فإذا علمت أقوال أهل العلم في تعيين
nindex.php?page=treesubj&link=3681القدر المجزئ في هدي التمتع ، والقران ، وأن أظهر الأقوال أن أقله شاة ، أو سبع بدنة أو بقرة ، وأن إجزاء البدنة الكاملة ، لا نزاع فيه .
فاعلم أن أهل العلم اختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=23862وقت وجوبه ، ووقت نحره ، وهذه تفاصيل أقوالهم وأدلتها ، وما يرجحه الدليل منها .
أما مذهب
مالك فالتحقيق فيه أن هدي التمتع والقران لا يجب وجوبا تاما إلا يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة ; لأن ذبحه في ذلك الوقت هو الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008644لتأخذوا عني مناسككم " ، ولذا لو مات المتمتع يوم النحر ، قبل رمي جمرة العقبة ، لا يلزم إخراج هدي التمتع من تركته ; لأنه لم يتم وجوبه ، وهذا هو الصحيح المشهور في مذهب
مالك ، وقد كنت قلت في نظمي في فروع
مالك ، وفي الفرائض على مقتضى مذهبه في الكلام على ما يخرج من تركة الميت ، قبل ميراث الورثة بعد أن ذكرت قضاء ديونه :
وأتبعن دينه بهدي تمتع إن مات بعد الرمي
واعلم أن قول من قال من المالكية : إنه يجب بإحرام الحج ، وأنه يجزئ قبله كما هو ظاهر قول
خليل في مختصره ، الذي قال في ترجمته مبينا لما به الفتوى :
nindex.php?page=treesubj&link=23862ودم التمتع يجب بإحرام الحج ، وأجزأ قبله ، قد اغتر به بعض من لا تحقيق عنده بالمذهب المالكي ، والتحقيق أن الوجوب عندهم برمي جمرة العقبة ، وبه جزم
ابن رشد وابن العربي ، وصاحب
[ ص: 136 ] الطراز
nindex.php?page=showalam&ids=14120وابن عرفة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة : سمع
ابن القاسم : إن مات ، يعني المتمتع قبل رمي جمرة العقبة ، فلا دم عليه .
ابن رشد : لأنه إنما يجب في الوقت ، الذي يتعين فيه نحره ، وهو بعد رمي جمرة العقبة ، فإن مات قبله لم يجب عليه .
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة : قلت : ظاهره لو مات يوم النحر قبل رميه : لم يجب ، وهو خلاف نقل النوادر ، عن كتاب
محمد عن
ابن القاسم ، وعن سماع
عيسى : من مات يوم النحر ، ولم يرم فقد لزمه الدم ، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة : فقول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : يجب بإحرام الحج يوهم وجوبه على من مات قبل وقوفه ، ولا أعلم في سقوطه خلافا .
ولعبد الحق ، عن
ابن الكاتب ، عن بعض أصحابنا : من مات بعد وقوفه ، فعليه الدم . انتهى من
الحطاب .
فأصح الأقوال الثلاثة ، وهو المشهور : أنه لا يجب على من مات ، إلا إذا كان موته بعد رمي جمرة العقبة ، وفيه قول بلزومه ، إن مات يوم النحر قبل الرمي ، وأضعفها أنه يلزمه ، إن مات بعد الوقوف
بعرفة . أما لو مات قبل الوقوف
بعرفة ، فلم يقل أحد بوجوب الدم عليه من عامة المالكية ، وقول من قال منهم : إنه يجب بإحرام الحج لا يتفرع عليه من الأحكام شيء ، إلا جواز إشعاره وتقليده ، وعليه فلو أشعره ، أو قلده قبل إحرام الحج ، كان هدي تطوع ، فلا يجزئ عن هدي التمتع ، فلو قلده ، وأشعره بعد إحرام الحج أجزأه ; لأنه قلده بعد وجوبه : أي بعد انعقاد الوجوب في الجملة ، وعن
ابن القاسم : أنه لو قلده وأشعره قبل إحرام الحج ، ثم أخر ذبحه إلى وقته : أنه يجزئه عن هدي التمتع ، وعليه فالمراد بقول
خليل : وأجزأ قبله أي : أجزأ الهدي الذي تقدم تقليده ، وإشعاره على إحرام الحج هذا هو المعروف عند عامة علماء المالكية . فمن ظن أن المجزئ هو نحره قبل إحرام الحج ، أو بعده قبل وقت النحر . فقد غلط غلطا فاحشا .
قال الشيخ
المواق في شرحه قول
خليل " وأجزأ قبله " ما نصه :
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة يجزئ تقليده ، وإشعاره بعد إحرام حجه ، ويجوز أيضا قبله على قول
ابن القاسم . انتهى منه .
وقال
الشيخ الحطاب في شرحه لقول
خليل في مختصره : ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله ما نصه :
فإن قلت : إذا كان هدي التمتع إنما ينحر
بمنى ، إن وقف به
بعرفة ، أو
بمكة بعد ذلك على ما سيأتي فما فائدة الوجوب هنا ؟
[ ص: 137 ] قلت : يظهر في جواز تقليده ، وإشعاره بعد الإحرام بالحج ، وذلك أنه لو لم يجب الهدي حينئذ مع كونه يتعين بالتقليد ، لكان تقليده إذ ذاك قبل وجوبه ، فلا يجزئ إلا إذا قلد بعد كمال الأركان .
وقال
الشيخ الحطاب أيضا : والحاصل أن دم التمتع والقران ، يجوز تقليدهما قبل وجوبهما على قول
ابن القاسم ، ورواية عن
مالك ، وهو الذي مشى عليه المصنف . فإذا علم ذلك فلم يبق للحكم بوجوب دم التمتع بإحرام الحج فائدة تعم على القول بأنه لا يجزئه ما قلده قبل الإحرام بالحج تظهر ثمرة الوجوب في ذلك ، ويكون المعنى : أنه يجب بإحرام الحج ، وجوبا غير متحتم ; لأنه معرض للسقوط بالموت ، والفوات ، فإذا رمى جمرة العقبة تحتم الوجوب ، فلا يسقط بالموت . كما نقول في كفارة الظهار ، أنها تجب بالعود وجوبا غير متحتم بمعنى أنها تسقط بموت الزوجة وطلاقها فإن وطئ تحتم الوجوب ولزمت الكفارة ، ولو ماتت الزوجة ، أو طلقها إلى أن قال : بل تقدم في كلام
ابن عبد السلام في شرح المسألة الأولى أن هدي التمتع إنما ينحر
بمنى ، إن وقف به
بعرفة ، أو
بمكة بعد ذلك إلى آخره ، وهو يدل : على أنه لا يجزئ نحره قبل ذلك والله أعلم ، ونصوص أهل المذهب شاهدة لذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في المعونة : ولا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=23862نحر هدي التمتع والقران ، قبل يوم النحر ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ 2 \ 196 ] ، وقد ثبت أن
nindex.php?page=treesubj&link=25852الحلق ، لا يجوز قبل يوم النحر ، فدل على أن الهدي ، لم يبلغ محله إلا يوم النحر ، وله نحو ذلك في شرح الرسالة . وقال في " التلقين " :
nindex.php?page=treesubj&link=3683الواجب لكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى ، ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر ، وله مثله في مختصر عيون المجالس ، ثم قال
الحطاب رحمه الله : فلا يجوز الهدي عند
مالك ، حتى يحل ، وهو قول
أبي حنيفة وجوزه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : من حين يحرم بالحج . واختلف قوله فيما بعد التحلل من العمرة قبل الإحرام بالحج .
ودليلنا أن الهدي متعلق بالتحلل ، وهو المفهوم من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله انتهى منه . وكلام علماء المالكية بنحو هذا كثير معروف .
والحاصل : أنه لا يجوز ذبح دم التمتع والقران عند
مالك وعامة أصحابه قبل يوم النحر ، وفيه قول ضعيف بجوازه بعد الوقوف
بعرفة ، وهو لا يعول عليه ، وأن قولهم : أنه
[ ص: 138 ] يجب بإحرام الحج ، لا فائدة فيه إلا جواز
nindex.php?page=treesubj&link=23858_23859إشعار الهدي وتقليده بعد إحرام الحج ، لا شيء آخر ، فما نقل عن
عياض وغيره من المالكية مما يدل على جواز نحره قبل يوم النحر كله غلط . إما من تصحيف الإشعار والتقليد وجعل النحر بدل ذلك غلطا ، وإما من الغلط في فهم المراد عند علماء المالكية ، كما لا يخفى على من عنده علم بالمذهب المالكي ، فاعرف هذا التحقيق ، ولا تغتر بغيره .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في وقت وجوبه فيه خلاف ، فقيل : وقت وجوبه هو وقت الإحرام بالحج . قال في " المغني " : وهو قول
أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ; لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي [ 2 \ 196 ] ، وهذا قد فعل ذلك ، ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كاف ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثم أتموا الصيام إلى الليل [ 3 \ 187 ] ، إلى أن قال : وعنه أنه يجب إذا وقف
بعرفة . قال : وهو قول
مالك واختيار القاضي ، ووجه في المغني هذا القول بأنه قبل الوقوف لا يعلم أيتم حجه أو لا ; لأنه قد يعرض له الفوات ، فلا يكون متمتعا ، فلا يجب عليه دم ، وذكر عن
عطاء وجوبه برمي جمرة العقبة .
وعن
أبي الخطاب يجب إذا طلع فجر يوم النحر ، ثم قال في " المغني " : فأما وقت إخراجه فيوم النحر ، وبه قال :
مالك ،
وأبو حنيفة : لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه ذبح الأضحية ، فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتع ، ثم قال : وقال
أبو طالب : سمعت
أحمد قال في الرجل يدخل
مكة في شوال ، ومعه هدي قال : ينحر
بمكة ، وإن قدم قبل العشر ينحره لا يضيع أو يموت أو يسرق . وكذلك قال
عطاء : وإن قدم في العشر لم ينحره حتى ينحره
بمنى ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قدموا في العشر ، فلم ينحروا ، حتى نحروا
بمنى ، ومن جاء قبل ذلك نحره عن عمرته ، وأقام على إحرامه ، وكان قارنا . انتهى محل الغرض منه . وسترى ما يرد هذا إن شاء الله تعالى .
وقال صاحب " الإنصاف " :
nindex.php?page=treesubj&link=23862يلزم دم التمتع ، والقران بطلوع فجر يوم النحر على الصحيح من المذهب ، وجزم به القاضي في الخلاف ، ورد ما نقل عنه خلافه إليه وجزم به في البلغة ، وقدمه في " الهداية " و " المستوعب " و " الخلاصة " ، و " التلخيص " ، و " الفروع " ، و " الرعايتين " ، و " الحاويين " ، وعنه يلزم الدم إذا أحرم بالحج ، وأطلقهما في المذهب ، و " مسبوك الذهب " وعنه يلزم الدم بالوقوف وذكره المصنف والشارح اختيار القاضي .
[ ص: 139 ] قال
الزركشي : ولعله في المجرد وأطلقها والتي قبلها في الكافي ، ولم يذكر غيرها ، وكذا قال في " المغني " و " الشرح " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12737ابن الزاغوني في " الواضح " : يجب دم القران بالإحرام . قال في " الفروع " : كذا قال ، وعنه يلزم بإحرام العمرة لنية التمتع ، إذ قال في " الفروع " : ويتوجه أن يبني عليها ، ما إذا مات بعد سبب الوجوب ، يخرج عنه من تركته .
وقال بعض الأصحاب : فائدة الروايات إذا تعذر الدم ، وأراد الانتقال إلى الصوم ، فمتى يثبت العذر فيه الروايات ، ثم قال في " الإنصاف " : هذا الحكم المتقدم في لزوم الدم . وأما وقت ذبحه فجزم في " الهداية " ، و " المذهب " ، و " مسبوك الذهب " ، و " المستوعب " ، و " الخلاصة " ، و " الهادي " ، و " التلخيص " ، و " البلغة " ، و " الرعايتين " ، و " الحاويين " وغيرهم : أنه لا يجوز ذبحه قبل وجوبه .
قال في " الفروع " : وقال القاضي وأصحابه : لا يجوز قبل فجر يوم النحر ، ثم ذكر صاحب " الإنصاف " ، عن بعضهم ما يدل على جواز ذبحه قبل ذلك ، وذكر رده ، ورده الذي ذكر هو الصحيح .
ومن جملة ما رده به فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ; لأنهم لم يذبحوا قبل يوم النحر قارنهم ومتمتعهم جميعا ، ثم قال : وقد جزم في " المحرر " ، و " النظم " ، و " الحاوي " ، و " الفائق " وغيرهم أن وقت دم المتعة والقران وقت دم الأضحية على ما يأتي في بابه ، ثم قال : واختار
أبو الخطاب في الانتصار " يجوز له نحره بإحرام العمرة ، وأنه أولى من الصوم ; لأنه بدل " وحمل رواية
ابن منصور بذبحه يوم النحر على وجوبه يوم النحر ، ثم قال :
ونقل
أبو طالب إن قدم قبل العشر ومعه هدي : ينحره لا يضيع ، أو يموت ، أو يسرق . قال في " الفروع " : وهذا ضعيف .
قال في " الكافي " : وإن قدم قبل العشر نحره ، وإن قدم به في العشر لم ينحره حتى ينحره
بمنى ، استدل بهذه الرواية واقتصر عليه . انتهى محل الغرض من " الإنصاف " .
وقد رأيت في كلامه أن الروايات بتحديد وقت الوجوب يبنى عليها لزوم الهدي في تركته ، إن مات بعد الوجوب ، وتحقق وقت العذر المبيح للانتقال إلى الصوم ، إن لم يجد الهدي ، لا أن المراد بوقت الوجوب استلزام جواز الذبح ; لأنهم يفردون وقت الذبح بكلام مستقل ، عن وقت الوجوب .
[ ص: 140 ] وأن الصحيح المشهور من مذهبه : أنه لا يجوز ذبحه قبل يوم النحر ، واختيار
أبي الخطاب جواز ذبحه بإحرام المتعة .
ورواية
أبي طالب : جواز ذبحه إن قدم به . قبل العشر ، كلاهما ضعيف لا يعول عليه ، ولا يعضده دليل ، والتعليل بخوف الموت والضياع والسرقة منتقض بما إذا قدم به في العشر ; لأن العشر يحتمل أن يموت فيها ، أو يضيع ، أو يسرق كما ترى والتحديد بنفس العشر ، لا دليل عليه من نص ولا قياس ، فبطلانه واضح لعدم اعتضاده بشيء غير احتمال الموت والضياع والسرقة ، وذلك موجود في الهدي الذي قدم به في العشر ، مع أن الأصل في كليهما السلامة ، والعلم عند الله تعالى .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذه المسألة : هو أن وقت وجوب دم التمتع ، هو وقت الإحرام بالحج .
قال
النووي في " شرح المهذب " : وبه قال
أبو حنيفة ،
وداود ، وقال
عطاء : لا يجب حتى يقف
بعرفات .
وقال
مالك : لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة ، وأما وقت جواز ذبحه عند الشافعية ففيه قولان :
أحدهما : لا يجوز قبل الإحرام بالحج ، قالوا : لأن الذبح قربة تتعلق بالبدن ، فلا تجوز قبل وجوبها ، كالصلاة والصوم .
والقول الثاني : يجوز بعد الفراغ من العمرة ; لأنه حق مالي يجب بسببين ، فجاز تقديمه على أحدهما ، كالزكاة بعد ملك النصاب وقبل الحول ، أما جواز ذبحه بعد الإحرام بالحج ، فلا خلاف فيه عند الشافعية ، كما أن ذبحه قبل الإحرام بالعمرة ، لا يجوز عندهم ، بلا خلاف .
وقد قدمنا نقل
النووي ، عن
أبي حنيفة أن وقت وجوبه هو وقت الإحرام بالحج ، أما وقت نحره فهو عند
أبي حنيفة ، وأصحابه : يوم النحر ، فلا يجوز تقديمه عليه عند الحنفية ، وإن قدمه لم يجزئه ، وينبغي تحقيق الفرق بين وقت الوجوب ، ووقت النحر ; لأن وقت الوجوب إنما تظهر فائدته ، فيما
nindex.php?page=treesubj&link=25337_27607لو مات المحرم هل يخرج الهدي من تركته بعد موته ، ويتعين به وقت ثبوت العذر المجيز للانتقال إلى الصوم ، ولا يلزم من دخول وقت الوجوب ، جواز الذبح .
[ ص: 141 ] ومن فوائد ذلك : أنه إن فاته الحج بعد وجوبه بالإحرام ، عند من يقول بذلك ، لا يتعين لزوم الدم ; لأنه بفوات الحج انتفى عنه اسم المتمتع : فلا دم تمتع عليه ، وإنما عليه دم الفوات . كما يأتي إن شاء الله تعالى .
فَإِذَا عَلِمْتَ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَعْيِينِ
nindex.php?page=treesubj&link=3681الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ فِي هَدْيِ التَّمَتُّعِ ، وَالْقِرَانِ ، وَأَنَّ أَظْهَرَ الْأَقْوَالِ أَنَّ أَقَلَّهُ شَاةٌ ، أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ ، وَأَنَّ إِجْزَاءَ الْبَدَنَةِ الْكَامِلَةِ ، لَا نِزَاعَ فِيهِ .
فَاعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23862وَقْتِ وُجُوبِهِ ، وَوَقْتِ نَحْرِهِ ، وَهَذِهِ تَفَاصِيلُ أَقْوَالِهِمْ وَأَدِلَّتُهَا ، وَمَا يُرَجِّحُهُ الدَّلِيلُ مِنْهَا .
أَمَّا مَذْهَبُ
مَالِكٍ فَالتَّحْقِيقُ فِيهِ أَنَّ هَدْيَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لَا يَجِبُ وُجُوبًا تَامًّا إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ; لِأَنَّ ذَبْحَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ هُوَ الَّذِي فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008644لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " ، وَلِذَا لَوْ مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ يَوْمَ النَّحْرِ ، قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، لَا يَلْزَمُ إِخْرَاجُ هَدْيِ التَّمَتُّعِ مِنْ تَرِكَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ وُجُوبُهُ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ
مَالِكٍ ، وَقَدْ كُنْتُ قُلْتُ فِي نَظْمِي فِي فُرُوعِ
مَالِكٍ ، وَفِي الْفَرَائِضِ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، قَبْلَ مِيرَاثِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرْتُ قَضَاءَ دُيُونِهِ :
وَأَتْبِعَنْ دَيْنَهُ بِهَدْيِ تَمَتُّعٍ إِنْ مَاتَ بَعْدَ الرَّمْيِ
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ : إِنَّهُ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ
خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ ، الَّذِي قَالَ فِي تَرْجَمَتِهِ مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى :
nindex.php?page=treesubj&link=23862وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ ، وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ ، قَدِ اغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ بِالْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُمْ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، وَبِهِ جَزَمَ
ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَصَاحِبُ
[ ص: 136 ] الطِّرَازِ
nindex.php?page=showalam&ids=14120وَابْنُ عَرَفَةَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ : سَمِعَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنْ مَاتَ ، يَعْنِي الْمُتَمَتِّعَ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ : لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ فِي الْوَقْتِ ، الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِيهِ نَحْرُهُ ، وَهُوَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ : قُلْتُ : ظَاهِرُهُ لَوْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ رَمْيِهِ : لَمْ يَجِبْ ، وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ النَّوَادِرِ ، عَنْ كِتَابِ
مُحَمَّدٍ عَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَعَنْ سَمَاعِ
عِيسَى : مَنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ ، وَلَمْ يَرْمِ فَقَدْ لَزِمَهُ الدَّمُ ، ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ : فَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنِ الْحَاجِبِ : يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ يُوهِمُ وُجُوبَهُ عَلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَ وُقُوفِهِ ، وَلَا أَعْلَمُ فِي سُقُوطِهِ خِلَافًا .
وَلِعَبْدِ الْحَقِّ ، عَنِ
ابْنِ الْكَاتِبِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : مَنْ مَاتَ بَعْدَ وُقُوفِهِ ، فَعَلَيْهِ الدَّمُ . انْتَهَى مِنَ
الْحَطَّابِ .
فَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ : أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ مَاتَ ، إِلَّا إِذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، وَفِيهِ قَوْلٌ بِلُزُومِهِ ، إِنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ ، وَأَضْعَفُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ، إِنْ مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ . أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ مِنْ عَامَّةِ الْمَالِكِيَّةِ ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ : إِنَّهُ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ شَيْءٌ ، إِلَّا جَوَازُ إِشْعَارِهِ وَتَقْلِيدِهِ ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَشْعَرَهُ ، أَوْ قَلَّدَهُ قَبْلَ إِحْرَامِ الْحَجِّ ، كَانَ هَدْيَ تَطَوُّعٍ ، فَلَا يُجْزِئُ عَنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ ، فَلَوْ قَلَّدَهُ ، وَأَشْعَرَهُ بَعْدَ إِحْرَامِ الْحَجِّ أَجْزَأَهُ ; لِأَنَّهُ قَلَّدَهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ : أَيْ بَعْدَ انْعِقَادِ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَعَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ : أَنَّهُ لَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ إِحْرَامِ الْحَجِّ ، ثُمَّ أَخَّرَ ذَبْحَهُ إِلَى وَقْتِهِ : أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ
خَلِيلٍ : وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ أَيْ : أَجْزَأَ الْهَدْيُ الَّذِي تَقَدَّمَ تَقْلِيدُهُ ، وَإِشْعَارُهُ عَلَى إِحْرَامِ الْحَجِّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ . فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُجْزِئَ هُوَ نَحْرُهُ قَبْلَ إِحْرَامِ الْحَجِّ ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ وَقْتِ النَّحْرِ . فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا .
قَالَ الشَّيْخُ
الْمَوَّاقُ فِي شَرْحِهِ قَوْلَ
خَلِيلٍ " وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ " مَا نَصُّهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ يُجْزِئُ تَقْلِيدُهُ ، وَإِشْعَارُهُ بَعْدَ إِحْرَامِ حَجِّهِ ، وَيَجُوزُ أَيْضًا قَبْلَهُ عَلَى قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ . انْتَهَى مِنْهُ .
وَقَالَ
الشَّيْخُ الْحَطَّابَ فِي شَرْحِهِ لِقَوْلِ
خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ : وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ مَا نَصُّهُ :
فَإِنْ قُلْتَ : إِذَا كَانَ هَدْيُ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا يُنْحَرُ
بِمِنًى ، إِنْ وَقَفَ بِهِ
بِعَرَفَةَ ، أَوْ
بِمَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فَمَا فَائِدَةُ الْوُجُوبِ هُنَا ؟
[ ص: 137 ] قُلْتُ : يَظْهَرُ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِهِ ، وَإِشْعَارِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبِ الْهَدْيُ حِينَئِذٍ مَعَ كَوْنِهِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّقْلِيدِ ، لَكَانَ تَقْلِيدُهُ إِذْ ذَاكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ ، فَلَا يُجْزِئُ إِلَّا إِذَا قُلِّدَ بَعْدَ كَمَالِ الْأَرْكَانِ .
وَقَالَ
الشَّيْخُ الْحَطَّابُ أَيْضًا : وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ ، يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمَا قَبْلَ وُجُوبِهِمَا عَلَى قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَةً عَنْ
مَالِكٍ ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ . فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ لِلْحُكْمِ بِوُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ فَائِدَةٌ تَعُمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ مَا قَلَّدَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْوُجُوبِ فِي ذَلِكَ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى : أَنَّهُ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ ، وُجُوبًا غَيْرَ مُتَحَتِّمٍ ; لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِالْمَوْتِ ، وَالْفَوَاتِ ، فَإِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ تَحَتَّمَ الْوُجُوبُ ، فَلَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ . كَمَا نَقُولُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، أَنَّهَا تَجِبُ بِالْعَوْدِ وُجُوبًا غَيْرَ مُتَحَتِّمٍ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا فَإِنْ وَطِئَ تَحَتَّمَ الْوُجُوبُ وَلَزِمَتِ الْكَفَّارَةُ ، وَلَوْ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ ، أَوْ طَلَّقَهَا إِلَى أَنْ قَالَ : بَلْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ
ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّ هَدْيَ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا يُنْحَرُ
بِمِنًى ، إِنْ وَقَفَ بِهِ
بِعَرَفَةَ ، أَوْ
بِمَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى آخِرِهِ ، وَهُوَ يَدُلُّ : عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ نَحْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَنُصُوصُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ شَاهِدَةٌ لِذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ : وَلَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=23862نَحْرُ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ ، قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [ 2 \ 196 ] ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25852الْحَلْقَ ، لَا يَجُوزُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ ، لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ ، وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ . وَقَالَ فِي " التَّلْقِينِ " :
nindex.php?page=treesubj&link=3683الْوَاجِبُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ هَدْيٌ يَنْحَرُهُ بِمِنًى ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَلَهُ مِثْلُهُ فِي مُخْتَصَرِ عُيُونِ الْمَجَالِسِ ، ثُمَّ قَالَ
الْحَطَّابُ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَا يَجُوزُ الْهَدْيُ عِنْدَ
مَالِكٍ ، حَتَّى يَحُلَّ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَجَوَّزَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ . وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ .
وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْهَدْيَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّحَلُّلِ ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ انْتَهَى مِنْهُ . وَكَلَامُ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِنَحْوِ هَذَا كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ .
وَالْحَاصِلُ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ عِنْدَ
مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَفِيهِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ بِجَوَازِهِ بَعْدَ الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ ، وَهُوَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ : أَنَّهُ
[ ص: 138 ] يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ ، لَا فَائِدَةَ فِيهِ إِلَّا جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=23858_23859إِشْعَارِ الْهَدْيِ وَتَقْلِيدِهِ بَعْدَ إِحْرَامِ الْحَجِّ ، لَا شَيْءَ آخَرَ ، فَمَا نُقِلَ عَنْ
عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نَحْرِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كُلُّهُ غَلَطٌ . إِمَّا مِنْ تَصْحِيفِ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ وَجَعْلِ النَّحْرِ بَدَلَ ذَلِكَ غَلَطًا ، وَإِمَّا مِنَ الْغَلَطِ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِالْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ ، فَاعْرِفْ هَذَا التَّحْقِيقَ ، وَلَا تَغْتَرَّ بِغَيْرِهِ .
وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي وَقْتِ وُجُوبِهِ فِيهِ خِلَافٌ ، فَقِيلَ : وَقْتُ وُجُوبِهِ هُوَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ . قَالَ فِي " الْمُغْنِي " : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [ 2 \ 196 ] ، وَهَذَا قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ مَا جُعِلَ غَايَةً فَوُجُودُ أَوَّلِهِ كَافٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [ 3 \ 187 ] ، إِلَى أَنْ قَالَ : وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ إِذَا وَقَفَ
بِعَرَفَةَ . قَالَ : وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي ، وَوُجِّهَ فِي الْمُغْنِي هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا يُعْلَمُ أَيُتِمُّ حَجَّهُ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْفَوَاتُ ، فَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ ، وَذُكِرَ عَنْ
عَطَاءٍ وُجُوبُهُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ .
وَعَنْ
أَبِي الْخَطَّابِ يَجِبُ إِذَا طَلَعَ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ ، ثُمَّ قَالَ فِي " الْمُغْنِي " : فَأَمَّا وَقْتُ إِخْرَاجِهِ فَيَوْمُ النَّحْرِ ، وَبِهِ قَالَ :
مَالِكٌ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ : لِأَنَّ مَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ ، فَلَا يَجُوزُ فِيهِ ذَبْحُ هَدْيِ التَّمَتُّعِ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ
أَبُو طَالِبٍ : سَمِعْتُ
أَحْمَدَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ
مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ ، وَمَعَهُ هَدْيٌ قَالَ : يَنْحَرُ
بِمَكَّةَ ، وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ يَنْحَرُهُ لَا يَضِيعُ أَوْ يَمُوتُ أَوْ يُسْرَقُ . وَكَذَلِكَ قَالَ
عَطَاءٌ : وَإِنْ قَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ
بِمِنًى ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا فِي الْعَشْرِ ، فَلَمْ يَنْحَرُوا ، حَتَّى نَحَرُوا
بِمِنًى ، وَمَنْ جَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ نَحَرَهُ عَنْ عُمْرَتِهِ ، وَأَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ ، وَكَانَ قَارِنًا . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ . وَسَتَرَى مَا يَرُدُّ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَالَ صَاحِبُ " الْإِنْصَافِ " :
nindex.php?page=treesubj&link=23862يَلْزَمُ دَمُ التَّمَتُّعِ ، وَالْقِرَانِ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ، وَرَدَّ مَا نَقَلَ عَنْهُ خِلَافَهُ إِلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " ، وَ " التَّلْخِيصِ " ، وَ " الْفُرُوعِ " ، وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " ، وَ " الْحَاوِيَيْنِ " ، وَعَنْهُ يَلْزَمُ الدَّمُ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ ، وَ " مَسْبُوكِ الذَّهَبِ " وَعَنْهُ يَلْزَمُ الدَّمُ بِالْوُقُوفِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتِيَارَ الْقَاضِي .
[ ص: 139 ] قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ : وَلَعَلَّهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهَا وَالَّتِي قَبْلَهَا فِي الْكَافِي ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهَا ، وَكَذَا قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12737ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي " الْوَاضِحِ " : يَجِبُ دَمُ الْقِرَانِ بِالْإِحْرَامِ . قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " : كَذَا قَالَ ، وَعَنْهُ يَلْزَمُ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ ، إِذْ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " : وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا ، مَا إِذَا مَاتَ بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ ، يَخْرُجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ : فَائِدَةُ الرِّوَايَاتِ إِذَا تَعَذَّرَ الدَّمُ ، وَأَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَى الصَّوْمِ ، فَمَتَى يَثْبُتُ الْعُذْرُ فِيهِ الرِّوَايَاتُ ، ثُمَّ قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " : هَذَا الْحُكْمُ الْمُتَقَدِّمُ فِي لُزُومِ الدَّمِ . وَأَمَّا وَقْتُ ذَبْحِهِ فَجَزَمَ فِي " الْهِدَايَةِ " ، وَ " الْمَذْهَبِ " ، وَ " مَسْبُوكِ الذَّهَبِ " ، وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " ، وَ " الْخُلَاصَةِ " ، وَ " الْهَادِي " ، وَ " التَّلْخِيصِ " ، وَ " الْبُلْغَةِ " ، وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " ، وَ " الْحَاوِيَيْنِ " وَغَيْرِهِمْ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ .
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " : وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : لَا يَجُوزُ قَبْلَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ ، ثُمَّ ذَكَرَ صَاحِبُ " الْإِنْصَافِ " ، عَنْ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَبْحِهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ رَدَّهُ ، وَرَدُّهُ الَّذِي ذَكَرَ هُوَ الصَّحِيحُ .
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا رَدَّهُ بِهِ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْبَحُوا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ قَارَنُهُمْ وَمُتَمَتِّعُهُمْ جَمِيعًا ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ جَزَمَ فِي " الْمُحَرَّرِ " ، وَ " النَّظْمِ " ، وَ " الْحَاوِي " ، وَ " الْفَائِقِ " وَغَيْرِهِمْ أَنَّ وَقْتَ دَمِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَقْتُ دَمِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاخْتَارَ
أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ " يَجُوزُ لَهُ نَحْرُهُ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ ; لِأَنَّهُ بَدَلٌ " وَحَمَلَ رِوَايَةَ
ابْنَ مَنْصُورٍ بِذَبْحِهِ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى وُجُوبِهِ يَوْمَ النَّحْرِ ، ثُمَّ قَالَ :
وَنَقَلَ
أَبُو طَالِبٍ إِنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ وَمَعَهُ هَدْيٌ : يَنْحَرُهُ لَا يَضِيعُ ، أَوْ يَمُوتُ ، أَوْ يُسْرَقُ . قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " : وَهَذَا ضَعِيفٌ .
قَالَ فِي " الْكَافِي " : وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ نَحَرَهُ ، وَإِنْ قَدِمَ بِهِ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ
بِمِنًى ، اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنَ " الْإِنْصَافِ " .
وَقَدْ رَأَيْتُ فِي كَلَامِهِ أَنَّ الرِّوَايَاتِ بِتَحْدِيدِ وَقْتِ الْوُجُوبِ يُبْنَى عَلَيْهَا لُزُومُ الْهَدْيِ فِي تَرِكَتِهِ ، إِنْ مَاتَ بَعْدَ الْوُجُوبِ ، وَتَحَقَّقَ وَقْتُ الْعُذْرِ الْمُبِيحِ لِلِانْتِقَالِ إِلَى الصَّوْمِ ، إِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ اسْتِلْزَامُ جَوَازِ الذَّبْحِ ; لِأَنَّهُمْ يُفْرِدُونَ وَقْتَ الذَّبْحِ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ ، عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ .
[ ص: 140 ] وَأَنَّ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِهِ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَاخْتِيَارُ
أَبِي الْخَطَّابِ جَوَازُ ذَبْحِهِ بِإِحْرَامِ الْمُتْعَةِ .
وَرِوَايَةُ
أَبِي طَالِبٍ : جَوَازُ ذَبْحِهِ إِنْ قَدِمَ بِهِ . قَبْلَ الْعَشْرِ ، كِلَاهُمَا ضَعِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ، وَلَا يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ ، وَالتَّعْلِيلُ بِخَوْفِ الْمَوْتِ وَالضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ مُنْتَقَضٌ بِمَا إِذَا قَدِمَ بِهِ فِي الْعَشْرِ ; لِأَنَّ الْعَشْرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ فِيهَا ، أَوْ يَضِيعَ ، أَوْ يُسْرَقَ كَمَا تَرَى وَالتَّحْدِيدُ بِنَفْسِ الْعَشْرِ ، لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ نَصٍّ وَلَا قِيَاسٍ ، فَبُطْلَانُهُ وَاضِحٌ لِعَدَمِ اعْتِضَادِهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ احْتِمَالِ الْمَوْتِ وَالضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْهَدْيِ الَّذِي قُدِّمَ بِهِ فِي الْعَشْرِ ، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كِلَيْهِمَا السَّلَامَةُ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : هُوَ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ ، هُوَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " : وَبِهِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
وَدَاوُدُ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ : لَا يَجِبُ حَتَّى يَقِفَ
بِعَرَفَاتٍ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : لَا يَجِبُ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ، وَأَمَّا وَقْتُ جَوَازِ ذَبْحِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ، قَالُوا : لِأَنَّ الذَّبْحَ قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ ، فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ وُجُوبِهَا ، كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : يَجُوزُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ ، فَجَازِ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا ، كَالزَّكَاةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ وَقَبْلَ الْحَوْلِ ، أَمَّا جَوَازُ ذَبْحِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ، فَلَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ، كَمَا أَنَّ ذَبْحَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ ، لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ ، بِلَا خِلَافٍ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا نَقْلَ
النَّوَوِيِّ ، عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ هُوَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ، أَمَّا وَقْتُ نَحْرِهِ فَهُوَ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابِهِ : يَوْمُ النَّحْرِ ، فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَإِنْ قَدَّمَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ ، وَيَنْبَغِي تَحْقِيقُ الْفَرْقِ بَيْنَ وَقْتِ الْوُجُوبِ ، وَوَقْتِ النَّحْرِ ; لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ إِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ ، فِيمَا
nindex.php?page=treesubj&link=25337_27607لَوْ مَاتَ الْمُحْرِمُ هَلْ يُخْرَجُ الْهَدْيُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَيَتَعَيَّنُ بِهِ وَقْتُ ثُبُوتِ الْعُذْرِ الْمُجِيزِ لِلِانْتِقَالِ إِلَى الصَّوْمِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِ وَقْتِ الْوُجُوبِ ، جَوَازُ الذَّبْحِ .
[ ص: 141 ] وَمِنْ فَوَائِدِ ذَلِكَ : أَنَّهُ إِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بَعْدَ وُجُوبِهِ بِالْإِحْرَامِ ، عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ ، لَا يَتَعَيَّنُ لُزُومُ الدَّمِ ; لِأَنَّهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ انْتَفَى عَنْهُ اسْمُ الْمُتَمَتِّعِ : فَلَا دَمَ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دَمُ الْفَوَاتِ . كَمَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .