(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28980_19236_28781_28842ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ( 75 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=76فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون ( 76 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ( 77 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ( 78 ) )
يقول تعالى : ومن المنافقين من أعطى الله عهده وميثاقه : لئن أغناه من فضله ليصدقن من ماله ، وليكونن من الصالحين . فما وفى بما قال ، ولا صدق فيما ادعى ، فأعقبهم هذا الصنيع نفاقا سكن في قلوبهم إلى يوم يلقون الله - عز وجل - يوم القيامة ، عياذا بالله من ذلك .
وقد ذكر كثير من المفسرين ، منهم
ابن عباس ،
والحسن البصري : أن سبب نزول هذه الآية الكريمة في "
ثعلبة بن حاطب الأنصاري " .
وقد ورد فيه حديث رواه
ابن جرير هاهنا
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، من حديث
معان بن رفاعة ، عن
علي بن يزيد ، عن
أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن ، مولى
عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي ، عن
ثعلبة بن حاطب الأنصاري ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825397أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادع الله أن يرزقني [ ص: 184 ] مالا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه . قال : ثم قال مرة أخرى ، فقال : أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ، فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا وفضة لسارت . قال : والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم ارزق ثعلبة مالا . قال : فاتخذ غنما ، فنمت كما ينمو الدود ، فضاقت عليه المدينة ، فتنحى عنها ، فنزل واديا من أوديتها ، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ، ويترك ما سواهما . ثم نمت وكثرت ، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة ، وهي تنمو كما ينمو الدود ، حتى ترك الجمعة . فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة ، يسألهم عن الأخبار ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما فعل ثعلبة ؟ فقالوا : يا رسول الله ، اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة . فأخبروه بأمره فقال : يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة . وأنزل الله جل ثناؤه : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) الآية [ التوبة : 103 ] قال : ونزلت عليه فرائض الصدقة ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين على الصدقة : رجلا من جهينة ، ورجلا من سليم ، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين ، وقال لهما : مرا بثعلبة ، وبفلان - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما . فخرجا حتى أتيا ثعلبة ، فسألاه الصدقة ، وأقرآه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما هذه إلا جزية . ما هذه إلا أخت الجزية . ما أدري ما هذا انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي . فانطلقا وسمع بهما السلمي ، فنظر إلى خيار أسنان إبله ، فعزلها للصدقة ، ثم استقبلهما بها فلما رأوها قالوا : ما يجب عليك هذا ، وما نريد أن نأخذ هذا منك . قال : بلى ، فخذوها ، فإن نفسي بذلك طيبة ، وإنما هي له ، فأخذوها منه ، فلما فرغا من صدقاتهما رجعا حتى مرا بثعلبة ، فقال : أروني كتابكما فنظر فيه ، فقال : ما هذه إلا أخت الجزية . انطلقا حتى أرى رأيي . فانطلقا حتى أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رآهما قال : يا ويح ثعلبة قبل أن يكلمهما ، ودعا للسلمي بالبركة ، فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي ، فأنزل الله - عز وجل - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ) إلى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77وبما كانوا يكذبون ) قال : وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من أقارب ثعلبة ، فسمع ذلك ، فخرج حتى أتاه فقال : ويحك يا ثعلبة . قد أنزل الله فيك كذا وكذا ، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يقبل منه صدقته ، فقال : إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك ، فجعل يحثو على رأسه التراب ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ هذا ] عملك ، قد أمرتك فلم تطعني . فلما أبى أن يقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى منزله ، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبل منه شيئا . ثم أتى أبا بكر - رضي الله عنه - حين استخلف ، فقال : قد علمت منزلتي من رسول الله ، وموضعي من الأنصار ، فاقبل صدقتي . فقال أبو بكر : لم يقبلها منك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يقبلها ، فقبض أبو بكر ولم يقبلها . فلما ولي عمر - رضي الله عنه - أتاه فقال : يا أمير المؤمنين ، اقبل صدقتي . فقال : لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ، وأنا أقبلها منك ! فقبض ولم يقبلها ؛ ثم ولي عثمان - رضي الله عنه - [ فأتاه ] فسأله أن يقبل صدقته ، فقال : لم يقبلها [ ص: 185 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك ! فلم يقبلها منه ، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) أي : أعقبهم النفاق في قلوبهم بسبب إخلافهم الوعد وكذبهم ، كما جاء في الصحيح ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820411آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان وله شواهد كثيرة ، والله أعلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ) يخبرهم تعالى أنه يعلم السر وأخفى ، وأنه أعلم بضمائرهم وإن أظهروا أنه إن حصل لهم أموال تصدقوا منها وشكروا عليها ، فإنه أعلم بهم من أنفسهم ؛ لأنه تعالى علام الغيوب ، أي : يعلم كل غيب وشهادة ، وكل سر ونجوى ، ويعلم ما ظهر وما بطن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28980_19236_28781_28842وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 75 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=76فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ( 76 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ( 77 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ( 78 ) )
يَقُولُ تَعَالَى : وَمِنَ الْمُنَافِقِينَ مَنْ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ : لَئِنْ أَغْنَاهُ مِنْ فَضْلِهِ لَيَصَّدَّقَنَّ مِنْ مَالِهِ ، وَلَيَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَمَا وَفَّى بِمَا قَالَ ، وَلَا صَدَقَ فِيمَا ادَّعَى ، فَأَعْقَبَهُمْ هَذَا الصَّنِيعُ نِفَاقًا سَكَنَ فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، عِياذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ .
وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، مِنْهُمُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي "
ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ الْأَنْصَارِيِّ " .
وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، مِنْ حَدِيثِ
مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مَوْلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ
ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ الْأَنْصَارِيِّ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825397أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي [ ص: 184 ] مَالًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُهُ . قَالَ : ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ : أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِثْلَ نَبِيِّ اللَّهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ تَسِيرَ مَعِيَ الْجِبَالُ ذَهَبًا وَفِضَّةً لَسَارَتْ . قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ دَعَوْتَ اللَّهَ فَرَزَقَنِي مَالًا لَأُعْطِيَنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالًا . قَالَ : فَاتَّخَذَ غَنَمًا ، فَنَمَتْ كَمَا يَنْمُو الدُّودُ ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ ، فَتَنَحَّى عَنْهَا ، فَنَزَلَ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَتِهَا ، حَتَّى جَعَلَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي جَمَاعَةٍ ، وَيَتْرُكَ مَا سِوَاهُمَا . ثُمَّ نَمَتْ وَكَثُرَتْ ، فَتَنَحَّى حَتَّى تَرَكَ الصَّلَوَاتِ إِلَّا الْجُمُعَةَ ، وَهِيَ تَنْمُو كَمَا يَنْمُو الدُّودُ ، حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَةَ . فَطَفِقَ يَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، يَسْأَلُهُمْ عَنِ الْأَخْبَارِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اتَّخَذَ غَنَمًا فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ . فَأَخْبَرُوهُ بِأَمْرِهِ فَقَالَ : يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ ، يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ ، يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ . وَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) الْآيَةَ [ التَّوْبَةِ : 103 ] قَالَ : وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ : رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ ، وَرَجُلًا مِنْ سُلَيْمٍ ، وَكَتَبَ لَهُمَا كَيْفَ يَأْخُذَانِ الصَّدَقَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَالَ لَهُمَا : مُرَّا بِثَعْلَبَةَ ، وَبِفُلَانٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ - فَخُذَا صَدَقَاتِهِمَا . فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا ثَعْلَبَةَ ، فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ ، وَأَقْرَآهُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَةٌ . مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ . مَا أَدْرِي مَا هَذَا انْطَلِقَا حَتَّى تَفْرُغَا ثُمَّ عُودَا إِلَيَّ . فَانْطَلَقَا وَسَمِعَ بِهِمَا السُّلَمِيُّ ، فَنَظَرَ إِلَى خِيَارِ أَسْنَانِ إِبِلِهِ ، فَعَزْلَهَا لِلصَّدَقَةِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُمَا بِهَا فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا : مَا يَجِبُ عَلَيْكَ هَذَا ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَ هَذَا مِنْكَ . قَالَ : بَلَى ، فَخُذُوهَا ، فَإِنَّ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ لَهُ ، فَأَخَذُوهَا مِنْهُ ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ صَدَقَاتِهِمَا رَجَعَا حَتَّى مَرَّا بِثَعْلَبَةَ ، فَقَالَ : أَرُونِي كِتَابَكُمَا فَنَظَرَ فِيهِ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ . انْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي . فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ : يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا ، وَدَعَا لِلسُّلَمِيِّ بِالْبَرَكَةِ ، فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَةُ وَالَّذِي صَنَعَ السُّلَمِيُّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) قَالَ : وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ أَقَارِبِ ثَعْلَبَةَ ، فَسَمِعَ ذَلِكَ ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ : وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ . قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا وَكَذَا ، فَخَرَجَ ثَعْلَبَةُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ صَدَقَتَهُ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ صَدَقَتَكَ ، فَجَعَلَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ هَذَا ] عَمَلُكَ ، قَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تُطِعْنِي . فَلَمَّا أَبَى أَنْ يَقْبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئًا . ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ اسْتُخْلِفَ ، فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَمَوْضِعِي مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَاقْبَلْ صَدَقَتِي . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا ، فَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَقْبَلْهَا . فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَتَاهُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اقْبَلْ صَدَقَتِي . فَقَالَ : لَمْ يَقْبَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَنَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ ! فَقُبِضَ وَلَمْ يَقْبَلْهَا ؛ ثُمَّ وَلِيَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - [ فَأَتَاهُ ] فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ صَدَقَتَهُ ، فَقَالَ : لَمْ يَقْبَلْهَا [ ص: 185 ] رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَأَنَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ ! فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ ، وَهَلَكَ ثَعْلَبَةُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) أَيْ : أَعْقَبَهُمُ النِّفَاقَ فِي قُلُوبِهِمْ بِسَبَبِ إِخْلَافِهِمُ الْوَعْدَ وَكَذِبِهِمْ ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820411آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) يُخْبِرُهُمْ تَعَالَى أَنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ، وَأَنَّهُ أَعْلَمُ بِضَمَائِرِهِمْ وَإِنْ أَظْهَرُوا أَنَّهُ إِنْ حَصَلَ لَهُمْ أَمْوَالٌ تَصَدَّقُوا مِنْهَا وَشَكَرُوا عَلَيْهَا ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، أَيْ : يَعْلَمُ كُلَّ غَيْبٍ وَشَهَادَةٍ ، وَكُلَّ سِرٍّ وَنَجْوَى ، وَيَعْلَمُ مَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ .