قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وهؤلاء الذين إن فدوا أنفسهم من عذاب الله يوم القيامة كل فداء لم يؤخذ منهم ، هم " الذين أبسلوا بما كسبوا " يقول : أسلموا لعذاب الله ، فرهنوا به جزاء بما كسبوا في الدنيا من الآثام والأوزار ، " لهم شراب من حميم " .
و " الحميم " هو الحار ، في كلام العرب ، وإنما هو " محموم " صرف إلى " فعيل " ومنه قيل للحمام ، " حمام " لإسخانه الجسم ، ومنه قول مرقش :
في كل ممسى لها مقطرة فيها كباء معد وحميم
يعني بذلك ماء حارا ، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي في صفة فرس :
[ ص: 449 ]
تأبى بدرتها إذا ما استضغبت إلا الحميم فإنه يتبضع
يعني بالحميم : عرق الفرس .
وإنما جعل - تعالى ذكره - لهؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية شرابا من حميم ، لأن الحار من الماء لا يروي من عطش . فأخبر أنهم إذا عطشوا في جهنم لم يغاثوا بماء يرويهم ، ولكن بما يزيدون به عطشا على ما بهم من العطش " وعذاب أليم " يقول : ولهم أيضا مع الشراب الحميم من الله العذاب الأليم والهوان المقيم " بما كانوا يكفرون " يقول : بما كان من كفرهم في الدنيا بالله ، وإنكارهم توحيده ، وعبادتهم معه آلهة دونه .
13419 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا " قال يقال : أسلموا .
13420 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " أولئك الذين أبسلوا " قال : فضحوا .
13421 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : " أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا " قال : أخذوا بما كسبوا .