(
nindex.php?page=treesubj&link=28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ( 2 ) ) .
القراء السبعة على ضم الدال من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله وهو مبتدأ وخبر . وروي عن
سفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=15876ورؤبة بن العجاج أنهما قالا الحمد لله بالنصب وهو على إضمار فعل ، وقرأ
ابن أبي [ ص: 128 ] عبلة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله بضم الدال واللام إتباعا للثاني الأول وله شواهد لكنه شاذ ، وعن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : الحمد لله بكسر الدال إتباعا للأول الثاني .
قال
أبو جعفر بن جرير :
nindex.php?page=treesubj&link=33144معنى nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله الشكر لله خالصا دون سائر ما يعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ، ولا يحيط بعددها غيره أحد ، في تصحيح الآلات لطاعته ، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه ، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق ، وغذاهم به من نعيم العيش ، من غير استحقاق منهم ذلك عليه ، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه ، من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم ، فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا .
[ وقال
ابن جرير : الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه فكأنه قال : قولوا : الحمد لله ] .
قال : وقد قيل : إن قول القائل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله ، ثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى ، وقوله : الشكر لله ثناء عليه بنعمه وأياديه ، ثم شرع في رد ذلك بما حاصله أن جميع أهل المعرفة بلسان العرب يوقعون كلا من الحمد والشكر مكان الآخر .
[ وقد نقل
السلمي هذا المذهب أنهما سواء عن
جعفر الصادق وابن عطاء من
الصوفية . وقال
ابن عباس : الحمد لله كلمة كل شاكر ، وقد استدل
القرطبي لابن جرير بصحة قول القائل : الحمد لله شكرا ] .
وهذا الذي ادعاه
ابن جرير فيه نظر ؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية ، والشكر لا يكون إلا على المتعدية ، ويكون بالجنان واللسان والأركان ، كما قال الشاعر :
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
ولكنهم اختلفوا :
nindex.php?page=treesubj&link=29484أيهما أعم ، الحمد أو الشكر ؟ على قولين ، والتحقيق أن بينهما عموما وخصوصا ، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية ، تقول : حمدته لفروسيته وحمدته لكرمه . وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول ، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه ، لأنه يكون بالقول والعمل والنية ، كما تقدم ، وهو أخص ؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية ، لا يقال : شكرته لفروسيته ، وتقول : شكرته على كرمه وإحسانه إلي . هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين ، والله أعلم .
وقال
أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري : الحمد نقيض الذم ، تقول : حمدت الرجل أحمده حمدا
[ ص: 129 ] ومحمدة ، فهو حميد ومحمود ، والتحميد أبلغ من الحمد ، والحمد أعم من الشكر . وقال في الشكر : هو الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف ، يقال : شكرته ، وشكرت له . وباللام أفصح .
[ وأما المدح فهو أعم من الحمد ؛ لأنه يكون للحي وللميت وللجماد - أيضا - كما يمدح الطعام والمال ونحو ذلك ، ويكون قبل الإحسان وبعده ، وعلى الصفات المتعدية واللازمة أيضا فهو أعم ] .
(
nindex.php?page=treesubj&link=28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 2 ) ) .
الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ عَلَى ضَمِّ الدَّالِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ . وَرُوِيَ عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15876وَرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ أَنَّهُمَا قَالَا الْحَمْدَ لِلَّهِ بِالنَّصْبِ وَهُوَ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي [ ص: 128 ] عَبْلَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لُلَّهِ بِضَمِّ الدَّالِ وَاللَّامِ إِتْبَاعًا لِلثَّانِي الْأَوَّلَ وَلَهُ شَوَاهِدُ لَكِنَّهُ شَاذٌّ ، وَعَنِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ : الْحَمْدِ لِلَّهِ بِكَسْرِ الدَّالِّ إِتْبَاعًا لِلْأَوَّلِ الثَّانِيَ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=33144مَعْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ الشُّكْرُ لِلَّهِ خَالِصًا دُونَ سَائِرِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ ، وَدُونَ كُلِّ مَا بَرَأَ مِنْ خَلْقِهِ ، بِمَا أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا الْعَدَدُ ، وَلَا يُحِيطُ بِعَدَدِهَا غَيْرُهُ أَحَدٌ ، فِي تَصْحِيحِ الْآلَاتِ لِطَاعَتِهِ ، وَتَمْكِينِ جَوَارِحِ أَجْسَامِ الْمُكَلَّفِينَ لِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ ، مَعَ مَا بَسَطَ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ مِنَ الرِّزْقِ ، وَغَذَّاهُمْ بِهِ مِنْ نَعِيمِ الْعَيْشِ ، مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَمَعَ مَا نَبَّهَهُمْ عَلَيْهِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ ، مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى دَوَامِ الْخُلُودِ فِي دَارِ الْمُقَامِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، فَلِرَبِّنَا الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا .
[ وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَنَاءٌ أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي ضِمْنِهِ أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يُثْنُوا عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ : قُولُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ ] .
قَالَ : وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ثَنَاءٌ عَلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الْحُسْنَى ، وَقَوْلُهُ : الشُّكْرُ لِلَّهِ ثَنَاءٌ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ وَأَيَادِيهِ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي رَدِّ ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ يُوقِعُونَ كُلًّا مِنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ مَكَانَ الْآخَرِ .
[ وَقَدْ نَقَلَ
السُّلَمِيُّ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ عَنْ
جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَابْنِ عَطَاءٍ مِنَ
الصُّوفِيَّةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ كُلِّ شَاكِرٍ ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ
الْقُرْطُبِيُّ لِابْنِ جَرِيرٍ بِصِحَّةِ قَوْلِ الْقَائِلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا ] .
وَهَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ اشْتُهِرَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْحَمْدَ هُوَ الثَّنَاءُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَحْمُودِ بِصِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ ، وَالشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْمُتَعَدِّيَةِ ، وَيَكُونُ بِالْجَنَانِ وَاللِّسَانِ وَالْأَرْكَانِ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرُ الْمُحَجَّبَا
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=29484أَيُّهُمَا أَعَمُّ ، الْحَمْدُ أَوِ الشُّكْرُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا ، فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ مِنْ حَيْثُ مَا يَقَعَانِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ ، تَقُولُ : حَمِدْتُهُ لِفُرُوسِيَّتِهِ وَحَمِدْتُهُ لِكَرَمِهِ . وَهُوَ أَخَصُّ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْقَوْلِ ، وَالشُّكْرُ أَعَمُّ مِنْ حَيْثُ مَا يَقَعَانِ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالنِّيَّةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهُوَ أَخَصُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الصِّفَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ ، لَا يُقَالُ : شَكَرْتُهُ لِفُرُوسِيَّتِهِ ، وَتَقُولُ : شَكَرْتُهُ عَلَى كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيَّ . هَذَا حَاصِلُ مَا حَرَّرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
أَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ الْجَوْهَرِيُّ : الْحَمْدُ نَقِيضُ الذَّمِّ ، تَقُولُ : حَمِدْتُ الرَّجُلَ أَحْمَدُهُ حَمْدًا
[ ص: 129 ] وَمَحْمَدَةً ، فَهُوَ حَمِيدٌ وَمَحْمُودٌ ، وَالتَّحْمِيدُ أَبْلَغُ مِنَ الْحَمْدِ ، وَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ . وَقَالَ فِي الشُّكْرِ : هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِمَا أَوْلَاكَهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ ، يُقَالُ : شَكَرْتُهُ ، وَشَكَرْتُ لَهُ . وَبِاللَّامِ أَفْصَحُ .
[ وَأَمَّا الْمَدْحُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْحَمْدِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِلْحَيِّ وَلِلْمَيِّتِ وَلِلْجَمَادِ - أَيْضًا - كَمَا يُمْدَحُ الطَّعَامُ وَالْمَالُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَيَكُونُ قَبْلَ الْإِحْسَانِ وَبَعْدَهُ ، وَعَلَى الصِّفَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ وَاللَّازِمَةِ أَيْضًا فَهُوَ أَعَمُّ ] .