الفرع السابع : اعلم أنا قدمنا وقت الأضحية والهدي  وأقوال أهل العلم في ذلك ، بما   [ ص: 220 ] أغنى عن إعادته هنا ، وقد قدمنا حديث  أم سلمة  ، عند مسلم  المقتضي أن من أراد أن يضحي لا ينبغي له أن يحلق شيئا من شعره ، ولا أن يقلم شيئا من أظفاره في عشر ذي الحجة ، حتى يضحي ، وظاهر الحديث : تحريم ذلك ; لأن في لفظ الحديث عند مسلم  ، عن  أم سلمة  عنه - صلى الله عليه وسلم - : " فلا يأخذن شعرا ، ولا يقلمن ظفرا   " . وفي لفظ له عنها ، عنه - صلى الله عليه وسلم - : " فلا يمس من شعره وبشره شيئا   " وفي الألفاظ المذكورة في الحديث الصحيح النهي عن حلق الشعر ، وتقليم الأظفار في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي ، والنهي يقتضي التحريم إلا لصارف عنه يجب الرجوع إليه كما تقرر في الأصول ، وقال الشافعية والمالكية ، ومن وافقهم : إن الحلق وتقليم الأظفار مكروه كراهة تنزيه لا تحريم ; لأن المضحي ليس بمحرم . 
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : التحريم أظهر لظاهر الحديث ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - يقول : "وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه   " ، والتحريم المذكور لظاهر النص وجه للشافعية ، قال النووي    : حكاه أبو الحسن العبادي  في كتابه الرقم ، وحكاه الرافعي  عنه لظاهر الحديث ، وحكى الشيخ المواق  في شرحه لخليل ، عن أحمد  ، وإسحاق    : تحريم الحلق ، وتقليم الأظافر في عشر ذي الحجة لمريد التضحية  ، وقال  ابن قدامة  في " المغني " : قال بعض أصحابنا : بالتحريم ، وحكاه ابن المنذر  عن أحمد  ، وإسحاق  ،  وسعيد بن المسيب  ، وقال القاضي ، وجماعة من أصحابنا : هو مكروه غير محرم ، وبه قال مالك   والشافعي    ; لقول عائشة    : " كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يقلدها بيده " ، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له ، حتى ينحر الهدي متفق عليه ، وقال أبو حنيفة    : لا يكره ذلك ; لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس ، فلا يكره له حلق الشعر ، وتقليم الأظفار ، كما لو لم يرد أن يضحي . انتهى محل الغرض منه بلفظه . 
وأظهر شيء في محل النزاع وأصرح وأخصه فيه : حديث  أم سلمة  ، وظاهره التحريم . وقال النووي  في " شرح المهذب " : مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية    : مكروه كراهة تنزيه ، حتى يضحي ، وقال مالك  وأبو حنيفة    : لا يكره ، وقال  سعيد بن المسيب  ، وأحمد  ، وربيعة  ، وإسحاق  ، وداود    : يحرم ، وعن مالك    : أنه يكره ، وحكى عنه الدارمي  يحرم في التطوع ، ولا يحرم في الواجب ، ثم ذكر الدليلين المذكورين للقولين . 
وقد ذكرنا آنفا أن أخصهما في محل النزاع ظاهره التحريم : وهو حديث  أم سلمة  ، والعلم عند الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					