[ ص: 165 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60nindex.php?page=treesubj&link=28980_23494إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ( 60 ) )
لما ذكر [ الله ] تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولمزهم إياه في قسم الصدقات ، بين تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها ، وتولى أمرها بنفسه ، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره ، فجزأها لهؤلاء المذكورين ، كما رواه
الإمام أبو داود في سننه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13786عبد الرحمن بن زياد بن أنعم - وفيه ضعف - عن
زياد بن نعيم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501046عن زياد بن الحارث الصدائي - رضي الله عنه - قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته ، فأتى رجل فقال : أعطني من الصدقة فقال له : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أصناف ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك وقد
nindex.php?page=treesubj&link=3253اختلف العلماء في هذه الأصناف الثمانية : هل يجب استيعاب الدفع إليها أو إلى ما أمكن منها ؟ على قولين :
أحدهما : أنه يجب ذلك ، وهو قول الشافعي وجماعة .
والثاني : أنه لا يجب استيعابها ، بل يجوز الدفع إلى واحد منها ، ويعطى جميع الصدقة مع وجود الباقين . وهو قول
مالك وجماعة من السلف والخلف ، منهم :
عمر ،
وحذيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران .
قال
ابن جرير : وهو قول عامة أهل العلم ، وعلى هذا فإنما ذكرت الأصناف هاهنا لبيان المصرف لا لوجوب استيعاب الإعطاء .
ولوجوه الحجاج والمآخذ مكان غير هذا ، والله أعلم .
وإنما قدم الفقراء هاهنا لأنهم أحوج من البقية على المشهور ، لشدة فاقتهم وحاجتهم ، وعند
أبي حنيفة أن المسكين أسوأ حالا من الفقير ، وهو كما قال ، قال
ابن جرير : حدثني
يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، أنبأنا
ابن عون ، عن
محمد قال : قال
عمر - رضي الله عنه - : الفقير ليس بالذي لا مال له ، ولكن الفقير الأخلق الكسب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية : الأخلق : المحارف عندنا .
والجمهور على خلافه . وروي عن
ابن عباس ،
ومجاهد ،
والحسن البصري ،
وابن زيد ، واختار
ابن جرير وغير واحد أن الفقير : هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا ، والمسكين : هو الذي يسأل ويطوف ويتبع الناس .
وقال
قتادة : الفقير : من به زمانة ، والمسكين : الصحيح الجسم .
[ ص: 166 ] وقال
الثوري ، عن
منصور ، عن
إبراهيم : هم فقراء المهاجرين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : يعني : ولا يعطى الأعراب منها شيئا .
وكذا روي عن
سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=15983وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى .
وقال
عكرمة : لا تقولوا لفقراء المسلمين مساكين ، وإنما المساكين مساكين
أهل الكتاب .
ولنذكر أحاديث تتعلق بكل من الأصناف الثمانية .
فأما " الفقراء " ، فعن
ابن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501047لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي . رواه
أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي .
nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، مثله .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=5414عبيد الله بن عدي بن الخيار nindex.php?page=hadith&LINKID=3501048أن رجلين أخبراه : أنهما أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألانه من الصدقة ، فقلب إليهما البصر ، فرآهما جلدين ، فقال : إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب .
رواه
أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بإسناد جيد قوي .
وقال
ابن أبي حاتم في كتاب الجرح [ والتعديل :
أبو بكر العبسي قال : قرأ
عمر - رضي الله عنه - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء ) قال : هم أهل الكتاب ] روى عنه
عمر بن نافع ، سمعت أبي يقول ذلك .
قلت : وهذا قول غريب جدا بتقدير صحة الإسناد ، فإن
أبا بكر هذا ، وإن لم ينص
أبو حاتم على جهالته ، لكنه في حكم المجهول .
وأما المساكين : فعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501049ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ، فترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان . قالوا : فما المسكين يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يسأل الناس شيئا .
رواه الشيخان :
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم .
[ ص: 167 ] وأما العاملون عليها : فهم الجباة والسعاة يستحقون منها قسطا على ذلك ، ولا يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين تحرم عليهم الصدقة ، لما ثبت في صحيح
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3501050عن nindex.php?page=showalam&ids=16482عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث : أنه انطلق هو nindex.php?page=showalam&ids=69والفضل بن عباس يسألان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليستعملهما على الصدقة ، فقال : إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس .
وأما المؤلفة قلوبهم : فأقسام : منهم من يعطى ليسلم ، كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم -
صفوان بن أمية من غنائم حنين ، وقد كان شهدها مشركا . قال : فلم يزل يعطيني حتى صار أحب الناس إلي بعد أن كان أبغض الناس إلي ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
زكريا بن عدي ، أنا
ابن المبارك ، عن
يونس ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501051عن صفوان بن أمية قال : أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ، وإنه لأبغض الناس إلي ، فما زال يعطيني حتى صار وإنه لأحب الناس إلي .
ورواه
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، من حديث
يونس ، عن
الزهري ، به .
ومنهم من يعطى ليحسن إسلامه ، ويثبت قلبه ، كما أعطى يوم حنين أيضا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم مائة من الإبل ، مائة من الإبل وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501052إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه ، مخافة أن يكبه الله على وجهه في نار جهنم .
وفي الصحيحين عن
أبي سعيد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501053أن عليا بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهيبة في تربتها من اليمن فقسمها بين أربعة نفر : الأقرع بن حابس ، وعيينة بن بدر ، وعلقمة بن علاثة ، وزيد الخير ، وقال : أتألفهم .
ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه . ومنهم من يعطى ليجبي الصدقات ممن يليه ، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد . ومحل تفصيل هذا في كتب الفروع ، والله أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=3156وهل تعطى المؤلفة على الإسلام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فيه خلاف ، فروي عن
عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وعامر الشعبي وجماعة : أنهم لا يعطون بعده ؛ لأن الله قد أعز الإسلام وأهله ، ومكن لهم في البلاد ، وأذل لهم رقاب العباد .
وقال آخرون : بل يعطون ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قد أعطاهم بعد فتح
مكة وكسر
هوازن ،
[ ص: 168 ] وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم .
وأما الرقاب : فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وابن زيد أنهم المكاتبون ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري نحوه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث .
وقال
ابن عباس ،
والحسن : لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة ، وهو مذهب
الإمام أحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
وإسحاق ، أي : إن الرقاب أعم من أن يعطى المكاتب ، أو يشتري رقبة فيعتقها استقلالا . وقد ورد في
nindex.php?page=treesubj&link=33298ثواب الإعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة ، وأن الله يعتق بكل عضو منها عضوا من معتقها حتى الفرج بالفرج ، وما ذاك إلا لأن الجزاء من جنس العمل ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ) [ الصافات : 39 ] .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501054ثلاثة حق على الله عونهم : الغازي في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأهل السنن إلا
أبا داود .
وفي المسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501055جاء رجل فقال : يا رسول الله ، دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار . فقال : أعتق النسمة وفك الرقبة . فقال : يا رسول الله ، أوليسا واحدا ؟ قال : لا ، عتق النسمة أن تفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها .
وأما الغارمون : فهم أقسام : فمنهم من تحمل حمالة أو ضمن دينا فلزمه ، فأجحف بماله ، أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب ، فهؤلاء يدفع إليهم . والأصل في هذا الباب
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501056حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال : تحملت حمالة ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها ، فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها . قال : ثم قال : يا قبيصة ، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك . ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش : أو قال : سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه ، فيقولون : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة ، حتى يصيب قواما من عيش - أو قال : سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة سحت ، يأكلها صاحبها سحتا . رواه
مسلم .
[ ص: 169 ] وعن
أبي سعيد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501057أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها ، فكثر دينه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - تصدقوا عليه . فتصدق الناس فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه : خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك . رواه
مسلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الصمد ، أنبأنا
صدقة بن موسى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني ، عن
قيس بن زيد عن قاضي المصرين عن
عبد الرحمن بن أبي بكر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501058يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه ، فيقول : يا ابن آدم ، فيم أخذت هذا الدين ؟ وفيم ضيعت حقوق الناس ؟ فيقول : يا رب ، إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع ، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة . فيقول الله : صدق عبدي ، أنا أحق من قضى عنك اليوم . فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه ، فترجح حسناته على سيئاته ، فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته .
وأما في سبيل الله : فمنهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
والحسن ،
وإسحاق : والحج من سبيل الله ، للحديث .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=3211_3210ابن السبيل : وهو المسافر المجتاز في بلد ليس معه شيء يستعين به على سفره ، فيعطى من الصدقات ما يكفيه إلى بلده وإن كان له مال . وهكذا الحكم فيمن أراد إنشاء سفر من بلده وليس معه شيء ، فيعطى من مال الزكاة كفايته في ذهابه وإيابه . والدليل على ذلك الآية وما رواه
الإمام أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501059لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : العامل عليها ، أو رجل اشتراها بماله ، أو غارم ، أو غاز في سبيل الله ، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى لغني .
وقد رواه السفيانان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
عطاء مرسلا .
ولأبي داود عن
عطية العوفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501060لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله ، وابن السبيل ، أو جار فقير فيهدي لك أو يدعوك .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60فريضة من الله ) أي حكما مقدرا بتقدير الله وفرضه وقسمه (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60والله عليم حكيم ) أي : عليم بظواهر الأمور وبواطنها وبمصالح عباده ، ( حكيم ) فيما يفعله ويقوله ويشرعه ويحكم به ،
[ ص: 170 ] لا إله إلا هو ، ولا رب سواه .
[ ص: 165 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60nindex.php?page=treesubj&link=28980_23494إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 60 ) )
لَمَّا ذَكَرَ [ اللَّهُ ] تَعَالَى اعْتِرَاضَ الْمُنَافِقِينَ الْجَهَلَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْزَهُمْ إِيَّاهُ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ ، بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَسَمَهَا وَبَيَّنَ حُكْمَهَا ، وَتَوَلَّى أَمْرَهَا بِنَفْسِهِ ، وَلَمْ يَكِلْ قَسْمَهَا إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ ، فَجَزَّأَهَا لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ ، كَمَا رَوَاهُ
الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13786عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ - وَفِيهِ ضَعْفٌ - عَنْ
زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501046عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعْتُهُ ، فَأَتَى رَجُلٌ فَقَالَ : أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَصْنَافٍ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ وَقَدِ
nindex.php?page=treesubj&link=3253اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ : هَلْ يَجِبُ اسْتِيعَابُ الدَّفْعِ إِلَيْهَا أَوْ إِلَى مَا أَمْكَنَ مِنْهَا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهَا ، بَلْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهَا ، وَيُعْطَى جَمِيعَ الصَّدَقَةِ مَعَ وُجُودِ الْبَاقِينَ . وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، مِنْهُمْ :
عُمَرُ ،
وَحُذَيْفَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17188وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّمَا ذَكَرْتُ الْأَصْنَافَ هَاهُنَا لِبَيَانِ الْمَصْرَفِ لَا لِوُجُوبِ اسْتِيعَابِ الْإِعْطَاءِ .
وَلِوُجُوهِ الْحِجَاجِ وَالْمَآخِذِ مَكَانٌ غَيْرُ هَذَا ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْفُقَرَاءَ هَاهُنَا لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ مِنَ الْبَقِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، لِشِدَّةِ فَاقَتِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ ، وَعِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنُ عُلَيَّةَ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ
مُحَمَّدٍ قَالَ : قَالَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : الْفَقِيرُ لَيْسَ بِالَّذِي لَا مَالَ لَهُ ، وَلَكِنَّ الْفَقِيرَ الْأَخْلَقُ الْكَسْبِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنُ عُلَيَّةَ : الْأَخْلَقُ : الْمُحَارَفُ عِنْدَنَا .
وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ،
وَابْنِ زَيْدٍ ، وَاخْتَارَ
ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْفَقِيرَ : هُوَ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا ، وَالْمِسْكِينَ : هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ وَيَطُوفُ وَيَتَّبِعُ النَّاسَ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْفَقِيرُ : مَنْ بِهِ زَمَانَةٌ ، وَالْمِسْكِينُ : الصَّحِيحُ الْجِسْمِ .
[ ص: 166 ] وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ : هُمْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : يَعْنِي : وَلَا يُعْطَى الْأَعْرَابُ مِنْهَا شَيْئًا .
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15983وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى .
وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : لَا تَقُولُوا لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَسَاكِينَ ، وَإِنَّمَا الْمَسَاكِينُ مَسَاكِينُ
أَهْلِ الْكِتَابِ .
وَلْنَذْكُرْ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ .
فَأَمَّا " الْفُقَرَاءُ " ، فَعَنِ
ابْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501047لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ . رَوَاهُ
أَحْمَدُ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ .
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَلِأَحْمَدَ أَيْضًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، مِثْلَهُ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=5414عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ nindex.php?page=hadith&LINKID=3501048أَنَّ رَجُلَيْنِ أَخْبَرَاهُ : أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلَانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ ، فَقَلَّبَ إِلَيْهِمَا الْبَصَرَ ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ ، فَقَالَ : إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا ، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ .
رَوَاهُ
أَحْمَدُ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَوِيٍّ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْجَرْحِ [ وَالتَّعْدِيلِ :
أَبُو بَكْرٍ الْعَبْسِيُّ قَالَ : قَرَأَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) قَالَ : هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ ] رَوَى عَنْهُ
عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ .
قُلْتُ : وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ جِدًّا بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ ، فَإِنَّ
أَبَا بَكْرٍ هَذَا ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ
أَبُو حَاتِمٍ عَلَى جَهَالَتِهِ ، لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَجْهُولِ .
وَأَمَّا الْمَسَاكِينُ : فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501049لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ ، فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ . قَالُوا : فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا .
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ :
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .
[ ص: 167 ] وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا : فَهُمُ الْجُبَاةُ وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَقْرِبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ ، لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=3501050عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=16482عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ : أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ nindex.php?page=showalam&ids=69وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَسْتَعْمِلَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ : إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ .
وَأَمَّا الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ : فَأَقْسَامٌ : مِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى لِيُسْلِمَ ، كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ ، وَقَدْ كَانَ شَهِدَهَا مُشْرِكًا . قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ يُعْطِينِي حَتَّى صَارَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَيَّ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، أنا
ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ
يُونُسَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501051عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ ، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ ، فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى صَارَ وَإِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ .
وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ
يُونُسَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، بِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى لِيَحْسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَيَثْبُتَ قَلْبُهُ ، كَمَا أَعْطَى يَوْمَ حُنَيْنٍ أَيْضًا جَمَاعَةً مِنْ صَنَادِيدِ الطُّلَقَاءِ وَأَشْرَافِهِمْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501052إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501053أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا مِنَ الْيَمَنِ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ : الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ ، وَزَيْدِ الْخَيْرِ ، وَقَالَ : أَتَأَلَّفُهُمْ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى لِمَا يُرْجَى مِنْ إِسْلَامِ نُظَرَائِهِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى لِيَجْبِيَ الصَّدَقَاتِ مِمَّنْ يَلِيهِ ، أَوْ لِيَدْفَعَ عَنْ حَوْزَةِ الْمُسْلِمِينَ الضَّرَرَ مِنْ أَطْرَافِ الْبِلَادِ . وَمَحَلُّ تَفْصِيلِ هَذَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=3156وَهَلْ تُعْطَى الْمُؤَلَّفَةُ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، فَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ : أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ ، وَمَكَّنَ لَهُمْ فِي الْبِلَادِ ، وَأَذَلَّ لَهُمْ رِقَابَ الْعِبَادِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ يُعْطَوْنَ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ أَعْطَاهُمْ بَعْدَ فَتْحِ
مَكَّةَ وَكَسْرِ
هَوَازِنَ ،
[ ص: 168 ] وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَيُصْرَفُ إِلَيْهِمْ .
وَأَمَّا الرِّقَابُ : فَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
وَالنَّخَعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزُّهْرِيِّ ،
وَابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمُ الْمُكَاتَبُونَ ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ نَحْوَهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالْحَسَنُ : لَا بَأْسَ أَنْ تُعْتَقَ الرَّقَبَةُ مِنَ الزَّكَاةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ ،
وَإِسْحَاقَ ، أَيْ : إِنَّ الرِّقَابَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُعْطَى الْمُكَاتَبُ ، أَوْ يَشْتَرِيَ رَقَبَةً فَيُعْتِقَهَا اسْتِقْلَالًا . وَقَدْ وَرَدَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33298ثَوَابِ الْإِعْتَاقِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ يُعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ مُعْتِقِهَا حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [ الصَّافَّاتِ : 39 ] .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501054ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ .
رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا
أَبَا دَاوُدَ .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501055جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ . فَقَالَ : أَعْتِقِ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَلَيْسَا وَاحِدًا ؟ قَالَ : لَا ، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تُفْرَدَ بِعِتْقِهَا ، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا .
وَأَمَّا الْغَارِمُونَ : فَهُمْ أَقْسَامٌ : فَمِنْهُمْ مَنْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً أَوْ ضَمِنَ دَيْنًا فَلَزِمَهُ ، فَأَجْحَفَ بِمَالِهِ ، أَوْ غَرِمَ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ أَوْ فِي مَعْصِيَةٍ ثُمَّ تَابَ ، فَهَؤُلَاءِ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ . وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501056حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ : تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْأَلُهُ فِيهَا ، فَقَالَ : أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا . قَالَ : ثُمَّ قَالَ : يَا قَبِيصَةُ ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ : رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ، ثُمَّ يُمْسِكَ . وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ : أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ ، فَيَقُولُونَ : لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ سُحْتٌ ، يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا . رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
[ ص: 169 ] وَعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501057أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا ، فَكَثُرَ دَيْنُهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ . فَتَصَدَّقَ النَّاسُ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغُرَمَائِهِ : خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ . رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ ، أَنْبَأَنَا
صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12107أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ قَاضِي الْمِصْرَيْنِ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501058يَدْعُو اللَّهُ بِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، فِيمَ أَخَذْتَ هَذَا الدَّيْنَ ؟ وَفِيمَ ضَيَّعْتَ حُقُوقَ النَّاسِ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَخَذْتُهُ فَلَمْ آكُلْ وَلَمْ أَشْرَبْ وَلَمْ أُضَيِّعْ ، وَلَكِنْ أَتَى عَلَى يَدَيَّ إِمَّا حَرْقٌ وَإِمَّا سَرَقٌ وَإِمَّا وَضِيعَةٌ . فَيَقُولُ اللَّهُ : صَدَقَ عَبْدِي ، أَنَا أَحَقُّ مَنْ قَضَى عَنْكَ الْيَوْمَ . فَيَدْعُو اللَّهُ بِشَيْءٍ فَيَضَعُهُ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ ، فَتَرْجَحُ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ .
وَأَمَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ : فَمِنْهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَإِسْحَاقَ : وَالْحَجُّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، لِلْحَدِيثِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=3211_3210ابْنُ السَّبِيلِ : وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُجْتَازُ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى سَفَرِهِ ، فَيُعْطَى مِنَ الصَّدَقَاتِ مَا يَكْفِيهِ إِلَى بَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ . وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ أَرَادَ إِنْشَاءَ سَفَرٍ مِنْ بَلَدِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ ، فَيُعْطَى مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ كِفَايَتَهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْآيَةُ وَمَا رَوَاهُ
الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501059لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ : الْعَامِلِ عَلَيْهَا ، أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ ، أَوْ غَارِمٍ ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى لِغَنِيٍّ .
وَقَدْ رَوَاهُ السُّفْيَانَانِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ
عَطَاءٍ مُرْسَلًا .
وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ
عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501060لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ، أَوْ جَارٍ فَقِيرٍ فَيُهْدِي لَكَ أَوْ يَدْعُوكَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ) أَيْ حُكْمًا مُقَدَّرًا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَفَرْضِهِ وَقَسْمِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) أَيْ : عَلِيمٌ بِظَوَاهِرِ الْأُمُورِ وَبَوَاطِنِهَا وَبِمَصَالِحِ عِبَادِهِ ، ( حَكِيمٌ ) فِيمَا يَفْعَلُهُ وَيَقُولُهُ وَيَشْرَعُهُ وَيَحْكُمُ بِهِ ،
[ ص: 170 ] لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ .