[ ص: 553 ] القول في تأويل قوله ( يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون ( 95 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : يخرج السنبل الحي من الحب الميت ، ومخرج الحب الميت من السنبل الحي ، والشجر الحي من النوى الميت ، والنوى الميت من الشجر الحي .
والشجر ما دام قائما على أصوله لم يجف ، والنبات على ساقه لم ييبس ، فإن العرب تسميه " حيا " فإذا يبس وجف أو قطع من أصله ، سموه " ميتا " .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13592 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : أما " يخرج الحي من الميت " فيخرج السنبلة الحية من الحبة الميتة ، ويخرج الحبة الميتة من السنبلة الحية ، ويخرج النخلة الحية من النواة الميتة ، ويخرج النواة الميتة من النخلة الحية . السدي
13593 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن ، عن السدي أبي مالك : " يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي " قال : النخلة من النواة ، والنواة من النخلة ، والحبة من السنبلة ، والسنبلة من الحبة .
وقال آخرون بما : -
13594 - حدثني به المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي " قال : يخرج [ ص: 554 ] النطفة الميتة من الحي ، ثم يخرج من النطفة بشرا حيا .
قال أبو جعفر : وإنما اخترنا التأويل الذي اخترنا في ذلك ، لأنه عقيب قوله : " إن الله فالق الحب والنوى " على أن قوله يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي " وإن كان خبرا من الله عن إخراجه من الحب السنبل ومن السنبل الحب ، فإنه داخل في عمومه ما روي عن ابن عباس في تأويل ذلك . وكل ميت أخرجه الله من جسم حي ، وكل حي أخرجه الله من جسم ميت .
وأما قوله ذلكم الله " فإنه يقول : فاعل ذلك كله الله جل جلاله " فأنى تؤفكون " يقول : فأي وجوه الصد عن الحق ، أيها الجاهلون ، تصدون عن الصواب وتصرفون ، أفلا تتدبرون فتعلمون أنه لا ينبغي أن يجعل لمن أنعم عليكم بفلق الحب والنوى ، فأخرج لكم من يابس الحب والنوى زروعا وحروثا وثمارا تتغذون ببعضه وتفكهون ببعضه ، شريك في عبادته ما لا يضر ولا ينفع ، ولا يسمع ولا يبصر ؟