وأي خميس لا أتانا نهابه وأسيافنا يقطرن من كبشة دما
وقال الراجز :
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
وصدق : معناه برسالة الله . وقال قوم : هو من الصدقة ، وهذا الذي يظهر نفى عنه الزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب ، كقوله : ( لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين ) . وحمل ( فلا صدق ) على نفي التصديق بالرسالة ، فيقتضي أن يكون ( ولكن كذب ) تكرارا . ولزم أن يكون ( لكن ) استدراكا بعد ( ولا صلى ) لا بعد ( فلا صدق ) ; لأنه كان يتساوى الحكم في ( فلا صدق ) وفي ( كذب ) ، ولا يجوز ذلك ، إذ لا يقع لكن بعد متوافقين . ( وتولى ) : أعرض عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذب بما جاء به . ( ثم ذهب إلى أهله ) أي : قومه ، ( يتمطى ) : يبختر في مشيته . روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له : ( إن الله يقول لك أولى فأولى لك ) فنزل القرآن على نحوها ، وقالت الخنساء :
هممت بنفسي كل الهمو م فأولى لنفسي أولى لها
وتقدم الكلام على ( أولى ) شرحا وإعرابا في قوله تعالى : ( فأولى لهم طاعة وقول معروف ) في سورة القتال ، وتكراره هنا مبالغة في التهديد والوعيد . ولما ذكر حاله في الموت وما كان من حاله في الدنيا ، قرر له أحواله في بدايته ليتأملها ، فلا ينكر معها جواز البعث من القبور . وقرأ الجمهور : ( ألم يك ) بياء الغيبة . [ ص: 391 ] والحسن : بتاء الخطاب على سبيل الالتفات . وقرأ الجمهور : تمنى ، أي : النطفة يمنيها الرجل . وابن محيصن والجحدري وسلام ويعقوب وحفص وأبو عمر : بخلاف عنه بالياء ، أي : يمني هو ، أي : المني ، فخلق الله منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة . ( فسوى ) أي : سواه شخصا مستقلا . ( فجعل منه الزوجين ) أي : النوعين أو المزدوجين من البشر ، وفي قراءة : الزوجان بالألف ، وكأنه على لغة زيد بن علي بني الحارث بن كعب ومن وافقهم من العرب من كون المثنى بالألف في جميع أحواله . وقرأ أيضا : يقدر مضارعا . والجمهور : ( بقادر ) اسم فاعل مجرور بالباء الزائدة . ( أليس ذلك ) أي : الخالق المسوي ، ( بقادر ) ، وفيه توقيف وتوبيخ لمنكر البعث . وقرأ طلحة بن سليمان والفيض بن غزوان : بسكون الياء من قوله : ( أن يحيي ) وهي حركة إعراب لا تنحذف إلا في الوقف ، وقد جاء في الشعر حذفها . وقرأ الجمهور : بفتحها . وجاء عن بعضهم ( يحيي ) بنقل حركة الياء إلى الحاء وإدغام الياء في الياء . قال ابن خالويه : لا يجيز أهل البصرة وأصحابه إدغام ( يحيي ) ، قالوا لسكون الياء الثانية ، ولا يعتدون بالفتحة في الياء ; لأنها حركة إعراب غير لازمة . وأما سيبويه الفراء فاحتج بهذا البيت :
تمشي بشدة بينها فتعيي
يريد : فتعيي ، والله تعالى أعلم .