nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قل كونوا حجارة أو حديدا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=53وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=54ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=56قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=66ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=67وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=68أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=69أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا [ ص: 45 ]
الحديد معروف . نغضت سنه : تحركت قال . ونغضت من هرم أسنانها . تنغض وتنغض نغضا ونغوضا ، وأنغض رأسه حركه برفع وخفض . قال :
لما رأتني أنغضت لي الرأسا
وقال الآخر :
أنغض نحوي رأسه وأقنعا كأنه يطلب شيئا أطعما
وقال
الفراء : أنغض رأسه حركه إلى فوق وإلى أسفل . وقال
أبو الهيثم : إذا أخبر بشيء فحرك رأسه إنكارا له فقد أنغض رأسه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
ظعائن لم يسكن أكناف قرية بسيف ولم ينغض بهن القناطر
حنك الدابة واحتنكها : جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به ، واحتنك الجراد الأرض أكلت نباتها . قال :
نشكوا إليك سنة قد أجحفت جهدا إلى جهد بنا فأضعفت
واحتنكت أموالنا وحنكت ، ومنه ما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه من قولهم : أحنك الشاتين أي : آكلهما . استفز الرجل : استخفه ، والفز : الخفيف ، وأصله القطع ، ومنه تفزز الثوب : انقطع ، واستفزني فلان : خدعني حتى وقعت في أمر أراده . وقيل لولد البقرة : فز ; لخفته . قال الشاعر :
كما استغاث بسيء فز غيطلة خاف العيون ولم ينظر به الحشك
الجلبة : الصياح ، قاله
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء . وقال
أبو عبيدة : جلب وأجلب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أجلب على العدو ، وجمع عليه الخيل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : جلب عليه : أعان عليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : أجلب على الرجل : إذا توعده الشر ، وجمع عليه الجمع . الصوت معروف . الحاصب : الريح ترمي بالحصباء ، قاله
الفراء ، والحصب : الرمي بالحصباء ، وهي الحجارة الصغار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
مستقبلين شمال الشام نضربهم بحاصب كنديف القطن منثور
والحاصب : العارض الرامي بالبرد والحجارة . تارة مرة ، وتجمع على تير وتارات . قال الشاعر :
وإنسان عيني يحسر الماء تارة فيبدو وتارات يجم فيغرق
القاصف : الذي يكسر كل ما يلقى ، ويقال : قصف الشجر يقصفه قصفا كسره . وقال
أبو تمام :
إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت عيدان نجد ولا يعبأن بالرتم
، وقيل : القاصف : الريح التي لها قصيف ، وهو الصوت الشديد ، كأنها تتقصف أي : تتكسر .
[ ص: 46 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قل كونوا حجارة أو حديدا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لما قالوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49أئذا كنا عظاما ) قيل : لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كونوا حجارة أو حديدا ) فرد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كونوا ) على قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49كنا ) كأنه قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كونوا حجارة أو حديدا ) ولا تكونوا عظاما ، فإنه يقدر على إحيائكم ، والمعنى : أنكم تستبعدون أن يجدد الله خلقكم ويرده إلى حال الحياة ، وإلى رطوبة الحي وغضاضته بعدما كنتم عظاما يابسة ، مع أن العظام بعض أجزاء الحي ، بل هي عمود خلقه الذي يبنى عليه سائره ، فليس ببدع أن يردها الله بقدرته إلى حالتها الأولى ، ولكن لو كنتم أبعد شيء من الحياة ورطوبة الحي ومن جنس ما ركب به البشر ، وهو أن تكونوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50حجارة ) يابسة (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50أو حديدا ) مع أن طباعها القساوة والصلابة لكان قادرا على أن يردكم إلى حال الحياة (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أو خلقا مما يكبر ) عندكم عن قبول الحياة ، ويعظم في زعمكم على الخالق إحياؤه فإنه يحييه .
وقال
ابن عطية : كونوا إن استطعتم هذه الأشياء الصعبة الممتنعة التأتي ، لا بد من بعثكم . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كونوا ) هو الذي يسميه المتكلمون التعجيز من أنواع أفعل ، وبهذه الآية مثل بعضهم ، وفي هذا عندي نظر ، وإنما التعجيز حيث يقتضي بالأمر فعل ما لا يقدر عليه المخاطب ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=168فادرءوا عن أنفسكم الموت ) ونحوه . وأما هذه الآية فمعناها كونوا بالتوهم ، والتقدير كذا وكذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51الذي فطركم ) كذلك هو يعيدكم . انتهى . وقال
مجاهد : المعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كونوا ) ما شئتم فستعادون . وقال
النحاس : هذا قول حسن ; لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا حجارة ، وإنما المعنى أنهم قد أقروا بخالقهم وأنكروا البعث ، فقيل لهم : استشعروا أن تكونوا ما شئتم ، فلو كنتم (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50حجارة أو حديدا ) لبعثتم كما خلقتم أول مرة . انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أو خلقا مما يكبر في صدوركم ) صلابته وزيادته على قوة الحديد وصلابته ، ولم يعينه ، ترك ذلك إلى أفكارهم وجولانها فيما هو أصلب من الحديد ، فبدأ أولا بالصلب ، ثم ذكر على سبيل الترقي الأصلب منه ، ثم الأصلب من الحديد ، أي : افرضوا ذواتكم شيئا من هذه ، فإنه لا بد لكم من البعث على أي حال كنتم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر والحسن nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير والضحاك : الذي يكبر : الموت ، أي : لو كنتم الموت لأماتكم ثم أحياكم . وهذا التفسير لا يتم إلا إذا أريد المبالغة لا نفس الأمر ، لأن البدن جسم والموت عرض ، ولا ينقلب الجسم عرضا ، ولو فرض انقلابه عرضا لم يكن ليقبل الحياة لأجل الضدية . وقال
مجاهد : الذي يكبر : السماوات والأرض والجبال . ولما ذكر أنهم لو كانوا أصلب شيء وأبعده من حلول الحياة به كان خلق الحياة فيه ممكنا ، قالوا : من الذي هو قادر على صيرورة الحياة فينا وإعادتنا ، فنبههم على ما يقتضي الإعادة ، وهو أن الذي أنشأكم واخترعكم أول مرة هو الذي يعيدكم ، و ( الذي ) مبتدأ وخبره محذوف ، التقدير (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51الذي فطركم أول مرة ) يعيدكم فيطابق الجواب السؤال ، ويجوز أن يكون فاعلا ، أي : يعيدكم الذي فطركم ، ويجوز أن
[ ص: 47 ] يكون خبر مبتدأ ، أي : معيدكم الذي فطركم ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أول مرة ) ظرف العامل فيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51فطركم ) قاله
الحوفي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51فسينغضون ) أي : يحركونها على سبيل التكذيب والاستبعاد ، ويقولون : متى هو ؟ أي : متى العود ؟ ولم يقولوا ذلك على سبيل التسليم للعود ولكن حيدة وانتقالا لما لا يسأل عنه ; لأن ما يثبت إمكانه بالدليل العقلي لا يسأل عن تعيين وقوعه ، ولكن أجابهم عن سؤالهم بقرب وقوعه لا بتعيين زمانه ; لأن ذلك مما استأثر الله تعالى بعلمه ، واحتمل أن يكون في (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51عسى ) إضمار ، أي عسى هو ، أي العود ، واحتمل أن يكون مرفوعها (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أن يكون ) فتكون تامة . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51قريبا ) يحتمل أن يكون خبر كان على أنه يكون العود متصفا بالقرب ، ويحتمل أن يكون ظرفا ، أي : زمانا قريبا ، وعلى هذا التقدير : يوم ندعوكم بدلا من قريبا .
وقال
أبو البقاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يوم يدعوكم ) ظرف ليكون ، ولا يجوز أن يكون ظرفا لاسم كان ، وإن كان ضمير المصدر ; لأن الضمير لا يعمل . انتهى . أما كونه ظرفا ليكون فهذا مبني على جواز عمل كان الناقصة في الظرف وفيه خلاف . وأما قوله : لأن الضمير لا يعمل فهو مذهب البصريين ، وأما الكوفيون فيجيزون أن يعمل نحو : مروري بزيد حسن ، وهو بعمرو قبيح ، يعلقون بعمرو بلفظ هو أي : ومروري بعمرو قبيح . والظاهر أن الدعاء حقيقة أي يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=41يوم ينادي المناد من مكان قريب ) الآية . ويقال : إن
إسرافيل - عليه السلام - ينادي : أيتها الأجسام البالية والعظام النخرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت . وروي في الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374638إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم ، فأحسنوا أسماءكم " . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52فتستجيبون ) توافقون الداعي فيما دعاكم إليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الدعاء والاستجابة كلاهما مجاز ، والمعنى : يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعون . انتهى . والظاهر : أن الخطاب للكفار إذ الكلام قبل ذلك معهم فالضمير لهم ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بحمده ) حال منهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهي مبالغة في انقيادهم للبعث ، كقولك لمن تأمره بركوب ما يشق عليه فيتأبى ، ويمتنع : ستركبه وأنت حامد شاكر ، يعني : أنك تحمل عليه وتقسر قسرا حتى أنك تلين لين المسامح الراغب فيه الحامد عليه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : ينفضون التراب عن رءوسهم ، ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك . انتهى . وذلك لما ظهر لهم من قدرته .
وقيل : معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بحمده ) أن الرسول قائل ذلك ، لا أنهم يكون ( بحمده ) حالا منهم ، فكأنه قال : عسى أن تكون الساعة قريبة يوم يدعوكم فتقومون بخلاف ما تعتقدون الآن ، وذلك بحمد الله على صدق خبري ، كما تقول لرجل خصمته أو حاورته في علم : قد أخطأت بحمد الله ، فبحمد الله ليس حالا من فاعل أخطأت ، بل المعنى : أخطأت والحمد لله . وهذا معنى متكلف نحا إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وكان (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بحمده ) يكون اعتراضا إذ معناه والحمد لله ، ونظيره قول الشاعر :
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
. أي : فإني والحمد لله ، فهذا اعتراض بين اسم إن وخبرها ، كما أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بحمده ) اعتراض بين المتعاطفين ، ووقع في لفظ
ابن عطية حين قرر هذا المعنى قوله : عسى أن الساعة قريبة وهو تركيب لا يجوز ، لا تقول : عسى أن زيدا قائم ، بخلاف : عسى أن يقوم زيد ، وعلى أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بحمده ) حالا من ضمير (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52فتستجيبون ) . قال المفسرون : حمدوا حين لا ينفعهم الحمد . وقال
قتادة : معناه بمعرفته وطاعته (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : بين النفختين الأولى والثانية فإنه يزال عنهم العذاب في ذلك الوقت ، ويدل عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52من بعثنا من مرقدنا هذا فهذا عائد إلى لبثهم فيما بين النفختين . وقال
الحسن : تقريب وقت البعث فكأنك بالدنيا ولم تكن ، وبالآخرة لم تزل ، فهذا يرجع إلى استقلال مدة اللبث في الدنيا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وتظنون ) وترون الهول فعنده تستقصرون مدة لبثكم في الدنيا ، وتحسبونها
[ ص: 48 ] يوما أو بعض يوم ، وعن
قتادة : تحاقرت الدنيا في أنفسهم حين عاينوا الآخرة . انتهى . وقيل : استقلوا لبثهم في عرصة القيامة ; لأنه لما كانت عاقبة أمرهم الدخول إلى النار استقصروا مدة لبثهم في برزخ القيامة . وقيل : تم الكلام عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51قل عسى أن يكون قريبا ) .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يوم يدعوكم ) خطاب مع المؤمنين لا مع الكافرين ; لأنهم يستجيبون لله (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بحمده ) يحمدونه على إحسانه إليهم ، فلا يليق هذا إلا بهم . وقيل : يحمده المؤمن اختيارا والكافر اضطرارا ، وهذا يدل على أن الخطاب للكافر والمؤمن وهو الذي يدل عليه ما روي عن
ابن جبير ، وإذا كان الخطاب للكفار ، وهو الظاهر فيحمل أن يكون الظن على بابه ، فيكون لما رجعوا إلى حالة الحياة وقع لهم الظن أنهم لم ينفصلوا عن الدنيا إلا في زمن قليل إذ كانوا في ظنهم نائمين ، ويحتمل أن يكون بمعنى اليقين من حيث علموا أن ذلك منقض متصرم . والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وتظنون ) معطوف على تستجيبون ، وقاله
الحوفي . وقال
أبو البقاء : أي : وأنتم ( تظنون ) والجملة حال . انتهى . وإن هنا نافية ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وتظنون ) معلق عن العمل ، فالجملة بعده في موضع نصب ، وقلما ذكر النحويون في أدوات التعليق إن النافية ، ويظهر أن انتصاب
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52قليلا على أنه نعت لزمان محذوف أي : إلا زمانا قليلا ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=19قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ) ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أي : لبثا قليلا ، ودلالة الفعل على مصدره دلالة قوية .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=53وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=54رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=56قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=66رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=67وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=68أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=69أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا [ ص: 45 ]
الْحَدِيدُ مَعْرُوفٌ . نَغَضَتْ سِنُّهُ : تَحَرَّكَتْ قَالَ . وَنَغَضَتْ مِنْ هَرِمٍ أَسْنَانُهَا . تَنْغِضُ وَتَنْغُضُ نَغْضًا وَنُغُوضًا ، وَأَنْغَضَ رَأْسَهُ حَرَّكَهُ بِرَفْعٍ وَخَفْضٍ . قَالَ :
لَمَّا رَأَتْنِي أَنْغَضَتْ لِيَ الرَّأْسَا
وَقَالَ الْآخَرُ :
أَنْغَضَ نَحْوِي رَأَسَهُ وَأَقْنَعَا كَأَنَّهُ يَطْلُبُ شَيْئًا أَطْعَمَا
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : أَنْغَضَ رَأْسَهُ حَرَّكَهُ إِلَى فَوْقَ وَإِلَى أَسْفَلَ . وَقَالَ
أَبُو الْهَيْثَمِ : إِذَا أُخْبِرَ بِشَيْءٍ فَحَرَّكَ رَأْسَهُ إِنْكَارًا لَهُ فَقَدْ أَنْغَضَ رَأْسَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
ظَعَائِنُ لَمْ يَسْكُنَّ أَكْنَافَ قَرْيَةٍ بِسَيْفٍ وَلَمْ يَنْغُضْ بِهِنَّ الْقَنَاطِرُ
حَنَّكَ الدَّابَّةَ وَاحْتَنَكَهَا : جَعَلَ فِي حَنَكِهَا الْأَسْفَلِ حَبْلًا يَقُودُهَا بِهِ ، وَاحْتَنَكَ الْجَرَادُ الْأَرْضَ أَكَلَتْ نَبَاتَهَا . قَالَ :
نَشْكُوا إِلَيْكَ سَنَةً قَدْ أَجْحَفَتْ جَهْدًا إِلَى جَهْدٍ بِنَا فَأَضْعَفَتْ
وَاحْتَنَكَتْ أَمْوَالَنَا وَحَنَكْتَ ، وَمِنْهُ مَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ أَيْ : آكِلُهُمَا . اسْتَفَزَّ الرَّجُلَ : اسْتَخَفَّهُ ، وَالْفَزُّ : الْخَفِيفُ ، وَأَصْلُهُ الْقَطْعُ ، وَمِنْهُ تَفَزَّزَ الثَّوْبُ : انْقَطَعَ ، وَاسْتَفَزَّنِي فُلَانٌ : خَدَعَنِي حَتَّى وَقَعْتُ فِي أَمْرٍ أَرَادَهُ . وَقِيلَ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ : فَزٌّ ; لِخِفَّتِهِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
كَمَا اسْتَغَاثَ بِسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ خَافَ الْعُيُونَ ولَمْ يُنَظَرْ بِهِ الْحَشَكُ
الْجَلَبَةُ : الصِّيَاحُ ، قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : جَلَبَ وَأَجْلَبَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : أَجْلَبَ عَلَى الْعَدُوِّ ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْخَيْلَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ : جَلَبَ عَلَيْهِ : أَعَانَ عَلَيْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : أَجْلَبَ عَلَى الرَّجُلِ : إِذَا تَوَعَّدَهُ الشَّرَّ ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْجَمْعَ . الصَّوْتُ مَعْرُوفٌ . الْحَاصِبُ : الرِّيحُ تَرْمِي بِالْحَصْبَاءِ ، قَالَهُ
الْفَرَّاءُ ، وَالْحَصَبُ : الرَّمْيُ بِالْحَصْبَاءِ ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقُ :
مُسْتَقْبِلِينَ شَمَالَ الشَّامِ نَضْرِبُهُمْ بِحَاصِبٍ كَنَدِيفِ الْقُطْنِ مَنْثُورِ
وَالْحَاصِبُ : الْعَارِضُ الرَّامِي بِالْبَرَدِ وَالْحِجَارَةِ . تَارَةً مَرَّةً ، وَتُجْمَعُ عَلَى تِيَرٍ وَتَارَاتٍ . قَالَ الشَّاعِرُ :
وَإِنْسَانُ عَيْنِي يَحْسِرُ الْمَاءَ تَارَةً فَيَبْدُو وَتَارَاتٍ يَجُمُّ فَيَغْرَقُ
الْقَاصِفُ : الَّذِي يَكْسِرُ كُلَّ مَا يَلْقَى ، وَيُقَالُ : قَصَفَ الشَّجَرَ يَقْصِفُهُ قَصْفًا كَسَرَهُ . وَقَالَ
أَبُو تَمَّامٍ :
إِنَّ الرِّيَاحَ إِذَا مَا أَعْصَفَتْ قَصَفَتْ عِيدَانَ نَجْدٍ وَلَا يَعْبَأْنَ بِالرَّتَمِ
، وَقِيلَ : الْقَاصِفُ : الرِّيحُ الَّتِي لَهَا قَصِيفٌ ، وَهُوَ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ ، كَأَنَّهَا تَتَقَصَّفُ أَيْ : تَتَكَسَّرُ .
[ ص: 46 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لَمَّا قَالُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا ) قِيلَ : لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ) فَرَدَّ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كُونُوا ) عَلَى قَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49كُنَّا ) كَأَنَّهُ قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ) وَلَا تَكُونُوا عِظَامًا ، فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إِحْيَائِكُمْ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّكُمْ تَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يُجَدِّدَ اللَّهُ خَلْقَكُمْ وَيَرُدَّهُ إِلَى حَالِ الْحَيَاةِ ، وَإِلَى رُطُوبَةِ الْحَيِّ وَغَضَاضَتِهِ بَعْدَمَا كُنْتُمْ عِظَامًا يَابِسَةً ، مَعَ أَنَّ الْعِظَامَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْحَيِّ ، بَلْ هِيَ عَمُودُ خَلْقِهِ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ سَائِرُهُ ، فَلَيْسَ بِبْدَعٍ أَنْ يَرُدَّهَا اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ إِلَى حَالَتِهَا الْأُولَى ، وَلَكِنْ لَوْ كُنْتُمْ أَبْعَدَ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَاةِ وَرُطُوبَةِ الْحَيِّ وَمِنْ جِنْسِ مَا رُكِّبَ بِهِ الْبَشَرُ ، وَهُوَ أَنْ تَكُونُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50حِجَارَةً ) يَابِسَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50أَوْ حَدِيدًا ) مَعَ أَنَّ طِبَاعَهَا الْقَسَاوَةُ وَالصَّلَابَةُ لَكَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَرُدَّكُمْ إِلَى حَالِ الْحَيَاةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ ) عِنْدَكُمْ عَنْ قَبُولِ الْحَيَاةِ ، وَيَعْظُمُ فِي زَعْمِكُمْ عَلَى الْخَالِقِ إِحْيَاؤُهُ فَإِنَّهُ يُحْيِيهِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : كُونُوا إِنِ اسْتَطَعْتُمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الصَّعْبَةَ الْمُمْتَنِعَةَ التَّأَتِّي ، لَا بُدَّ مِنْ بَعْثِكُمْ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كُونُوا ) هُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ التَّعْجِيزَ مِنْ أَنْوَاعِ أَفْعَلَ ، وَبِهَذِهِ الْآيَةِ مَثَّلَ بَعْضُهُمْ ، وَفِي هَذَا عِنْدِي نَظَرٌ ، وَإِنَّمَا التَّعْجِيزُ حَيْثُ يَقْتَضِي بِالْأَمْرِ فِعْلَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمُخَاطَبُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=168فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ ) وَنَحْوِهِ . وَأَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ فَمَعْنَاهَا كُونُوا بِالتَّوَهُّمِ ، وَالتَّقْدِيرِ كَذَا وَكَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51الَّذِي فَطَرَكُمْ ) كَذَلِكَ هُوَ يُعِيدُكُمُ . انْتَهَى . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50كُونُوا ) مَا شِئْتُمْ فَسَتُعَادُونَ . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : هَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ ; لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَكُونُوا حِجَارَةً ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُمْ قَدْ أَقَرُّوا بِخَالِقِهِمْ وَأَنْكَرُوا الْبَعْثَ ، فَقِيلَ لَهُمْ : اسْتَشْعِرُوا أَنْ تَكُونُوا مَا شِئْتُمْ ، فَلَوْ كُنْتُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ) لَبُعِثْتُمْ كَمَا خُلِقْتُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ . انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ) صَلَابَتُهُ وَزِيَادَتُهُ عَلَى قُوَّةِ الْحَدِيدِ وَصَلَابَتِهِ ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ ، تَرَكَ ذَلِكَ إِلَى أَفْكَارِهِمْ وَجَوَلَانِهَا فِيمَا هُوَ أَصْلَبُ مِنَ الْحَدِيدِ ، فَبَدَأَ أَوَّلًا بِالصُّلْبِ ، ثُمَّ ذَكَرَ عَلَى سَبِيلِ التَّرَقِّي الْأَصْلَبَ مِنْهُ ، ثُمَّ الْأَصْلَبَ مِنَ الْحَدِيدِ ، أَيِ : افْرِضُوا ذَوَاتِكُمْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ الْبَعْثِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنْتُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ : الَّذِي يَكْبُرُ : الْمَوْتُ ، أَيْ : لَوْ كُنْتُمُ الْمَوْتَ لَأَمَاتَكُمْ ثُمَّ أَحْيَاكُمْ . وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا أُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ لَا نَفْسُ الْأَمْرِ ، لِأَنَّ الْبَدَنَ جِسْمٌ وَالْمَوْتَ عَرَضٌ ، وَلَا يَنْقَلِبُ الْجِسْمُ عَرَضًا ، وَلَوْ فُرِضَ انْقِلَابُهُ عَرَضًا لَمْ يَكُنْ لِيَقْبَلَ الْحَيَاةَ لِأَجْلِ الضِّدِّيَّةِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الَّذِي يَكْبُرُ : السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ . وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا أَصْلَبَ شَيْءٍ وَأَبْعَدَهُ مِنْ حُلُولِ الْحَيَاةِ بِهِ كَانَ خَلْقُ الْحَيَاةِ فِيهِ مُمْكِنًا ، قَالُوا : مَنِ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَى صَيْرُورَةِ الْحَيَاةِ فِينَا وَإِعَادَتِنَا ، فَنَبَّهَهُمْ عَلَى مَا يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَاخْتَرَعَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ هُوَ الَّذِي يُعِيدُكُمْ ، وَ ( الَّذِي ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، التَّقْدِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) يُعِيدُكُمْ فَيُطَابِقُ الْجَوَابُ السُّؤَالَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا ، أَيْ : يُعِيدُكُمُ الَّذِي فَطَرَكُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ
[ ص: 47 ] يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ ، أَيْ : مُعِيدُكُمُ الَّذِي فَطَرَكُمْ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَوَّلَ مَرَّةٍ ) ظَرْفٌ الْعَامِلُ فِيهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51فَطَرَكُمْ ) قَالَهُ
الْحَوْفِيُّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51فَسَيُنْغِضُونَ ) أَيْ : يُحَرِّكُونَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّكْذِيبِ وَالِاسْتِبْعَادِ ، وَيَقُولُونَ : مَتَى هُوَ ؟ أَيْ : مَتَى الْعَوْدُ ؟ وَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّسْلِيمِ لِلْعَوْدِ وَلَكِنْ حَيْدَةً وَانْتِقَالًا لِمَا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ ; لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ إِمْكَانُهُ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ لَا يُسْأَلُ عَنْ تَعْيِينِ وُقُوعِهِ ، وَلَكِنْ أَجَابَهُمْ عَنْ سُؤَالِهِمْ بِقُرْبِ وُقُوعِهِ لَا بِتَعْيِينِ زَمَانِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51عَسَى ) إِضْمَارٌ ، أَيْ عَسَى هُوَ ، أَيِ الْعَوْدُ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعُهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَنْ يَكُونَ ) فَتَكُونَ تَامَّةً . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51قَرِيبًا ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ كَانَ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ الْعَوْدُ مُتَّصِفًا بِالْقُرْبِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا ، أَيْ : زَمَانًا قَرِيبًا ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ : يَوْمَ نَدْعُوكُمْ بَدَلًا مِنْ قَرِيبًا .
وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) ظَرْفٌ لِيَكُونَ ، وَلَا يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِاسْمِ كَانَ ، وَإِنْ كَانَ ضَمِيرَ الْمَصْدَرِ ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يَعْمَلُ . انْتَهَى . أَمَّا كَوْنُهُ ظَرْفًا لِيَكُونَ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ عَمَلِ كَانَ النَّاقِصَةِ فِي الظَّرْفِ وَفِيهِ خِلَافٌ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يَعْمَلُ فَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ ، وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَيُجِيزُونَ أَنْ يَعْمَلَ نَحْوُ : مُرُورِي بِزَيْدٍ حَسَنٌ ، وَهُوَ بِعَمْرٍو قَبِيحٌ ، يُعَلِّقُونَ بِعَمْرٍو بِلَفْظِ هُوَ أَيْ : وَمُرُورِي بِعَمْرٍو قَبِيحٌ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدُّعَاءَ حَقِيقَةٌ أَيْ يَدْعُوكُمْ بِالنِّدَاءِ الَّذِي يُسْمِعُكُمْ وَهُوَ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=41يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) الْآيَةَ . وَيُقَالُ : إِنَّ
إِسْرَافِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُنَادِي : أَيَّتُهَا الْأَجْسَامُ الْبَالِيَةُ وَالْعِظَامُ النَّخِرَةُ وَالْأَجْزَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ عُودِي كَمَا كُنْتِ . وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374638إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ " . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52فَتَسْتَجِيبُونَ ) تُوَافِقُونَ الدَّاعِيَ فِيمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الدُّعَاءُ وَالِاسْتِجَابَةُ كِلَاهُمَا مَجَازٌ ، وَالْمَعْنَى : يَوْمَ يَبْعَثُكُمْ فَتَنْبَعِثُونَ مُطَاوِعِينَ مُنْقَادِينَ لَا تَمْتَنِعُونَ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ : أَنَّ الْخِطَابَ لِلْكُفَّارِ إِذِ الْكَلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَهُمْ فَالضَّمِيرُ لَهُمْ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بِحَمْدِهِ ) حَالٌ مِنْهُمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي انْقِيَادِهِمْ لِلْبَعْثِ ، كَقَوْلِكَ لِمَنْ تَأْمُرُهُ بِرُكُوبِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فَيَتَأَبَّى ، وَيَمْتَنِعُ : سَتَرْكَبُهُ وَأَنْتَ حَامِدٌ شَاكِرٌ ، يَعْنِي : أَنَّكَ تُحْمَلُ عَلَيْهِ وَتُقْسَرُ قَسْرًا حَتَّى أَنَّكَ تَلِينُ لِينَ الْمُسَامِحِ الرَّاغِبِ فِيهِ الْحَامِدِ عَلَيْهِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ ، وَيَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ . انْتَهَى . وَذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ .
وَقِيلَ : مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بِحَمْدِهِ ) أَنَّ الرَّسُولَ قَائِلٌ ذَلِكَ ، لَا أَنَّهُمْ يَكُونُ ( بِحَمْدِهِ ) حَالًا مِنْهُمْ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : عَسَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ قَرِيبَةً يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَقُومُونَ بِخِلَافِ مَا تَعْتَقِدُونَ الْآنَ ، وَذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى صِدْقِ خَبَرِي ، كَمَا تَقُولُ لِرَجُلٍ خَصَمْتَهُ أَوْ حَاوَرْتَهُ فِي عِلْمٍ : قَدْ أَخْطَأْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ ، فَبِحَمْدِ اللَّهِ لَيْسَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ أَخْطَأْتَ ، بَلِ الْمَعْنَى : أَخْطَأْتَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . وَهَذَا مَعْنًى مُتَكَلَّفٌ نَحَا إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ ، وَكَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بِحَمْدِهِ ) يَكُونُ اعْتِرَاضًا إِذْ مَعْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ
. أَيْ : فَإِنِّي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَهَذَا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ اسْمِ إِنَّ وَخَبَرِهَا ، كَمَا أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بِحَمْدِهِ ) اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ ، وَوَقَعَ فِي لَفْظِ
ابْنِ عَطِيَّةَ حِينَ قَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ : عَسَى أَنَّ السَّاعَةَ قَرِيبَةٌ وَهُوَ تَرْكِيبٌ لَا يَجُوزُ ، لَا تَقُولُ : عَسَى أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ ، بِخِلَافِ : عَسَى أَنْ يَقُومَ زَيْدٌ ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بِحَمْدِهِ ) حَالًا مِنْ ضَمِيرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52فَتَسْتَجِيبُونَ ) . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : حَمِدُوا حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الْحَمْدُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : مَعْنَاهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَطَاعَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُزَالُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا فَهَذَا عَائِدٌ إِلَى لُبْثِهِمْ فِيمَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : تَقْرِيبُ وَقْتِ الْبَعْثِ فَكَأَنَّكَ بِالدُّنْيَا وَلَمْ تَكُنْ ، وَبِالْآخِرَةِ لَمْ تَزَلْ ، فَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى اسْتِقْلَالِ مُدَّةِ اللُّبْثِ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وَتَظُنُّونَ ) وَتَرَوْنَ الْهَوْلَ فَعِنْدَهُ تَسْتَقْصِرُونَ مُدَّةَ لُبْثِكُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَتَحْسَبُونَهَا
[ ص: 48 ] يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ، وَعَنْ
قَتَادَةَ : تَحَاقَرَتِ الدُّنْيَا فِي أَنْفُسِهِمْ حِينَ عَايَنُوا الْآخِرَةَ . انْتَهَى . وَقِيلَ : اسْتَقَلُّوا لُبْثَهُمْ فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمُ الدُّخُولَ إِلَى النَّارِ اسْتَقْصَرُوا مُدَّةَ لُبْثِهِمْ فِي بَرْزَخِ الْقِيَامَةِ . وَقِيلَ : تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ) .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) خِطَابٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لَا مَعَ الْكَافِرِينَ ; لِأَنَّهُمْ يَسْتَجِيبُونَ لِلَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52بِحَمْدِهِ ) يَحْمَدُونَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ ، فَلَا يَلِيقُ هَذَا إِلَّا بِهِمْ . وَقِيلَ : يَحْمَدُهُ الْمُؤْمِنُ اخْتِيَارًا وَالْكَافِرُ اضْطِرَارًا ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ لِلْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ جُبَيْرٍ ، وَإِذَا كَانَ الْخِطَابُ لِلْكُفَّارِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُحْمَلُ أَنْ يَكُونَ الظَّنُّ عَلَى بَابِهِ ، فَيَكُونُ لَمَّا رَجَعُوا إِلَى حَالَةِ الْحَيَاةِ وَقَعَ لَهُمُ الظَّنُّ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْفَصِلُوا عَنِ الدُّنْيَا إِلَّا فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ إِذْ كَانُوا فِي ظَنِّهِمْ نَائِمِينَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْيَقِينِ مِنْ حَيْثُ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ مُنْقَضٍ مُتَصَرِّمٌ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وَتَظُنُّونَ ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَسْتَجِيبُونَ ، وَقَالَهُ
الْحَوْفِيُّ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : أَيْ : وَأَنْتُمْ ( تَظُنُّونَ ) وَالْجُمْلَةُ حَالٌ . انْتَهَى . وَإِنْ هُنَا نَافِيَةٌ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52وَتَظُنُّونَ ) مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ ، فَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَقَلَّمَا ذَكَرَ النَّحْوِيُّونَ فِي أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ إِنِ النَّافِيَةَ ، وَيَظْهَرُ أَنَّ انْتِصَابَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=52قَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِزَمَانٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : إِلَّا زَمَانًا قَلِيلًا ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=19قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : لُبْثًا قَلِيلًا ، وَدَلَالَةُ الْفِعْلِ عَلَى مَصْدَرِهِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ .