قد علمت سلمى وجاراتها أني من الله لها هائد
أي : مائل ، وقرأ زيد بن علي وأبو وجزة : هدنا بكسر الهاء من هاد يهيد إذا حرك ، أي حركنا أنفسنا وجذبناها لطاعتك ، فيكون الضمير فاعلا ، ويحتمل أن يكون مفعولا لم يسم فاعله ، أي حركنا إليك وأملنا ، والضم في هدنا يحتملهما ، وتضمنت هذه الجمل كونه تعالى هو ربهم ووليهم ، وأنهم تائبون عبيد له خاضعون فناسب عز الربوبية أن يستعطف للعبيد التائبين الخاضعين بسؤال المغفرة والرحمة والكتب .قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء . الظاهر أنه استئناف إخبار عن عذابه ورحمته ، ويندرج في قوله : أصيب به من أشاء أصحاب الرجفة ، وقيل : العذاب هنا هو الرجفة ، ومن أشاء : أصحابها ، والمعنى أنه لا اعتراض عليه ، أي من أشاء عذابه ، وقيل : من أشاء أن لا أعفو عنه ، وقيل : من أشاء من خلقي كما أصبت به قومك ، وقيل : من أشاء من الكفار ، وقيل : المشيئة راجعة إلى التعجيل والإمهال لا إلى الترك والإهمال ، وقال : ممن أشاء من وجب علي في الحكمة تعذيبه ولم يكن في العفو عنه مساغ لكونه مفسدة ، انتهى ، وهو على طريقة الزمخشري المعتزلة ، وقال : أصيب من أشاء على الذنب اليسير ، وقال أيضا : ابن عباس وسعت كل شيء من ذنوب المؤمنين ، وقال هي التعاطف بين الخلائق ، وقال أبو روق ابن زيد : هي التوبة على العموم ، وقال الحسن : هي في الدنيا بالرزق عامة وفي الآخرة بالمؤمنين خاصة ، وقال : وأما رحمتي فمن حالها وصفتها أنها واسعة كل شيء ، ما من مسلم ولا كافر ولا مطيع ولا عاص ، إلا وهو متقلب في نعمتي ، انتهى ، وهو [ ص: 402 ] بسط قول الحسن : هي في الدنيا بالرزق عامة ، وقرأ الزمخشري زيد بن علي والحسن وطاوس وعمرو بن فائد : ( من أساء ) من الإساءة ، وقال : لا تصح هذه القراءة عن أبو عمرو الداني الحسن ، وطاوس وعمرو بن فائد رجل سوء ، وقرأ بها مرة واستحسنها ، فقام إليه سفيان بن عيينة عبد الرحمن المقري وصاح به وأسمعه فقال سفيان : لم أدر ولم أفطن لما يقول أهل البدع ، وللمعتزلة تعلق بهذه القراءة من جهة إنفاذ الوعيد ، ومن جهة خلق المرء أفعاله ، وإن أساء لا فعل فيه لله تعالى ، والانفصال عن هذا كالانفصال عن سائر الظواهر .