( عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه ( 21 ) ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين ( 22 ) ) [ ص: 378 ]
يخبر تعالى بألطافه بيوسف ، عليه السلام ، أنه قيض له الذي اشتراه من مصر ، حتى اعتنى به وأكرمه ، وأوصى أهله به ، وتوسم فيه الخير والفلاح ، فقال لامرأته : ( أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها ، وهو الوزير بها . [ قال ] العوفي ، عن ابن عباس : وكان اسمه قطفير .
وقال محمد بن إسحاق : اسمه إطفير بن روحيب ، وهو العزيز ، وكان على خزائن مصر ، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد ، رجل من العماليق قال : واسم امرأته راعيل بنت رعائيل .
وقال غيره : اسمها زليخا .
وقال محمد بن إسحاق أيضا ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : كان الذي باعه بمصر مالك بن دعر بن بويب بن عنقا بن مديان بن إبراهيم ، فالله أعلم .
وقال أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن أنه قال : أفرس الناس ثلاثة : عزيز عبد الله بن مسعود مصر حين قال لامرأته : ( أكرمي مثواه ) والمرأة التي قالت لأبيها [ عن موسى ] : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) [ القصص : 26 ] حين استخلف وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما . عمر بن الخطاب ،
يقول تعالى : وكما أنقذنا يوسف من إخوته ، ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ) يعني : بلاد مصر ، ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) قال مجاهد : هو تعبير الرؤيا ، ( والسدي والله غالب على أمره ) أي إذا أراد شيئا فلا يرد ولا يمانع ولا يخالف ، بل هو الغالب لما سواه .
قال سعيد بن جبير في قوله : ( والله غالب على أمره ) أي : فعال لما يشاء .
وقوله : ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) يقول : لا يدرون حكمته في خلقه ، وتلطفه لما يريد .
وقوله : ( ولما بلغ ) أي : يوسف عليه السلام ) أشده ) أي : استكمل عقله وتم خلقه . ( آتيناه حكما وعلما ) يعني : النبوة ، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام ، ( وكذلك نجزي المحسنين ) أي : إنه كان محسنا في عمله ، عاملا بطاعة ربه تعالى .
وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده ، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : ثلاث وثلاثون . وعن ابن عباس : بضع وثلاثون . وقال الضحاك : عشرون . وقال الحسن : أربعون سنة . وقال عكرمة : خمس وعشرون سنة . وقال : ثلاثون سنة . وقال السدي سعيد بن جبير : ثمانية عشرة سنة . وقال الإمام مالك ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، : الأشد الحلم . وقيل غير ذلك ، والله أعلم . والشعبي