(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139nindex.php?page=treesubj&link=29008وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك المشحون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=149فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=150أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=151ألا إنهم من إفكهم ليقولون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152ولد الله وإنهم لكاذبون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=153أاصطفى البنات على البنين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=154ما لكم كيف تحكمون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=155أفلا تذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=156أم لكم سلطان مبين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=157فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين )
[ ص: 375 ] يونس بن متى من
بني إسرائيل . وروي أنه نبأ وهو ابن ثمان وعشرين سنة ، بعثه الله إلى قومه ، فدعاهم للإيمان فخالفوه ، فوعدهم بالعذاب ، فأعلمهم الله بيومه ، فحدده
يونس لهم . ثم إن قومه لما رأوا مخايل العذاب قبل أن يباشرهم تابوا وآمنوا ، فتاب الله عليهم وصرف العذاب عنهم . وتقدم شرح قصته ، وأعدنا طرفا منها ليفيد ما بين الذكرين . قيل : ولحق
يونس غضب ، فأبق إلى ركوب السفينة فرارا من قومه ، وعبر عن الهروب بالإباق ، إذ هو
عبد الله ، خرج فارا من غير إذن من الله . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه لما أبعدت السفينة في البحر ،
ويونس فيها ، ركدت . فقال أهلها : إن فيها لمن يحبس الله السفينة بسببه ، فلنقترع . فأخذوا لكل سهما ، على أن من طفا سهمه فهو ، ومن غرق سهمه فليس إياه ، فطفا سهم
يونس . فعلوا ذلك ثلاثا ، تقع القرعة عليه ، فأجمعوا على أن يطرحوه . فجاء إلى ركن منها ليقع منها ، فإذا بدابة من دواب البحر ترقبه وترصد له . فانتقل إلى الركن الآخر ، فوجدها حتى استدار بالمركب وهي لا تفارقه ، فعلم أن ذلك من عند الله ، فترامى إليها فالتقمته . ففي قصة
يونس عليه السلام هنا جمل محذوفة مقدرة قبل ذكر فراره إلى الفلك ، كما في قصته في سورة الأنبياء في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إذ ذهب مغاضبا ) هو ما بعد هذا ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) جمل محذوفة أيضا . وبمجموع القصص يتبين ما حذف في كل قصة منها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين ) من المغلوبين ، وحقيقته من المزلقين عن مقام الظفر في الأسهام . وقرئ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142وهو مليم ) بفتح الميم ، وقياسه ملوم ; لأنه من لمته ألومه لوما ، فهو من ذوات الواو ، ولكنه جيء به على أليم ، كما قالوا : مشيب ومدعي في مشوب ، ومدعو بناء على شيب ودعى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143من المسبحين ) من الذاكرين الله تعالى بالتسبيح والتقديس . والظاهر أنه يريد ما ذكر في قوله في سورة الأنبياء (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) . وقال
ابن جبير : هو قوله سبحان الله . وقالت فرقة : تسبيحه صلاة التطوع ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ،
وأبو العالية : صلاته في وقت الرخاء تنفعه في وقت الشدة . وقال
الضحاك بن قيس على منبره : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة ، إن
يونس كان عبدا ذاكرا ، فلما أصابته الشدة نفعه ذلك . قال الله عز وجل (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) . وقال
الحسن : تسبيحه : صلاته في بطن الحوت . وروي أنه كان يرفع لحم الحوت بيديه يقول : لأبنين لك مسجدا حيث لم يبنه أحد قبلي .
وروي أن الحوت سافر مع السفينة رافعا رأسه ليتنفس
ويونس يسبح ، ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر ، فلفظه سالما لم يتغير منه شيء ، فأسلموا . والظاهر أن قوله للبث في بطنه إلى يوم البعث ، وعن
قتادة : لكان بطن الحوت له قبرا إلى يوم القيامة . وذكر في مدة لبثه في بطن الحوت أقوالا متكاذبة ، ضربنا عن ذكرها صفحا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وهو سقيم ) روي أنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والسدي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16723وعمرو بن ميمون : اليقطين : القرع خاصة ، قيل : وهي التي أنبتها الله عليه ، وتجمع خصالا ، برد الظل ، ونعومة الملمس ، وعظم الورق ، والذباب لا يقربها . قيل : وماء ورقه إذا رش به مكان لم يقربه ذباب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت :
فأنبت يقطينا عليه برحمة من الله لولا الله ألفى ضياعيا
وفيما روي : إنك لتحب القرع ، قال : أجل ، هي شجرة أخي
يونس . وقيل : هي شجرة الموز ، تغطى بورقها ، واستظل بأغصانها ، وأفطر على ثمارها . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة ) في كلام العرب : ما كان على ساق من عود ، فيحتمل أن يكون الله أنبتها ذات ساق يستظل بها وبورقها ، خرقا للعادة ، فنبت وصح وحسن
[ ص: 376 ] وجهه ; لأن ورق القرع أنفع شيء لمن ينسلخ جلده .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147nindex.php?page=treesubj&link=29008وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) قال الجمهور : رسالته هذه هي الأولى التي أبق بعدها ، ذكرها آخر القصص تنبيها على رسالته ، ويدل عليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم ) وتمتيع تلك الأمة هو الذي أغضب
يونس عليه السلام حتى أبق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة : هي رسالة أخرى بعد أن نبذه بالعراء ، وهي إلى أهل
نينوى من ناحية
الموصل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه ، وهم أهل
نينوى . وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جرى إليه إلى الأولين ، أو إلى غيرهم . وقيل : أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى ; لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيما فيهم ، فقال لهم : إن الله باعث إليكم نبيا . وقرأ الجمهور ( أو ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بمعنى بل . وقيل : بمعنى الواو وبالواو ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد . وقيل : للإبهام على المخاطب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد وكثير من
البصريين : المعنى على نظر البشر ، وحزرهم أن من وراءهم قال : هم مائة ألف أو يزيدون ، وهذا القول لم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري غيره . قال : أو يزيدون في مرأى الناظر ، إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر . والغرض الوصف بالكثرة ، والزيادة ثلاثون ألفا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ; أو سبعون ألفا ، قاله
ابن جبير ; أو عشرون ألفا ، رواه
أبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا صح بطل ما سواه .
( فآمنوا ) روي أنهم خرجوا بالأطفال والأولاد والبهائم ، وفرقوا بينها وبين الأمهات ، وناحوا وضجوا وأخلصوا ، فرفع الله عنهم . والتمتع هنا هو بالحياة ، والحين آجالهم السابقة في الأزل ، قاله
قتادة والسدي . والضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=149فاستفتهم ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : معطوف على مثله في أول السورة ، وإن تباعدت بينهما المسافة . أمر رسوله باستفتاء
قريش عن وجه إنكار البعث أولا ، ثم ساق الكلام موصولا بعضه ببعض ، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة الضيزى . انتهى . ويبعد ما قاله من العطف .
وإذا كانوا عدوا الفصل بجملة مثل قولك : كل لحما واضرب زيدا وخبزا ، من أقبح التركيب ، فكيف بجمل كثيرة وقصص متباينة ؟ فالقول بالعطف لا يجوز ، والاستفتاء هنا سؤال على جهة التوبيخ والتقريع على قولهم البهتان على الله ، حيث جعلوا لله الإناث في قولهم : الملائكة بنات الله ، مع كراهتهم لهن ، ووأدهم إياهن ، واستنكافهم من ذكرهن . وارتكبوا ثلاثة أنواع من الكفر : التجسيم ; لأن الولادة مختصة بالأجسام ، وتفضيل أنفسهم ، حيث نسبوا أرفع الجنسين لهم وغيره لله تعالى ; واستهانتهم بمن هو مكرم عند الله ، حيث أنثوهم ، وهم الملائكة .
بدأ أولا بتوبيخهم على تفضيل أنفسهم بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=149ألربك البنات ) ، وعدل عن قوله ( ألربكم ) لما في ترك الإضافة إليهم من تحسينهم وشرف نبيه بالإضافة إليه . وثنى بأن نسبة الأنوثة إلى الملائكة يقتضي المشاهدة ، فأنكر عليهم بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=150أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون ) أي خلقناهم وهم لا يشهدون شيئا من حالهم ، كما قال في الأخرى (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أشهدوا خلقهم ) وكما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ) . ثم أخبر عنهم ثالثا بأعظم الكفر ، وهو ادعاؤهم أنه تعالى قد ولد ، فبلغ إفكهم إلى نسبة الولد . ولما كان هذا فاحشا قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وإنهم لكاذبون ) . واحتمل أن تخص هذه الجملة بقولهم ولد الله ، ويكون تأكيدا لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=151من إفكهم ) واحتمل أن يعم هذا القول . فإن قلت : لم قال ( وهم شاهدون ) فخص علمهم بالمشاهدة ؟ قلت : ما هو إلا استهزاء وتجهيل كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أشهدوا خلقهم ) وذلك أنهم كما لم يعلموا ذلك بطريق المشاهدة ، لم يعلموه بخلق الله علمه في قلوبهم ولا بإخبار صادق ، لا بطريق استدلال ولا نظر . ويجوز أن يكون المعنى أنهم يقولون ذلك ، كالقائل قولا عن ثلج صدر وطمأنينة نفس لإفراط جهلهم ، كأنهم قد شاهدوا خلقه . وقرأ ( ولد الله ) أي الملائكة ولده ، والولد فعل بمعنى مفعول يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث . تقول : هذه ولدي ، وهؤلاء ولدي . انتهى .
وقرأ الجمهور :
[ ص: 377 ] ( أصطفى ) بهمزة الاستفهام ، على طريقة الإنكار والاستبعاد . وقرأ نافع
في رواية إسماعيل ،
وابن جماز وجماعة ،
وإسماعيل عن
أبي جعفر وشيبة : بوصل الألف ، وهو من كلام الكفار . حكى الله تعالى شنيع قولهم ، وهو أنهم ما كفاهم أن قالوا ولد الله ، حتى جعلوا ذلك الولد بنات الله ، والله تعالى اختارهم على البنين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بدلا عن قولهم ولد الله ، وقد قرأ بها
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وهذه القراءة ، وإن كان هذا محملها ، فهي ضعيفة ; والذي أضعفها أن الإنكار قد اكتنف هذه الجملة من جانبيها ، وذلك قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وإنهم لكاذبون ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=154ما لكم كيف تحكمون ) . فمن جعلها للإثبات فقد أوقعها دخيلة بين سببين ، وليست دخيلة بين نسيبين ، بل لها مناسبة ظاهرة مع قولهم ولد الله . وأما قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وإنهم لكاذبون ) فهي جملة اعتراض بين مقالتي الكفر ، جاءت للتشديد والتأكيد في كون مقالتهم تلك هي من إفكهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=154ما لكم كيف تحكمون ) تقريع وتوبيخ واستفهام عن البرهان والحجة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : تذكرون ، بسكون الذال وضم الكاف . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=156أم لكم سلطان ) أي حجة نزلت عليكم من السماء ، وخبر بأن الملائكة بنات الله . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=157فأتوا بكتابكم ) الذي أنزل عليكم بذلك ، كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=35أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139nindex.php?page=treesubj&link=29008وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=149فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=150أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=151أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=153أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=154مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=155أَفَلَا تَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=156أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=157فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )
[ ص: 375 ] يُونُسُ بْنُ مَتَّى مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَرُوِيَ أَنَّهُ نُبِّأَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ ، فَدَعَاهُمْ لِلْإِيمَانِ فَخَالَفُوهُ ، فَوَعَدَهُمْ بِالْعَذَابِ ، فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ بِيَوْمِهِ ، فَحَدَّدَهُ
يُونُسُ لَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ قَوْمَهُ لَمَّا رَأَوْا مَخَايِلَ الْعَذَابِ قَبْلَ أَنْ يُبَاشِرَهُمْ تَابُوا وَآمَنُوا ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَصَرَفَ الْعَذَابَ عَنْهُمْ . وَتَقَدَّمَ شَرْحُ قِصَّتِهِ ، وَأَعَدْنَا طَرَفًا مِنْهَا لِيُفِيدَ مَا بَيْنَ الذِّكْرَيْنِ . قِيلَ : وَلَحِقَ
يُونُسَ غَضَبٌ ، فَأَبِقَ إِلَى رُكُوبِ السَّفِينَةِ فِرَارًا مِنْ قَوْمِهِ ، وَعَبَّرَ عَنِ الْهُرُوبِ بِالْإِبَاقِ ، إِذْ هُوَ
عَبْدُ اللَّهِ ، خَرَجَ فَارًّا مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ مِنَ اللَّهِ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمَّا أَبْعَدَتِ السَّفِينَةُ فِي الْبَحْرِ ،
وَيُونُسُ فِيهَا ، رَكَدَتْ . فَقَالَ أَهْلُهَا : إِنَّ فِيهَا لَمَنْ يَحْبِسُ اللَّهُ السَّفِينَةَ بِسَبَبِهِ ، فَلْنَقْتَرِعْ . فَأَخَذُوا لِكُلٍّ سَهْمًا ، عَلَى أَنَّ مَنْ طَفَا سَهْمُهُ فَهُوَ ، وَمَنْ غَرِقَ سَهْمُهُ فَلَيْسَ إِيَّاهُ ، فَطَفَا سَهْمُ
يُونُسَ . فَعَلُوا ذَلِكَ ثَلَاثًا ، تَقَعُ الْقَرْعَةُ عَلَيْهِ ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَطْرَحُوهُ . فَجَاءَ إِلَى رُكْنٍ مِنْهَا لِيَقَعَ مِنْهَا ، فَإِذَا بِدَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ تَرْقُبُهُ وَتَرْصُدُ لَهُ . فَانْتَقَلَ إِلَى الرُّكْنِ الْآخَرِ ، فَوَجَدَهَا حَتَّى اسْتَدَارَ بِالْمَرْكَبِ وَهِيَ لَا تُفَارِقُهُ ، فَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، فَتَرَامَى إِلَيْهَا فَالْتَقَمَتْهُ . فَفِي قِصَّةِ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُنَا جُمَلٌ مَحْذُوفَةٌ مُقَدَّرَةٌ قَبْلَ ذِكْرِ فِرَارِهِ إِلَى الْفُلْكِ ، كَمَا فِي قِصَّتِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) هُوَ مَا بَعْدَ هَذَا ، وَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) جُمَلٌ مَحْذُوفَةٌ أَيْضًا . وَبِمَجْمُوعِ الْقَصَصِ يَتَبَيَّنُ مَا حُذِفَ فِي كُلِّ قِصَّةٍ مِنْهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) مِنَ الْمَغْلُوبِينَ ، وَحَقِيقَتُهُ مِنَ الْمُزْلَقِينَ عَنْ مَقَامِ الظَّفَرِ فِي الْأَسْهَامِ . وَقُرِئَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142وَهُوَ مُلِيمٌ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ، وَقِيَاسُهُ مَلُومٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ لُمْتُهُ أَلُومُهُ لَوْمًا ، فَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ ، وَلَكِنَّهُ جِيءَ بِهِ عَلَى أَلِيمٍ ، كَمَا قَالُوا : مَشِيبٌ وَمَدْعِيٍّ فِي مَشُوبٍ ، وَمَدْعُوٍّ بِنَاءً عَلَى شَيَبَ وَدَعَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ) مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ مَا ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَ اللَّهِ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : تَسْبِيحُهُ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَأَبُو الْعَالِيَةِ : صَلَاتُهُ فِي وَقْتِ الرَّخَاءِ تَنْفَعُهُ فِي وَقْتِ الشِّدَّةِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى مِنْبَرِهِ : اذْكُرُوا اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ يَذْكُرْكُمْ فِي الشِّدَّةِ ، إِنَّ
يُونُسَ كَانَ عَبْدًا ذَاكِرًا ، فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الشِّدَّةُ نَفَعَهُ ذَلِكَ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) . وَقَالَ
الْحَسَنُ : تَسْبِيحُهُ : صَلَاتُهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ . وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ لَحْمَ الْحُوتِ بِيَدَيْهِ يَقُولُ : لَأَبْنِيَنَّ لَكَ مَسْجِدًا حَيْثُ لَمْ يَبْنَهِ أَحَدٌ قَبْلِي .
وَرُوِيَ أَنَّ الْحُوتَ سَافَرَ مَعَ السَّفِينَةِ رَافِعًا رَأْسَهُ لِيَتَنَفَّسَ
وَيُونُسُ يُسَبِّحُ ، وَلَمْ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْبَرِّ ، فَلَفَظَهُ سَالِمًا لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ ، فَأَسْلَمُوا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ، وَعَنْ
قَتَادَةَ : لَكَانَ بَطْنُ الْحُوتِ لَهُ قَبْرًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَذُكِرَ فِي مُدَّةِ لَبْثِهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَقْوَالًا مُتَكَاذِبَةً ، ضَرَبْنَا عَنْ ذِكْرِهَا صَفْحًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وَهُوَ سَقِيمٌ ) رُوِيَ أَنَّهُ عَادَ بَدَنُهُ كَبَدَنِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16723وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ : الْيَقْطِينُ : الْقَرْعُ خَاصَّةً ، قِيلَ : وَهِيَ الَّتِي أَنْبَتَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَتَجْمَعُ خِصَالًا ، بَرَدُ الظِّلِّ ، وَنُعُومَةُ الْمَلْمَسِ ، وَعِظَمُ الْوَرَقِ ، وَالذُّبَابُ لَا يَقْرَبُهَا . قِيلَ : وَمَاءُ وَرَقِهِ إِذَا رُشَّ بِهِ مَكَانٌ لَمْ يَقْرَبْهُ ذُبَابٌ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12467أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ :
فَأَنْبَتَ يَقْطِينًا عَلَيْهِ بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ أَلْفَى ضِيَاعِيَا
وَفِيمَا رُوِيَ : إِنَّكَ لَتُحِبُّ الْقَرْعَ ، قَالَ : أَجَلْ ، هِيَ شَجَرَةُ أَخِي
يُونُسَ . وَقِيلَ : هِيَ شَجَرَةُ الْمَوْزِ ، تَغَطَّى بِوَرَقِهَا ، وَاسْتَظَلَّ بِأَغْصَانِهَا ، وَأَفْطَرَ عَلَى ثِمَارِهَا . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً ) فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : مَا كَانَ عَلَى سَاقٍ مِنْ عُودٍ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَنْبَتَهَا ذَاتَ سَاقٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَبِوَرَقِهَا ، خَرْقًا لِلْعَادَةِ ، فَنَبَتَ وَصَحَّ وَحَسُنَ
[ ص: 376 ] وَجْهُهُ ; لِأَنَّ وَرَقَ الْقَرْعِ أَنْفَعُ شَيْءٍ لِمَنْ يَنْسَلِخُ جِلْدُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147nindex.php?page=treesubj&link=29008وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) قَالَ الْجُمْهُورُ : رِسَالَتُهُ هَذِهِ هِيَ الْأُولَى الَّتِي أَبِقَ بَعْدَهَا ، ذَكَرَهَا آخِرَ الْقَصَصِ تَنْبِيهًا عَلَى رِسَالَتِهِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ ) وَتَمْتِيعُ تِلْكَ الْأُمَّةِ هُوَ الَّذِي أَغْضَبَ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى أَبَقَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةُ : هِيَ رِسَالَةٌ أُخْرَى بَعْدَ أَنْ نَبَذَهُ بِالْعَرَاءِ ، وَهِيَ إِلَى أَهْلِ
نِينَوَى مِنْ نَاحِيَةِ
الْمَوْصِلِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْمُرَادُ بِهِ مَا سَبَقَ مِنْ إِرْسَالِهِ إِلَى قَوْمِهِ ، وَهُمْ أَهْلُ
نِينَوَى . وَقِيلَ : هُوَ إِرْسَالٌ ثَانٍ بَعْدَ مَا جَرَى إِلَيْهِ إِلَى الْأَوَّلِينَ ، أَوْ إِلَى غَيْرِهِمْ . وَقِيلَ : أَسْلَمُوا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ فَأَبَى ; لِأَنَّ النَّبِيَّ إِذَا هَاجَرَ عَنْ قَوْمِهِ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ مُقِيمًا فِيهِمْ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ اللَّهَ بَاعِثٌ إِلَيْكُمْ نَبِيًّا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( أَوْ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَعْنَى بَلْ . وَقِيلَ : بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِالْوَاوِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ . وَقِيلَ : لِلْإِبْهَامِ عَلَى الْمُخَاطَبِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ وَكَثِيرٌ مِنَ
الْبَصْرِيِّينَ : الْمَعْنَى عَلَى نَظَرِ الْبَشَرِ ، وَحَزْرِهِمْ أَنَّ مَنْ وَرَاءَهُمْ قَالَ : هُمْ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَذْكُرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ غَيْرَهُ . قَالَ : أَوْ يَزِيدُونَ فِي مَرْأَى النَّاظِرِ ، إِذَا رَآهَا الرَّائِي قَالَ : هِيَ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرُ . وَالْغَرَضُ الْوَصْفُ بِالْكَثْرَةِ ، وَالزِّيَادَةُ ثَلَاثُونَ أَلْفًا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ; أَوْ سَبْعُونَ أَلْفًا ، قَالَهُ
ابْنُ جُبَيْرٍ ; أَوْ عِشْرُونَ أَلْفًا ، رَوَاهُ
أُبَيٌّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا صَحَّ بَطَلَ مَا سِوَاهُ .
( فَآمَنُوا ) رُوِيَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِالْأَطْفَالِ وَالْأَوْلَادِ وَالْبَهَائِمِ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُمَّهَاتِ ، وَنَاحُوا وَضَجُّوا وَأَخْلَصُوا ، فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ . وَالتَّمَتُّعُ هُنَا هُوَ بِالْحَيَاةِ ، وَالْحِينُ آجَالُهُمُ السَّابِقَةُ فِي الْأَزَلِ ، قَالَهُ
قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ . وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=149فَاسْتَفْتِهِمْ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَعْطُوفٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ بَيْنَهُمَا الْمَسَافَةُ . أَمَرَ رَسُولَهُ بِاسْتِفْتَاءِ
قُرَيْشٍ عَنْ وَجْهِ إِنْكَارِ الْبَعْثِ أَوَّلًا ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ مَوْصُولًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ، ثُمَّ أَمَرَ بِاسْتِفْتَائِهِمْ عَنْ وَجْهِ الْقِسْمَةِ الضِّيزَى . انْتَهَى . وَيَبْعُدُ مَا قَالَهُ مِنَ الْعَطْفِ .
وَإِذَا كَانُوا عَدُّوا الْفَصْلَ بِجُمْلَةٍ مِثْلَ قَوْلِكَ : كُلْ لَحْمًا وَاضْرِبْ زَيْدًا وَخُبْزًا ، مِنْ أَقْبَحِ التَّرْكِيبِ ، فَكَيْفَ بِجُمَلٍ كَثِيرَةٍ وَقِصَصٍ مُتَبَايِنَةٍ ؟ فَالْقَوْلُ بِالْعَطْفِ لَا يَجُوزُ ، وَالِاسْتِفْتَاءُ هُنَا سُؤَالٌ عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِمُ الْبُهْتَانَ عَلَى اللَّهِ ، حَيْثُ جَعَلُوا لِلَّهِ الْإِنَاثَ فِي قَوْلِهِمْ : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، مَعَ كَرَاهَتِهِمْ لَهُنَّ ، وَوَأْدِهِمْ إِيَّاهُنَّ ، وَاسْتِنْكَافِهِمْ مَنْ ذَكَرَهُنَّ . وَارْتَكَبُوا ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْكُفْرِ : التَّجْسِيمُ ; لِأَنَّ الْوِلَادَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَجْسَامِ ، وَتَفْضِيلُ أَنْفُسِهِمْ ، حَيْثُ نَسَبُوا أَرْفَعَ الْجِنْسَيْنِ لَهُمْ وَغَيْرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى ; وَاسْتِهَانَتُهُمْ بِمَنْ هُوَ مُكَرَّمٌ عِنْدَ اللَّهِ ، حَيْثُ أَنَّثُوهُمْ ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ .
بَدَأَ أَوَّلًا بِتَوْبِيخِهِمْ عَلَى تَفْضِيلِ أَنْفُسِهِمْ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=149أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ ) ، وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ ( أَلِرَبِّكُمْ ) لِمَا فِي تَرْكِ الْإِضَافَةِ إِلَيْهِمْ مِنْ تَحْسِينِهِمْ وَشَرَفِ نَبِيِّهِ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ . وَثَنَّى بِأَنَّ نِسْبَةَ الْأُنُوثَةِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ يَقْتَضِي الْمُشَاهَدَةَ ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=150أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ) أَيْ خَلَقْنَاهُمْ وَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ شَيْئًا مِنْ حَالِهِمْ ، كَمَا قَالَ فِي الْأُخْرَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ) وَكَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ) . ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ ثَالِثًا بِأَعْظَمِ الْكُفْرِ ، وَهُوَ ادِّعَاؤُهُمْ أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ وَلَدَ ، فَبَلَغَ إِفْكُهُمْ إِلَى نِسْبَةِ الْوَلَدِ . وَلَمَّا كَانَ هَذَا فَاحِشًا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) . وَاحْتَمَلَ أَنْ تُخَصَّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِقَوْلِهِمْ وَلَدَ اللَّهُ ، وَيَكُونَ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=151مِنْ إِفْكِهِمْ ) وَاحْتَمَلَ أَنْ يَعُمَّ هَذَا الْقَوْلَ . فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ قَالَ ( وَهُمْ شَاهِدُونَ ) فَخَصَّ عِلْمَهُمْ بِالْمُشَاهَدَةِ ؟ قُلْتُ : مَا هُوَ إِلَّا اسْتِهْزَاءٌ وَتَجْهِيلٌ كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ) وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَمَا لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ ، لَمْ يَعْلَمُوهُ بِخَلْقِ اللَّهِ عِلْمَهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَلَا بِإِخْبَارٍ صَادِقٍ ، لَا بِطْرِيقِ اسْتِدْلَالٍ وَلَا نَظَرٍ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ ، كَالْقَائِلِ قَوْلًا عَنْ ثَلَجِ صَدْرٍ وَطُمَأْنِينَةِ نَفْسٍ لِإِفْرَاطِ جَهْلِهِمْ ، كَأَنَّهُمْ قَدْ شَاهَدُوا خَلْقَهُ . وَقُرِأَ ( وَلَدُ اللَّهِ ) أَيِ الْمَلَائِكَةُ وَلَدُهُ ، وَالْوَلَدُ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكِّرِ وَالْمُؤَنَّثِ . تَقُولُ : هَذِهِ وَلَدِي ، وَهَؤُلَاءِ وَلَدِي . انْتَهَى .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ :
[ ص: 377 ] ( أَصْطَفَى ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، عَلَى طَرِيقَةِ الْإِنْكَارِ وَالِاسْتِبْعَادِ . وَقَرَأَ نَافِعٌ
فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ ،
وَابْنُ جَمَّازٍ وَجَمَاعَةٌ ،
وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ : بِوَصْلِ الْأَلِفِ ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ . حَكَى اللَّهُ تَعَالَى شَنِيعَ قَوْلِهِمْ ، وَهُوَ أَنَّهُمْ مَا كَفَاهُمْ أَنْ قَالُوا وَلَدَ اللَّهُ ، حَتَّى جَعَلُوا ذَلِكَ الْوَلَدَ بَنَاتِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى اخْتَارَهُمْ عَلَى الْبَنِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِمْ وَلَدَ اللَّهُ ، وَقَدْ قَرَأَ بِهَا
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ ، وَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْمَلَهَا ، فَهِيَ ضَعِيفَةٌ ; وَالَّذِي أَضْعَفَهَا أَنَّ الْإِنْكَارَ قَدِ اكْتَنَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ جَانِبَيْهَا ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=154مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) . فَمَنْ جَعَلَهَا لِلْإِثْبَاتِ فَقَدْ أَوْقَعَهَا دَخِيلَةً بَيْنَ سَبَبَيْنِ ، وَلَيْسَتْ دَخِيلَةً بَيْنَ نَسِيبَيْنِ ، بَلْ لَهَا مُنَاسَبَةٌ ظَاهِرَةٌ مَعَ قَوْلِهِمْ وَلَدَ اللَّهُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=152وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) فَهِيَ جُمْلَةُ اعْتِرَاضٍ بَيْنَ مَقَالَتَيِّ الْكُفْرِ ، جَاءَتْ لِلتَّشْدِيدِ وَالتَّأْكِيدِ فِي كَوْنِ مَقَالَتِهِمْ تِلْكَ هِيَ مِنْ إِفْكِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=154مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ وَاسْتِفْهَامٌ عَنِ الْبُرْهَانِ وَالْحُجَّةِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : تَذْكُرُونَ ، بِسُكُونِ الذَّالِ وَضَمِّ الْكَافِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=156أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ ) أَيْ حُجَّةٌ نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ ، وَخَبَرٌ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=157فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ ) الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ ، كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=35أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ) .