، أي : بعد هذه الموعظة وهذا الزجر .
وقد تقدم في الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11958أبي جعفر الباقر وهو
محمد بن علي بن الحسين : أنه قتله بحديدة في يده .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن
أبي مالك وعن
أبي صالح عن
ابن عباس - وعن
مرة عن
عبد الله وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فطوعت له نفسه قتل أخيه ) فطلبه ليقتله ، فراغ الغلام منه في رءوس الجبال ، فأتاه يوما من الأيام وهو يرعى غنما له ، وهو نائم فرفع صخرة ، فشدخ بها رأسه فمات ،
[ ص: 89 ] فتركه بالعراء . رواه
ابن جرير .
وعن بعض
أهل الكتاب : أنه قتله خنقا وعضا ، كما تقتل السباع ، وقال
ابن جرير لما أراد أن يقتله جعل يلوي عنقه ، فأخذ إبليس دابة ووضع رأسها على حجر ، ثم أخذ حجرا آخر فضرب به رأسها حتى قتلها ، وابن
آدم ينظر ، ففعل بأخيه مثل ذلك . رواه
ابن أبي حاتم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب عن
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال : أخذ برأسه ليقتله ، فاضطجع له ، وجعل يغمز رأسه وعظامه ولا يدري كيف يقتله ، فجاءه إبليس فقال : أتريد أن تقتله ؟ قال : نعم . قال : فخذ هذه الصخرة فاطرحها على رأسه . قال : فأخذها ، فألقاها عليه ، فشدخ رأسه . ثم جاء إبليس إلى
حواء مسرعا ، فقال : يا
حواء ، إن
قابيل قتل
هابيل . فقالت له : ويحك ، أي شيء يكون القتل ؟ قال : لا يأكل ولا يشرب ولا يتحرك . قالت : ذلك الموت . قال : فهو الموت . فجعلت تصيح حتى دخل عليها
آدم وهي تصيح ، فقال : ما لك ؟ فلم تكلمه ، فرجع إليها مرتين ، فلم تكلمه . فقال : عليك الصيحة وعلى بناتك ، وأنا وبني منها برآء . رواه
ابن أبي حاتم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فأصبح من الخاسرين ) أي : في الدنيا والآخرة ، وأي خسارة أعظم من هذه ؟ . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو معاوية ووكيع ، قالا : حدثنا
الأعمش عن
عبد الله بن مرة عن
مسروق عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823657لا تقتل نفس ظلما ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل " .
وقد أخرجه الجماعة سوى أبي داود من طرق ، عن
الأعمش به .
وقال
ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا
الحسين حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال
مجاهد : علقت إحدى رجلي القاتل بساقها إلى فخذها من يومئذ إلى يوم القيامة ، ووجهه في الشمس حيثما دارت دار ، عليه في الصيف حظيرة من نار ، وعليه في الشتاء حظيرة من ثلج - قال : وقال
عبد الله بن عمرو : إنا لنجد ابن
آدم القاتل يقاسم أهل النار قسمة صحيحة العذاب ، عليه شطر عذابهم .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن حميد حدثنا
سلمة عن
ابن إسحاق عن
حكيم بن حكيم أنه حدث عن
عبد الله بن عمرو أنه كان يقول : إن أشقى أهل النار رجلا ابن
آدم الذي قتل أخاه ، ما سفك دم في الأرض منذ قتل أخاه إلى يوم القيامة ، إلا لحق به منه شر ، وذلك أنه أول من سن القتل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : ما من مقتول يقتل ظلما ، إلا كان على ابن
آدم الأول والشيطان كفل منه .
[ ص: 90 ]
رواه
ابن جرير أيضا .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=28976_32016فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي بإسناده المتقدم إلى الصحابة : لما مات الغلام تركه بالعراء ، ولا يعلم كيف يدفن ، فبعث الله غرابين أخوين ، فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ، فحفر له ثم حثى عليه . فلما رآه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ) .
وقال
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس قال : جاء غراب إلى غراب ميت ، فبحث عليه من التراب حتى واراه ، فقال الذي قتل أخاه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي )
وقال
الضحاك عن
ابن عباس : مكث يحمل أخاه في جراب على عاتقه سنة ، حتى بعث الله الغرابين ، فرآهما يبحثان ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب ) فدفن أخاه .
وقال
ليث بن أبي سليم عن
مجاهد : وكان يحمله على عاتقه مائة سنة ميتا ، لا يدري ما يصنع به يحمله ، ويضعه إلى الأرض حتى رأى الغراب يدفن الغراب ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ) رواه
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم .
وقال عطية
العوفي : لما قتله ندم . فضمه إليه حتى أروح ، وعكفت عليه الطيور والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله . رواه
ابن جرير .
وقال
محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : لما قتله سقط في يديه ، ولم يدر كيف يواريه . وذلك أنه كان - فيما يزعمون - أول قتيل في بني
آدم وأول ميت (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ) قال : وزعم
أهل التوراة أن
قينا لما قتل أخاه
هابيل قال له الله عز وجل : يا
قين أين أخوك
هابيل ؟ قال : قال : ما أدري ، ما كنت عليه رقيبا . فقال الله : إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض ، والآن أنت ملعون من الأرض التي فتحت فاها فبلعت دم أخيك من يدك ، فإن أنت عملت في الأرض ، فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعا تائها في الأرض .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فأصبح من النادمين ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : علاه الله بندامة بعد خسران .
فهذه أقوال المفسرين في هذه القصة ، وكلهم متفقون على أن هذين ابنا
آدم لصلبه ، كما هو ظاهر القرآن ، وكما نطق به الحديث في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823658 " إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ; لأنه أول من سن القتل " . وهذا ظاهر جلي ، ولكن قال
ابن جرير :
حدثنا
ابن وكيع حدثنا
سهل بن يوسف عن
عمرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن - هو البصري - قال : كان
[ ص: 91 ] الرجلان اللذان في القرآن ، اللذان قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) من
بني إسرائيل ولم يكونا ابني
آدم لصلبه ، وإنما كان القربان في
بني إسرائيل وكان
آدم أول من مات . وهذا غريب جدا ، وفي إسناده نظر .
وقد قال
عبد الرزاق عن معمر ، عن
الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
إن ابني آدم ، عليه السلام ، ضربا لهذه الأمة مثلا فخذوا بالخير منهما .
ورواه
ابن المبارك عن
عاصم الأحول عن
الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825057إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلا فخذوا من خيرهم ودعوا الشر " .
وكذا أرسل هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله المزني روى ذلك كله
ابن جرير .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد : لما قتل ابن
آدم أخاه ، مكث
آدم مائة سنة حزينا لا يضحك ، ثم أتي فقيل له : حياك الله وبياك . أي : أضحكك .
رواه
ابن جرير ثم قال : حدثنا
ابن حميد حدثنا
سلمة عن
غياث بن إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق الهمداني قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : لما قتل ابن
آدم أخاه ، بكاه
آدم فقال :
تغيرت البلاد ومن عليها فلون الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم
وقل بشاشة الوجه المليح
فأجيب
آدم عليه السلام :
أبا هابيل قد قتلا جميعا وصار الحي كالميت الذبيح
وجاء بشرة قد كان منها على خوف فجاء بها يصيح
[ ص: 92 ]
والظاهر أن
قابيل عوجل بالعقوبة ، كما ذكره
مجاهد بن جبر أنه علقت ساقه بفخذه يوم قتله ، وجعل الله وجهه إلى الشمس حيث دارت عقوبة له وتنكيلا به . وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ] قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821626ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة ، من البغي وقطيعة الرحم " . وقد اجتمع في فعل
قابيل هذا وهذا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28976_19696_32016وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ( 28 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ( 29 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( 30 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ( 31 ) )
يَقُولُ تَعَالَى مُبَيِّنًا وَخِيمَ عَاقِبَةِ الْبَغْيِ وَالْحَسَدِ وَالظُّلْمِ فِي خَبَرِ ابْنَيْ
آدَمَ لِصُلْبِهِ - فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ - وَهُمَا
هَابِيلُ وَقَابِيلُ كَيْفَ عَدَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، فَقَتَلَهُ بَغْيًا عَلَيْهِ وَحَسَدًا لَهُ ، فِيمَا وَهَبَهُ اللَّهُ مِنَ النِّعْمَةِ وَتَقَبُّلِ الْقُرْبَانِ الَّذِي أَخْلَصَ فِيهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَفَازَ الْمَقْتُولُ بِوَضْعِ الْآثَامِ وَالدُّخُولِ إِلَى
[ ص: 82 ] الْجَنَّةِ ، وَخَابَ الْقَاتِلُ وَرَجَعَ بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ) أَيْ : وَاقْصُصْ عَلَى هَؤُلَاءِ الْبُغَاةِ الْحَسَدَةِ ، إِخْوَانِ الْخَنَازِيرِ وَالْقِرَدَةِ مِنَ
الْيَهُودِ وَأَمْثَالِهِمْ وَأَشْبَاهِهِمْ - خَبَرَ ابْنَيْ
آدَمَ وَهُمَا
هَابِيلُ وَقَابِيلُ فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ .
وَقَوْلُهُ : ( بِالْحَقِّ ) أَيْ : عَلَى الْجَلِيَّةِ وَالْأَمْرِ الَّذِي لَا لَبْسَ فِيهِ وَلَا كَذِبَ ، وَلَا وَهْمَ وَلَا تَبْدِيلَ ، وَلَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=62إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 62 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ) [ الْكَهْفِ : 13 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=34ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ] ) [ مَرْيَمَ : 34 ]
وَكَانَ مِنْ خَبَرِهِمَا فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَرَعَ
لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَنْ يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ لِضَرُورَةِ الْحَالِ ، وَلَكِنْ قَالُوا : كَانَ يُولَدُ لَهُ فِي كُلِّ بَطْنِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى ، فَكَانَ يُزَوِّجُ أُنْثَى هَذَا الْبَطْنِ لِذِكْرِ الْبَطْنِ الْآخَرِ ، وَكَانَتْ أُخْتُ
هَابِيلَ دَمِيمَةً ، وَأُخْتُ
قَابِيلَ وَضِيئَةً ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِهَا عَلَى أَخِيهِ ، فَأَبَى
آدَمُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُقَرِّبَا قُرْبَانًا ، فَمَنْ تُقُبِّلَ مِنْهُ فَهِيَ لَهُ ، فَقَرَّبَا فَتُقُبِّلَ مِنْ
هَابِيلَ وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ
قَابِيلَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ .
ذِكْرُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا :
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ - فِيمَا ذَكَرَ - عَنْ
أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ - وَعَنْ
مُرَّةَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ - وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; أَنَّهُ كَانَ لَا يُولَدُ
لِآدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا وَلِدَ مَعَهُ جَارِيَةٌ ، فَكَانَ يُزَوِّجُ غُلَامَ هَذَا الْبَطْنِ جَارِيَةَ هَذَا الْبَطْنِ الْآخَرِ ، وَيُزَوِّجُ جَارِيَةَ هَذَا الْبَطْنِ غُلَامَ هَذَا الْبَطْنِ الْآخَرِ ، حَتَّى وُلِدَ لَهُ ابْنَانِ يُقَالُ لَهُمَا :
قَابِيلُ وَهَابِيلُ وَكَانَ
قَابِيلُ صَاحِبَ زَرْعٍ ، وَكَانَ
هَابِيلُ صَاحِبَ ضَرْعٍ ، وَكَانَ
قَابِيلُ أَكْبَرَهُمَا ، وَكَانَ لَهُ أُخْتٌ أَحْسَنَ مِنْ أُخْتِ
هَابِيلَ وَإِنَّ
هَابِيلَ طَلَبَ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَ
قَابِيلَ فَأَبَى عَلَيْهِ وَقَالَ : هِيَ أُخْتِي ، وُلِدَتْ مَعِي ، وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ أُخْتِكَ ، وَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَتَزَوَّجَ بِهَا . فَأَمَرَهُ أَبُوهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا
هَابِيلَ فَأَبَى ، وَأَنَّهُمَا قَرَّبَا قُرْبَانًا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَيُّهُمَا أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ ، وَكَانَ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ غَابَ عَنْهُمَا ، أَتَى
مَكَّةَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا . قَالَ : إِنَّ لِي بَيْتًا فِي
مَكَّةَ فَأْتِهِ . فَقَالَ
آدَمُ لِلسَّمَاءِ : احْفَظِي وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ ، فَأَبَتْ . وَقَالَ لِلْأَرْضِ ، فَأَبَتْ . وَقَالَ لِلْجِبَالِ ، فَأَبَتْ . فَقَالَ
لِقَابِيلَ فَقَالَ : نَعَمْ ، تَذْهَبُ وَتَرْجِعُ وَتَجِدُ أَهْلَكَ كَمَا يَسُرُّكَ . فَلَمَّا انْطَلَقَ
آدَمُ قَرَّبَا قُرْبَانًا ، وَكَانَ
قَابِيلُ يَفْخَرُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : أَنَا أَحَقُّ بِهَا مِنْكَ ، هِيَ أُخْتِي ، وَأَنَا أَكْبَرُ مِنْكَ ، وَأَنَا وَصِيُّ وَالِدِي . فَلَمَّا قَرَّبَا ، قَرَّبَ
هَابِيلُ جَذَعَةً سِمْنَةً ، وَقَرَّبَ
قَابِيلُ حِزْمَةَ سُنْبُلٍ ، فَوَجَدَ فِيهَا سُنْبُلَةً عَظِيمَةً ، فَفَرَكَهَا فَأَكَلَهَا . فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ
هَابِيلَ وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ
قَابِيلَ فَغَضِبَ وَقَالَ : لِأَقْتُلُنَّكَ حَتَّى لَا تَنْكِحَ أُخْتِي . فَقَالَ
هَابِيلُ : إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
[ ص: 83 ]
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي
ابْنُ خُثَيْمٍ قَالَ : أَقْبَلْتُ مَعَ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : نُهِيَ أَنْ تَنْكِحَ الْمَرْأَةُ أَخَاهَا تَوْأَمَهَا ، وَأُمِرَ أَنْ يَنْكِحَهَا غَيْرُهُ مِنْ إِخْوَتِهَا ، وَكَانَ يُولَدُ لَهُ فِي كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ وُلِدَ لَهُ امْرَأَةٌ وَضِيئَةٌ ، وَوُلِدَ لَهُ أُخْرَى قَبِيحَةٌ دَمِيمَةٌ ، فَقَالَ أَخُو الدَّمِيمَةِ : أَنْكِحْنِي أُخْتَكَ وَأُنْكِحُكَ أُخْتِي . قَالَ : لَا ، أَنَا أَحَقُّ بِأُخْتِي ، فَقَرَّبَا قُرْبَانًا ، فَتُقُبِّلَ مَنْ صَاحِبِ الْكَبْشِ ، وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ صَاحِبِ الزَّرْعِ ، فَقَتَلَهُ . إِسْنَادٌ جَيِّدٌ .
وَحَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا ) فَقَرَّبَا قُرْبَانَهُمَا ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِكَبْشٍ أَعْيَنَ أَقْرَنَ أَبْيَضَ ، وَصَاحِبُ الْحَرْثِ بِصَبْرَةٍ مِنْ طَعَامٍ ، فَقَبِلَ اللَّهُ الْكَبْشَ فَخَزَنَهُ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ، وَهُوَ الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ
إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا
عَوْفٌ عَنْ
أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : إِنَّ ابْنَيْ
آدَمَ اللَّذَيْنِ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقَبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ، كَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ حَرْثٍ وَالْآخِرُ صَاحِبَ غَنَمٍ ، وَإِنَّهُمَا أُمِرَا أَنْ يُقَرِّبَا قُرْبَانًا ، وَإِنَّ صَاحِبَ الْغَنَمِ قَرَّبَ أَكْرَمَ غَنَمِهِ وَأَسْمَنَهَا وَأَحْسَنَهَا ، طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ ، وَإِنَّ صَاحِبَ الْحَرْثِ قَرَّبَ أَشَرَّ حَرْثِهِ الْكَوْدَنِ وَالزَّوَانِ غَيْرَ طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ ، وَإِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، تَقَبَّلَ قُرْبَانَ صَاحِبِ الْغَنَمِ ، وَلَمْ يَتَقَبَّلْ قُرْبَانَ صَاحِبِ الْحَرْثِ ، وَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، قَالَ : وَايْمُ اللَّهِ ، إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ لَأَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ ، وَلَكِنْ مَنْعَهُ التَّحَرُّجُ أَنْ يَبْسُطَ [ يَدَهُ ] إِلَى أَخِيهِ .
وَقَالَ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ الْمَدَنِيُّ الْقَاصُّ : بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَيْ آدَمَ لَمَّا أُمِرَا بِالْقُرْبَانِ ، كَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ غَنَمٍ ، وَكَانَ أَنْتَجَ لَهُ حَمْلٌ فِي غَنَمِهِ ، فَأَحَبَّهُ حَتَّى كَانَ يُؤْثِرُهُ بِاللَّيْلِ ، وَكَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ حُبِّهِ ، حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ . فَلَمَّا أُمِرَ بِالْقُرْبَانِ قَرَّبَهُ لِلَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ ، فَمَا زَالَ يَرْتَعُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى فَدَى بِهِ ابْنَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ : قَالَ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِهَابِيلَ وَقَابِيلَ : إِنَّ رَبِّي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ كَائِنٌ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُقَرِّبُ الْقُرْبَانَ ، فَقَرِّبَا قُرْبَانًا حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي إِذَا تُقُبِّلَ قُرْبَانُكُمَا ، فَقَرَّبَا . وَكَانَ
هَابِيلُ صَاحِبَ غَنَمٍ فَقَرَّبَ أَكُولَةَ غَنَمِهِ ، خَيْرَ مَالِهِ ، وَكَانَ
قَابِيلُ صَاحِبَ زَرْعٍ ، فَقَرَّبَ مَشَاقَّةً مِنْ زَرْعِهِ ، فَانْطَلَقَ
آدَمُ مَعَهُمَا ، وَمَعَهُمَا قُرْبَانُهُمَا ، فَصَعِدَا الْجَبَلَ فَوَضَعَا قُرْبَانَهُمَا ، ثُمَّ جَلَسُوا ثَلَاثَتُهُمْ : آدَمُ وَهُمَا ، يَنْظُرَانِ إِلَى الْقُرْبَانِ ، فَبَعَثَ اللَّهُ نَارًا حَتَّى إِذَا كَانَتْ فَوْقَهُمَا دَنَا مِنْهَا عُنُقٌ ، فَاحْتَمَلَ قُرْبَانَ
هَابِيلَ وَتَرَكَ قُرْبَانَ
قَابِيلَ فَانْصَرَفُوا . وَعَلِمَ
آدَمُ أَنَّ
قَابِيلَ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : وَيْلَكَ يَا
قَابِيلُ رُدَّ عَلَيْكَ قُرْبَانُكَ . فَقَالَ
قَابِيلُ : أَحْبَبْتَهُ فَصَلَّيْتَ عَلَى قُرْبَانِهِ وَدَعَوْتَ لَهُ فَتُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ ، وَرُدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي . وَقَالَ
قَابِيلُ لِهَابِيلَ : لَأَقْتُلَنَّكَ
[ ص: 84 ] فَأَسْتَرِيحُ مِنْكَ ، دَعَا لَكَ أَبُوكَ فَصَلَّى عَلَى قُرْبَانِكَ ، فَتُقُبِّلَ مِنْكَ . وَكَانَ يَتَوَاعَدُهُ بِالْقَتْلِ ، إِلَى أَنِ احْتَبَسَ
هَابِيلَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ فِي غَنَمِهِ ، فَقَالَ
آدَمُ : يَا
قَابِيلُ أَيْنَ أَخُوكَ؟ [ قَالَ ] قَالَ : وَبَعَثَتْنِي لَهُ رَاعِيًا؟ لَا أَدْرِي . فَقَالَ [ لَهُ ]
آدَمُ : وَيْلَكَ يَا
قَابِيلُ . انْطَلِقْ فَاطْلُبْ أَخَاكَ . فَقَالَ
قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ : اللَّيْلَةَ أَقْتُلُهُ . وَأَخَذَ مَعَهُ حَدِيدَةً فَاسْتَقْبَلَهُ وَهُوَ مُنْقَلِبٌ ، فَقَالَ : يَا
هَابِيلُ تُقُبِّلَ قُرْبَانُكَ وَرُدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي ، لَأَقْتُلَنَّكَ . فَقَالَ
هَابِيلُ : قَرَّبْتُ أَطْيَبَ مَالِي ، وَقَرَّبْتَ أَنْتَ أَخْبَثَ مَالِكَ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ ، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ، فَلَمَّا قَالَهَا غَضِبَ
قَابِيلُ فَرَفَعَ الْحَدِيدَةَ وَضَرَبَهُ بِهَا ، فَقَالَ : وَيْلَكَ يَا
قَابِيلُ أَيْنَ أَنْتَ مِنَ اللَّهِ؟ كَيْفَ يَجْزِيكَ بِعَمَلِكَ؟ فَقَتَلَهُ فَطَرَحَهُ فِي جَوْبَةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، وَحَثَى عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ التُّرَابِ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ : إِنَّ
آدَمَ أَمَرَ ابْنَهُ قَيْنًا أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهُ تَوْأَمَةَ
هَابِيلَ ، وَأَمَرَ
هَابِيلَ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهُ تَوْأَمَةَ قَيْنٍ ، فَسَلَّمَ لِذَلِكَ
هَابِيلُ وَرَضِيَ ، وَأَبَى ذَلِكَ قَيْنٌ وَكَرِهَ ، تَكَرُّمًا عَنْ أُخْتِ
هَابِيلَ وَرَغِبَ بِأُخْتِهِ عَنْ
هَابِيلَ وَقَالَ : نَحْنُ وِلَادَةُ الْجَنَّةِ ، وَهُمَا مِنْ وِلَادَةِ الْأَرْضِ ، وَأَنَا أَحَقُّ بِأُخْتِي - وَيَقُولُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ : كَانَتْ أُخْتُ قَيْنٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ، فَضَنَّ بِهَا عَنْ أَخِيهِ وَأَرَادَهَا لِنَفْسِهِ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ - فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكَ ، فَأَبَى
قَابِيلُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِيهِ . فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ : يَا بُنَيَّ ، قَرِّبْ قُرْبَانًا ، وَيُقَرِّبْ أَخُوكَ
هَابِيلُ قُرْبَانًا ، فَأَيُّكُمَا تُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَكَانَ قَيْنٌ عَلَى بِذْرِ الْأَرْضِ ، وَكَانَ
هَابِيلُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَاشِيَةِ ، فَقَرَّبَ قَيْنٌ قَمْحًا ، وَقَرَّبَ
هَابِيلُ أَبْكَارًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ - وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَرَّبَ بَقَرَةً - فَأَرْسَلَ اللَّهُ نَارًا بَيْضَاءَ ، فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ
هَابِيلَ وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ قَيْنٍ ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُقْبَلُ الْقُرْبَانُ إِذَا قَبِلَهُ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقَالَ
الْعَوْفِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِسْكِينٌ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقُرْبَانُ يُقَرِّبُهُ الرَّجُلُ . فَبَيْنَا ابْنَا
آدَمَ قَاعِدَانِ إِذْ قَالَا لَوْ قَرَّبْنَا قُرْبَانًا ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَّبَ قُرْبَانًا فَرَضِيَهُ اللَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ نَارًا فَتَأْكُلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَضِيَهُ اللَّهُ خَبَتِ النَّارُ ، فَقَرَّبَا قُرْبَانًا ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا رَاعِيًا ، وَكَانَ الْآخَرُ حَرَّاثًا ، وَإِنَّ صَاحِبَ الْغَنَمِ قَرَّبَ خَيْرَ غَنِمِهِ وَأَسْمَنَهَا ، وَقَرَّبَ الْآخَرُ بَعْضَ زَرْعِهِ ، فَجَاءَتِ النَّارُ فَنَزَلَتْ بَيْنَهُمَا ، فَأَكَلَتِ الشَّاةَ وَتَرَكَتِ الزَّرْعَ ، وَإِنَّ ابْنَ
آدَمَ قَالَ لِأَخِيهِ : أَتَمْشِي فِي النَّاسِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّكَ قَرَّبْتَ قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْكَ وَرُدَّ عَلَيَّ ؟ فَلَا وَاللَّهِ لَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ وَأَنْتَ
[ ص: 85 ] خَيْرٌ مِنِّي . فَقَالَ : لَأَقْتُلَنَّكَ . فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ : مَا ذَنْبِي؟ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
فَهَذَا الْأَثَرُ يَقْتَضِي أَنَّ تَقْرِيبَ الْقُرْبَانِ كَانَ لَا عَنْ سَبَبٍ وَلَا عَنْ تَدَارُئٍ فِي امْرَأَةٍ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ تَقُدُّمِ ذِكْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) فَالسِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا غَضَبُ عَلَيْهِ وَحَسَدُهُ لِقَبُولِ قُرْبَانِهِ دُونَهُ .
ثُمَّ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الَّذِي قَرَّبَ الشَّاةَ هُوَ
هَابِيلُ وَأَنَّ الَّذِي قَرَّبَ الطَّعَامَ هُوَ
قَابِيلُ وَأَنَّهُ تُقُبِّلَ مِنْ
هَابِيلَ شَاتُهُ ، حَتَّى قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : إِنَّهُ الْكَبْشُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ الذَّبِيحُ ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ
قَابِيلَ . كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا ، وَلَكِنْ رَوَى
ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : الَّذِي قَرَّبَ الزَّرْعَ
قَابِيلُ وَهُوَ الْمُتَقَبَّلُ مِنْهُ ، وَهَذَا خِلَافَ الْمَشْهُورِ ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ جَيِّدًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) أَيْ : مِمَّنِ اتَّقَى اللَّهَ فِي فِعْلِهِ ذَلِكَ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زِبْرِيقٍ حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16230صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ
تَمِيمٍ يَعْنِي
ابْنَ مَالِكٍ الْمَقْرِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ : لِأَنْ أَسْتَيْقِنَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي صَلَاةً وَاحِدَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )
وَحَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي الرَّازِيَّ - عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
مَيْمُونِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ
أَبِي وَائِلٍ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ - يُقَالُ لَهُ :
أَبُو عَفِيفٍ مِنْ أَصْحَابِ
مُعَاذٍ - فَقَالَ لَهُ
شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ : يَا
أَبَا عَفِيفٍ أَلَّا تُحَدِّثُنَا عَنْ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؟ قَالَ : بَلَى ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : يُحْبَسُ النَّاسُ فِي بَقِيعٍ وَاحِدٍ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ : أَيْنَ الْمُتَّقُونَ؟ فَيَقُومُونَ فِي كَنَفٍ مِنَ الرَّحْمَنِ ، لَا يَحْتَجِبُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَا يَسْتَتِرُ . قُلْتُ : مَنِ الْمُتَّقُونَ؟ قَالَ : قَوْمٌ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وَعِبَادَةَ الْأَوْثَانِ ، وَأَخْلَصُوا الْعِبَادَةَ ، فَيَمُرُّونَ إِلَى الْجَنَّةِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=28976لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) يَقُولُ لَهُ أَخُوهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، الَّذِي تَقَبَّلَ اللَّهُ قُرْبَانَهُ لِتَقْوَاهُ حِينَ تَوَاعَدَهُ أَخُوهُ بِالْقَتْلِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَنْبٍ مِنْهُ إِلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ) أَيْ : لَا أُقَابِلُكَ عَلَى صَنِيعِكَ الْفَاسِدِ بِمِثْلِهِ ، فَأَكُونُ أَنَا وَأَنْتَ سَوَاءٌ فِي الْخَطِيئَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) أَيْ : مِنْ أَنْ أَصْنَعَ كَمَا تُرِيدُ أَنَّ تَصْنَعَ ، بَلْ أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ .
قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : وَايْمُ اللَّهِ ، إِنْ كَانَ لَأَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ وَلَكِنْ مَنْعَهُ التَّحَرُّجُ ، يَعْنِي الْوَرَعُ .
[ ص: 86 ]
وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821320إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ " . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ : " إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15124لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ
عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15562بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15527بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ; أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ عِنْدَ فِتْنَةِ
عُثْمَانَ : أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823654إِنَّهَا nindex.php?page=treesubj&link=30202سَتَكُونُ فِتْنَةٌ ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي " . قَالَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي فَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيَّ لِيَقْتُلَنِي قَالَ : " كُنْ كَابْنِ آدَمَ " .
وَكَذَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ وَقَالَ : هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ ، وَفِي الْبَابِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=211وَخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ وَأَبِي بَكْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي وَاقِدٍ وَأَبِي مُوسَى وَخَرَشَةَ . وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ
اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا .
قَالَ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ : الرَّجُلُ هُوَ
حُسَيْنٌ الْأَشْجَعِيُّ .
قُلْتُ : وَقَدْ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِهِ فَقَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا
الْمُفَضَّلُ عَنْ
عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ
بُكَيْرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15527بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْجَعِيِّ ; أَنَّهُ سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ : فَقُلْتُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823655يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي وَبَسَطَ يَدَهُ لِيَقْتُلَنِي؟ قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُنْ كَابْنِ آدَم " وَتَلَا
يَزِيدُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )
قَالَ
أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ : إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )
لَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
مَرْحُومٌ حَدَّثَنِي
أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنَيُّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ
أَبِي ذَرٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823656رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ ، وَقَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ شَدِيدٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " . قَالَ : قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " تَعَفَّفْ " قَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ شَدِيدٌ ، وَيَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْعَبْدِ ، يَعْنِي الْقَبْرَ ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " اصْبِرْ " . قَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، يَعْنِي حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " . قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ " . قَالَ : فَإِنْ لَمْ أُتْرَكْ؟ قَالَ : " فَأْتِ مَنْ أَنْتَ مِنْهُمْ ، فَكُنْ [ ص: 87 ] فِيهِمْ قَالَ : فَآخُذُ سِلَاحِي؟ قَالَ : " إذًا تُشَارِكُهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ ، وَلَكِنْ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يُرَوِّعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ ، فَأَلْقِ طَرْفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ حَتَّى يَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ " .
رَوَاهُ
مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ سِوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12107أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ بِهِ وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ
حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ
أَبِي عِمْرَانَ عَنِ
الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ
أَبِي ذَرٍّ بِنَحْوِهِ .
قَالَ
أَبُو دَاوُدَ : وَلَمْ يَذْكُرِ
الْمُشَعَّثُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ
حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ .
وَقَالَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا
قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ عَنْ
مَنْصُورٍ عَنْ
رِبْعِيٍّ قَالَ : كُنَّا فِي جِنَازَةِ
حُذَيْفَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=824486فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ : سَمِعْتُ هَذَا يَقُولُ فِي نَاسٍ : مِمَّا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَئِنِ اقْتَتَلْتُمْ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى أَقْصَى بَيْتٍ فِي دَارِي ، فَلَأَلِجَنَّهُ ، فَلَئِنْ دَخَلَ عَلَيَّ فُلَانٌ لَأَقُولُنَّ : هَا بُؤْ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ، فَأَكُونُ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=28976_31822إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ) قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) أَيْ : بِإِثْمِ قَتْلِي وَإِثْمِكَ الَّذِي عَلَيْكَ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَقَالَ آخَرُونَ : يَعْنِي ذَلِكَ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِخَطِيئَتِي ، فَتَتَحَمَّلَ وِزْرَهَا ، وَإِثْمَكَ فِي قَتْلِكَ إِيَّايَ . وَهَذَا قَوْلٌ وَجَدْتُهُ عَنْ
مُجَاهِدٍ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ غَلَطًا ; لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ خِلَافُهُ . يَعْنِي : مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ
مَنْصُورٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي ) قَالَ : بِقَتْلِكَ إِيَّايَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29وَإِثْمِكَ ) قَالَ : بِمَا كَانَ مِنْكَ قَبْلَ ذَلِكَ .
وَكَذَا رَوَى
عِيسَى عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ ، وَرَوَى
شِبْلٌ عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) يَقُولُ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ خَطِيئَتِي وَدَمِي ، فَتَبُوءَ بِهِمَا جَمِيعًا .
قُلْتُ : وَقَدْ يَتَوَهَّمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ هَذَا الْقَوْلَ ، وَيَذْكُرُونَ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا لَا أَصْلَ لَهُ : مَا تَرَكَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ذَنْبٍ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13863الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ حَدِيثًا يُشْبِهُ هَذَا ، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهِ ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا
عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثْنَا
يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا
عُتْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
هِشَامِ [ ص: 88 ] بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825055قَتْلُ الصَّبْرِ لَا يَمُرُّ بِذَنْبٍ إِلَّا مَحَاهُ " .
وَهَذَا بِهَذَا لَا يَصِحُّ وَلَوْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يُكَفِّرُ عَنِ الْمَقْتُولِ بِأَلَمِ الْقَتْلِ ذُنُوبَهُ ، فَأَمَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْقَاتِلِ فَلَا . وَلَكِنْ قَدْ يَتَّفِقُ هَذَا فِي بَعْضِ الْأَشْخَاصِ ، وَهُوَ الْغَالِبُ ، فَإِنَّ الْمَقْتُولَ يُطَالِبُ الْقَاتِلَ فِي الْعَرَصَاتِ فَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ ، فَإِنْ نَفِدَتْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ حَقَّهُ أَخَذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَقْتُولِ فَطُرِحَتْ عَلَى الْقَاتِلِ ، فَرُبَّمَا لَا يَبْقَى عَلَى الْمَقْتُولِ خَطِيئَةٌ إِلَّا وُضِعَتْ عَلَى الْقَاتِلِ . وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَظَالِمِ كُلِّهَا ، وَالْقَتْلُ مِنْ أَعْظَمِهَا وَأَشَدَّهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا
ابْنُ جَرِيرٍ فَقَالَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ تَأْوِيلَهُ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَنْصَرِفَ بِخَطِيئَتِكَ فِي قَتْلِكَ إِيَّايَ - وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي ) وَأَمَّا مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29وَإِثْمِكَ ) فَهُوَ إِثْمُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ ، وَذَلِكَ مَعْصِيَتُهُ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِي أَعْمَالٍ سِوَاهُ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا هُوَ الصَّوَابُ ، لِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، أَخْبَرَنَا أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ فَجَزَاءُ عَمَلِهِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمُهُ فِي خَلْقِهِ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ آثَامُ الْمَقْتُولِ مَأْخُوذًا بِهَذَا الْقَاتِلِ ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْقَاتِلُ بِإِثْمِهِ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَسَائِرِ آثَامِ مَعَاصِيهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا بِنَفْسِهِ دُونَ مَا رَكِبَهُ قَتِيلُهُ .
هَذَا لَفْظُهُ ثُمَّ أَوْرَدَ سُؤَالًا حَاصِلُهُ : كَيْفَ أَرَادَ
هَابِيلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَخِيهِ
قَابِيلَ إِثْمُ قَتْلِهِ ، وَإِثْمُ نَفْسِهِ ، مَعَ أَنَّ قَتْلَهُ لَهُ مُحَرَّمٌ ؟ وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ
هَابِيلَ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَا يُقَاتِلُ أَخَاهُ إِنْ قَاتَلَهُ ، بَلْ يَكُفُّ يَدَهُ عَنْهُ ، طَالِبًا - إِنْ وَقَعَ قَتْلٌ - أَنْ يَكُونَ مِنْ أَخِيهِ لَا مِنْهُ .
قُلْتُ : وَهَذَا الْكَلَامُ مُتَضَمِّنٌ مَوْعِظَةً لَهُ لَوِ اتَّعَظَ ، وَزَجْرًا لَهُ لَوِ انْزَجَرَ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) أَيْ : تَتَحَمَّلُ إِثْمِي وَإِثْمَكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ )
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : خَوَّفَهُ النَّارَ فَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يَنْزَجِرْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) أَيْ : فَحَسُنَتْ وَسَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ ، وَشَجَّعَتْهُ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ ، أَيْ : بَعْدَ هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ وَهَذَا الزَّجْرِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11958أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَهُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : أَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَدِيدَةٍ فِي يَدِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ عَنْ
أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ - وَعَنْ
مُرَّةَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ ) فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ ، فَرَاغَ الْغُلَامُ مِنْهُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ ، فَأَتَاهُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ وَهُوَ يَرْعَى غَنَمًا لَهُ ، وَهُوَ نَائِمٌ فَرَفَعَ صَخْرَةً ، فَشَدَخَ بِهَا رَأْسَهُ فَمَاتَ ،
[ ص: 89 ] فَتَرَكَهُ بِالْعَرَاءِ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَعَنْ بَعْضِ
أَهْلِ الْكِتَابِ : أَنَّهُ قَتَلَهُ خَنْقًا وَعَضًّا ، كَمَا تَقْتُلُ السِّبَاعُ ، وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ جَعَلَ يَلْوِي عُنُقَهُ ، فَأَخَذَ إِبْلِيسُ دَابَّةً وَوَضَعَ رَأْسَهَا عَلَى حَجَرٍ ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا آخَرَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَهَا حَتَّى قَتَلَهَا ، وَابْنُ
آدَمَ يَنْظُرُ ، فَفَعَلَ بِأَخِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَخَذَ بِرَأْسِهِ لِيَقْتُلَهُ ، فَاضْطَجَعَ لَهُ ، وَجَعَلَ يَغْمِزُ رَأْسَهُ وَعِظَامَهُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَقْتُلُهُ ، فَجَاءَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ : أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَخُذْ هَذِهِ الصَّخْرَةَ فَاطْرَحْهَا عَلَى رَأْسِهِ . قَالَ : فَأَخَذَهَا ، فَأَلْقَاهَا عَلَيْهِ ، فَشَدَخَ رَأْسَهُ . ثُمَّ جَاءَ إِبْلِيسُ إِلَى
حَوَّاءَ مُسْرِعًا ، فَقَالَ : يَا
حَوَّاءُ ، إِنَّ
قَابِيلَ قَتَلَ
هَابِيلَ . فَقَالَتْ لَهُ : وَيْحَكَ ، أَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ الْقَتْلُ ؟ قَالَ : لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَتَحَرَّكُ . قَالَتْ : ذَلِكَ الْمَوْتُ . قَالَ : فَهُوَ الْمَوْتُ . فَجَعَلَتْ تَصِيحُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا
آدَمُ وَهِيَ تَصِيحُ ، فَقَالَ : مَا لَكِ ؟ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ ، فَرَجَعَ إِلَيْهَا مَرَّتَيْنِ ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ . فَقَالَ : عَلَيْكِ الصَّيْحَةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ ، وَأَنَا وَبَنِيَّ مِنْهَا بُرَآءُ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) أَيْ : فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَأَيُّ خَسَارَةٍ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ ؟ . وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ ، قَالَا : حَدَّثَنَا
الْأَعْمَشُ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ
مَسْرُوقٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823657لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا ، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ " .
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ مِنْ طُرُقٍ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ بِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : قَالَ
مُجَاهِدٌ : عُلِّقَتْ إِحْدَى رِجْلَيِ الْقَاتِلِ بِسَاقِهَا إِلَى فَخِذِهَا مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَوَجْهُهُ فِي الشَّمْسِ حَيْثُمَا دَارَتْ دَارَ ، عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ حَظِيرَةٌ مِنْ نَارٍ ، وَعَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ حَظِيرَةٌ مِنْ ثَلْجٍ - قَالَ : وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : إِنَّا لِنَجِدُ ابْنَ
آدَمَ الْقَاتِلَ يُقَاسِمُ أَهْلَ النَّارِ قِسْمَةً صَحِيحَةَ الْعَذَابِ ، عَلَيْهِ شَطْرُ عَذَابِهِمْ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ
حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ أَشْقَى أَهْلِ النَّارِ رَجُلًا ابْنُ
آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ ، مَا سُفِكَ دَمٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ قَتَلَ أَخَاهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا لَحِقَ بِهِ مِنْهُ شَرٌّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : مَا مِنْ مَقْتُولٍ يُقْتَلُ ظُلْمًا ، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ
آدَمَ الْأَوَّلِ وَالشَّيْطَانِ كِفْلٌ مِنْهُ .
[ ص: 90 ]
رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=28976_32016فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى الصَّحَابَةِ : لَمَّا مَاتَ الْغُلَامُ تَرَكَهُ بِالْعَرَاءِ ، وَلَا يَعْلَمُ كَيْفَ يُدْفَنُ ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابَيْنِ أَخَوَيْنِ ، فَاقْتَتَلَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَحَفَرَ لَهُ ثُمَّ حَثَى عَلَيْهِ . فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي ) .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ غُرَابٌ إِلَى غُرَابٍ مَيِّتٍ ، فَبَحَثَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ حَتَّى وَارَاهُ ، فَقَالَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي )
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : مَكَثَ يَحْمِلُ أَخَاهُ فِي جِرَابٍ عَلَى عَاتِقِهِ سَنَةً ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الْغُرَابَيْنِ ، فَرَآهُمَا يَبْحَثَانِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ ) فَدَفَنَ أَخَاهُ .
وَقَالَ
لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : وَكَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ مِائَةَ سَنَةٍ مَيِّتًا ، لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِهِ يَحْمِلُهُ ، وَيَضَعُهُ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى رَأَى الْغُرَابَ يَدْفِنُ الْغُرَابَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَقَالَ عَطِيَّةُ
الْعَوْفِيُّ : لَمَّا قَتَلَهُ نَدِمَ . فَضَمَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْوَحَ ، وَعَكَفَتْ عَلَيْهِ الطُّيُورُ وَالسِّبَاعُ تَنْتَظِرُ مَتَى يَرْمِي بِهِ فَتَأْكُلُهُ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ : لَمَّا قَتَلَهُ سُقِطَ فِي يَدَيْهِ ، وَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ يُوَارِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - أَوَّلَ قَتِيلٍ فِي بَنِي
آدَمَ وَأَوَّلَ مَيِّتٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) قَالَ : وَزَعَمَ
أَهْلُ التَّوْرَاةِ أَنَّ
قَيْنًا لَمَّا قَتَلَ أَخَاهُ
هَابِيلَ قَالَ لَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا
قَيْنُ أَيْنَ أَخُوكَ
هَابِيلُ ؟ قَالَ : قَالَ : مَا أَدْرِي ، مَا كُنْتُ عَلَيْهِ رَقِيبًا . فَقَالَ اللَّهُ : إِنَّ صَوْتَ دَمِ أَخِيكَ لَيُنَادِيَنِي مِنَ الْأَرْضِ ، وَالْآنَ أَنْتَ مَلْعُونٌ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا فَبَلَعَتْ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ ، فَإِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ فِي الْأَرْضِ ، فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ تُعْطِيكَ حَرْثَهَا حَتَّى تَكُونَ فَزِعًا تَائِهًا فِي الْأَرْضِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : عَلَاهُ اللَّهُ بِنَدَامَةٍ بَعْدَ خُسْرَانٍ .
فَهَذِهِ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذَيْنَ ابْنَا
آدَمَ لِصُلْبِهِ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ، وَكَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823658 " إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ; لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ " . وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ ، وَلَكِنْ قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا
سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ
عَمْرٍو عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ - هُوَ الْبَصْرِيُّ - قَالَ : كَانَ
[ ص: 91 ] الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ فِي الْقُرْآنِ ، اللَّذَانِ قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ) مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُونَا ابْنِي
آدَمَ لِصُلْبِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقُرْبَانُ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ
آدَمُ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ . وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا ، وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ .
وَقَدْ قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
إِنَّ ابْنَيْ آدَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ضَرَبَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَثَلًا فَخُذُوا بِالْخَيْرِ مِنْهُمَا .
وَرَوَاهُ
ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ
عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825057إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ لَكُمُ ابْنَيْ آدَمَ مَثَلًا فَخُذُوا مِنْ خَيْرِهِمْ وَدَعُوا الشَّرَّ " .
وَكَذَا أَرْسَلَ هَذَا الْحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=15558بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ رَوَى ذَلِكَ كُلَّهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ : لَمَّا قَتَلَ ابْنُ
آدَمَ أَخَاهُ ، مَكَثَ
آدَمُ مِائَةَ سَنَةٍ حَزِينًا لَا يَضْحَكُ ، ثُمَّ أُتِيَ فَقِيلَ لَهُ : حَيَّاكَ اللَّهُ وَبَيَّاكَ . أَيْ : أَضْحَكَكَ .
رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ عَنْ
غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : لَمَّا قَتَلَ ابْنُ
آدَمَ أَخَاهُ ، بَكَاهُ
آدَمُ فَقَالَ :
تَغيَّرَتِ الْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا فَلَوْنُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌ قَبِيحُ تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي لَوْنٍ وَطَعْمٍ
وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الْمَلِيحُ
فَأُجِيبَ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
أبَا هَابِيلَ قَدْ قُتِلَا جَمِيعًا وَصَارَ الْحَيُّ كَالْمَيْتِ الذَّبِيحِ
وَجَاءَ بِشِرَّةٍ قَدْ كَانَ مِنْها عَلَى خَوْفٍ فَجَاءَ بِهَا يَصِيحُ
[ ص: 92 ]
وَالظَّاهِرُ أَنَّ
قَابِيلَ عُوجِلَ بِالْعُقُوبَةِ ، كَمَا ذَكَرَهُ
مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ أَنَّهُ عُلِّقَتْ سَاقُهُ بِفَخِذِهِ يَوْمَ قَتْلِهِ ، وَجَعَلَ اللَّهُ وَجْهَهُ إِلَى الشَّمْسِ حَيْثُ دَارَتْ عُقُوبَةً لَهُ وَتَنْكِيلًا بِهِ . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ أَنَّهُ ] قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821626مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ فِي الْآخِرَةِ ، مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " . وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي فِعْلِ
قَابِيلَ هَذَا وَهَذَا ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .