(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=29009قل هو نبأ عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=68أنتم عنه معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=71إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=72فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=73فسجد الملائكة كلهم أجمعون nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أأستكبرت أم كنت من العالين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قال فاخرج منها فإنك رجيم nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=80قال فإنك من المنظرين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إلى يوم الوقت المعلوم nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=83إلا عبادك منهم المخلصين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84قال فالحق والحق أقول nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88ولتعلمن نبأه بعد حين ) .
الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=67قل هو نبأ ) يعود على ما أخبر به من كونه رسولا منذرا داعيا إلى الله ، وأنه تعالى هو المنفرد بالألوهية ، المتصف بتلك الأوصاف من الوحدانية والقهر وملك العالم وعزته وغفرانه ، وهو خبر عظيم لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : النبأ العظيم : القرآن . وقال
الحسن : يوم القيامة . وقيل : قصص
آدم والإنباء به من غير سماع من أحد .
وقال صاحب التحرير : سياق الآية وظاهرها أنه يريد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=67قل هو نبأ عظيم ) ، ما قصه الله تعالى من مناظرة أهل النار ومقاولة الأتباع مع السادات ؛ لأنه من أحوال البعث ، و
قريش كانت تنكر البعث والحساب والعقاب ، وهم عن ذلك معرضون .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون ) : احتجاج على
قريش بأن ما جاء به من عند الله لا من قبل نفسه . فإن من في الأرض ما له علم بمن في السماء إلا بإعلام الله تعالى ; وعلم المغيبات لا يوصل إليه إلا
[ ص: 409 ] بإعلام الله تعالى ، وعلمه بأحوال أهل النار ، وابتداء خلق
آدم لم يكن عنه علم بذلك ; فإخباره بذلك هو بإعلام الله ، والاستدلال بقصة
آدم ؛ لأنه أول البشر خلقا ، وبينه وبين الرسول - عليه السلام - أزمان متقادمة وقرون سالفة . انتهى ، وفي آخره بعض اختصار .
ثم احتج بصحة نبوته ، بأن ما ينبئ به عن الملأ الأعلى واختصامهم أمر لم يكن له به من علم قط . ثم علمه من غير الطريق الذي يسلكه المتعلمون ، بل ذلك مستفاد من الوحي ، و ( بالملأ ) متعلق بـ ( علم ) ، و ( إذ ) منصوب به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بمحذوف ؛ لأن المعنى : ما كان لي من علم بكلام الملأ الأعلى وقت اختصامهم .
( وإذ قال ) بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69إذ يختصمون ) على الملأ الأعلى ، وهم الملائكة ، وأبعد من قال إنهم
قريش ، واختصام الملائكة في أمر
آدم وذريته في جعلهم في الأرض . وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أتجعل فيها من يفسد فيها ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وقال
الحسن : إن الله خالق خلقا كنا أكرم منه وأعلم . وقيل : في الكفارات وغفر الذنوب ، فإن العبد إذا عمل حسنة اختلفت الملائكة في قدر ثوابه في ذلك حتى يقضي الله بما يشاء . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374834قال له ربه في نومه - عليه السلام - : فيم يختصمون ؟ فقلت : لا أدري ، فقال : في الكفارات ، وفي إسباغ الوضوء في السرات ، ونقل الخطا إلى الجماعات " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كانت مقاولة الله سبحانه بواسطة ملك ، وكان المقاول في الحقيقة هو الملك المتوسط ، فيصح أن التقاول بين الملائكة
وآدم وإبليس ، وهم الملأ الأعلى .
والمراد بالاختصام : التقاول . وقيل : الملأ الأعلى : الملائكة ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69إذ يختصمون ) الضمير فيه للعرب الكافرين ، فبعضهم يقول : هي بنات الله ، وبعضهم : آلهة تعبد ، وغير ذلك من أقوالهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إن يوحى إلي ) أي : ما يوحى إلي ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إلا أنما أنا نذير ) أي : للإنذار ، حذف اللام ووصل الفعل والمفعول الذي لم يسم فاعله يجوز أن يكون ضميرا يدل عليه المعنى ، أي : إن يوحى إلي هو ، أي : ما يوحى إلا الإنذار ، وأقيم إلي مقامه ، ويجوز أن يكون إنما هو المفعول الذي لم يسم فاعله ، أي : ما يوحى إلي إلا الإنذار . وقرأ
أبو جعفر : ( إلا إنما ) بكسر همزة إنما على الحكاية ، أي : ما يوحى إلي إلا هذه الجملة ، كأن قيل له : أنت نذير مبين ، فحكى هو المعنى ، وهذا كما يقول الإنسان : أنا عالم ، فيقال له : قلت إنك عالم ، فيحكى المعنى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرئ إنما بالكسر على الحكاية ، أي : إلا هذا القول ، وهو أن أقول لكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إنما أنا نذير مبين ) ، فلا أدعي شيئا آخر . انتهى .
في تخريجه تعارض ؛ لأنه قال أي : إلا هذا القول ، فظاهره الجملة التي هي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إنما أنا نذير مبين ) ، ثم قال : وهو أن أقول لكم إني نذير ، فالمقام مقام الفاعل هو أن أقول لكم ، وأن وما بعده في موضع نصب ، وعلى قوله : إلا هذا القول ، يكون في موضع رفع فيتعارضا . وتقدم أن ( إذ قال ) بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69إذ يختصمون ) هذا إذا كانت الخصومة في شأن من يستخلف في الأرض ، وعلى غيره من الأقوال يكون منصوبا باذكر .
ولما كانت
قريش ، خالفوا الرسول ، - عليه السلام - ، بسبب الحسد والكبر . ذكر حال إبليس ، حيث خالف أمر الله بسبب الحسد والكبر وما آل إليه من اللعنة والطرد من رحمة الله ، ليزدجر عن ذلك من فيه شيء منهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : كيف صح أن يقول لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=71إني خالق بشرا ) ، وما عرفوا ما البشر ولا عهدوا به قبل ؟ ( قلت ) : وجهه أن يكون قد قال لهم : إني خالق خلقا من صفة كيت وكيت ، ولكنه حين حكاه اقتصر على الاسم . انتهى .
والبشر هو
آدم - عليه السلام - ، وذكر هنا أنه خلقه من طين ، وفي آل عمران : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59خلقه من تراب ) ، وفي الحجر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=26من صلصال من حمإ مسنون ) ، وفي الأنبياء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=37من عجل ) ; ولا منافاة في تلك المادة البعيدة ، وهي التراب ، ثم ما يليه وهو الطين ، ثم ما يليه وهو الحمأ المسنون ، ثم المادة تلي الحمأ وهو الصلصال ; وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=37من عجل ) فمضى تفسيره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=29009فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=73فسجد الملائكة كلهم أجمعون nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74إلا إبليس ) : تقدم الكلام على هذا في الحجر ، وهنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74استكبر وكان من الكافرين ) ،
[ ص: 410 ] وفي البقرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=34أبى واستكبر وكان من الكافرين ) ، وفي الأعراف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11لم يكن من الساجدين ) ، وفي الحجر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=31أبى أن يكون مع الساجدين ) ، وفي الإسراء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61قال أأسجد لمن خلقت طينا ) ، وفي الكهف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) .
والاستثناء في جميع هذه الآيات يدل على أنه لم يسجد ، فتارة أكد بالنفي المحض ، وتارة ذكر إبايته عن السجود ، وهي الأنفة من ذلك ، وتارة نص على أن ذلك الامتناع كان سببه الاستكبار . والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74وكان من الكافرين ) أريد به كفره ذلك الوقت ، وإن لم يكن قبله كافرا ; وعطف على استكبر ، فقوي ذلك ؛ لأن الاستكبار عن السجود إنما حصل له وقت الأمر .
ويحتمل أن يكون إخبارا منه بسبق كفره في الأزمنة الماضية في علم الله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قال يا إبليس ما منعك أن تسجد ) ، وفي الأعراف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12ما منعك ألا تسجد ) ، فدل أن تسجد هنا ، على أن لا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=105أن لا أقول ) زائدة ، والمعنى أيضا يدل على ذلك ؛ لأنه لا يستفهم إلا عن المانع من السجود ، وهو استفهام تقرير وتوبيخ . وما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لما خلقت ) ، استدل بها من يجيز إطلاق ما على آحاد من يعقل ، وأول بأن ما مصدرية ، والمصدر يراد به المخلوق ، لا حقيقة المصدر .
وقرأ
الجحدري : ( لما ) بفتح اللام وتشديد الميم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خلقت بيدي ) ، على الإفراد ; والجمهور : على التثنية ; وقرئ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75بيدي ) كقراءة (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22بمصرخي ) ; وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مما عملت أيدينا ) بالجمع ، وكلها عبارة عن القدرة والقوة ، وعبر باليد ، إذ كان عند البشر معتادا أن البطش والقوة باليد .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14628القاضي أبو بكر بن الطيب إلى أن اليد صفة ذات . قال
ابن عطية : وهو قول مرغوب عنه .
وقرأ الجمهور : ( أستكبرت ) ، بهمزة الاستفهام ، فأم متصلة عادلت الهمزة . قال
ابن عطية : وذهب كثير من النحويين إلى أن أم لا تكون معادلة للألف مع اختلاف الفعلين ، وإنما تكون معادلة إذا دخلتا على فعل واحد ، كقولك : أزيد قام أم عمرو ؟ وقولك : أقام زيد أم عمرو ؟ فإذا اختلف الفعلان كهذه الآية ، فليست معادلة . ومعنى الآية : أحدث لك الاستكبار الآن ، أم كنت قديما ممن لا يليق أن تكلف مثل هذا لعلو مكانك ؟ وهذا على جهة التوبيخ . انتهى .
وهذا الذي ذكره عن كثير من النحويين مذهب غير صحيح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : وتقول أضربت زيدا أم قتلته فالبدء هنا بالفعل أحسن ؛ لأنك إنما تسأل عن أحدهما ، لا تدري أيهما كان ، ولا تسأل عن موضع أحدهما ، كأنك قلت : أي ذلك كان ؟ انتهى . فعادل بأم الألف مع اختلاف الفعلين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75من العالين ) : ممن علوت وفقت . فأجاب بأنه من العالين ، حيث قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76أنا خير منه ) . وقيل : أستكبرت الآن ، أو لم تزل مذ كنت من المستكبرين ؟ ومعنى الهمزة : التقرير . انتهى .
وقرأت فرقة ، منهم
ابن كثير وغيره : ( استكبرت ) ، بصلة الألف ، وهي قراءة أهل
مكة ، وليست في مشهور
ابن كثير ، فاحتمل أن تكون همزة الاستفهام حذفت لدلالة أم عليها ، كقوله :
بسبع رمين الجمر أم بثمان
، واحتمل أن يكون إخبارا خاطبه بذلك على سبيل التقريع ، وأم تكون منقطعة ، والمعنى : بل أنت من العالين عند نفسك استخفافا به .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) : تقدم الكلام على ذلك في الأعراف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قال فاخرج منها ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إلى يوم الوقت المعلوم ) : تقدم الكلام على مثل ذلك في الحجر ، إلا أن هنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78لعنتي ) وهناك ( اللعنة ) أعم . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=159أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) وأما بالإضافة ، فالعموم في اللعنة أعم ، واللعنات إنما تحصل من جهة أن من عليه لعنة الله كانت عليه لعنة كل لاعن ، هذا من جهة المعنى ، وأما باللفظ فيقتضي التخصيص .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قال فبعزتك لأغوينهم ) : أقسم إبليس هنا بعزة الله ، وقال في الأعراف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16فبما أغويتني لأقعدن ) ، وفي الحجر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39رب بما أغويتني لأزينن ) . وتقدم الكلام عليهما في موضعهما ، وإن من المفسرين من قال : إن الباء في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39بما أغويتني ) وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16فبما أغويتني ) ليست باء القسم . فإن كانت باء القسم ، فيكون ذلك في موطنين : فهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82لأغوينهم ) ، وفي الأعراف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16لأقعدن ) ، وفي الحجر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39لأزينن ) .
[ ص: 411 ] وقرأ الجمهور : ( فالحق والحق ) بنصبهما . أما الأول فمقسم به ، حذف منه الحرف كقوله : ( أمانة الله لأقومن ) ، والمقسم عليه ( لأملأن ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84والحق أقول ) : اعتراض بين القسم وجوابه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومعناه : ولا أقول إلا الحق . انتهى ؛ لأن عنده تقدم المفعول يفيد الحصر . والحق المقسم به إما اسمه تعالى الذي في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=25أن الله هو الحق المبين ) ، أو الذي هو نقيض الباطل . وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84فالحق ) منصوب على الإغراء ، أي : فالزموا الحق ، و ( لأملأن ) : جواب قسم محذوف . وقال
الفراء : هو على معنى قولك : حقا لا شك ، ووجود الألف واللام وطرحهما سواء ، أي : لأملأن جهنم حقا . انتهى .
وهذا المصدر الجائي توكيدا لمضمون الجملة ، لا يجوز تقديمه عند جمهور النحاة ، وذلك مخصوص بالجملة التي جزآها معرفتان جامدتان جمودا محضا .
وقال صاحب البسيط : وقد يجوز أن يكون الخبر نكرة ، قال : والمبتدأ يكون ضميرا نحو : هو زيد معروفا ، وهو الحق بينا ، وأنا الأمير مفتخرا ; ويكون ظاهرا كقولك : زيد أبوك عطوفا ، وأخوك زيد معروفا . انتهى .
وقالت العرب : زيد قائم غير ذي شك ، فجاءت الحال بعد جملة ، والخبر نكرة ، وهي حال مؤكدة لمضمون الجملة ، وكأن الفراء لم يشترط هذا الذي ذكره أصحابنا من كون المبتدأ والخبر معروفين جامدين ؛ لأنه لا فرق بين تأكيد مضمون الجملة الابتدائية وبين تأكيد الجملة الفعلية . وقيل : التقدير فالحق الحق ، أي أفعله . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : بالرفع فيهما ، فالأول مبتدأ خبره محذوف ، قيل : تقديره فالحق أنا ، وقيل : فالحق مني ، وقيل : تقديره فالحق قسمي ، وحذف كما حذف في : لعمرك لأقومن ، وفي : يمين الله أبرح قاعدا ، أي لعمرك قسمي ويمين الله قسمي ، وهذه الجملة هي جملة القسم ، وجوابه : لأملأن . وأما ( والحق أقول ) فمبتدأ أيضا ، خبره الجملة ، وحذف العائد ، كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وكلا وعد الله الحسنى ) . وقال
ابن عطية : أما الأول فرفع على الابتداء ، وخبره في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لأملأن ) ؛ لأن المعنى : أن أملأ . انتهى .
وهذا ليس بشيء ؛ لأن لأملأن جواب قسم ، ويجب أن يكون جملة ، فلا يتقدر بمفرد . وأيضا ليس مصدرا مقدرا بحرف مصدري والفعل حتى ينحل إليهما ، ولكنه لما صح له إسناد ما قدر إلى المبتدأ حكم أنه خبر عنه .
وقرأ
الحسن ،
وعيسى ، و
عبد الرحمن بن أبي حماد عن
أبي بكر : بجرهم ، ويخرج على أن الأول مجرور بواو القسم محذوفة ، تقديره : فوالحق ، والحق معطوف عليه ، كما تقول : والله والله لأقومن ، و ( أقول ) اعتراض بين القسم وجوابه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84والحق أقول ) : أي : ولا أقول إلا الحق على حكاية لفظ المقسم به ، ومعناه التوكيد والتسديد ، وهذا الوجه جائز في المنصوب والمرفوع ، وهو وجه دقيق حسن . انتهى .
وملخصه أنه أعمل القول في لفظ المقسم به على سبيل الحكاية نصبا أو رفعا أو جرا . وقرأ
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : بخلاف عنهما ;
nindex.php?page=showalam&ids=11793وأبان بن تغلب ،
وطلحة في رواية ،
وحمزة ،
وعاصم ، عن
المفضل ،
وخلف ،
والعبسي : برفع (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84فالحق ) ونصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84والحق ) ، وتقدم إعرابهما .
والظاهر أن قوله : ( أجمعين ) تأكيد للمحدث عنه والمعطوف عليه ، وهو ضمير إبليس ومن عطف عليه ، أي منك ومن تابعيك أجمعين . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يكون أجمعين تأكيدا للضمير الذي في منهم ، مقدر ، لأملأن جهنم من الشياطين وممن تبعهم من جميع الناس ، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس بعد وجود الأتباع منهم من أولاد الأنبياء وغيرهم . انتهى .
والضمير في ( عليه ) عائد على القرآن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقيل : عائد على الوحي . وقيل : على الدعاء إلى الله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وما أنا من المتكلفين ) : أي المتصنعين المتحلين بما ليسوا من أهله ، فأنتحل النبوة والقول على الله .
( إن هو ) أي : القرآن ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إلا ذكر ) : أي : من الله ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87للعالمين ) : الثقلين الإنس والجن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88ولتعلمن نبأه ) : أي عاقبة خبره لمن آمن به ومن أعرض عنه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88بعد حين ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعكرمة وابن زيد : يعني يوم القيامة . وقال
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : بعد الموت . وكان
الحسن يقول : يا ابن
آدم ، عند الموت
[ ص: 412 ] يأتيك الخبر اليقين . وقيل : المعنى ليظهرن لكم حقيقة ما أقول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88بعد حين ) أي : في المستأنف ، إذا أخذتكم سيوف المسلمين ، وذلك يوم بدر ، وأشار إلى ذلك السدي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=29009قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=68أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=71إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=72فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=73فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=80قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=83إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) .
الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=67قُلْ هُوَ نَبَأٌ ) يَعُودُ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ رَسُولًا مُنْذِرًا دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ ، الْمُتَّصِفُ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقَهْرِ وَمُلْكِ الْعَالَمِ وَعِزَّتِهِ وَغُفْرَانِهِ ، وَهُوَ خَبَرٌ عَظِيمٌ لَا يُعْرِضُ عَنْ مِثْلِهِ إِلَّا غَافِلٌ شَدِيدُ الْغَفْلَةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : النَّبَأُ الْعَظِيمُ : الْقُرْآنُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ . وَقِيلَ : قَصَصُ
آدَمَ وَالْإِنْبَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْ أَحَدٍ .
وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : سِيَاقُ الْآيَةِ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=67قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ) ، مَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مُنَاظَرَةِ أَهْلِ النَّارِ وَمُقَاوَلَةِ الْأَتْبَاعِ مَعَ السَّادَاتِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْوَالِ الْبَعْثِ ، وَ
قُرَيْشٌ كَانْتَ تُنْكِرُ الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالْعِقَابَ ، وَهُمْ عَنْ ذَلِكَ مُعْرِضُونَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) : احْتِجَاجٌ عَلَى
قُرَيْشٍ بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ . فَإِنَّ مَنْ فِي الْأَرْضِ مَا لَهُ عِلْمٌ بِمَنْ فِي السَّمَاءِ إِلَّا بِإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ; وَعِلْمُ الْمُغَيَّبَاتِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا
[ ص: 409 ] بِإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَعِلْمُهُ بِأَحْوَالِ أَهْلِ النَّارِ ، وَابْتِدَاءِ خَلْقِ
آدَمَ لَمْ يَكُنْ عَنْهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ ; فَإِخْبَارُهُ بِذَلِكَ هُوَ بِإِعْلَامِ اللَّهِ ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِقِصَّةِ
آدَمَ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْبَشَرِ خَلْقًا ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَزْمَانٌ مُتَقَادِمَةٌ وَقُرُونٌ سَالِفَةٌ . انْتَهَى ، وَفِي آخِرِهِ بَعْضُ اخْتِصَارٍ .
ثُمَّ احْتَجَّ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ ، بِأَنَّ مَا يُنْبِئُ بِهِ عَنِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَاخْتِصَامِهِمْ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ مِنْ عِلْمٍ قَطُّ . ثُمَّ عَلِمَهُ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي يَسْلُكُهُ الْمُتَعَلِّمُونَ ، بَلْ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْوَحْيِ ، وَ ( بِالْمَلَأِ ) مُتَعَلِّقٌ بِـ ( عِلْمٍ ) ، وَ ( إِذْ ) مَنْصُوبٌ بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بِمَحْذُوفٍ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى : مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِكَلَامِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَقْتَ اخْتِصَامِهِمْ .
( وَإِذْ قَالَ ) بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) عَلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ
قُرَيْشٌ ، وَاخْتِصَامُ الْمَلَائِكَةِ فِي أَمْرِ
آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ فِي جَعْلِهِمْ فِي الْأَرْضِ . وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَقَالَ
الْحَسَنُ : إِنَّ اللَّهَ خَالِقٌ خَلْقًا كُنَّا أَكْرَمَ مِنْهُ وَأَعْلَمَ . وَقِيلَ : فِي الْكَفَّارَاتِ وَغَفْرِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً اخْتَلَفَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي قَدْرِ ثَوَابِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بِمَا يَشَاءُ . وَفِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374834قَالَ لَهُ رَبُّهُ فِي نَوْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : فِيمَ يَخْتَصِمُونَ ؟ فَقُلْتُ : لَا أَدْرِي ، فَقَالَ : فِي الْكَفَّارَاتِ ، وَفِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي السَّرَّاتِ ، وَنَقْلِ الْخُطَا إِلَى الْجَمَاعَاتِ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : كَانَتْ مُقَاوَلَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ ، وَكَانَ الْمُقَاوِلُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمَلَكُ الْمُتَوَسِّطُ ، فَيَصِحُّ أَنَّ التَّقَاوُلَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ
وَآدَمَ وَإِبْلِيسَ ، وَهُمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى .
وَالْمُرَادُ بِالِاخْتِصَامِ : التَّقَاوُلُ . وَقِيلَ : الْمَلَأُ الْأَعْلَى : الْمَلَائِكَةُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْعَرَبِ الْكَافِرِينَ ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : هِيَ بَنَاتُ اللَّهِ ، وَبَعْضُهُمْ : آلِهَةٌ تُعْبَدُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إِنْ يُوحَى إِلَيَّ ) أَيْ : مَا يُوحَى إِلَيَّ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ ) أَيْ : لِلْإِنْذَارِ ، حَذَفَ اللَّامَ وَوَصَلَ الْفِعْلَ وَالْمَفْعُولَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى ، أَيْ : إِنْ يُوحَى إِلَيَّ هُوَ ، أَيْ : مَا يُوحَى إِلَّا الْإِنْذَارُ ، وَأُقِيمَ إِلِيَّ مَقَامَهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا هُوَ الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، أَيْ : مَا يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا الْإِنْذَارُ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ : ( إِلَّا إِنَّمَا ) بِكَسْرِ هَمْزَةِ إِنَّمَا عَلَى الْحِكَايَةِ ، أَيْ : مَا يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ ، كَأَنْ قِيلَ لَهُ : أَنْتَ نَذِيرٌ مُبِينٌ ، فَحَكَى هُوَ الْمَعْنَى ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ : أَنَا عَالِمٌ ، فَيُقَالُ لَهُ : قُلْتَ إِنَّكَ عَالِمٌ ، فَيُحْكَى الْمَعْنَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقُرِئَ إِنَّمَا بِالْكَسْرِ عَلَى الْحِكَايَةِ ، أَيْ : إِلَّا هَذَا الْقَوْلُ ، وَهُوَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ، فَلَا أَدَّعِي شَيْئًا آخَرَ . انْتَهَى .
فِي تَخْرِيجِهِ تَعَارُضٌ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَيْ : إِلَّا هَذَا الْقَوْلَ ، فَظَاهِرُهُ الْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=70إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ، ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ إِنِّي نَذِيرٌ ، فَالْمَقَامُ مَقَامُ الْفَاعِلِ هُوَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ ، وَأَنْ وَمَا بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَعَلَى قَوْلِهِ : إِلَّا هَذَا الْقَوْلَ ، يَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ فَيَتَعَارَضَا . وَتَقَدَّمَ أَنَّ ( إِذْ قَالَ ) بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=69إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) هَذَا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ فِي شَأْنِ مَنْ يُسْتَخْلَفُ فِي الْأَرْضِ ، وَعَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ يَكُونُ مَنْصُوبًا بِاذْكُرْ .
وَلَمَّا كَانَتْ
قُرَيْشٌ ، خَالَفُوا الرَّسُولَ ، - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، بِسَبَبِ الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ . ذَكَرَ حَالَ إِبْلِيسَ ، حَيْثُ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ بِسَبَبِ الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَمَا آلَ إِلَيْهِ مِنَ اللَّعْنَةِ وَالطَّرْدِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، لِيَزْدَجِرَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ صَحَّ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=71إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا ) ، وَمَا عَرَفُوا مَا الْبَشَرُ وَلَا عَهِدُوا بِهِ قَبْلُ ؟ ( قُلْتُ ) : وَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ لَهُمْ : إِنِّي خَالِقٌ خَلْقًا مِنْ صِفَةِ كَيْتَ وَكَيْتَ ، وَلَكِنَّهُ حِينَ حَكَاهُ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْمِ . انْتَهَى .
وَالْبَشَرُ هُوَ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ ، وَفِي آلِ عِمْرَانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ) ، وَفِي الْحِجْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=26مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) ، وَفِي الْأَنْبِيَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=37مِنْ عَجَلٍ ) ; وَلَا مُنَافَاةَ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ الْبَعِيدَةِ ، وَهِيَ التُّرَابُ ، ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهُوَ الطِّينُ ، ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهُوَ الْحَمَأُ الْمَسْنُونُ ، ثُمَّ الْمَادَّةُ تَلِي الْحَمَأَ وَهُوَ الصَّلْصَالُ ; وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=37مِنْ عَجَلٍ ) فَمَضَى تَفْسِيرُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=29009فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=73فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74إِلَّا إِبْلِيسَ ) : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي الْحِجْرِ ، وَهُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) ،
[ ص: 410 ] وَفِي الْبَقَرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=34أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) ، وَفِي الْأَعْرَافِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) ، وَفِي الْحِجْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=31أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) ، وَفِي الْإِسْرَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) ، وَفِي الْكَهْفِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) .
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْآيَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ ، فَتَارَةً أَكَّدَ بِالنَّفْيِّ الْمَحْضِ ، وَتَارَةً ذَكَرَ إِبَايَتَهُ عَنِ السُّجُودِ ، وَهِيَ الْأَنَفَةُ مِنْ ذَلِكَ ، وَتَارَةً نَصَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِامْتِنَاعَ كَانَ سَبَبُهُ الِاسْتِكْبَارَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) أُرِيدَ بِهِ كُفْرُهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ كَافِرًا ; وَعُطِفَ عَلَى اسْتَكْبَرَ ، فَقَوِيَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِكْبَارَ عَنِ السُّجُودِ إِنَّمَا حَصَلَ لَهُ وَقْتَ الْأَمْرِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا مِنْهُ بِسَبْقِ كُفْرِهِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمَاضِيَةِ فِي عِلْمِ اللَّهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ) ، وَفِي الْأَعْرَافِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ) ، فَدَلَّ أَنْ تَسْجُدَ هُنَا ، عَلَى أَنَّ لَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=105أَنْ لَا أَقُولَ ) زَائِدَةٌ ، وَالْمَعْنَى أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفْهِمُ إِلَّا عَنِ الْمَانِعِ مِنَ السُّجُودِ ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ وَتَوْبِيخٍ . وَمَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لِمَا خَلَقْتُ ) ، اسْتَدَلَّ بِهَا مَنْ يُجِيزُ إِطْلَاقَ مَا عَلَى آحَادِ مَنْ يَعْقِلُ ، وَأَوَّلَ بِأَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ ، وَالْمَصْدَرُ يُرَادُ بِهِ الْمَخْلُوقُ ، لَا حَقِيقَةُ الْمَصْدَرِ .
وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ : ( لَمَّا ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) ، عَلَى الْإِفْرَادِ ; وَالْجُمْهُورُ : عَلَى التَّثْنِيَةِ ; وَقُرِئَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75بِيَدَيَّ ) كَقِرَاءَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22بِمُصْرِخِيَّ ) ; وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ) بِالْجَمْعِ ، وَكُلُّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ ، وَعَبَّرَ بِالْيَدِ ، إِذْ كَانَ عِنْدَ الْبَشَرِ مُعْتَادًا أَنَّ الْبَطْشَ وَالْقُوَّةَ بِالْيَدِ .
وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14628الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ إِلَى أَنَّ الْيَدَ صِفَةُ ذَاتٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهُوَ قَوْلٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( أَسْتَكْبَرْتَ ) ، بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، فَأَمْ مُتَّصِلَةٌ عَادَلَتِ الْهَمْزَةَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّ أَمْ لَا تَكُونُ مُعَادِلَةً لِلْأَلِفِ مَعَ اخْتِلَافِ الْفِعْلَيْنِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ مُعَادِلَةً إِذَا دَخَلَتَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ ، كَقَوْلِكَ : أَزَيْدٌ قَامَ أَمْ عَمْرٌو ؟ وَقَوْلُكَ : أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو ؟ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْفِعْلَانِ كَهَذِهِ الْآيَةِ ، فَلَيْسَتْ مُعَادِلَةً . وَمَعْنَى الْآيَةِ : أَحَدَثَ لَكَ الِاسْتِكْبَارُ الْآنَ ، أَمْ كُنْتَ قَدِيمًا مِمَّنْ لَا يَلِيقُ أَنْ تُكَلَّفَ مِثْلَ هَذَا لِعُلُوِّ مَكَانِكَ ؟ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ . انْتَهَى .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ مَذْهَبٌ غَيْرُ صَحِيحٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : وَتَقُولُ أَضْرَبْتَ زَيْدًا أَمْ قَتَلْتَهُ فَالْبَدْءُ هُنَا بِالْفِعْلِ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تَسْأَلُ عَنْ أَحَدِهِمَا ، لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ ، وَلَا تَسْأَلُ عَنْ مَوْضِعِ أَحَدِهِمَا ، كَأَنَّكَ قُلْتَ : أَيُّ ذَلِكَ كَانَ ؟ انْتَهَى . فَعَادَلَ بِأَمِ الْأَلِفَ مَعَ اخْتِلَافِ الْفِعْلَيْنِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75مِنَ الْعَالِينَ ) : مِمَّنْ عَلَوْتَ وَفُقْتَ . فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مِنَ الْعَالِينَ ، حَيْثُ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ) . وَقِيلَ : أَسْتَكْبَرْتَ الْآنَ ، أَوْ لَمْ تَزَلْ مُذْ كُنْتَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ ؟ وَمَعْنَى الْهَمْزَةِ : التَّقْرِيرُ . انْتَهَى .
وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ ، مِنْهُمُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ : ( اسْتَكْبَرْتَ ) ، بِصِلَةِ الْأَلِفِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ
مَكَّةَ ، وَلَيْسَتْ فِي مَشْهُورِ
ابْنِ كَثِيرٍ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ حُذِفَتْ لِدَلَالَةِ أَمْ عَلَيْهَا ، كَقَوْلِهِ :
بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الْجَمْرَ أَمْ بِثَمَانِ
، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا خَاطَبَهُ بِذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيعِ ، وَأَمْ تَكُونُ مُنْقَطِعَةً ، وَالْمَعْنَى : بَلْ أَنْتَ مِنَ الْعَالِينَ عِنْدَ نَفْسِكَ اسْتِخْفَافًا بِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَعْرَافِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْحِجْرِ ، إِلَّا أَنَّ هُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78لَعْنَتِي ) وَهُنَاكَ ( اللَّعْنَةُ ) أَعَمُّ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=159أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) وَأَمَّا بِالْإِضَافَةِ ، فَالْعُمُومُ فِي اللَّعْنَةِ أَعَمُّ ، وَاللَّعَنَاتُ إِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ كَانَتْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ كُلِّ لَاعِنٍ ، هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، وَأَمَّا بِاللَّفْظِ فَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ ) : أَقْسَمَ إِبْلِيسُ هُنَا بِعِزَّةِ اللَّهِ ، وَقَالَ فِي الْأَعْرَافِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ ) ، وَفِي الْحِجْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ ) . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي مَوْضِعِهِمَا ، وَإِنَّ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْبَاءَ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي ) لَيْسَتْ بَاءَ الْقَسَمِ . فَإِنْ كَانَتْ بَاءَ الْقَسَمِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَوْطِنَيْنِ : فَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82لَأُغْوِيَنَّهُمْ ) ، وَفِي الْأَعْرَافِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16لَأَقْعُدَنَّ ) ، وَفِي الْحِجْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39لَأُزَيِّنَنَّ ) .
[ ص: 411 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( فَالْحَقَّ وَالْحَقَّ ) بِنَصْبِهِمَا . أَمَّا الْأَوَّلُ فَمُقْسَمٌ بِهِ ، حُذِفَ مِنْهُ الْحَرْفُ كَقَوْلِهِ : ( أَمَانَةَ اللَّهِ لَأَقُومَنَّ ) ، وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ ( لَأَمْلَأَنَّ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84وَالْحَقَّ أَقُولُ ) : اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَعْنَاهُ : وَلَا أَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ . انْتَهَى ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ تَقُدُّمَ الْمَفْعُولِ يُفِيدُ الْحَصْرَ . وَالْحَقُّ الْمُقْسَمُ بِهِ إِمَّا اسْمُهُ تَعَالَى الَّذِي فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=25أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) ، أَوِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْبَاطِلِ . وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84فَالْحَقُّ ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ ، أَيْ : فَالْزَمُوا الْحَقَّ ، وَ ( لَأَمْلَأَنَّ ) : جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : هُوَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِكَ : حَقًّا لَا شَكَّ ، وَوُجُودُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَطَرْحُهُمَا سَوَاءٌ ، أَيْ : لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ حَقًّا . انْتَهَى .
وَهَذَا الْمَصْدَرُ الْجَائِي تَوْكِيدًا لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ ، لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ النُّحَاةِ ، وَذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي جُزْآهَا مَعْرِفَتَانِ جَامِدَتَانِ جُمُودًا مَحْضًا .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَسِيطِ : وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ نَكِرَةً ، قَالَ : وَالْمُبْتَدَأُ يَكُونُ ضَمِيرًا نَحْوَ : هُوَ زَيْدٌ مَعْرُوفًا ، وَهُوَ الْحَقُّ بَيِّنًا ، وَأَنَا الْأَمِيرُ مُفْتَخِرًا ; وَيَكُونُ ظَاهِرًا كَقَوْلِكَ : زِيدٌ أَبُوكَ عَطُوفًا ، وَأَخُوكَ زَيْدٌ مَعْرُوفًا . انْتَهَى .
وَقَالَتِ الْعَرَبُ : زَيْدٌ قَائِمٌ غَيْرَ ذِي شَكٍّ ، فَجَاءَتِ الْحَالُ بَعْدَ جُمْلَةٍ ، وَالْخَبَرُ نَكِرَةً ، وَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ ، وَكَأَنَّ الْفَرَّاءَ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ مَعْرُوفَيْنِ جَامِدَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَأْكِيدِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الِابْتِدَائِيَّةِ وَبَيْنَ تَأْكِيدِ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ . وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ فَالْحَقُّ الْحَقُّ ، أَيْ أَفْعَلُهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : بِالرَّفْعِ فِيهِمَا ، فَالْأَوَّلُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، قِيلَ : تَقْدِيرُهُ فَالْحَقُّ أَنَا ، وَقِيلَ : فَالْحَقُّ مِنِّي ، وَقِيلَ : تَقْدِيرُهُ فَالْحَقُّ قَسَمِي ، وَحُذِفَ كَمَا حُذِفَ فِي : لَعَمْرُكَ لَأَقُومَنَّ ، وَفِي : يَمِينُ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا ، أَيْ لَعَمْرُكَ قَسَمِي وَيَمِينُ اللَّهِ قَسَمِي ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ جُمْلَةُ الْقَسَمِ ، وَجَوَابُهُ : لَأَمْلَأَنَّ . وَأَمَّا ( وَالْحَقُّ أَقُولُ ) فَمُبْتَدَأٌ أَيْضًا ، خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ ، وَحُذِفَ الْعَائِدُ ، كَقِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : أَمَّا الْأَوَّلُ فَرُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَخَبَرُهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لَأَمْلَأَنَّ ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى : أَنْ أَمْلَأَ . انْتَهَى .
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ لَأَمْلَأَنَّ جَوَابُ قَسَمٍ ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً ، فَلَا يَتَقَدَّرُ بِمُفْرَدٍ . وَأَيْضًا لَيْسَ مَصْدَرًا مُقَدَّرًا بِحَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ وَالْفِعْلِ حَتَّى يَنْحَلَّ إِلَيْهِمَا ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا صَحَّ لَهُ إِسْنَادُ مَا قُدِّرَ إِلَى الْمُبْتَدَأِ حُكِمَ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْهُ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَعِيسَى ، و
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ : بِجَرِّهِمْ ، وَيَخْرُجُ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مَجْرُورٌ بِوَاوِ الْقَسَمِ مَحْذُوفَةً ، تَقْدِيرُهُ : فَوَالْحَقِّ ، وَالْحَقِّ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ، كَمَا تَقُولُ : وَاللَّهِ وَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ ، وَ ( أَقُولُ ) اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84وَالْحَقَّ أَقُولُ ) : أَيْ : وَلَا أَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْمُقْسَمَ بِهِ ، وَمَعْنَاهُ التَّوْكِيدُ وَالتَّسْدِيدُ ، وَهَذَا الْوَجْهُ جَائِزٌ فِي الْمَنْصُوبِ وَالْمَرْفُوعِ ، وَهُوَ وَجْهٌ دَقِيقٌ حَسَنٌ . انْتَهَى .
وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ أَعْمَلَ الْقَوْلَ فِي لَفْظِ الْمُقْسَمِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ نَصْبًا أَوْ رَفْعًا أَوْ جَرًّا . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : بِخِلَافٍ عَنْهُمَا ;
nindex.php?page=showalam&ids=11793وَأَبَانُ بْنُ تَغْلَبَ ،
وَطَلْحَةُ فِي رِوَايَةٍ ،
وَحَمْزَةُ ،
وَعَاصِمٌ ، عَنِ
الْمُفَضَّلِ ،
وَخَلَفٍ ،
وَالْعَبْسِيِّ : بِرَفْعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84فَالْحَقُّ ) وَنَصْبِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84وَالْحَقَّ ) ، وَتَقَدَّمَ إِعْرَابُهُمَا .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : ( أَجْمَعِينَ ) تَأْكِيدٌ لِلْمُحَدَّثِ عَنْهُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ ضَمِيرُ إِبْلِيسَ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِ ، أَيْ مِنْكَ وَمِنْ تَابِعِيكِ أَجْمَعِينَ . وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ أَجْمَعِينَ تَأْكِيدًا لِلضَّمِيرِ الَّذِي فِي مِنْهُمْ ، مُقَدَّرٌ ، لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَمِمَّنْ تَبِعَهُمْ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ ، لَا تَفَاوُتَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ نَاسٍ وَنَاسٍ بَعْدَ وُجُودِ الْأَتْبَاعِ مِنْهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ . انْتَهَى .
وَالضَّمِيرُ فِي ( عَلَيْهِ ) عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقِيلَ : عَائِدٌ عَلَى الْوَحْيِ . وَقِيلَ : عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) : أَيِ الْمُتَصَنِّعِينَ الْمُتَحَلِّينَ بِمَا لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ ، فَأَنْتَحَلُ النُّبُوَّةَ وَالْقَوْلَ عَلَى اللَّهِ .
( إِنْ هُوَ ) أَيِ : الْقُرْآنُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِلَّا ذِكْرٌ ) : أَيْ : مِنَ اللَّهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87لِلْعَالَمِينَ ) : الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ ) : أَيْ عَاقِبَةَ خَبَرِهِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88بَعْدَ حِينٍ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ زَيْدٍ : يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ : بَعْدَ الْمَوْتِ . وَكَانَ
الْحَسَنُ يَقُولُ : يَا ابْنَ
آدَمَ ، عِنْدَ الْمَوْتِ
[ ص: 412 ] يَأْتِيكَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَيَظْهَرَنَّ لَكُمْ حَقِيقَةُ مَا أَقُولُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88بَعْدَ حِينٍ ) أَيْ : فِي الْمُسْتَأْنَفِ ، إِذَا أَخَذَتْكُمْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ السُّدِّيُّ .