nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم ( 6 )
قراءة الجمهور بالصاد . وقرئ : السراط وقرئ بالزاي ، قال الفراء : وهي لغة
بني عذرة وبلقين وبني كلب .
لما تقدم الثناء على المسئول ، تبارك وتعالى ، ناسب أن يعقب بالسؤال ؛ كما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500736فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل وهذا أكمل أحوال السائل ، أن يمدح مسئوله ، ثم يسأل حاجته [ وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا ] ، لأنه أنجح للحاجة وأنجع للإجابة ، ولهذا أرشد الله تعالى إليه لأنه الأكمل ، وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل واحتياجه ، كما قال
موسى عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=24رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) [ القصص : 24 ] وقد يتقدمه مع ذلك وصف المسئول ، كقول
ذي النون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ] وقد يكون بمجرد الثناء
[ ص: 137 ] على المسئول ، كقول الشاعر :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء
والهداية هاهنا : الإرشاد والتوفيق ، وقد تعدى الهداية بنفسها كما هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم فتضمن معنى ألهمنا ، أو وفقنا ، أو ارزقنا ، أو اعطنا ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=10وهديناه النجدين ) [ البلد : 10 ] أي : بينا له الخير والشر ، وقد تعدى بإلى ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ) [ النحل : 121 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=23فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) [ الصافات : 23 ] وذلك بمعنى الإرشاد والدلالة ، وكذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) [ الشورى : 52 ] وقد تعدى باللام ، كقول أهل الجنة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الحمد لله الذي هدانا لهذا ) [ الأعراف : 43 ] أي وفقنا لهذا وجعلنا له أهلا . وأما الصراط المستقيم ، فقال
الإمام أبو جعفر بن جرير : أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه .
وكذلك ذلك في لغة جميع العرب ، فمن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=15626جرير بن عطية الخطفي :
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموارد مستقيم
قال : والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصر ، قال : ثم تستعير العرب الصراط فتستعمله في كل قول وعمل وصف باستقامة أو اعوجاج ، فتصف المستقيم باستقامته ، والمعوج باعوجاجه .
ثم اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط ، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد ، وهو المتابعة لله وللرسول ؛ فروي أنه كتاب الله ، قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
الحسن بن عرفة ، حدثني
يحيى بن يمان ، عن
حمزة الزيات ، عن
سعد ، وهو أبو المختار الطائي ، عن
ابن أخي الحارث الأعور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500737قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصراط المستقيم كتاب الله . وكذلك رواه
ابن جرير ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بن حبيب الزيات ، وقد [ تقدم في فضائل القرآن فيما ] رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور ، عن
علي مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500738وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم .
[ ص: 138 ] وقد روي هذا موقوفا عن
علي ، وهو أشبه ، والله أعلم .
وقال
الثوري ، عن
منصور ، عن
أبي وائل ، عن
عبد الله ، قال : الصراط المستقيم . كتاب الله ، وقيل : هو الإسلام . وقال
الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : قال جبريل لمحمد ، عليهما السلام : قل : يا محمد ، اهدنا الصراط المستقيم . يقول : اهدنا الطريق الهادي ، وهو دين الله الذي لا عوج فيه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم قال : ذاك الإسلام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم قالوا : هو الإسلام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن
جابر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم قال : الإسلام ، قال : هو أوسع مما بين السماء والأرض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم قال هو دين الله ، الذي لا يقبل من العباد غيره . وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : اهدنا الصراط المستقيم ، قال : هو الإسلام .
وفي [ معنى ] هذا الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده ، حيث قال : حدثنا
الحسن بن سوار أبو العلاء ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث يعني ابن سعد ، عن
معاوية بن صالح : أن
عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، حدثه عن أبيه ، عن
النواس بن سمعان ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500740عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ، ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا ، وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب ، قال : ويحك ، لا تفتحه ؛ فإنك إن تفتحه تلجه . فالصراط الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم .
وهكذا رواه
ابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير من حديث
الليث بن سعد به . ورواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي جميعا ، عن
علي بن حجر عن
بقية ، عن
بجير بن سعد ، عن
خالد بن معدان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير ، عن
النواس بن سمعان ، به .
[ ص: 139 ] وهو إسناد صحيح ، والله أعلم .
وقال
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم ، قال : الحق . وهذا أشمل ، ولا منافاة بينه وبين ما تقدم .
وروى
ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11920أبي النضر هاشم بن القاسم ؛ حدثنا
حمزة بن المغيرة ، عن
عاصم الأحول ، عن
أبي العالية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم قال : هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاحباه من بعده ، قال
عاصم : فذكرنا ذلك
للحسن ، فقال : صدق
أبو العالية ونصح .
وكل هذه الأقوال صحيحة ، وهي متلازمة ، فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم ، واقتدى باللذين من بعده
أبي بكر وعمر ، فقد اتبع الحق ، ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام ، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن ، وهو كتاب الله وحبله المتين ، وصراطه المستقيم ، فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضا ، ولله الحمد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : حدثنا
محمد بن الفضل السقطي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12395إبراهيم بن مهدي المصيصي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن
الأعمش ، عن
أبي وائل ، عن
عبد الله ، قال : الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولهذا قال
الإمام أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله : والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي - أعني
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم - أن يكون معنيا به : وفقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك ، من قول وعمل ، وذلك هو الصراط المستقيم ؛ لأن من وفق لما وفق له من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فقد وفق للإسلام ، وتصديق الرسل ، والتمسك بالكتاب ، والعمل بما أمره الله به ، والانزجار عما زجره عنه ، واتباع منهاج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهاج الخلفاء الأربعة ، وكل عبد صالح ، وكل ذلك من الصراط المستقيم .
فإن قيل : كيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها ، وهو متصف بذلك ؟ فهل هذا من باب تحصيل الحاصل أم لا ؟
فالجواب : أن لا ، ولولا احتياجه ليلا ونهارا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك ؛ فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ، ورسوخه فيها ، وتبصره ، وازدياده منها ، واستمراره عليها ، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق ، فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله ؛ فإنه تعالى قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه ، ولا سيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار ، وقد قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل الآية [ النساء : 136 ] ، فقد أمر الذين آمنوا بالإيمان ، وليس في ذلك تحصيل الحاصل ؛ لأن المراد الثبات والاستمرار والمداومة على الأعمال المعينة على ذلك ، والله أعلم .
وقال تعالى آمرا لعباده المؤمنين أن يقولوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب وقد كان
الصديق رضي الله عنه يقرأ بهذه الآية في الركعة الثالثة من صلاة المغرب بعد الفاتحة سرا . فمعنى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم استمر بنا عليه ولا تعدل بنا إلى غيره .
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 )
قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالصَّادِّ . وَقُرِئَ : السِّرَاطَ وَقُرِئَ بِالزَّايِ ، قَالَ الْفَرَّاءَ : وَهِيَ لُغَةُ
بَنِي عُذْرَةَ وَبَلْقَيْنِ وَبَنِي كَلْبٍ .
لَمَّا تَقَدَّمَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمَسْئُولِ ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، نَاسَبَ أَنْ يُعَقَّبَ بِالسُّؤَالِ ؛ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500736فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ وَهَذَا أَكْمَلُ أَحْوَالِ السَّائِلِ ، أَنْ يَمْدَحَ مَسْئُولَهُ ، ثُمَّ يَسْأَلُ حَاجَتَهُ [ وَحَاجَةَ إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا ] ، لِأَنَّهُ أَنْجَحُ لِلْحَاجَةِ وَأَنْجَعُ لِلْإِجَابَةِ ، وَلِهَذَا أَرْشَدَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَكْمَلُ ، وَقَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ بِالْإِخْبَارِ عَنْ حَالِ السَّائِلِ وَاحْتِيَاجِهِ ، كَمَا قَالَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=24رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنَزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) [ الْقَصَصِ : 24 ] وَقَدْ يَتَقَدَّمُهُ مَعَ ذَلِكَ وَصْفُ الْمَسْئُولِ ، كَقَوْلِ
ذِي النُّونِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 87 ] وَقَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الثَّنَاءِ
[ ص: 137 ] عَلَى الْمَسْئُولِ ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا
كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ
وَالْهِدَايَةُ هَاهُنَا : الْإِرْشَادُ وَالتَّوْفِيقُ ، وَقَدْ تَعَدَّى الْهِدَايَةُ بِنَفْسِهَا كَمَا هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فَتَضَمَّنُ مَعْنَى أَلْهِمْنَا ، أَوْ وَفِّقْنَا ، أَوِ ارْزُقْنَا ، أَوِ اعْطِنَا ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=10وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) [ الْبَلَدِ : 10 ] أَيْ : بَيَّنَّا لَهُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ ، وَقَدْ تَعَدَّى بِإِلَى ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [ النَّحْلِ : 121 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=23فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ) [ الصَّافَّاتِ : 23 ] وَذَلِكَ بِمَعْنَى الْإِرْشَادِ وَالدَّلَالَةِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [ الشُّورَى : 52 ] وَقَدْ تَعَدَّى بِاللَّامِ ، كَقَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ) [ الْأَعْرَافِ : 43 ] أَيْ وَفَّقَنَا لِهَذَا وَجَعَلَنَا لَهُ أَهْلًا . وَأَمَّا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، فَقَالَ
الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ : أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ هُوَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ .
وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي لُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15626جَرِيرِ بْنِ عَطِيَّةَ الْخَطَفِيِّ :
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِرَاطٍ
إِذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيمُ
قَالَ : وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ ، قَالَ : ثُمَّ تَسْتَعِيرُ الْعَرَبُ الصِّرَاطَ فَتَسْتَعْمِلُهُ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ وُصِفَ بِاسْتِقَامَةٍ أَوِ اعْوِجَاجٍ ، فَتَصِفُ الْمُسْتَقِيمَ بِاسْتِقَامَتِهِ ، وَالْمُعْوَجَّ بِاعْوِجَاجِهِ .
ثُمَّ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي تَفْسِيرِ الصِّرَاطِ ، وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ حَاصِلُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ؛ فَرُوِيَ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ ، قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ ، عَنْ
حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، عَنْ
سَعْدٍ ، وَهُوَ أَبُو الْمُخْتَارِ الطَّائِيُّ ، عَنِ
ابْنِ أَخِي الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14057الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500737قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ ، وَقَدْ [ تَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ فِيمَا ] رَوَاهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14057الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، عَنْ
عَلِيٍّ مَرْفُوعًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500738وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ .
[ ص: 138 ] وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَوْقُوفًا عَنْ
عَلِيٍّ ، وَهُوَ أَشْبَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ . كِتَابُ اللَّهِ ، وَقِيلَ : هُوَ الْإِسْلَامُ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ جِبْرِيلُ لِمُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : قُلْ : يَا مُحَمَّدُ ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . يَقُولُ : اهْدِنَا الطَّرِيقَ الْهَادِيَ ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالَ : ذَاكَ الْإِسْلَامُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالُوا : هُوَ الْإِسْلَامُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13371عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ
جَابِرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالَ : الْإِسْلَامُ ، قَالَ : هُوَ أَوْسَعُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالَ هُوَ دِينُ اللَّهِ ، الَّذِي لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعِبَادِ غَيْرَهُ . وَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، قَالَ : هُوَ الْإِسْلَامُ .
وَفِي [ مَعْنَى ] هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، حَيْثُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15124لَيْثٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ : أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500740عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ، وَعَلَى جَنْبَتَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تُعَوِّجُوا ، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ ، فَإِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ ، قَالَ : وَيْحَكَ ، لَا تَفْتَحْهُ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ . فَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ .
وَهَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ
اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ . وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ عَنْ
بَقِيَّةَ ، عَنْ
بُجَيْرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15622جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنِ
النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ، بِهِ .
[ ص: 139 ] وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، قَالَ : الْحَقُّ . وَهَذَا أَشْمَلُ ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ .
وَرَوَى
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11920أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ ؛ حَدَّثَنَا
حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ
عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قَالَ : هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَاحِبَاهُ مِنْ بَعْدِهِ ، قَالَ
عَاصِمٌ : فَذَكَرْنَا ذَلِكَ
لِلْحَسَنِ ، فَقَالَ : صَدَقَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَنَصَحَ .
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ صَحِيحَةٌ ، وَهِيَ مُتَلَازِمَةٌ ، فَإِنَّ مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاقْتَدَى بِاللَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَدِ اتَّبَعَ الْحَقَّ ، وَمَنِ اتَّبَعَ الْحَقَّ فَقَدِ اتَّبَعَ الْإِسْلَامَ ، وَمَنِ اتَّبَعَ الْإِسْلَامَ فَقَدِ اتَّبَعَ الْقُرْآنَ ، وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ وَحَبْلُهُ الْمَتِينُ ، وَصِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ ، فَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّقَطِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12395إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي تَرَكَنَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلِهَذَا قَالَ
الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدِي - أَعْنِي
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ : وَفِّقْنَا لِلثَّبَاتِ عَلَى مَا ارْتَضَيْتَهُ وَوَفَّقْتَ لَهُ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِكَ ، مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ، وَذَلِكَ هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ؛ لِأَنَّ مَنْ وُفِّقَ لِمَا وُفِّقَ لَهُ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصَّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، فَقَدْ وُفِّقَ لِلْإِسْلَامِ ، وَتَصْدِيقِ الرُّسُلِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ ، وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، وَالِانْزِجَارِ عَمَّا زَجَرَهُ عَنْهُ ، وَاتِّبَاعِ مِنْهَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْهَاجِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، وَكُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ .
فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَسْأَلُ الْمُؤْمِنُ الْهِدَايَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا ، وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ ؟ فَهَلْ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ أَمْ لَا ؟
فَالْجَوَابُ : أَنْ لَا ، وَلَوْلَا احْتِيَاجُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا إِلَى سُؤَالِ الْهِدَايَةِ لَمَا أَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ مُفْتَقِرٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَحَالَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي تَثْبِيتِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ ، وَرُسُوخِهِ فِيهَا ، وَتَبَصُّرِهِ ، وَازْدِيَادِهِ مِنْهَا ، وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهَا ، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَأَرْشَدَهُ تَعَالَى إِلَى أَنْ يَسْأَلَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنْ يَمُدَّهُ بِالْمَعُونَةِ وَالثَّبَاتِ وَالتَّوْفِيقِ ، فَالسَّعِيدُ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِسُؤَالِهِ ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي إِذَا دَعَاهُ ، وَلَا سِيَّمَا الْمُضْطَرُّ الْمُحْتَاجُ الْمُفْتَقِرُ إِلَيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ الْآيَةَ [ النِّسَاءِ : 136 ] ، فَقَدْ أَمَرَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْإِيمَانِ ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الثَّبَاتُ وَالِاسْتِمْرَارُ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمُعِينَةِ عَلَى ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ تَعَالَى آمِرًا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ وَقَدْ كَانَ
الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سِرًّا . فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ اسْتَمِرَّ بِنَا عَلَيْهِ وَلَا تَعْدِلْ بِنَا إِلَى غَيْرِهِ .