( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 62 ) الذين آمنوا وكانوا يتقون ( 63 ) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ( 64 ) ) [ ص: 278 ]
يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون ، كما فسرهم ربهم ، فكل من كان تقيا كان لله وليا : أنه ( لا خوف عليهم ) [ أي ] فيما يستقبلون من أهوال القيامة ، ( ولا هم يحزنون ) على ما وراءهم في الدنيا .
وقال ، عبد الله بن مسعود ، وغير واحد من السلف : أولياء الله الذين إذا رءوا ذكر الله . وابن عباس
وقد ورد هذا في حديث مرفوع كما قال البزار :
حدثنا علي بن حرب الرازي ، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق ، حدثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري - وهو القمي - عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : . ثم قال قال رجل : يا رسول الله ، من أولياء الله ؟ قال : " الذين إذا رءوا ذكر الله " البزار : وقد روي عن سعيد مرسلا .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا ابن فضيل حدثنا أبي ، عن عمارة بن القعقاع ، عن ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . ثم قرأ : ( " إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء " . قيل : من هم يا رسول الله ؟ لعلنا نحبهم . قال : " هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب ، وجوههم نور على منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
ثم رواه أيضا أبو داود ، من حديث جرير ، عن عمارة بن القعقاع ، عن ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله . عمر بن الخطاب
وهذا أيضا إسناد جيد ، إلا أنه منقطع بين أبي زرعة ، والله أعلم . [ ص: 279 ] وعمر بن الخطاب
وفي حديث ، عن الإمام أحمد أبي النضر ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن ، عن شهر بن حوشب عبد الرحمن بن غنم ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . والحديث متطول . " يأتي من أفناء الناس ونوازع القبائل قوم لم تتصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله ، وتصافوا في الله ، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور ، فيجلسهم عليها ، يفزع الناس ولا يفزعون ، وهم أولياء الله ، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان أبي صالح ، عن رجل ، ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( أبي الدرداء لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : " الرؤيا الصالحة يراها المسلم ، أو ترى له " . عن
وقال ابن جرير : حدثني أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن ، عن رجل من أهل عطاء بن يسار مصر ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : سأل رجل أبا الدرداء عن هذه الآية ، فقال : لقد سألت عن شيء ما سمعت [ أحدا ] سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله ، فقال : " هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم ، أو ترى له ، بشراه في الحياة الدنيا ، وبشراه في الآخرة [ الجنة ] . عن أبي الدرداء في قوله : (
ثم رواه ابن جرير من حديث سفيان ، عن ابن المنكدر ، عن ، عن رجل من أهل عطاء بن يسار مصر ، أنه سأل أبا الدرداء عن هذه الآية ، فذكر نحو ما تقدم .
وقال ابن جرير : حدثني المثنى : حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ، عن عاصم بن بهدلة أبي صالح قال : سمعت أبا الدرداء ، وسئل عن : ( الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى ) فذكر نحوه سواء .
وقال : حدثنا الإمام أحمد عفان ، حدثنا أبان ، حدثنا يحيى ، عن أبي سلمة ، عبادة بن الصامت ؛ أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت قول الله تعالى : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) ؟ فقال : " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي - أو : أحد قبلك " قال : " تلك الرؤيا الصالحة ، يراها الرجل الصالح أو ترى له " . عن
وكذا رواه ، عن أبو داود الطيالسي عمران القطان ، عن ، به ورواه [ ص: 280 ] يحيى بن أبي كثير الأوزاعي ، عن ، فذكره . ورواه يحيى بن أبي كثير علي بن المبارك ، عن يحيى ، عن أبي سلمة قال : نبئنا عن عبادة بن الصامت ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، فذكره .
وقال ابن جرير : حدثني أبو حميد الحمصي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عمر بن عمرو بن عبد الأحموسي ، حميد بن عبد الله المزني قال : أتى رجل عبادة بن الصامت فقال : آية في كتاب الله أسألك عنها ، قول الله تعالى : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) ؟ فقال عبادة : ما سألني عنها أحد قبلك ، سألت عنها نبي الله فقال مثل ذلك : " ما سألني عنها أحد قبلك ، الرؤيا الصالحة ، يراها العبد المؤمن في المنام أو ترى له " . عن
ثم رواه من حديث موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد بن صفوان ، عبادة بن الصامت ؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) فقد عرفنا بشرى الآخرة الجنة ، فما بشرى الدنيا ؟ قال : " الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له ، وهي جزء من أربعة وأربعين جزءا أو سبعين جزءا من النبوة " . عن
وقال [ الإمام ] أحمد أيضا : حدثنا بهز ، حدثنا حماد ، حدثنا أبو عمران ، عن عبد الله بن الصامت ، . رواه عن أبي ذر ؛ أنه قال : يا رسول الله ، الرجل يعمل العمل فيحمده الناس عليه ، ويثنون عليه به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك عاجل بشرى المؤمن " مسلم .
وقال أحمد أيضا : حدثنا - حدثنا حسن - يعني الأشيب ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن عبد الرحمن بن جبير ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : " الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن ، هي جزء من تسعة وأربعين جزءا من النبوة ، فمن رأى [ ذلك ] فليخبر بها ، ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليحزنه ، فلينفث عن يساره ثلاثا ، وليكبر ولا يخبر بها أحدا " لم يخرجوه . عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني عمرو بن الحارث ، أن دراجا أبا السمح حدثه عن عبد الرحمن بن جبير ، لهم البشرى في الحياة الدنيا ) الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن ، جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " . عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
وقال أيضا ابن جرير : حدثني محمد بن أبي حاتم المؤدب ، حدثنا عمار بن محمد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : " هي [ ص: 281 ] في الدنيا الرؤيا الصالحة ، يراها العبد أو ترى له ، وهي في الآخرة الجنة " . عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (
ثم رواه عن أبي كريب ، عن ، عن أبي بكر بن عياش أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : ، وهي من المبشرات . الرؤيا الحسنة بشرى من الله
هكذا رواه من هذه الطريق موقوفا .
وقال أيضا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا هشام ، عن ابن سيرين ، . عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا الحسنة هي البشرى ، يراها المسلم أو ترى له "
وقال ابن جرير : حدثني أحمد بن حماد الدولابي ، حدثنا سفيان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، عن سباع بن ثابت ، عن أم كرز الكعبية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : . " ذهبت النبوة ، وبقيت المبشرات "
وهكذا روي عن ابن مسعود ، ، وأبي هريرة ، وابن عباس ومجاهد ، ، وعروة بن الزبير ، ويحيى بن أبي كثير ، وإبراهيم النخعي : أنهم فسروا ذلك بالرؤيا الصالحة . وعطاء بن أبي رباح
وقيل : المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كما في قوله تعالى : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ) [ فصلت : 30 - 32 ] .
وفي . حديث البراء : " أن المؤمن إذا حضره الموت ، جاءه ملائكة بيض الوجوه ، بيض الثياب ، فقالوا : اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ، ورب غير غضبان . فتخرج من فمه ، كما تسيل القطرة من فم السقاء "
وأما بشراهم في الآخرة ، فكما قال تعالى : ( لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) [ الأنبياء : 103 ] . وقال تعالى : ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ) [ الحديد : 12 ] .
وقوله : ( لا تبديل لكلمات الله ) أي : هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير ، بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة : ( ذلك هو الفوز العظيم ) [ ص: 282 ]